مفكرة سكانية
أمين عبد الله إبراهيم يقصد بالتحول الديموغرافي « الانتقال من حالة ارتفاع معدلات الخصوبة والوفاة إلى انخفاض معدلات الخصوبة والوفاة » . ويمر هذا التحول بمرحلتين : الأولى ينخفض فيها معدل وفيات الأطفال والرضع ، بينما يستمر معدل الخصوبة مرتفعاً ، فيرجع معدل النمو السكاني وترتفع نسبة الفئات العمرية الصغيرة ويرتفع معدل الإعالة .أما المرحلة الثانية فينخفض فيها معدل الخصوبة تدريجياً حتى يبلغ معدل الإحلال (2.11 طفل لكل امرأة ) فينخفض معدل النمو السكاني ويتجه نحو الاستقرار وتنخفض نسبة الفئات العمرية الصغيرة ، وترتفع نسبة السكان في سن العمل ، الذين كانوا في الفئات العمرية الصغيرة في المرحلة الأولى ، وينخفض معدل الإعالة ، وان كان يعود إلى الارتفاع مرة أخرى عندما ترتفع نسبة كبار السن نتيجة لهذا التحول .ينعكس انخفاض معدل الخصوبة ومعدل الوفيات مباشرة على نسبة الزيادة الطبيعية للسكان ، حيث تشير إسقاطات الأمم المتحدة ( الاحتمال المعدل ) إلى انخفاض هذه المعدلات بوتيرة أسرع في البلدان التي تقدمت فيها عملية التحول الديموغرافي ، ففي البلدان التي لا تزال في مرحلة أولية من انخفاض معدل الخصوبة ( كاليمن ) سيظل معدل الزيادة الطبيعية مستقراً خلال الفترة 2000 - 2020م ، ثم ينخفض ببطء ليصل إلى 2.2 % خلال الفترة 2020 - 2040م ، ويبقى أمامه مسافة طويلة لاستقرار الوضع الديموغرافي .وينخفض نمط هذا الانخفاض في البلدان التي تقدمت في مراحل انخفاض معدل الخصوبة ( كتونس ولبنان ) ، حيث ينخفض معدل الزيادة الطبيعية تدريجياً ليصل إلى صفر في نهاية النصف الأول من القرن الـ21 وهي حالة الاستقرار التام للوضع إلى أقل من 1 % خلال الفترة 2020 -2052م في معظم البلدان التي تقدمت فيها عملية التحول الديموغرافي ( كالإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس والجزائر وقطر والمغرب ) بينما تتجاوز 2 % في موريتانيا واليمن .ولعل من أهم نتائج التحول الديموغرافي ارتفاع نسبة السكان في سن العمل (15 - 59 سنة ) ونسبة المسنين ، وانخفاض نسبة الأطفال أقل من 15 سنة . وسيبقى لفئة الشباب حيز هام في جميع البلدان العربية ، وستشهد غالبيتها فترة رفاه من الناحية الديموغرافية ، حيث ستبقى نسبة السكان في سن العمل مرتفعة حتى عام 2020م أو ما بعده وفقاً لخصوصية كل بلد .وتعد النافذة الديموغرافية من المظاهر الايجابية في عملية التحول الديموغرافي ، إذ يمكن استثمارها في تحسين إنتاجية العمل ووضع برامج تعني بالتكافل بين الأجيال ، كما يمكن الاستفادة منها في تدعيم برامج التأمينات الاجتماعية ، لان عدد السكان الذين ينتمون إلى القوى العاملة في هذه المرحلة يفوق عدد السكان خارجها . ويمكن أن تسمح هذه الفترة من الرفاه الديموغرافي بخلق العديد من الفرص للاستثمار في المنطقة العربية ولاستغلال مواردها الطبيعية والبشرية على النحو الأمثل ، من حيث إتاحة التعليم والمعرفة بالتقنيات الحديثة ، المشاركة في النشاط الاقتصادي لكل الفئات .