برهن الشعب اليمني عبر مراحل تاريخه المعاصر حكمته وقدرته الفائقة على تخطي الدسائس والمخططات التآمرية وكذا المصاعب التي تحاول ان تثنيه عن إنجاز أهدافه وغاياته في التطور والتقدم والنماء، وقد تجلت مثل هذه الشواهد في عدة محطات مهمة حفلت بها مسيرة النضال الوطني، ولعل من أهمها في نظر الجميع ما يمكن استشرافه في ملاحم الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري والذود عن حياض الوحدة الوطنية، حيث قدم شعبنا العظيم في تلك الملاحم وغيرها دروسا عظيمة لا تنسى ستظل ناصعة في صفحات التاريخ كونها أبانت الجوهر الأصيل لهذا الشعب الأبي ووفائه لمبادئه وقيمه الوطنية على النحو الذي لم تستطع أن تضعف من منعتة كل المحاولات التي ظلت تسعى بين الحين والآخر إلى النيل من هذا الكيان المتماسك وإضعافه سواء تلك المحاولات التي تأثرت بدعاوى المناطقية والعصبية أو التي جاءت تحت شعارات متطرفة.وها هو الواقع اليوم يسير على ذات المنوال المحكوم بالتلاحم الخلاق الذي يعبر عن نفسه في الموقف المتوحد لأغلبية المجتمع اليمني بكل فئاته وشرائحه في مواجهة الأحداث التي يعيشها الوطن هذه الأيام، والتي دخلت مؤخرا منعطفا خطيرا بفعل الأحداث الجارية في المنطقة العربية، وإصرار البعض في بلادنا على ركوب موجة هذه الأحداث واستغلال الحق في التعبير عن الرأي لكل مواطن بتنفيذ أجندة خاصة ومشبوهة، عبر الاندساس داخل المسيرات والتظاهرات وممارسة أعمال الشغب والتخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وسفك دماء الأبرياء من الجنود والمواطنين وتوهمهم أن بوسعهم بتلك الأعمال الانقلاب على النظام الجمهوري وقيم الثورة والوحدة والديمقراطية وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء واسترجاع عهود الطغيان والكهنوت الإمامي البغيض التي تخلص منها شعبنا دون رجعة قبل ما يقارب الخمسة عقود بانتصار ثورته المباركة، وإمكانية إعادة تمزيق اليمن إلى كانتونات شطرية في الجنوب وإمامية في الشمال بعد لم الشمل وتحقيق الوحدة بعد فترة تجاوزت العشرين عاماً.وأمام هذه الحالة الموبوءة وإيقاع انسداد الأفق السياسي التي يعيشها الوطن هذه الأيام وتبعات الأزمة الناجمة عن تعذر التئام الحوار بين طرفي المعادلة السياسية والحزبية، وعدم تجاوب أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) مع كل المبادرات والتنازلات التي قدمها فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية من أجل إنهاء الوضع المحتقن والذي كان مبعثه إصرار المعارضة على النزول إلى الشارع والاعتصام والخروج على النظام والقانون واستهداف الثوابت الوطنية وإقلاق السكينة العامة فإن الجميع من أبناء الوطن معنيون بالاصطفاف وتأدية مسؤولياتهم الدستورية والقانونية ضد تلك الأحزاب ومن يقف وراءها، والتي انحرفت عن جادة الصواب واستبدلت الحق بالباطل والهدى بالضلالة، الذي ينأى بوطنها عن الوقوع في مهاوي الشقاق والخلاف والفتن المدمرة ويحميها من شرور التفتت والتشظي وويلات الصراعات الدامية والتوترات المهلكة للحرث والنسل.ونعتقد بل نجزم أن واجباً كهذا لا مجال فيه للتلكؤ أو التقاعس فالوطن وطن الجميع ومن غير المقبول أن يقف البعض موقف المتفرج، ففي مثل هذه الحالة لا تمييز بين السلطة والمعارضة، فالكل مطالبون بالتحلي بقدر عال من الحكمة والشجاعة في مجابهة الأمور وتحمل مسؤولياتهم والوقوف صفاً واحداً في مواجهة ما يجري حالياً من أحداث مؤسفة لا يمكن السكوت عنها وإخماد نار الفتنة باعتبار أن المستهدف هو الوطن وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية.ولابد أن يستوعب أولئك الذين يؤثرون السلبية تجاه هذه الأحداث فداحة مثل هذا الموقف وضرره على المواطنين والوطن وتنميته ما يستدعي نظرة عقلانية مشفوعة بالفهم العميق بأنه ما تقوم به تلك العناصر التخريبية في بعض محافظات الجمهورية من تأجيج للشارع ليس تقليداً مجرداً من الأهداف والأبعاد والنوايا الخبيثة بل أن ما تقترفه تلك العناصر من أفعال خارجة على النظام والقانون المستهدف الأول فيها الوطن وأبناؤه جميعاً وهو الأمر الذي يتطلب أن يعي الجميع مسؤولياتهم لتعبر كل المواقف عن إرادة واحدة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.. وليعلم هؤلاء وأمثالهم أن العبرة بالنتائج وأن الذين انحرفوا عن دين الله خسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
التلاحم الخلاق في مواجهة التحديات
أخبار متعلقة