حقوق الطفل.. بين المواثيق الدولية والتشريعات العربية وإشكاليات تنفيدها
رصد - نعمان الحكيم / عدسة - فتحي الحكيميدافعت التربوية الباحثة كريمة مرشد حسن عن بحثها حول الطفولة في قاعة كلية الحقوق بمدينة الشعب بحضور الأخوة / دكتور عبدالله النهاري - مدير مكتب التربية و د. خالد با جنيد أستاذ بجامعة عدن / كلية الحقوق وحسين با فخسوس رئيس شعبة التعليم العام وسعيد أحمد نعمان, مدير عام إدارة محو الأمية بعدن وعدد من المسئولين وأقرباء وأشقاء الباحثة..البحث الذي اشرف عليه الدكتور/ عبد الوهاب شمسان أستاذ القانون الدولي العام المشارك كان مميزاً ونال من النقاش الفياض وأدخلت عليه ملاحظات وتصويبات أغنت البحث ما جعل لجنة الإشراف تثني على الباحثة لطرقها موضوعاً مهماً يتعلق بالطفولة ومستقبل الوطن وتمنحها الامتياز!لجنة الإشراف تكونت من الأساتذة : الدكتور عبد الوهاب شمسان أستاذ القانون الدولي العام المشرف العلمي ورئيس لجنة المناقشة.. الدكتور/ غانم سعيد سعد, أستاذ القانون الدولي العام المشارك عضواً, والدكتور أحمد قاسم الحميدي أستاذ القانون الدولي المساعد - عضو..مبروك للباحثة وعقبال الدكتوراه التي تحضر لها من الآن بحسب علمنا وهي فعلاً جديرة بذلك.. إن شاء الله..تحتل الطفولة مكانة اجتماعية استثنائية بالغة الأهمية.. إنها كذلك لأنها مستقبل المبيت بكل تجلياته وصوره الظاهرة والمستترة, ولأنها القاعدة الأساسية لأهم مراحل صوغ البناء المادي والروحي للإنسان, ومن خلالها تعبر البشرية من جيل إلى آخر, وبفضلها تمسك الإنسانية بخيط التواصل بين الزمان والمكان.إن الأمة التي لا تضع أطفالها وما يتعلق بهم نصب أعينها دائماً, لابد أنها تسير في اتجاه معاكس وطبيعة العصر, فبقدر الاهتمام بـ " الطفولة " من قبل الهيئات الدولية والحكومات والمنظمات الأهلية يتخلق أمن الشعوب وآمالها واستقرارها وتطورها وإن المفارقة بين مكانة الطفل والاهمية التي يحتلها كأعظم هدف وغاية ومورد للتنمية البشرية, وكأغلى أمل باتجاه صياغة المستقبل.. إن المفارقة بين هذه المكانة والأوضاع المأساوية لملايين الأطفال في أنحاء كثيرة من العالم, كنتاج طبيعي لاختلال التوازن بين " التشريع " و " التطبيق " في مضمار التعاطي مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل الصادرة في 20 نوفمبر 1989م والتشريعات الوطنية المرتبطة بهذه الحقوق.. إن ذلك قد شكل لي الدافع الأساس لاختيار موضوع البحث.[c1]أهداف البحث[/c]1- إبراز التطور الفلسفي والفكري والقانوني والمؤسسي لحركة حقوق الطفل على طريق الاعتراف الدولي بالحقوق الإنسانية للطفل.2- تحليل المبادئ العامة والمعايير القانونية التي أرستها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل حماية له من الإهمال وسوء المعاملة والاستغلال وضماناًَ لحقوقه الإنسانية الأساسية.3- تسليط الضوء على حقوق الطفل في مختلف المجالات والميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية, في ضوء ما نصت عليه المواثيق الدولية والتشريعات العربية واليمنية.4- تقييم واقع الأوضاع التي تتسم بها حياة الطفل في مجتمعنا العربي وفي اليمن, في ضوء المؤشرات العامة لقياس مسيرة الأمم.5- تناول إشكاليات ومعوقات تجسيد حقوق الطفل عملياً في ضوء أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وقانون الطفل المصري رقم (12) لعام 1996م, وقانون الطفل اليمني رقم (45) لعام 2002م.6- تقييم دور كل من الأسرة والحكومات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني ومسئولياتها في التعاطي مع حقوق الطفل.