مرافئ
مامن بيت في هذه الايام الا وخضع لاستعدادات استقبال العام الدراسي الجديد الذي بدأ لتوه. وكذلك هو حال المدارس ، الشوارع المكتبات والاسواق انه موسم العودة الى المدارس بعد اجازة الصيف الطويلة والممعتة.المشهد بكامله سيتغير الشوارع ستزرع من جديد بالورود والرياحين والاطفال وهم في طريقهم الى المدارس او وهم عائدون منها ، منظر ولا اروع منه وكان نزار قباني يثيره هذا المشهد ويقول : "ان اكثر ما يدوخني ان ارى تلميذة مدرسة عائدة من مدرستها على اصابعها بقاياحبر".وتذكروا جميعاً اننا كنا ذات يوم من اولاد وبنات هذه الشوارع واولاد وبنات هذه المدارس، بللنا اصابعنا بحبر الكتابة او جير الطباشير وطلاء الالوان وان كلاً منا خربش على دفتره بخطوط لامعنى لها، لكن لها سحر الاحلام وجموح الاحصنة واجنحة النسور لاننا بعد قليل سنفلح فتصبح الحروف المستعصية كلمات وجملاً قادرة على التنفس وعلى الحياة.وبالنسبة للاطفال الذين يذهبون الى المدرسة للمرة الاولى سيكون لها مذاق الدهشة والخوف الذي يداهم المرء في الايام الاولى ،لكنهم سرعان مايعتادون على الامركما فعل الذين قبلهم وكما فعلنا عندما كنا في عمرهم وسرعان مايكتسبون صداقات جديدة، وآباء وأمهات جددا هم المدرسون والمدرسات.قريباً سينهلون من نبع المعرفة ويرون الحرف، وأناملهم الصغيرة تخط للمرة الاولى اجمل الاشياء التي سيتعلمونها طوال حياتهم فيكونون قادرين على القراءة والكتابة وولوج عالمهما المدهش بدهشة وبراءة وشقاوة الاطفال.نفس الاحساس الجميل الذي صاحب كلاً منا عندما كنا في عمر الزهور والذهاب الى المدرسة للمرة الاولى واكتشاف جمالية الحرف وسحر الكلمة والجملة الاولى التي تكون قادراً على كتابتها وعلى قراءتها.بقي ان اقول ان الطفل شديد الذكاء شديد الحساسية ، ممتلئ بالفضول والرغبة الشديدة في معرفة الاشياء وهو يتوقع ان تقدم له المدرسة شيئاً جديداً خاصاً يكسبه خاصية الانتماء الى عالم المعرفة الذي يطلب منه المزيد كلما حصل على قسط منه.الحرف يسحر كل طفل حتى اكثر أولئك كراهية للكتابة وللمدرسة وهي مسألة اساسية في سير وتطور البشرية التي كونت لغتها وثقافتها المتعددة ومعارف الانسان العظيمة الذي لولاه لما استطاعت ان تصل الى هذا المستوى من العلم والتقدم.ثمة سبب لهذا السحر ، للحرف حتى يصل الى كل الناس جميعاً منطوقاً كان ام مكتوباً انه اساس اللغة وجذورها لكي يمسك المرء بناصية الكلام والكتابة تلك الحرارة التي تتحقق من علاقة الطفل بعالمه منذ ان يكون قادراً على نطق كلماته الاولى التي يكتشف من خلالها المحيطين به، امه واباه واخوته ، ومن خلالها يوطد علاقته بهم ويشد انتباههم اليه والى احتياجاته وبها يعبر عن انفعالاته ومشاعره وغضبه وفرحة واشجانه.ولست في حاجة للقول ان التربية تبدأ من البيت ثم تأتي المدرسة لتقدم طوراً آخر حين يتسع قاموس الطفل وتكبر تطلعاته مع التوازي بسنه الذي يكبر رويدا رويدا مع مفردات لغته وسرعان مايتنفس لغته ومفرداته الجديدة التي تعلمها له المدرسة التي ستصبح هي نفسها جزءاً من حياته الجديدة وعالمه الجديد الجميل بهذا ينبغي للمدرسة ان تكون بيئة جاذبة له لا بيئة منفرة . والملاحظ في اغلب مدارسنا انها لم تحقق هذه المعادلة بعد ..!