رئيس الجمهورية في محاضرته أمام الفعاليات السياسية والإعلامية ورجال الإعمال والدبلوماسيين العرب والأجانب ببرلين :
برلين / سبأ: التقى فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مساء أمس في برلين بعدد من الفعاليات السياسية والثقافية والأكاديمية وأعضاء جمعيتي الصداقة العربية الألمانية، واليمنية الألمانية ورجال الأعمال والإعلام والسفراء العرب وعدد من السفراء الأجانب المعتمدين لدى ألمانيا وذلك بمقر منظمة فريدريش إيبرت الألمانية .وألقى فخامته محاضرة تناولت العلاقات اليمنية الألمانية ونتائج مباحثاته مع المسئولين الألمان بالإضافة إلى تناول منجز الوحدة اليمنية وتحقيقها بالطرق السلمية وأوجه التشابه مع تجربة الوحدة الألمانية والعديد من التطورات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في اليمن بالإضافة إلى العديد من التطورات الإقليمية والدولية . وقال الأخ الرئيس في محاضرته» يسعدني ان أتحدث إليكم من برلين عاصمة الوحدة والحرية والديمقراطية حول المستجدات في الساحة اليمنية واستعرض الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وسأبدأ بتناول العلاقات اليمنية الألمانية وهي علاقات صداقة جيدة ومتميزة ومتطورة وهناك تشابه في العلاقات بين البلدين في تجربتهما الوحدوية فلقد استعاد كل من البلدين وحدته بعد سنوات من التشطير وتحققت الوحدة اليمنية والوحدة الألمانية في وقت زمني متقارب وعلى وجه الخصوص بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ونحن في اليمن استعدنا وحدتنا في عام 1990م بطرق سلمية ديمقراطية رغم مارافقها بعد ذلك من أحداث وأزمات في الأعوام 1992 - 1993م وانتهت بحرب عام 1994م ، التي دامت 77 يوماً ودفعنا ثمناً باهظاً لهذه الوحدة دماء زكية وغالية علينا وأسفر ذلك عن تدمير للاقتصاد اليمني الذي تكبد خسائر بأكثر من 11 مليار دولار في بلد فقير ودخله متواضع وعدد سكانه يتزايد، ولكن مع ذلك فقد انتصرت الحرية والديمقراطية وانتصرنا على قوى الردة والانفصال وترسخت الوحدة وترسخ النظام السياسي التعددي’ حيث قام هذا النظام بعد 22 مايو 1990م على الحرية والديمقراطية ومشاركة المرأة واحترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة وكانت هذه المبادرة تمثل خطوة غير مألوفة في المنطقة .. ولذلك جاءت تلك الأحداث والأزمات التي واجهناها خلال أعوام 92 - 93- 94م ،ولكن بحمد الله ترسخ نظام الجمهورية اليمنية، وهو محصلة ما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية وهو نظام قائم على التعددية السياسية والديمقراطية, حيث يوجد في اليمن اليوم حوالي 22 حزبا سياسياً ومستقلين وتوجد في اليمن مؤسسة ديمقراطية حقة تتنافس في ظلها الأحزاب تنافسا مشروعا وحقيقيا وليس بنسبة 9ر99 بالمائة ولكنها ديمقراطية شفافة وحرة تتنافس في ظلها الأحزاب عبر البرامج» . وأضاف فخامته « وقد جرت في اليمن 3 دورات انتخابية برلمانية تعددية بعد الاستفتاء الذي جرى على دستور الجمهورية اليمنية وانتخابات رئاسية مباشرة لدورتين في إطار تنافسي بين حزبي المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة والموجودة في البرلمان وآخرها الانتخابات التي جرت عام 2006م..