وباتجاه التجسيد العملي لهذه الأهداف فقد اتبعنا, ونحن نتصدى لمتطلبات البحث, المنهج التحليلي والتاريخي حيث قمنا بتحليل وتفكيك جميع الأحكام التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية ذات العلاقة بالطفل, والأحكام التي جاءت بها اتفاقية حقوق الطفل, والتي بلغت بمجملها (59) وثيقة وصكاً قانونياً, بطريقة منطقية موضوعية بغية الوصول إلى مضمون إحقاق الحقوق وحمايتها والخروج بقواعد معينة واستنتاجات قانونية بالإضافة إلى ذلك فقد قمنا بالاستعانة بالمنهج المقارن من أجل الوصول إلى المقارنة والمقاربة بين النصوص القانونية لقواعد القانون الدولي والتشريعات الوطنية وتفسيرها ومدى تفعيلها على أرض الواقع من جهة, والممارسة الدولية لها من قبل المجتمع الدولي من جهة أخرى.وفي سبيل الإمساك بمفاصل خطة البحث فقد تم الوقوف أمام كافة المسائل والأبعاد و الأهداف التي أشرنا إليها وذلك في فصلين أساسيين.[c1]تقسيم البحث[/c]قسم البحث إلى فصلين.. الفصل الأول : حقوق الطفل في المواثيق الدولية, والفصل الثاني : حقوق الطفل في التشريعات العربية واليمنية وإشكاليات تنفيذها.ثم تقسيم الفصل الأول إلى مبحثين.. في البحث الأول تناولنا السياق التاريخي لتطور حقوق الطفل وموقع هذه الحقوق في القانون الدولي.. وفي المبحث الثاني قمنا بدراسة تحليلية للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق الطفل.. ولقد تضمنت المطالب الأربعة لهذا الفصل القضايا التالية :1- الظهور التدريجي لحقوق الطفل على الصعيد الدولي.2- حقوق الطفل في القانون الدولي.3- مصادر اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عناصرها ومراحلها4- النطاق الشخصي والموضوعي لاتفاقية حقوق الطفل.أما الفصل الثاني الذي خصصناه لبحث حقوق الطفل في التشريعات العربية واليمنية, فقد تم تقسيمه إلى مبحثين.. كرسنا البحث الأول لتناول حقوق الطفل في التشريعات العربية واليمنية وإشكاليات تنفيذها.. وفي المبحث الثاني ثم بحث آليات وإشكاليات حماية حقوق الطفل في الجمهورية اليمنية.. وقد تضمنت المطالب الأربعة لهذا الفصل المسائل التالية :- حقوق الطفل في التشريعات العربية وإشكاليات تنفيذها (مصر أنموذجاً).- حقوق الطفل في قانون الطفل اليمني رقم (45) لعام 2002م والتشريعات اليمنية الأخرى.- آليات حماية حقوق الطفل.- إشكاليات تنفيذ حقوق الطفل.إن حقوق الطفل أقرنها المواثيق الدولية, وأكدت وصادقت عليها, كما أوضحنا, البلدان العربية ومن ضمنها بلادنا اليمن.. لكن بالرغم مما ورد في المواثيق الدولية, وبصورة خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل, وبرغم ما حددته القوانين الوطنية التي شرعت وأكدت حق الطفل في الحياة والمسكن والتعليم والعلاج والوقاية والترويح والغذاء, فلازال الملايين من الأطفال يعانون من المرض وسوء التغذية والجوع والعنف والاستغلال والحرمان في بقاع كثيرة من العالم ومن ضمنها الوطن العربي.إن الجهود الوطنية الكبيرة الواضحة التي تسخر من أجل حماية حقوق الطفل وتحسين وضعه في اليمن قد حظيت بقسط كبير من اهتمامنا في سياق إعداد البحث, إلا أنه على الرغم من الانجازات الملحوظة التي تحققت لصالح الطفل اليمني, فإن صور شقاء وبؤس الطفولة في ثنايا الواقع تظل بارزة للعيان ولا أحد يستطيع أن يخفيها أو يتجاوزها.. كثير من الأطفال يعانون من انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان.. إن الأطفال أكثر عرضة للعنف والتعذيب وسوء المعاملة على أيدي الكبار وأجهزة ومؤسسات الدولة المعنية.. هناك أكثر من مليوني طفل محرومين من التعليم وآلاف أخرى من الأطفال يموتون بفعل المرض وسوء التغذية..ويتعرض الأطفال الذين أرغمهم الفقر وسوء المعاملة على العيش في الشوارع, إلى التحرش والاعتداء..