د. زينب حزام آثار اليمن ليست مجرد شواهد حجرية صامتة وليست قطعاً من الفسيفساء المتراصة أو العملات المطمورة ولكنها رموز لهوية متأصلة ، تغرس جذورها في الأرض وتمتد عبر أحقاب الزمن فقد عانت اليمن على مدى قرون من الإهمال وطمس قوميتها وضياع عشرات القطع الأثرية الثمينة نتيجة الجهل والفقر.. وما زالت الآثار اليمنية تحتاج إلى الترميم والمزيد من الاهتمام للحفاظ على تاريخنا العريق. قال لي احد المعلقين ذات يوم في سياق حديثه عن حالة الآثار اليمنية اليوم وما تتعرض له من نهب وإهمال انه لو أعطت جهات الاختصاص اهتمامها الكافي للآثار والمواقع الأثرية لما فقدت هذه الآثار قيمتها التاريخية بين حضارات الشعوب وما فقدت اليمن بريقها وزهوها بامتلاك كنوز أثرية لا تقدر بثمن. فالزائر لمعظم المتاحف الوطنية سيجد أن عدد زوارها في معظم الأحيان لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.. وهو ما يدل على ضعف الدعاية الإعلامية لهذه الآثار والمواقع الأثرية. ولا ينكر احد بالطبع أن هذه المواقع الأثرية والمتاحف الوطنية تمتلك الكثير من العاديات الأثرية ، الصغير منها والهائل الحجم التي تنتمي إلى حضارات متنوعة منها حضارة حضرموت والغساسنة ومأرب وبلقيس وحمير، وحضارات مختلفة شيدت قلاعاً وحصوناً وصهاريج وسد مأرب ومعبد بلقيس ، بعض هذه الآثار ضاع واتخذ بعضها الأخر طريقه إلى متاحف وميادين الغرب بفعل أعمال النهب والسلب وما إلى ذلك من أساليب ، ولا احد ينكر ايضاً أن غالبية هذه الآثار تم الاستيلاء عليها بالقوة والعنف واللصوصية وكانت هذه القطع الأثرية تمتلك قيمة تاريخية ومادية.. ومن هنا برز لهذه القضية وجهان : الوجه الأول يعبر عنه دعاة حماية الآثار اليمنية من السرقة والإهمال وان هذه القطع الأثرية هي جزء مهم من عملية استعادة الذاكرة وبناء الهوية الوطنية كما هي دعوة لحماية المواقع الأثرية من عملية السلب وبيع القطع الأثرية في الخارج. أما الوجه الثاني : فيعبر عنه قول القائلين إن هذه الآثار ومنها المخطوطات الإسلامية والتاريخية كانت محظوظة لأنها وجدت من يحفظها وخاصة المخطوطات القديمة في حضرموت حيث يوجد العديد من المهتمين بالتاريخ والحضارة اليمنية فقد تم حفظها في مكتبة الاحقاف والبعض منهم وخاصة المؤرخين قاموا بحفظها في مكتباتهم الخاصة وحجة هؤلاء أن هذه الآثار القيمة لم تجد من يقوم بعملية الدعاية الإعلامية لها وإبراز قيمتها التاريخية للناس ، بل أن بعضها كان مصيرها الضياع ولم تجد من يتعرف عليها ويأخذها بعيداً لتكون كنزاً محفوظاً لصالح البشرية جمعاء. في متحف عدن والمتحف العسكري في عدن توجد العديد من الوثائق التاريخية المتعلقة بالاحتلال البريطاني لعدن و المقاومة العسكرية للاحتلال البريطاني لعدن وكذلك قيام ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر والاستقلال الوطني وهذه الوثائق يجدها الزائر في المتحف العسكري بمدينة كريتر بعدن وهناك العديد من الخرائط القديمة لمدينتي عدن ولحج، إضافة إلى المخطوطات القديمة في المتحف الوطني بعدن كما يجد الزائر العديد من القطع الأثرية في هذا المتحف الوطني ومنها من عهد دولة الغساسنة وكنوزها الخفية وما يتجاهله كتبة حكاية هذه الدولة العريقة في اليمن من قطع أثرية ومنها عملات فضية ومعدنية وأوان عليها نقوش وزخارف قديمة وزخارف إسلامية إضافة إلى مومياوات محنطة تعود إلى عهد الغساسنة وهناك العديد من القطع الأثرية تم اكتشافها أو معرفة دلالاتها في المواقع الأثرية في شبوة وحضرموت والجوف ومأرب منها ما تم حفظه في المتاحف الوطنية لهذه المحافظات ومنها ما تم ترميمه وحفظه في المتحف الوطني بصنعاء. لقد قدمت الدولة العديد من المشاريع الوطنية لحماية الآثار والمواقع الأثرية ولكننا نرى ضعف الإعلام اليمني في تقديم الدعاية الإعلامية لهذه الآثار والمواقع الأثرية ما عرض القطع الأثرية وبالذات التماثيل للتحطيم من بعض الجهلاء باعتبارها اصناماً فكل قطعة أثرية يمكن أن تتعرض لهذا عندما يجدها بعض المواطنين الذين يجهلون تاريخ حضارتهم اليمنية.. بل أن هناك بعض القطع الأثرية عندما يجدها مواطن جاهل بتاريخ شعبه وحضارته تحدث قصص يسيل على جنباتها الدم احياناً وتحيط بها في أحيان أخرى حكايات موثقة عن الرشاوي والسرقة والغباء والاستهتار التي يظهرها بعض المسؤولين في هذه المواقع الأثرية حيث يتخلون بسهولة عن تراث شعبهم اليمني وهذا دليل واضح على ما يحرم شعبنا اليمني من موروثه.والأخطر أن من يتولى نهب القطع الأثرية لا يجد العقوبة القانونية الرادعة وهو ما جعل هؤلاء اللصوص يتمادون أكثر في نهب ثروات وخيرات هذا الشعب وحضارته.
|
رياضة
الآثار اليمنية رمز الهوية وبوابة التاريخ
أخبار متعلقة