وكانت انتخابات حرة وشفافة في ظل وجود رقابة دولية شاركت فيها أكثر من منظمة دولية». وقال فخامته : « رغم أن بلدنا بلد فقير إلا أننا أغنياء بثروتنا البشرية والزيادة السكانية تشكل مشكلة بالنسبة لنا ، حيث يزيد معدل النمو السكاني عن 3 بالمائة وهذا الانفجار السكاني يلتهم كل مواردنا المحدودة من النفط والغاز والضرائب والجمارك بالإضافة إلى صادراتنا من الثروة السمكية والعسل, وتعددانا السكاني يزيد عن 22 مليون مواطن وكلما تحسنت الموارد التهمها الانفجار السكاني « .وتابع قائلا «نحن نبذل جهدا مع أشقائنا وأصدقائنا وعلى وجه الخصوص في الخليج لمساعدتنا, وقد عقد مؤتمر لندن للمانحين في نوفمبر وأبرز من ساهم فيه دول الخليج وفي المقدمة السعودية.. وبعض الدول الصديقة من الاتحاد الأوروبي ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا وحصلت اليمن على حوالي 5 مليارات دولار ولمدة خمس سنوات من أجل تنفيذ مشروعات إنمائية وعلى وجه الخصوص ما يخص البنية التحتية في إطار مكافحة الفقر وإنهاء البطالة في صفوف الشباب وقد بدأ التنفيذ بنسبة 30 في المائة من هذه المنحة التي حصلنا عليها والبقية تحت الدراسة والبحث وفي مقدمة الدول المانحة المملكة العربية السعودية وهي اكبر دولة مانحة تليها قطر ثم الإمارات وعمان والكويت والبحرين.وأضاف « كما تحدثنا فان التزايد السكاني يمثل بالنسبة لنا مشكلة كبيرة على مواردنا.. ولقد كنا ننتج قبل عام مضى 400 ألف برميل ولكن بدأ الإنتاج يتضاءل شيئاً فشيئاً ولم ننتج سوى 300 ألف برميل وجزء منه يذهب للاستهلاك المحلي وبقية الإنتاج نتقاسمه بين الحكومة والشركات المستثمرة العاملة في إنتاجه» . وقال « ان الشركات العاملة في مجال النفط تبلغ 32 شركة ومن جنسيات مختلفة ، بريطانية وكندية وأمريكية وفرنسية وغيرها، ونحن ندعو الدول الشقيقة والصديقة للاستثمارات في اليمن و نعتقد انه إذا جاءت الاستثمارات فان ذلك سيخفف علينا في الجانب الاقتصادي ونحن لانريد ضخ أموال في البنك المركزي بل نريد استثمارات توفر فرص عمل للشباب،ولدينا مناطق واعدة بالنفط والمعادن و ندعو أيضا للاستثمار في المناطق الصناعية وخاصة في المنطقة الحرة» . وقال الأخ الرئيس : لقد تحدثنا كثيرا عن الإرهاب وفي أكثر من مقابلة وقد قلنا بأن الحملات العسكرية والأمنية لا يمكنها أن تستأصل الإرهاب .. فالولايات المتحدة الأمريكية وهي دولة كبرى والقطب الكبير في هذا العالم لم تستطع أن تستأصل الإرهاب من أفغانستان ومعها حلفاء من الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا». وأضاف « وجهة نظرنا في اليمن أن استئصال الإرهاب يأتي من خلال مقارعة الفقر وأن تأخذ الدول الغنية بيد الدول الفقيرة ليس في اليمن فحسب بل في العديد من الدول النامية في آسيا وأفريقيا ، في موريتانيا والمغرب والسودان ومصر وغيرها من البلدان, فإذا تحركت الدول الغنية بإرادة قوية لمحاربة الإرهاب فإن عليها أن توجه استثماراتها نحو الدول الفقيرة من أجل إيجاد تنمية وفرص عمل وهذا هو الذي يثبت الأمن ويقضي على الإرهاب» . وتابع فخامته « نحن نقول لهذه الدول تعالوا واستثمروا وهذه هي الشراكة, أن نكون شركاء في الشرق الأوسط وأفريقيا ، لا شركاء فقط في استلام منتجاتكم وسلعكم ونكون سوقا لها.. فمن أجل أن يكون هناك أمن واستقرار وسلم عالمي فان هذه يتطلب جهد الأسرة الدولية .. ذلك أن الحملات العسكرية وكما قلت لن يكتب لها النجاح فلم تنجح أمريكا وحلفاؤها في أفغانستان والعراق».