اضافة إلى ذلك فإنه يوجد آلاف من الأطفال الذين يقومون بشتى أنواع العمل الاستغلالي المحفوف بالمخاطر أو يقعون ضحايا الاتجار بالأطفال.إننا وفي سياق الجهد البحثي الذي بذلناه في إعداد رسالتنا العلمية خلصنا إلى النتائج والتوصيات التالية أولاً : الاستخلاصات1- إن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل الصادرة في 1989م مثلت منعطفاً بارزاً في مسيرة النضال الإنساني من أجل حياة أفضل للفرد والمجتمع والعالم, ليس بوصفها نتاجاً طبيعياً لتطور نكر حقوق الإنسان, بل لأنها أسهمت في تطور هذا الفكر ذاته عبر عدة مبادئ, مثل مصلحة الطفل الفضلى في كافة المجالات وأعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون أي تحفظ أو تدرج.2- رغم الاهتمام الكبير الذي حظي به الأطفال الذي أتت به اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 م, فإن هذه الاتفاقية تفتقر إلى الفاعلية وقوة الإلزام, وإن كان هذا لا ينبغي أن يغفل الإشارة بالدور الهائل الذي تقوم به لجنة حقوق الطفل الدولية في مراقبة الالتزامات الواردة في الاتفاقية وتطبيقها وتنفيذها للوقوف على مدى التقدم في مجال رعاية حقوق الطفل, كما أن هناك فجوة عميقة بين اتفاقية الأمم المتحدة والتشريعات المحلية من جهة, وبين الواقع المعاش للطفولة من جهة أخرى, وهو الأمر الذي يتطلب تعزيز " الاتفاقية " ببروتوكول إضافي يوسع اختصاصات لجنة حقوق الأطفال يستند على رقابة قانونية حقيقية من خلال إنشاء محكمة دولية لحقوق الأطفال تضم خبراء ومتخصصين.2- إن العالم بأسره يحب الأطفال ويعشق الطفولة وسحرها, لكن الحقيقة مختلفة تماماً, فمعاناة الأطفال اليوم تصرخ مستنجدة بالضمير الإنساني أن يخصص لتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى إنقاذ أرواح ملايين الأطفال.4- إن صدور اتفاقية حقوق الطفل في أواخر عقد الثمانينات قد مثل العنوان الرئيسي لحركة حقوق الإنسان في مواجهة سياسات الإصلاح الاقتصادي التي كانت حينها قد ضربت في العمق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات عديدة من المجتمعات, وفي مقدمتهم الأطفال.. لذلك فإن اتفاقية حقوق الطفل قد مثلت بفلسفتها ومبادئها وأحكامها استجابة شجاعة لإرادة المجتمع الدولي في التصدي للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لـ " العولمة " وآثارها السلبية على الأطفال: الضحايا الأوائل للعولمة, كون الاتفاقية قد تمكنت من رسم معالم الحد الأدنى المقبول أخلاقياً عبر مختلف الثقافات.5- إن عدم احترام المرأة ودورها يمثل أحد الأسباب الرئيسية لتخلف المجتمعات في الأقطار العربية, حيث أن من البديهي لا يمكن إحداث تطور حقيقي في أي مجتمع بدون حماية حقوق المرأة ورعايتها.. وانطلاقاً من الدور المتميز الذي يمكن أن تؤديه المرأة في حماية حقوق الطفل ورعايتها, فإن " الاتفاقية " قد مثلت عامل دفع باتجاه ممارسة المرأة لحقوقها من خلال تصديها لـ " التمييز " ضد المرأة الذي يبدأ من مرحلة الطفولة والذي يدعم من خلال التنشئة الاجتماعية ضدها كونها أنثى, مروراً بالحرمان من تطوير قدراتها وقصر دورها على الأعمال المنزلية ووصولاً إلى الزواج والأمومة المبكرين.6- لقد جاءت " الاتفاقية " برؤية متكاملة لـ " تكوين " منشود للطفولة, يكفل من خلال تكامل المبادئ المتضمنة في الاتفاقية - نمواً متسقاً ومتكاملاً لكل طفل دون تفرقة أو تمييز.7- إن بناء الطفولة السعيدة جهد مشترك تقع مسؤولية القيام به على عاتق الحكومات والأسرة والمجتمع في آن واحد, وبصورة يسودها الانسجام والإيمان بما لهذا الجهد من آثار إيجابية على مستقبل الأمة.8- بالرغم من أهمية دور الهيئات غير الحكومية, إلا أن نشاط معظم هذه الهيئات ينحصر في تقديم خدمات محدودة للأطفال, وهي بالتأكيد مؤثرة, لكنها تتعامل مع مخرجات المشاكل التي يعاني منها الأطفال ولا تتعامل مع مسبباتها.9- إن تطبيق حقوق الطفل بشكل عام, وفي البلدان النامية بشكل خاص يحتاج أولاً إلى فكر خلاق وأساليب جديدة متطورة تتجاوز الاتجاهات التقليدية في التعامل مع مشكلات الطفولة, كما يستلزم ثانياً, إعادة التفكير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية في كل مجتمع, بل وعلى المستوى العالمي.