نقلت صحيفة (سلاح الجو الإسرائيلي) عن طيارين إسرائيليين مشاركتهم في مساعدة القوات الموالية لنظام الإمام بدر أثناء تصديها للجيش المصري الذي أُرسل إلى اليمن لدعم الثورة في ستينيات القرن الماضي. ووفقا للصحيفة, فإن الطيران الإسرائيلي نفذ عددا من الطلعات الجوية فوق اليمن أسقط أثناءها السلاح والعتاد للقوات الموالية للإمام بدر في عملية أعطيت اسم «صلصة».الصحيفة كشفت قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ 14 طلعة جوية أسقطت أثناءها الأسلحة والعتاد العسكري والأغذية والمواد الطبية لمساعدة القوات الموالية للإمام بدر -آخر أئمة اليمن- في حربه ضد الجيش المصري وقوات الثوار اليمنيين.وكشفت الصحيفة وثائق سرية عن ذلك وصورا لبعض الطيارين الإسرائيليين، إضافة إلى نشرها صورا لبعض من أسمتهم موالين للأمام بدر وبحوزتهم السلاح الإسرائيلي.وأثار الكشف الجديد آراء عدة في الأوساط الإسرائيلية خصوصا لدى المحللين العسكريين، فقال المحلل العسكري لصحيفة معاريف عمير رابابورت إن العملية «مثيرة للغاية من الناحية العسكرية لا سيما أنها جرت على بعد 2200 كلم وفي مرحلة الستينيات حيث لم تكن الطائرات متطورة كما هو اليوم».إسرائيل رأت آنذاك أن قتال القوات المصرية في اليمن سينهك القدرة العسكرية لنظام الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر ما قد يسهم في إنهاك الجيش المصري ويحول دون شنه حربا على إسرائيل.ويضيف المراسل أنه عند هذه النقطة بدأت العلاقة بين إسرائيل ونظام الإمام بدر عبر وساطة مجموعة ضباط كوماندوز بريطانيين.ويرجح أن إسرائيل نجحت آنذاك في اختراق العالم العربي لمواجهة المد الناصري ما يكون له أثر في هزيمة الجيش المصري إبان نكسة يونيو/حزيران 1967 حيث نجح الجيش الإسرائيلي في احتلال أجزاء من أراضي ثلاث دول عربية هي الأردن ومصر وسوريا . وقد كشفت إسرائيل النقاب للمرة الأولى عن قيام جهاز الموساد بمساعدة النظام الملكي اليمني أوائل الستينات في حربه ضد الثوّار الذين تدعمهم مصر، وذلك بغرض إضعاف الاقتصاد المصري، ومعرفة حقيقة القدرات العسكرية المصرية في فترة المد القومي العربي قبل نكسة 1967. ففي تل أبيب.. أوضح» شابتاي شافيت» - رئيس المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب - في ندوة عقدها المعهد بعنوان «سبل التصدي لإرهاب الانتحاريين»: إنه وقت أن كان يرأس جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد».. أصدر أوامره لضباط الجهاز بمعاونة قوات الإمام بدر الملكية حتى يستعيد حكمه الذي أطاح به الثوار عام 1962، وقد قام الموساد تنفيذًا لذلك بإمداد الملكيين بالأموال والسلاح، وأرسل عسكريين إسرائيليين لتدريب قوات الإمام.
عبدالناصر والسلال
وبرر شافيت ذلك بقوله: إن إسرائيل كانت تريد إضعاف الاقتصاد المصري وإرهاقه بهذه الحرب التي تورَّط فيها بوقوفه بجانب الثوار بجزء كبير من الجيش المصري يقارب ثلث عدد أفراده، وبأننا -والكلام لشافيت- كنا نريد أن نتعرَّف عن قرب على حقيقة القدرات العسكرية للجيش المصري المحارب في اليمن، وقد ساعدنا ذلك على إلحاق هزيمة مروعة به عام 1967.وتابع رئيس جهاز الموساد السابق حديثه الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية الاثنين الماضي بقوله: إن التدخل في الحرب الأهلية اليمنية كان جزءاً من نظرية إستراتيجية شاملة لجهاز الموساد الذي يسعى إلى إثارة الانقسامات والنزاعات في صفوف العالم العربي، والبحث عن حلفاء له في المنطقة.. كما أن التدخل الإسرائيلي في تلك الحرب مكّن الموساد من دسّ عملاء له ليحصلوا على معلومات حول قدرة الجيش المصري في تلك الفترة الحساسة التي سبقت حرب يونيو عام 1967.وأضاف شافيت: إن من أشهر عملائنا في تلك الفترة هو بارخ مرزاحي الذي اعتقل في اليمن عام 1967، وكان يعمل متنكرًا في صورة مواطن مصري، وبعد اعتقاله.. سلمته السلطات اليمنية إلى مصر التي حكمت عليه بالسجن المؤبَّد، ثم أفرجت عنه بعد حرب أكتوبر عام 1973 في إطار صفقة لتبادل الأسرى بين الحكومة المصرية والإسرائيلية.وطبقًا للمعلومات الجديدة التي أوردها شافيت في حديثه.. فإن المؤرخين للثورة اليمنية التي يعتبرها كثير من اليمنيين منعطفًا تاريخيًا هامًا أخرج اليمن من العزلة الحضارية التي فرضها حكم الأئمة على البلاد طوال عقود طويلة من شأنها أن تفتح المجال لإعادة البحث والتنقيب عن أسرار حكم الأئمة، وإعادة كتابة تاريخ ثورة الـ 26 من سبتمبر لعام 1962 من جديد.