وقال فخامة رئيس الجمهورية « أفغانستان هي المحطة الرئيسية التي جاء منها الإرهاب الذي نعاني منه اليوم في اليمن والعراق والصومال، وذلك بعد ان شجعت بعض الدول ومنها أمريكا حكومة طالبان من أجل الاستيلاء على السلطة وقبل ذلك عندما كانت أمريكا ومعها دول أوروبا تدفع بالشباب للتوجه إلى أفغانستان لمحاربة المد الشيوعي هناك ، وهؤلاء الشباب هم الذين عادوا بعد ذلك إلى بلدانهم بأفكارهم المتشبعة بالعنف والتطرف وها نحن اليوم نعاني في المنطقة كما تعاني فرنسا وبريطانيا واسبانيا وفي أماكن كثيرة نتيجة تلك القناعات التي ترسخت لدى هؤلاء الشباب العائدين من أفغانستان.. ثم جاء بعد ذلك نظام طالبان وطلبت منا بعض الدول ومنها أمريكا الأعراف بهذا النظام وقلنا لهم حينها ان هؤلاء شباب وليس لديهم تجربة ولكنهم للأسف شجعوا هذا التطرف الآن كل الدول تجني هذا العنف نتيجة هذه السياسة».. وأضاف « في حقيقة الأمر نحن تعلمنا من امريكا وأوروبا الحرية والديمقراطية ونتكلم بشفافية ودون زعل.. هذه السياسات نحن ندفع ثمنها جميعاً.. فلقد انتهت طالبان في أفغانستان وجاء التحالف وهو موجود داخل أفغانستان لاستئصال الإرهاب» .. وتابع قائلا : بالنسبة للوضع في العراق نحن نقول دوماً لقوى التحالف الموجودة في العراق .. لماذا لا يدعون للحوار بين كل القوى السياسية مثلما دعت ألمانيا لحوار بين القوى السياسية الأفغانية وكانت خطوة صحيحة نسبياً وضعت لبنة صحيحة للنظام الأفغاني.. صحيح ان هذا لم يحل مشكلة لكنه أرسى قاعدة لنظام سياسي يتم التعامل معه ونحن نقول للدول المتواجدة.. لماذا لا تدعون كل الأطراف السياسية في العراق سواء مذهبية أو غيرها للحوار وباعتبار ان من يحل مشاكل العراق هم أبناؤه.. ونقول لهم تحاوروا فيما بينكم من أجل وطنكم ووقف العنف والمشاركة في بناء العراق.. وإذا كنتم تقولون بأن النظام السابق في العراق كان يذهب فيه المئات من الضحايا، الآن الآلاف من الضحايا يسقطون في ظل العنف الموجود لكن الإعلام الدولي لا يتناول ذلك مثلما كان يتناول الأوضاع في عهد النظام السابق الذي أسموه بالنظام الديكتاتوري.. وقال فخامته « أننا نتحدث عن الصراع في منطقة الشرق الأوسط ،ورؤيتنا في اليمن ان السلام في الشرق الأوسط مفتاحه بيد إسرائيل إي بتنفيذ إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض ما قبل 5 حزيران عام 1967م وفي اعتقادي ان هناك إرادة دولية ونية للسلام وليس لإشعال الحرائق من أجل مبيعات الأسلحة، لأن هناك للأسف دول وشركات لا تريد ان تنطفئ بؤر التوتر في العالم ويمكن لهذه الشركات أن تحقق مصالحها في إطار السلام وبدون ان تكون صادراتها هي الأسلحة.. إذا علينا كمجتمع دولي ان نضغط من أجل قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية.وأضاف : ليس صحيحاً بأن العرب والمسلمين ضد الديانة اليهودية بل يجب ان يكون هناك حوار بين الديانات والحضارات من أجل التعايش السلمي وكل إنسان يؤمن بالآخر ، بمعنى ان تؤمن بوجودي كمسلم وأؤمن بوجودك كيهودي أو كمسيحي ولا ينبغي ان تعتدي على معتقداتي كما تنشر بعض الصحف في الدانمارك ولا نرى استنكاراً من أحد في أوروبا حول ذلك.