صباح الخير
اشتكت زمزم لأمها وهي في زيارة لأسرتها مع بدء الإجازة وانتهاء الامتحانات بأن سعيد الصغير البالغ من العمر خمس سنوات يعيش حالة من الانطواء والعزلة والخوف قائلة : “الابن يا أماه مش طبيعي قا كان يبطش بأصحابه والحارة كلها تشكو من قوته وبطشه “ ولكنه تعرض في أحد الأيام لمواجهة مع إحدى القطط الشرسة أخافته هذه المواجهة شكلت نقطة تحول في شخصية الصغير القوي البطاش وجعلته يخاف مما حوله وأردفت شاكية لأمها “ الابن أصبح ضعيف والعيال يضربوه وأنا يا أمي أريد أن أذهب للعرافة علشان تشوف لنا حلا يرجع لسعيد قوته وبطشه لأصحابه “ .استغربت من منطق الأم الصغيرة وقلقها من التحول الخطير في سلوك صغيرها , إذ قطعت مسافة عشرات الكيلو مترات إلى عدن للبحث عن عرافة تعالج “ البطاش النهاش “ , الذي أصبح ضعيفاً ووهناً بسبب مهاجمة قطة له .ومنطق الأم جعلني أقف أمام السلوك التربوي للأم التي كانت مفتسخرة لسلوك طفلها العدواني إزاء إقرانه من الصغار , ومفاهيمها العقيمة التي اكتسبتها من منطقة الحوبان , وربما في جغرافية أشمل تعز وضواحيها , وتربيتهم وتوجيههم للصغار نحو الشدة والقوة والعنف وتنمية الروح العدوانية في الطفل , خلال سنوات خطيرة من عمره لأن المثل القائل “ العلم في الصغر كاالنقش على الحجر “ هذه المفاهيم الخطرة حول الرجولة والقوة عند الذكور تترسخ في السنوات الأولى السبع لدى الطفل , والأم والأسرة هي المدرسة الأولى التي يتشرب منها الطفل مفاهيمه وأفكاره ويحدد سلوكه الذي يشب عليه فبطبيعة الحال “ الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الاعراق “ , ومثل هذه الأم مئات الأمهات يحملن ذات المفاهيم ويوجهن أطفالهن ذات السلوك العدواني القائم على أساس القوة ولغة الغاب التي يبطش فيها القوي الضعيف , وتفرغ روح المجتمع من ذاته الإنسانية والحضارية .عجبت لمنطق كهذا من أم يعتمد عليها في الحياة تربية جيل سليم متسم بالروح الطيبة السمحة التي دعانا إليها ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاقه الحميدة .إذاً ما أحوجنا إلى فتح مدارس خاصة بتربية الأمهات أولاً كيفية بناء هذا الجيل الذي ننشده وما أحوجنا إلى ترشيد وتوعية لهذا النمط من الأمهات التي اخافني منطقها وهي تستدعي الصغير إلى حضنها لتطبطب عليه قائلة “ تعال يا وحش “ .