الفنان التشكيلي حمادة أحمد قاسم
[c1]لقاء / نادرة عبدالقدوس[/c]عل هامش الندوة الفكرية التي نظمتها جامعة عدن مؤخراً بعنوان " المناضل محمد علي لقمان .. رائد حركة التنوير في اليمن " اقيم معرض للفنان التشكيلي حمادة أحمد قاسم، والذي جذبت لوحاته الجميلة ذات الاسلوب التطبيقي كل من شارك في الندوة وزاور المعرض وكان الأخ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى قد افتتح المعرض في اليوم الأول من انعقاد الندوة، وفي أروقة المعرض انتحيت جانباً الفنان التشكيلي المبدع حمادة أحمد قاسم لإجراء حوار قصير معه .. ولما لم تكن في قاعة المعرض المجاورة لقاعة الندوة المنعقدة كراسي، اتخذنا طاولة كانت موجودة في الصالة ـ مجلساً واجريت الحوار مع الفنان حمادة .الفنان حمادة ومدخل إلى الحوار .الفنان المبدع حمادة احمد قاسم بن أحمد قاسم الموسيقار الراحل أحمد قاسم من أسرة فنية خلاقة فأبوه الموسيقار الراحل احمد قاسم وقريبته لأبيه الفنانة الرقيقة صباح منصر وشقيقها محمد منصر وعمته الفنانة نجاة قاسم التي كانت تجيد العزف على العود وقد عرفناه طفلاً يشدو مع الاطفال في تلفزيون عدن مؤدياً أغاني والده، وهاهو اليوم حمادة الفنان التشكيلي .. بادرناه بالسؤال الذي لعله كان ينتظره منذ أمد بعيدك. لماذا تأخر معرضك؟ حيث أننا لم نسمع باقامة معرض خاص بك مثل ما نسمع عن الفنانين التشكيليين اليمنيين رغم صغر سن عدد منهم وحداثتهم في هذا الفن من الفنون الجميلة؟!فرد قائلاً وابتسامة تسبق رده كان لها معنى : " كيف يتسنى لي اقامة معرض وأنا لأملك غير راتبي البسيط الزهيد؟ وأنتِ تعلمين ان الرسم بحاجة إلى الألوان وأدوات خاصة .. هذه اللوحات التي أمامك هي جزء من لوحات عديدة رسمتها على مدى السنين الماضية، ولم أبع فيها سوى القليل .. إذ لايوجد من يقدر هذا الفن .. أما اللوحات التي بعثتها فمعظمها لأجانب غير يمنيين "وبعد هنيهة صمتٍ أضاف : [c1]مشاركات فنية في معارض جماعية[/c]"شاركت في عدد من المعارض مع زملاء آخرين في صنعاء وعدن وكانت ـ بدون مبالغة ـ لوحاتي تجذب عيون كثيرة، وكنت أتمنى لو أن حداً يرغب في الشراء من اليمنيين خاصة من ملاك المنشآت السياحية والفندقية إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث .. مع الاسف لايوجد هنا من يقدر الفن التشكيلي " ثم سكت حمادة عن الكلام ومسحة حزن تكسو محياه .. تتميز لوحات الفنان المبدع حمادة قاسم باللون الأزرق الغامق والسماوي سألته السبب فرد قائلاً : " أحب اللون الأزرق فهو لون البحر الذي أعشقه ولون السماء الصافية لذا اضفي على الكثير من لوحاتي هذا اللون الجميل .. إلا أنني استخدم الألوان الأخرى كالأحمر والأبيض كثيراً ذلك لأن الألوان لها لغتها الخاصة ومغزاها الخاص ".[c1]لوحات جاذبة مفتوحة المضامين [/c]ومن اللافت للنظر أن لوحات الفنان حمادة لاتحمل عناوين أو مسميات وقد سأله أمامي أحد المبهورين بفنه وبلوحاته المعلقة على قوائم في المعرض عن سبب عدم اطلاق عناوين للوحاته فأجاب مبتسماً : " من عادتي ألا اعطي أي عنوان للوحاتي، ذلك لأنني لا أريد أن أفرض وجهة نظري أو فكرتي على المشاهد .. أنا من المدرسة الواقعية واحترم افكار ووجهات نظر الآخرين وأدع الباب مفتوحاً للتعبير عن الراي في مضمون اللوحة .. فمثلاً " مشيراً إلى إحدى اللوحات " ماهو العنوان المناسب الذي يمكن أن تحمله هذه اللوحة ؟" سأل حمادة ولكننا جميعاً لم نتمكن من الرد . . فرد على سؤال نفلسه : " هذه اللوحة يمكن أنني أطلق عليها " طاهش الحوبان " كعنوان لها.