وأستطرد الأخ الرئيس قائلا :» إنهم يمسون بمعتقداتنا وبنبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام, وهو خاتم الأنبياء، الأمر الذي يستفز مشاعر أكثر من مليار مسلم .. وهذا يولد عوامل الصراع بين معتنقي الأديان وبين الحضارات, ولهذا نؤكد أهمية احترام الأديان والمعتقدات وأن نحرص على إرساء جسور التواصل والحوار ونبتعد عن مثل هذه التصرفات المسيئة التي لا تخدم التعايش السلمي بين معتنقي الأديان وتزيد الهوة بين الحضارات «. ومضى قائلا :» لقد تحدثت مع أصدقائنا في الاتحاد الأوربي وأبلغناهم أن ما تنشره بعض الصحف من إساءة لمقدساتنا أمر سيئ، ويسيء إليهم في المقام الأول, وطبعا هم يرتبطون بمصالح مع الأمة الإسلامية ونحن كذلك نرتبط بمصالح معهم ولهذا ينبغي أن نقول للدانمرك, هذا أسلوب خاطئ وينبغي أن نقف جميعا ضده «. وتطرق الأخ الرئيس, إلى الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تتبناها اليمن والنجاحات التي حققتها في هذا الجانب .وقال :» لدينا برنامج للإصلاحات الشاملة, وحققنا فيه نتائج متميزة على صعيد تعزيز بناء الاقتصاد الوطني ومقارعة الفساد, والفصل بين السلطات و تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفاعلة في خدمة التنمية في إطار النهج الديمقراطي الذي تتبعه اليمن ,فضلا عن ذلك لدينا سلطة محلية أسهمت في تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار». وأضاف :» ولدينا توجهات جادة حاليا لإجراء بعض التعديلات الدستورية لمنح مزيد من الصلاحيات للسلطة المحلية وانتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات الإدارية مباشرة من قبل المواطنين ورفد مجالس الحكم المحلي بالمزيد من الموارد المحلية ولن تبقى سوى الموارد السيادية .. كما تستهدف التعديلات إيجاد الثنائية البرلمانية من خلال مجلسين للنواب والشورى ينتخب أعضاؤهما من الشعب وهذا من شأنه توسيع المشاركة الشعبية, وطبعا مجلس النواب يشمل 301 عضو منتخب بحسب الدوائر الانتخابية التي تم تقسيمها وفقا للكثافة السكانية في حين سيتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى وعددهم 151 من خلال توزيع العضوية بالتساوي بين المحافظات وهذه من التوجهات التي نحن قادمون عليها». وأشار الأخ الرئيس إلى أن اليمن يعاني من الارهاب كما هو حال كثير من الدول كون الأعمال الإرهابية الحقت أضرارا فادحة بالاقتصاد اليمني خاصة وموارد اليمن محدودة. وقال :» عندما يحدث عمل إرهابي في منطقة يمنية تتوقف السياحة ويؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات, على الرغم من أن الأجهزة الأمنية استطاعت ان تتصدى بقوة للإرهابيين». وتابع قائلا :» لمسنا إشادات عالمية بالنجاحات التي حققها اليمن على الصعيد الديمقراطي وعلى صعيد شراكته في مكافحة الإرهاب ولكن نأمل أن يثمر هذا التقدير في تقديم الدعم للجهود التنموية في اليمن, وتشجيع المستثمرين للتوجه نحو القطاعات الواعدة المتاحة لدينا ومنها النفط والغاز وغيرها «.وأضاف: اليمن والحمد لله حلت مشاكل الحدود مع جيرانها وبأسلوب حضاري عبر التفاوض الثنائي والتحكيم الدولي, وكانت لدينا قضية حدودية مع المملكة العربية السعودية تعد أطول مشكلة حدود, ولكن عندما توفرت الإرادة السياسية بين البلدين حلت المشكلة , حيث التقينا مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان وليا للعهد وحسمنا هذا الأمر, رغم أنه كانت هناك قوى مستفيدة من عدم حل مشكلة الحدود سواء كانت تلك القوى دولية أو إقليمية أو محلية ولكن توفرت الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين وتحدثنا بشفافية ومصداقية وأنهينا المشكلة وفق قاعدة « لا ضرر ولا ضرار « وانعكس ذلك إيجابيا في تطور العلاقات بين بلدنا والمملكة وزادت الثقة فيما بيننا بشكل جيد. وأردف قائلا :» كذلك كانت لدينا مشكلة مع سلطنة عمان وحللناها وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار وطرأت مشكلة في عام 1995م وهي احتلال اريتريا لجزيرة حنيش اليمنية الكبرى جنوبي البحر الأحمر وكان هناك حشد إقليمي ومحلي من أجل شن الحرب بيننا واريتريا ولكن لم تؤثر علينا تلك العواصف وقلنا نذهب إلى التحكيم الدولي ونحتكم للعقل والمنطق ولا يمكن حل كل شيء بالقوة العسكرية لان ذلك سيؤدي إلى حرب ونزف دماء ثم نجلس بعد ذلك على طاولة المفاوضات وفي كل الصراعات يحدث مثل هذا .. حيث يتحارب الناس ويتصارعون ثم يجلسون في النهاية على طاولة المفاوضات».وتساءل فخامة الأخ الرئيس « لماذا إذاً لا نجلس على طاولة المفاوضات منذ البداية والاحتكام للعقل وبالعقل، كما حصل فيما يتعلق بجزيرة حنيش الكبرى اليمنية «. وقال « عندنا حالياً مشاكل في الاقتصاد ومع ذلك نحن في اليمن نستقبل آلاف اللاجئين من الصومال الشقيق الذين يتدفقون إلى اليمن، والمنظمات الدولية للأسف غائبة لأن هؤلاء اللاجئين يصلون عبر سواحل اليمن التي يبلغ طولها أكثر من 2200 كم وينتشرون في كل القرى والأرياف اليمنية على الرغم من أننا خصصنا مناطق لتجميعهم من أجل ان تقدم لهم المنظمات الدولية والإنسانية الرعاية والمساعدات.. ولدينا اليوم الآلاف المؤلفة من هؤلاء اللاجئين وهم يشكلون بالنسبة لنا عبءاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً» وأضاف « نحن ندعو الاتحاد الأوروبي وكل الدول الأخرى إلى الأخذ بيد الحكومة الصومالية الانتقالية من أجل بناء الدولة الصومالية وحتى لا يكون الصومال وكراً أو محطة أخرى مثل أفغانستان لتصدير الإرهاب.. وعلينا ان نعالج مشكلة الصومال وهي في البداية قبل أن تتفاقم وكثير من الدول تتقدم بخطوة في هذا المجال وتتأخر للوراء أكثر من خطوة» . وتابع « نحن نتساءل اليوم أيهما أفضل نظام سياد بري الذي تصفونه بالظالم أم هذا الانفلات الأمني وحيث يدور القتال بين الأخوة من قرية إلى قرية ومن شارع إلى شارع ،وهو ما رغبت ان أتحدث فيه مع السيدات والسادة الحضور وانأ عن استعداد للإجابة على أي أسئلة مقدمة منكم».. بعد ذلك أجاب فخامة الاخ رئيس الجمهورية على مجموعة من التساؤلات المطروحة من المشاركين في اللقاء وفي مقدمتهم السيد اوكشيلي رئيس مؤسسة فريدريش إيبرت الذي وجه لفخامته مجموعة من الأسئلة ، فحول سؤال عما تم بحثه مع المستشارة والرئيس الألماني من قضايا وموضوعات قال فخامة الأخ الرئيس « لقد كان الحديث مع الرئيس الألماني والمستشارة الألمانية ووزير الدفاع صريحاً وشفافاً وكما هي العادة ووجدنا تفهماً كاملاً حول العلاقات وزيادة المساعدات لليمن .. وبخاصة في مجال التعليم والمعاهد الفنية والمهنية وكذا التعاون في المجال الأمني خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والمجال العسكري وتقديم عدد من المنح الطبية وتشغيل المستشفيات والمساعدة في مجال التدريس بالمعاهد الفنية العسكرية وبحثنا ما تناولناه في هذه المحاضرة حول التطورات في الشرق الأوسط والإرهاب، وأنا أقول باختصار وبقناعة بأن المحادثات كانت ناجحة ومفيدة ونحن استفدنا من حديث الحكومة الألمانية ويمكن ان يكون الألمان قد استفادوا أيضا حسب تصوراتنا من حديثنا