من نتاجات الواعدين
اإنفطر قلبها أسى ولوعة وخيل إليها أنه ينتزع من بين أضلاعها مع انتزاع الطبيب لتذكرته الطبية في ذلك الدفتر الأنيق الذي يحمل اسمه في كل صفحاته ومناولتها إياها وهو يقول في لهجة رجل عملي لم يعد لديه وقت للعواطف أو المشاعر ..ومن الضروري ان تشتري هذا الدواء اليوم وإلا فسيحيا ابنك بعاهة مستديمة مدى الحياة .. ألقت نظرة بلا معنى على التذكرة الطبية وهي تقول له هل يتكلف الدواء كثيرا ؟؟...أجابها في ضجر اسألي الصيدلاني ثم هتف ينادي المريض التالي ...خفضت وجهها في استسلام وإنكسار وحملت إبنها الهزيل ذا الأعوام الستة وغادرت باب العيادة الفاخر وقلبها نهبة للحزن والحيرة .. إن الذي تحمله هو ابنها الوحيد لم تنجب سواه في عمرها وبعدها لقي زوجها العامل مصرعه عندما سقط من الطابق الرابع في منزل تحت الانشاء كان يعمل فيه عامل بناء.. ومنذ ذلك الحين وهي تكافح لتحيا هي وصغيرها .. ولكن نوائب الدهر لم ترفع يدها عنها بعد .. ها هو ذا ابنها الوحيد يصاب بمرض خطير يهددة بعاهة مستديمة وهاهي تقف عاجزة عن إنقاذه...وتوقفت مترددة أمام صيدلية كبيرة ثم رفعت قدميها دفعا لتخطو داخلها وامتدت يدها إلى الصيدلاني وهو ممتعض يتامل مظهرها الرث أعادها إليها قائلا في برود .. هذا الدواء يتطلب مبلغا كبيرا .....ارتجف كل عرق في جسدها عند سماع هذا المبلغ إنها لم تربح في عمرها كله مثل هذا المبلغ ولكن ماذا عساها أ ن تفعل ؟ أتترك وحيدها يواجه مصيره المظلم لأنها لاتملك مالا إنها لاتملك حتى القوة للمزيد من العمل من اجل توفير ثمن الدواء .!وفي صوت خافت منكر ألا يمكنك أن تساعدني ولكنه لم ينتظر ليستمع إليها لقد فارقها ضجرا ليلبي طلب ذاك السيد البدين الذي يحتاج إليه الابن المسكين غادرت الصيدلية كطير ذبيح وارتكنت إلى بابها تبكي في مرارة وهي تحمل ابنها على كتفها والتذكرة الطبية في يدها وفجأة دس أحدهم في يدها ورقة مالية .. جفت دموعها وهي تتطلع في دهشة وارتجف قلبها وهي تتصور ما حدث لقد ظن الرجل انها تتسول فمنحها ذلك المبلغ البسيط وقالت في صوت منخفض إنني أتسول يا له من عار إنها لم تكن لتفعل هذا أبدا ولكن ماذا تفعل سواه.؟؟..عادت تستعرض موقفها كله تم ضمت ابنها إلى صدرها في إشفاق ولوعة وراحت أعماقها تصارعها ولما لا أتسول ولما لاتقبل الأقدام ايضا من أجل وحيدها وفي حياء قالت : حسنة لله .. حسنة لله .. خيل إليها ان احدا لم يسمع صوتها فرفعت صوتها قليلا .. أريد شراء دواء لذلك الطفل اليتيم تطلع إليها بعض المارة في إشفاق وابتسم آخرون في سخرية وخبث واقترب منها رجل عجوز ودس في يدها ورقة مالية كبيرة...وفجأة هوت على كتفها يد قوية غليظة وارتفع من خلفها صوت صارم يقول في قسوة ماذا تفعلين ياامرأة انكمشت في رعب والتفتت إليه بعينين هلعتين وجسم مرتجف وأرعبتها تلك الصرامة البادية على ملامحه وهو يستطرد الا تعلمين ان التسول يخالف القانون ارادت ان تشرح له موقفها وأن تريه التذكرة الطبية إلا ان الرعب والرهبة ألجماها فبقيت صامتة مستسلمة في حين قال أحد المارة في إشفاق. دعها ترتزق يارجل وأضافت سيدة ربما كان ابنها مريضا حقا. صاح الرجل في صوت عال وصرامة لاتقبل الجدل وليكن القانون هو القانون .. وزادت هي في ضمه إلى صدرها ولم تنطق بحرف واحد وقد سالت دموع اليأس والمرارة معا على وجهها وهي تسير أمام الرجل إلى قسم الشرطة باستسلام تام وهي تقول الآن فقط ادركت ما هو القانون أنة قانون الأقوياء (( فعذرا أيها القانون)).