وسط صمت ممثلي الإسلام السياسي
القاهرة /وكالات:رفض مثقفون مصريون من مختلف الاتجاهات فتوى اصدرها مفتي مصر الشيخ علي جمعة وحرم فيها استخدام التماثيل بعد اكثر من مائة عام على اجازتها واعتبروها فتوى "طالبانية" مسيئة الى الحضارة المصرية والى الاسلام. وذهب الروائى ورئيس تحرير اسبوعية "اخبار الادب" جمال الغيطانى الى اعتبار هذه الفتوى "كارثة" موضحا انها "تجعلنا لا نستبعد ان يدخل شخص الى معبد الكرنك فى الاقصر او أي معبد فرعونى آخر لينسفه اعتمادا على فتوى جمعة".ووصف الغيطانى هذه الفتوى بانها "طالبانية" نسبة الى نظام طالبان المتشدد الذى حكم افغانستان. وقال "هذا انقلاب على عصر التنوير الذى قادته فتاوى منفتحة على العالم والعصر مثل فتوى الامام محمد عبده قبل اكثر من مائة عام وفتوى رشيد رضا التى حسمت الموضوع منذ وقت طويل واعتبرت ان التماثيل والصور ليست محرمة وان التحريم كان للاصنام او التماثيل المستخدمة فى عبادة الاوثان".ورأى الغيطانى ان "هذه الفتوى تعكس ازمة المؤسسة الدينية الرسمية عن فهم المشاكل التى تحيط بالمسلمين فى اللحظة الحاضرة والتى تبرز حاجتنا الى فقيه كبير يدرك حجم المخاطر والمشاكل المطروحة الآن بالنسبة للاسلام والمسلمين".واعتبر الغيطاني فتوى تحريم التماثيل "ارتدادا على منجزات الامام محمد عبده". واضاف "آن الاوان للذين يضعون تعارضا بين الاسلام والحياة المعاصرة ان ينتهوا من حياتنا خصوصا وان هناك اجتهادات لشيوخ كبار فى القرن الماضى تجاوزوا التفاصيل السخيفة فما بالك الآن ووجودنا نفسه يتعرض للتهديد". وقال "نحن بحاجة لشيخ مثل محمد عبده لانقاذ الاسلام من هذه الضحالة".من جانبه قال الروائى عزت القمحاوى "ما استغربه ان تصدر مثل هذه الفتوى عن مفتي مصر وهو عالم مستنير تفاءلنا به حتى صدور هذه الفتوى وكأنها نوع من الردة والعودة الى عصر الخيام فى الصحراء وما تمثله من تراجع عن حركة التنوير العربية".وتابع القمحاوى ان هذه الفتوى "موجودة منذ فترة طويلة ومنشورة على شبكة الانترنت فى موقع يقوم عليه عدد من المشايخ بينهم ابن باز ويوسف القرضاوي".وقال القمحاوى ان الداعية القرضاوى "افتى قائلا: إن تحريم التماثيل هو تحريم قطعي ورفض الاحتجاج ببعد زمننا عن زمن البعثة النبوية حيث كانت تعبد الاوثان واعتبر ان استعمال المعاصرين للتماثيل لا يخلو من قداسة بدليل ان بعضهم يتبرك بعين الاله الفرعونى حورس لحمايته من الحسد".من جهته رأى المخرج المصري داود عبد السيد فى هذه الفتوى "موقفا مدهشا فى تجاهله للتطور الانسانى خلال اكثر من 15 قرنا. فمن المعروف ان تحريم التماثيل فى بدايات الاسلام كان طبيعيا لان الناس كانت تعبدها فكان هناك خوف من الفتنة".وتابع "ولكن الآن وبعد 15 قرنا من التطور هل سنجد شخصا يرى تمثالا فيقوم بعبادته هذا ليس صحيحا. ها هى تماثيل طلعت حرب او سعد زغلول او جمال عبد الناصر تؤرخ لرجال اثروا فى حياة مصر وبعضها اعطى مضمونا كبيرا مثل تمثال نهضة مصر".وعبر داود عبد السيد عن استغرابه قائلا "يدهشنى مثل هذا العقل الذى يقفز على خبرة القرون ويعامل الناس فى وقتنا المعاصر كما لو انهم ما يزالون فى الجاهلية وهذه العقلية هى نفسها التى وقفت وراء كارثة الطالبانية فى تحطيم تمثالى باميان البوذيين فى افغانستان".اما مدير عام سمبوزيوم اسوان للنحت على صخور الغرانيت الصلبة صلاح مرعى فاعتبر ان "هذه الفتوى تعبر عن تخلف. فلا يوجد اى فنان بعد ظهور الديانات السماوية وتقدم العلم يعتقد انه ينحت تمثالا يقصد به خلق كائن حى وانما يفعل ذلك بحثا عن الجمال فالله جميل يحب الجمال".وتابع "ومن الغباء ان يعتقد البعض انه قادر على اقناع اى انسان على وجه الارض بان يقوم بعبادة تمثال. هذه مرحلة مرت بها البشرية قبل عشرات القرون ولم يعد ممكنا لها العودة من جديد فالعقل البشرى تجاوزها".وأكد على هذه الرؤية المفكر الاسلامى عبد المعطى بيومى فى مقال نشرته اسبوعية " المصري" تحت عنوان "اصنام العبادة حرام وتماثيل الزينة حلال".فى حين اعتبر مدير مركز ومتحف المخطوطات فى مكتبة الاسكندرية يوسف زيدان الموضوع برمته "قضية استهلاكية سخيفة". وتساءل يوسف زيدان "ما الداعى اصلا لطرح الموضوع فى بلد به اكثر من عشر كليات حكومية تدرس فن النحت واكثر من عشرين كلية تدرس تاريخ الفن؟".وتابع "نحن بلد يحفل بعشرات وربما مئات الميادين المزدانة بالتماثيل التى لا تعنى عند الناس اكثر من قيمتها الجمالية بلد علم العالم قبل سبعة الاف سنة نحت تماثيل يأتى اليوم ملايين من السياح لمشاهدتها بلد ما بينه وبين الوثنية مسافة زمنية ومجازية كبيرة لا يماثلها الا المسافة الممتدة بين هذا المجتمع وبين التقدم التكنولجى المعاصر".[c1]* ( مزيد من التفاصيل في مدارات فكرية تحت عنوان :فتوى بتحريم التماثيل والصور تثير جدلا في مصر وتنذر بتطليق زوجات النحاتين ) [/c]