معهم، واعتقد ان الزيارة كانت ناجحة مثلما نجحت الزيارات السابقة . وأضاف فخامته «هناك أساس للعلاقات اليمنية الألمانية وهي مبنية على الثقة ليس لألمانيا أطماع أو رغبة في التدخل في الشؤون الداخلية لليمن وهي تساعدنا على التوجه نحو الديمقراطية والتنمية ونحن نعلق الآمال على مساعدة ألمانيا سواء في الإطار الثنائي أو إطار الاتحاد الأوربي». وفي رده على سؤال عن فرص الاستثمار في مجال النفط والمعادن في اليمن, وكيف يمكن لليمن أن تواجه الزيادات السكانية الكبيرة والاستفادة من تأهيل الشباب لإيجاد فرص عمل لهم.. قال فخامة الأخ رئيس الجمهورية : «إننا ندعو الدول الصديقة الغنية وكذا أشقاؤنا وخصوصا في دول الجوار إلى أن يساعدونا على تطوير التعليم خاصة التعليم الفني والمهني من أجل تأهيل الشباب وتوفير فرص عمل لهم, بحيث إذا توجهت الأيادي العاملة اليمنية إلى أسواق العمل في الدول المجاورة تكون مؤهلة وتستوعبها تلك الأسواق ولا تكون عبئا على تلك الدول». وأشار في هذا الصدد إلى أن المستشارة الألمانية وعدته خلال مباحثاته أمس معها بأن تقوم ألمانيا بتمويل بناء عدد من المعاهد الفنية والمهنية, فضلا عن وجود عدد من المعاهد التي يتم بناؤها بتمويل من قبل السعودية واليابان. وقال :»أما فيما يتعلق بالزيادة السكانية فإن على أجهزة الإعلام وعلماء الدين والسياسيين في اليمن أن يقوموا بدورهم الإرشادي في التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة والمساجد والندوات والمؤتمرات بالمشكلة السكانية ودعوتهم إلى تنظيم الأسرة وفقا لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وليس تحديد النسل «. ومضى قائلا :» نخاطب الآباء والأمهات بأنه بدلا من أن يكون لديهم عدة أطفال ويكونون عالة عليهم وعلى المجتمع نظرا للآثار السلبية المترتبة على الزيادة السكانية وما تشكله من ضغط على الخدمات المتاحة سواء الصحة أو التعليم وغيرها .. فالدين الإسلامي يحث المرأة على أن ترضع طفلها حولين كاملين وتربيته التربية الحسنة, والمباعدة بين فترات الإنجاب تمثل إحدى طرق تنظيم الأسرة و لا تكون بقرار كما حدث في الصين ولهذا نقول لليمنيين ينبغي تنظيم أسركم ،اكتفوا بطفل أو طفلين أو ثلاثة بدلا من عشرة وهذا أمر يحتاج إلى توعية وليس إلى قرار جمهوري أو قانون, ونكثف من حملات التوعية للمواطنين لكي يدركوا أن من الأفضل لهم تنظيم الأسرة من اجل أن يحسنوا تربية أولادهم بدلا من رمي الأطفال إلى الشارع ولا يستطيعون تنشئتهم التنشئة السليمة بجانب ما تشكلة زيادة السكان من ضغط على المدارس والصحة والخدمات العامة الأخرى « . وبشأن فرص الاستثمار .. قال فخامة الأخ الرئيس : «إن الفائدة في الاستثمار ستكون مشتركة ولا يمكن لأي مستثمر أن يرمي رأسماله دون أن يكون هناك مجال لكي يربح أو يستفيد ولا بد أن تكون الفائدة مشتركة» . وأضاف :» لدينا قطاعات عديدة واعدة وفرص متميزة سواء في مجالات النفط والغاز أو المعادن و الصناعات المختلفة ولدينا منطقة حرة صناعية بجانب ميناء عدن الذي يعد ميناء مهماً ويعتبر من أهم الموانئ في المنطقة, وكان في الماضي يعتبر ثاني ميناء في العالم ولدينا عدة مناطق صناعية بالمحافظات تستكمل تجهيزاتها حاليا ونحن قريبون من القرن الإفريقي وهو سوق كبيرة للدول المانحة ودول الخليج والشرق الأوسط ,ولهذا نجدد الدعوة لكافة المستثمرين للاستثمار في إقامة صناعات ثقيلة ومحلية , ونحن سنقدم لهم كافة التسهيلات بجانب الضمانات التي يوفرها القانون والأيدي العاملة الرخيصة» .