[c1]ثانياً : التوصيات [/c]1- مراجعة اتفاقية حقوق الطفل الصادرة في 1989م، خاصة فيما يتعلق بالاختصاص الذي منحته للجنة حقوق الطفل, لأن الاتفاقية قد غفلت عن إعطاء اللجنة الحق في تلقي شكاوى الأطفال وقبولها من ممثليهم القانونيين أو الوصى عليهم.. لذلك فأننا نرى أن السبيل الوحيد لسد هذا النقص يتمثل بوضع بروتوكول اختياري ينظم هذا الاختصاص ويمنحه للجنة.2- عقد اتفاقية دولية خاصة لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة, لأن الاتفاقية لم تتناول هذا الموضوع إلا في مادة واحدة فقط وهي المادة رقم (38) التي أرجأت بموجبها الحماية إلى قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه, ذلك أن معاناة الأطفال قدازدادت بفعل الحروب والنزاعات الأهلية وخير شاهد ما حدث مؤخراً في حرب العدو الصهيوني على لبنان.3- تنمية رؤية شاملة للتعامل مع حقوق الأطفال من قبل الدولة, وإيجاد إطار مؤسسي متكامل لتحقيق هذه الرؤية, وذلك من خلال إنشاء وزارة خاصة بالطفولة تعمل على حماية الطفولة وتطبيق حقوق الطفل داخل الدولة على أن تتعاون في ذلك الشؤون الاجتماعية والعمل والتنسيق فيما بينها لأجل إعطاء الأطفال الفرصة الكاملة في البقاء والنماء والتقدم الاجتماعي.4- مراجعة نمط التنشئة الاجتماعية السائد الذي لا يدعم تنمية شخصية الطفل وقدراته وإعادة الاعتبار إلى اللعب كحق أساسي في صلب عملية التنشئة الاجتماعية والإسراع في وضع حد لما يتم حالياً من إلغاء الملاعب المدرسية وتحويل المدارس إلى غابات إسمنتية والعمل على إعادة النظر في الأحكام الخاصة بحماية الأطفال من الإساءة في المعاملة والاستغلال التي قد يتعرض لها داخل الأسرة أو في المجتمع.5- العمل على التوعية بأن عمالة وتجارة وبيع ودعارة الأطفال والاستغلال الجنسي لهم ويعاد من أخطر انتهاكات حقوق الطفل الإنسانية, وأن استمرار هذه الآفات والجرائم يعد رهاناً للقواعد الدولية المعترف بها, وأن احترام حقوق الطفل خاصة والإنسان عامة لا يمكن أن تتعزز إذا قبل المجتمع الدولي باستمرار هذه الجرائم البشعة.6- يتوجب على الدول الغنية والمنظمات الدولية الإسراع في التعاون والتضامن وتوجيه المساعدة إلى الدول النامية الأكثر فقراً حتى تستطيع العناية بأطفالها وتعليمهم والتغلب على المشكلات الصحية التي يواجهونها وذلك تنفيذاً لمقررات قمة التنمية الاجتماعية التي عقدت في كوبنهاجن عام 1995م.7- على الدول التي صدقت على اتفاقية حقوق الطفل الالتزام بمطابقة قوانينها وتشريعاتها الوطنية مع الاتفاقية.8- على الهيئات الغير حكومية أن تعمل على خلق رؤية واضحة لدورها في التعامل مع حقوق الطفل وخلق بنى تنظيمية وآليات تسمح بمتابعة أعمال هذه الحقوق في الواقع اليومي.9- العمل على فتح حوار واسع يشمل كل فئات ومؤسسات الدولة والمجتمع المعنية بحقوق الطفل بهدف دراسة الإشكاليات الأساسية التي تعوق تطبيق اتفاقية حقوق الطفل, ووضع البرامج السياسية والمالية والإدارية الكشفيلة بمعالجتها, والعمل على تحسين أوضاع الطفل مع الأخذ بعين الحسبان أن الانتهاكات الصارخة لحقوق الطفل يجب التصدي لها وإيقافها بصرف النظر عن وضع الطفلة / المرأة في الثقافة السائدة.