وبدأ يشرح السبب في اطلاق هذا العنوان للرجل الذي سأله موضحاً شخوص اللوحة الناطقة تعبيراتهم المختلفة من خلال نظراتهم وحركات ايديهم ورؤسهم وحتى ملابسهم .[c1]علاقة جدلية بين الريشة واللون [/c]في لوحات الفنان المبدع حمادة احمد قاسم كل شيء مرسوم له معنى فهو لايستخدم ريشته جزافاً .. بل يعطي للوحاته الشكل والمضمون معاً مستخدماً اللون كذلك انسجاماً معهما ليخلق علاقة جدلية لا إنفصام فيها حتى ليخيل للمشاهد أن كل لوحة من لوحاته تنطق بالصدق ودون أية مواربة، فتقف امامها مبهوراً باللمسات الجمالية والألوان الصافية .. ولاتود عيناك ان تنتقل إلى مشاهدة غير زرقة أمواج البحر الهادئ والطيور السابحة في السماء الصافية وناطحات السحاب في شبام حضرموت ووجه جميل لفتاة يمانية وعيون المها التي تأسر قلوب من يلقي نظرة عليها .سألت الفنان الجميل حمادة بعد هذا العمر من الابداع بالريشة ماهي طموحاتك وأمانيك؟رد وابتسامة باهتة على محياه: طموحات فنية وهمسة إلى جهات الاختصاص كل ما اتمناه ان تقدر الجهات المسؤولة في بلادنا الفنون الجميلة بشكل عام والفن التشكيلي بشكل خاص .. وأن يتم تشجيع المواهب واصحاب الخبرة في هذا المجال .وأتمنى على ملاك المنشآت السياحية تحفيز الفنانين التشكيليين اليمنيين والأخذ بايديهم وتطويرهم من خلال انتقاء لوحاتهم وشرائها لتعليقها على جدران الفنادق التي تنتشر في بلادنا وفي مدينة عدن الجميلة بدلاً من اللوحات الاجنبية التي لاتمت بصلة لواقعنا واستطرد قائلاً: " طموحاتي كثيرة فالإنسان دائماً يرنو إلى تحقيق المزيد من النجاح ولاتتوقف احلامه عند سن معسين .. أطمح إلى رؤية الفن التشكيلي مزدهر في بلادنا إلى احترام وتقدير الفنانين التشكيليين اليمنيين وتذليل الصعاب التي تواجههم وتكريم المبدعين منهم وهم كثر في بلادنا ". وهمسة منا نهمسها في أذن قيادة وزارة الثقافة والسياحة في بلادنا بان تعطي توجيهاتها إلى فروع المؤسسات السياحية للسعي إلى انتقاء اللوحات الجميلة التي يبدع فيها فنانون تشكيليون يمنيون ايما ابداع والاعتناء بها ورعاية هؤلاء الفنانين ومد يد الدعم المادي والمعنوي لهم لشراء لوحاتهم المعبرة عن انساننا وأرضنا وعاداتنا وتقاليدنا وتراثنا وكل خصوصياتنا كشعب يمني اصيل بحضارته وتراثه المتميز .. كما نود في هذا الحيز التنويه إلى الاهتمام بمعهد جميل غانم للفنون الجميلة، في محافظة عدن بتوفير الامكانات لتطويره واعادة الروح اليه وانعاشها من سباتها الطويل واحياء مختلف اشكال الفنون الجميلة " مسرح ـ موسيقى ـ غناء ـ رسم" والتي كانت ورش عمل يولد فيها فنانون متميزون اثروا في مجال الفن عموماً وهم كثر لايتسع هذا الحيز لذكرهم جميعاً .. وكان الفنان المبدع حماد ة أحمد قاسم أحد المدرسين في هذا الصرح التربوي، الفني الثقافي الذي بدأ يفتقد كوادره تباعاً بين متقاعد ومتوفي في ظل عدم وجود البدائل.