لحل مشكلة البطالة.. أيضا الاستثمار في مجال السياحة وبلدنا متعدد المناخات هناك المنطقة الساحلية والجزر والصحراء والمدرجات الجبلية اليمن بلد سياحي من الطراز الأول.. ولدينا نقص في مجال أنشاء المشاريع السكنية لذوي الدخل المحدود وكذا الاستثمار في مجال الفندقة ونحن بحاجة للاستثمار في مجال أنشاء المشاريع السكنية لذوي الدخل المحدود وكذا الاستثمار في مجال الصحة ، ولدينا إعداد كبيرة من المرضى يذهبون إلى ألمانيا والأردن وغيرها من الدول وينفقون ملايين الدولارات ونحن ندعوا المستثمرين لإنشاء مستشفيات تخصصية وسينالون الفائدة.. ومضى قائلا: هناك أيضا الاصطياد السمكي وفي مجال التنقيب عن النفط والغاز والمعادن والاستثمار في هذه المجالات يحتاج إلى إنفاق ولا يأتي من خلال ضربة حظ وأرضنا واعدة بالخيرات ، لدينا نفط ومعادن وغاز سنصدر الغاز في نهاية 2008م مع شركة توتال الفرنسية، والاستثمار فيه يبلغ حوالي 3 مليارات دولار وعندنا احتياطي من الغاز بحوالي 17 ترليون متر مكعب، هناك مناطق لم يتم التنقيب فيها وهي واعدة بالنفط والغاز والمعادن مثل الجرانيت والرصاص والفضة والزنك والذهب.. والمشكلة ان المستثمرين ينشغلوا بالتنقيب عن الذهب الأسود وتركوا الذهب الأحمر.. وجدد فخامة رئيس الجمهورية الترحيب بالاستثمار في هذه المجالات .. وقال : هذا جزء كما قلت سابقا من المساعدة للحاق بالركب الحضاري للاقتصاد ومقارعة العنف والبطالة وهذه هي فلسفتنا في هذا الجانب . وحول سؤال عن البرنامج الذي أعدته اليمن لتأهيل العناصر المتطرفة .. قال فخامة الأخ الرئيس “ نحن بدأنا الحوار مع الشباب الذين غرر بهم المنتين إلى تنظيم القاعدة والجهاد، وشكلنا منذ ست سنوات فريقاً من العلماء المعتدلين لإعادة هؤلاء الشباب إلى جادة الصواب وعلى أساس ان الإرهاب وخطف السواح وقتل الضيوف يضر باليمن ونجحنا في الحوار معهم وبنسبة 97 بالمائة، ولاقينا احتجاجا في البداية من أمريكا وبعض الدول الشقيقة والصديقة، والتي كانت ترى ان لا حل لهؤلاء إلا بالسيف ولا حوار معهم ، قلنا لهم نحن جربنا الحوار وحقق نتائج جيدة، وبعد ثلاث سنوات إذا بالدول التي احتجت علينا بدأت الحوار معهم وحققت نتائج جيدة.وأضاف : إن وجهة نظر اليمن هي أن الحملة العسكرية والأمنية وحدها لاتحقق النتائج المطلوبة والحوار مع من نستطيع اقناعه امر جيد، وجنينا ثماره.. وقد تكون هناك عناصر تظهر ميولها بالحوار وتصبح من الخلايا النائمة، ولكن المهم بالنسبة لنا انهم لا يرتكبوا أعمالا عنف وهم تحت المجهر ومثل هؤلاء بحاجة الى ادماجهم في المجتمع وهذا ما عملناه نحن إذ لابد ان نساعدهم في الحصول على المأكل والملبس والمشرب ونوفر لهم فرص العمل.ومضى قائلا : نحن دوماً نقول بأن توفير فرص العمل للشباب يحد من استغلالهم من القوى المتطرفة والدفع بهم نحو التطرف .. أيضاً نحن لانغفل الجانب الأمني إزاء من لايقتنع منهم.. وحول سؤال عن الوضع في العراق وهل يمكن لليمن ان يساعد في ذلك الوضع .. قال فخامة الأخ الرئيس : اليمن موارده بسيطة وقد قلنا منذ البداية ان اللجوء إلى القوة ليس هو الحل ولكن الحل في الحوار السياسي، وبالنسبة للعراق نحن دعونا وأكدنا أهمية إجراء حوار بين كافة الأطراف السياسية والاجتماعية ،ولكن القوى الدولية المتواجدة في العراق رفضت الاستجابة لوجهة النظر هذه. وأضاف : قالوا إنهم لا يريدون الجلوس مع جماعة البعث أو الجهاد أو القاعدة، وقلنا لهم إن الإنسان عادة يجلس للحوار مع أعدائه أو خصومه وليس مع أصدقائه..