فايزة أحمد مشورةتواجه اليمن اليوم مشكلة واقعية، تتمثل في التزايد غير المنظم في معدل الهجرة من الريف إلى المدينة، وتثير الخوف والقلق في ظل الزيادات التي تعانيها اليمن في السكان، والتي أضحت واضحة للعيان وآثارها الملموسة تتضح في تزايد اتساع الفجوة بين الزيادة السكانية المرتفعة ودخول القبائل إلى العمل في المدينة وبين الموارد الطبيعية والزراعية المتناقصة بسبب ترك الأراضي وهجر استثمار التربة الخصبة التي اشتهرت بها اليمن عبر التاريخ.هذه المشكلات التي تزداد اتساعاً تأتي نتيجة الفقر والتخلف وتبديد الموارد والزيادة السكانية، والعواقب والتحديات التي فرضها واقع المجتمع المتمدن، الذي فرض العمل ضمن نظم وقوانين وكذلك التعليم من أجل السير في سبيل التطوير والتنمية بما يتناسب مع إمكانيات وموارد اليمن، إلا أن الصعوبات التي يواجهها الأفراد القادمون من الريف إلى المدينة تتمركز في تغيير حجم السكان، والتغير في التركيب النوعي والعمري، بمعنى أن معظم المهاجرين من الذكور وبالذات الشباب ما أدى إلى زيادة عدد الإناث في الريف عندما هاجر الشباب في سن الإنتاج إلى المدينة الأمر الذي اثر في نقص الأيدي العاملة الزراعية.كما ارتفع معدل الإعالة بالريف والسبب هو هجرة الشباب ما أدى إلى نقص العائد في الإنتاج الزراعي، كما أدى تكدس المهاجرين من الريف إلى المدينة إلى وجود تجمعات سكنية مزدحمة وتفتقر إلى التخطيط الهندسي الذي يضمن وصول الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير العمل للعاطلين.إن الاشكاليات التي اوضحتها تزداد سوءاً في الوقت الراهن، ليس فقط في نقص الخدمات بل ارتفاع نسبة الأمية والبطالة بين الوافدين من الأرياف إلى المدينة.فالنقص الواضح في العائد من الانتاج الزراعي والحيواني، والكثافة بالمدن وفي بلد مثل اليمن المليء بالقبائل والقرى التي تختلف فيها العادات والتقاليد من قرية إلى أخرى ومن محيط قبلي إلى آخر، أثرت في واقع الدولة المتمدنة التي لابد من أن يسودها القانون والنظام رغم تعارضها مع أعراف وتقاليد القبيلة بشكل واضح وملموس و هذا الأمر أحدث إرباكاً في واقع المجتمع المتمدن الذي يخضع للقانون والنظام ويتبع الطرق العلمية في زيادة الإنتاج وتحسين وسائل المواصلات ورفع معدلات التعليم والثقافة سواء في الريف أو المدينة، فالمشكلة اليوم تستنزف نسبة كبيرة من موارد البلاد في المشروعات الاستثمارية.كما أن عدم التوسع في الخدمات الصحية والثقافية وتركيز الصناعات في العاصمة سيزيد الأمر سوءاً وتتفاقم المشكلة إذا لم يتعاون الأفراد ويدركوا أهمية البقاء في أراضيهم وتحسين الإنتاج الزراعي وإيجاد برامج وفرص في المناطق الريفية، وكذا توسيع الرسائل التوعوية ونشرها في المناطق الريفية لاستيعاب حجم الاشكاليات التي تؤثر في واقع التنمية والتحضر كي تصل خدمات المياه والكهرباء وتتحسن الأوضاع ضمن خطط واقعية تسعى إلى تأهيل الأيدي العاملة والانتفاع بها من أجل مواجهة الفقر والاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية.وخلاصة مقالي هذا أن الهجرات الداخلية في اليمن ظهرت آثارها اليوم في الشوارع والساحات وأصبح من الضروري إيجاد سياسات ترمي إلى الحد من التدفق غير المنظم للهجرات وتقليص التجمعات غير المنظمة والعشوائية في مختلف المناطق وعلى سفوح الجبال. ثم إصدار قوانين لصون الأراضي الزراعية والموارد المائية وإدارتها على نحو رشيد، واتخاذ التدابير حتى لايتفاقم هذا الوضع مستقبلاً.
الهجرات الداخلية .. التحدي القائم
أخبار متعلقة