أضواء
أتفق تماماً مع تلك الرسالة التي تناقلتها مجموعة من الفتيات عبر البلاك بيري، والخاصة بتنشيط حملة من أجل توعية النساء والفتيات بمخاطر السلوك الاستهلاكي غير المقنن، حيث أصبحت ذهنية الاستهلاك المبالغ فيه أمراً سائداً ومن لا تندرج ضمن هذه الفئة التي تجعل من اقتناء أشهر ماركات الحقائب والساعات والعباءات والإكسسوارات و.... إلخ أول أهدافها فإنها غالباً ما تجابه بنظرات الاستهجان وتوصف علانية في المجالس بأنها متخلفة وبخيلة وعديمة الذوق، ذلك أن التحضر والذوق الرفيع من وجهة نظر البعض محصور في حضور الأعراس بأغلى الثياب والمجوهرات، وباقتناء الحقائب الثمينة والساعات التي تنتمي لأشهر بيوت الأزياء.فلا يهم أن تكون هذه السيدة ( الراقية ) صاحبة الماركات العالمية، التي لا تترك مناسبة ولا عرساً ولا حفلة إلا ووجدت فيها لتعرض مقتنياتها، لا يهم إن كانت زوجة فاشلة، ولا تدري عن أبنائها شيئا، فالمهم أنها تلبس ثوباً من تصميم فلان وساعة من الماركة الفلانية بينما فلانة المشهورة جداً هي من زينتها وطلت وجهها بمكياج ربيع 2011 الأخير، وتمضي التفاهة إلى ما لا نهاية ، لكن واحدة من هؤلاء النسوة لم تسأل نفسها: من هم المستفيدون من كل ذلك ؟في رسالة التوعية تعتبر صاحبة الدعوة أن هذا التوجه الاستهلاكي غير المنطقي ليس سوى شكل من أشكال الابتزاز الذي تتعرض له نساء وبنات الإمارات اللواتي انسقن للأسف وراء صرعات لا أول لها ولا آخر حول آخر أشكال العباءات والهواتف المحمولة وتطريز الجلابيات وأنواع المكياج وتصفيف الشعر وغير ذل، وخاصة حين يتعلق الأمر بحفلات الزفاف والخطبة والمناسبات المهمة، حيث تتحول الأسعار المفروضة من قبل مقدمي هذه الخدمات إلى مبالغ خيالية وغير قابلة للتصديق والنقاش في الوقت نفسه.هناك حالة من الابتزاز تقع فيه النساء المقبلات بشغف على هذه الأمور، حيث إن منطق السوق لا يعترف سوى بمبدأ العرض والطلب، وبما أن الطلب قوي جداً ، وبما أن الطالب - المرأة أو الفتاة - لا تناقش ولا تجادل باعتبار أن الجدال ومناقشة الأسعار أمور تدل على بخل وقلة تحضر، فإن البائع يمعن في استغلاله لأنه يلعب بورقتين رابحتين : منطق السوق ونفسية الزبون معاً، وعليه فإن النساء اللواتي يتم استغلالهن وسحب أموالهن ببساطة لأجل أشياء استهلاكية لا تستحق كل هذه الأموال، نقول هؤلاء النساء هن من يتسبب في هذا الاستغلال وبإرادتهن .تقول الرسالة في فقرة منها ( ... اختلط الحابل بالنابل في مجتمع الإمارات، وأصبحت مرتبات الإماراتيات تنفق بلا وعي، حيث تتضاعف الأسعار حين يعرف البائع هويتنا، نحن نهدر أموالنا من أجل المظاهر ، حيث يكدس الآخرون ثروات على حسابنا بينما نبقى نحن في دائرة اللباس والاستهلاك وأفضل عباءة، وأغلى شنطة، وأحدث موبايل ، يجب أن نضع سقفا لهذا الغلاء وأن نحدد نحن الأسعار لا أن نجعل الآخرين يفرضون علينا أسعارهم الخيالية لأننا مواطنات ولدينا أموال كثيرة حسب اعتقاد الكثيرين ..) . في الحقيقة نحن من يصنع الغلاء في أحيان كثيرة ، فان لم نصنعه فإننا نشارك في استمراره ، كما ننغمس في إشكالية تكديس الأشياء التي لا تفيد بقدر ما تحرمنا حقيقة الاقتراب من مفاهيم الوعي والتحضر والإنتاج الحقيقية، فنبقى مخلوقات مستهلكة وأقرب إلى غياب الوعي، وهنا فالدعوة ليست للنساء فقط !![c1]عن/ جريدة ( الاتحاد ) الإماراتية[/c]