والحقيقة أن ما حصل في العراق بعد دخول قوات التحالف ان تلك القوى قامت بتسريح من كانوا جزءاً من النظام ، حيث وجد حوالي 7 ملايين شخص كانوا مستفيدين من نظام البعث العراقي ، وجدوا أنفسهم في الشارع بدون مأكل أو ملبس فحملوا البندقية.. وتابع فخامته : لو أن تلك القوى اتبعت السياسية الألمانية عندما استعادت وحدتها حيث أقصت الصف القيادي الأول في الحزب الاشتراكي وأبقت على الصف القيادي الصغير لكن ما حدث في العراق أنه تم إقصاء كل القوى السياسية والإدارية وبعضهم كان لا يريد القتال ولكنهم وجدوا أنفسهم في الشارع فحملوا السلاح في وجه الاحتلال.هذا وكان ممثل منظمة فريدريش ايبرت الألمانية قد تحدث في بداية اللقاء حيث أشار إلى أن حضور فخامة الأخ الرئيس اليوم يمثل فرصة للاطلاع على التطورات الاقتصادية والديمقراطية التي شهدتها اليمن على مدى 17 عاما منذ أن حقق وحدته في 22 من مايو 1990م.. وقال : ان الحضور الواسع اليوم يظهر الاهتمام الكبير باليمن حيث يتواجد اليوم ضمن الحضور السيد توشيلي وزير الداخلية السابق المعروف بصداقته لليمن.. مشيراً بأن العلاقات الرسمية تسير بين البلدين في اتجاهات واسعة وان اهتمام هذه المؤسسة بالعلاقات يأتي متوازياً مع الاهتمام الرسمي بتلك العلاقات .وقال : ان المواطن اليمني يتمتع اليوم بقدر كبير من الحريات السياسية والوطنية ، كما ان المجتمع المدني في اليمن ينتعش بالإضافة إلى المجتمع التعددي للأحزاب وحرية الصحافة ، ووجود المؤسسات التي تهتم بالسلام والعدالة الاجتماعية . وأكد أن كل ذلك يمثل تحولات ايجابية في اليمن تنال الإعجاب.. وأضاف “ ان اليمن السعيد كما ذكره الرومان يقف اليوم أمام تحديات كبيرة سواء في مجال النمو السكاني أو الصراع ضد الإرهاب ،وكلها تحديات يواجهها اليمن ويسعى إلى إحراز النجاحات فيها . كما ألقى رئيس جمعية الصداقة العربية الألمانية فيسهو كلمة أشار فيها إلى أهمية استضافة مؤسسة فريدريش ايبرت لهذه الفعالية الهامة التي سيتم فيها تسليط الضوء على ما يجري في دولة صديقة لألمانيا.. وقال : أن من اهتمامات جمعية الصداقة تعزيز التعاون الاقتصادي والشراكة القائمة على الصداقة والتعريف بالتطورات الثقافية وتبادل المعلومات والتقدم بها للأمام وبما يكفل الحوار الذي يولد الفهم الصحيح إزاء الكثير من القضايا.. وأضاف “للأسف هناك الكثير من الأمور عن الإسلام والإرهاب التي تستدعي الفهم الصحيح إزاءها خاصة لدينا نحن في الغرب ، وبما من شأنه إيجاد الحلول لمشاكل قائمة ، وبالنسبة لليمن فنحن لدينا ومنذ 30 عاماً تعاوناً جيداً في مجال التنقيب عن الآثار وفي مجال الأبحاث والتراث الثقافي اليمني وحقق ثماراً جيدة للجميع . وأختتم كلمته بالقول “نحن في أوروبا وألمانيا لدينا اهتماماً كبيراً بالتطورات في اليمن وما من شك بأن الجسور الثقافية والاقتصادية تؤسس قاعدة متينة لتطوير العلاقات الدبلوماسية، وتخلق المزيد من الفهم المشترك الذي تصب نتائجه في مصلحة البلدين الصديقين ونحن نتمنى دوماً لليمن المزيد من التقدم والتطور والازدهار” .كما قدم العديد من الحضور مداخلات ومناقشات تعقيبا على ما جاء في المحاضرة.