كأنما المأساة وجه آخر للكتابة وكأنما الكتابة عمق أبعد للمأساة فقد كانت الكتابة دوماً أكثر إلتصاقاً بالجانب الفاجع في الدراما البشرية كذلك هي الاعمال العظمى من الابداع الادبي طول العصور من ملاحم "هوميروس" الى " ملحمة الحرافيش" ومن " قفانبك" الى " أنشودة المطر". والمأساة لا تتجلى فقط في أعمال الكتاب وابداعهم وإنما تطال حياتهم وتضع لونها الدامي على مصائرهم..يكفي أن نتأمل في حياة عدد من أدبائنا وأن نتملى النهايات المجللة بالاسى لحياتهم في العصر الحديث : الشابي وجبران ومي زيادة والتيجاني ويوسف بشير وزكي مبارك ، أنور المعداوي ، محمد مندور ، علي باكثير ، ابراهيم طوقان، صلاح عبد الصبور ، صلاح جاهين ، أمل دنقل ، زكي بركات ، محمد الماغوط .. وربما كانت حادثة انتحار الشاعر الكبير خليل حاوي في بيروت صيف عام 1982م واحدة من تجليات المأساة في أظهر صورها وقد كانت تلك الحادثة كشفاً ساطعاً عن عمق المأساة العربية على المستوى العام والخاص فقد أنتحر الشاعر العربي في ذروة الشعور بالانهيار الشخصي والقومي إبان الاجتياح الاسرائيلي للبنان وسقوط الاحلام القومية الكبرى تحت جنازير الدبابات الاسرائيلية.كذلك كانت المأساة حاضرة في حياة عدد كبير من المبدعين العظام عبرالتاريخ من بوشكين ودستوفيسكي الى تولستوي الذي مات شيخاً جليلاً في إحدى محطات القطار الروسية .. مايا كوفسكي شاعر الثورة الروسية الذي انتحر محبطاً الى همنجواي الذي لم تستطع جائزة نوبل إيقاف نزيفه الانساني المتواصل وصولاً الى حادثة انتحار الروائي الياباني " يوكيوميشيما" الذي انتحر على الطريقة اليابانية " الهاراكيري" وكذلك فعل معظم الادباء اليابانيين الكبار مما جعل الانتحار ظاهرة يابانية لذا فعندما اتصل بغابريبل غارسيا ما ركيزا أحد أصدقائه الناشرين يطلب منه الحضور لمقابلة عدد من الادباء اليابانيين أجاب الاديب الكولمبي الشهير قائلاً : أنا آت بكل سرور بشرط ألا ينتحروا".
|
ثقافة
الكتابة والمأساة
أخبار متعلقة