فسبريم
اشتهرت مدينة فسبريم المجرية بأنها ”مدينة الملكات“، حيث مُنح اسقف المدينة حق تتويج زوجات الملوك المجريين على مر العصور. وبذلك ارتبطت المدينة بأسماء عدد من الملكات المجريات مثل غِزلاّ زوجة الملك إشتفان مؤسس الدولة المجرية الذي توفي في سنة 1038 ميلادية.تتمتع المدينة بموقع جغرافي ممتاز، يربط جبال باكون في الشمال بمنطقة شمال بحيرة البالاتون، وتقع على هضبة من حجر الدولوميت يتخللها وادٍ عميق لجدول صغير لكن طويل هو جدول شَيْد. وقد شيدت المدينة على سبع تلال يفصل بين بعضها هذا الجدول. وتتميز المنطقة القديمة بشوارعها المتعرجة والمتشابكة والصاعدة والهابطة والضيقة. وأهم ما تتميز به قلعتها التي بنيت على جرف صخري مرتفع يبلغ طوله نحو خمسمئة متر وارتفاعه نحو 30 متراً، والوديان العميقة المحيطة بها، والتلال والجبال الخضراء الجميلة القريبة.وصل إليها المجريون في حدود سنة 900 ميلادية، واحتلوا قلعتها بعد حصار دام أسبوعاً واحداً فقط. وكان سكان المدينة آنئذ خليطاً من الأفاريين والفرنجة (فرانك) والسلافيين. ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة وقلعتها من المدن المجرية المهمة قبل أن يتحول ملوك المجر عنها إلى مدن أخرى مثل سيكشفهيرفار وبودا.أسس الملك إشتفان كاتدرائية القديس ميخائيل الموجودة اليوم في القلعة، وسرعان ما شيدت الأبنية الجميلة بسبب تحول فسبريم إلى مركز إداري وديني مهم، فعاشت المدينة عصرها الذهبي الأول. غير أنها فقدت من أهميتها في الفترة اللاحقة، ودمرت الكاتدرائية مراراً على يد التتار في 1241 وبعدها في 1272 خلال الصراع على النفوذ بين العوائل الحاكمة، ومرة ثالثة في 1380 عندما شب حريق كبير.عاشت المدينة عصرها الذهبي الثاني في عهد الملك ماتياش في القرن الخامس عشر، وأصبحت مركزاً ثقافياً مهماً قبل أن تبدأ فترة الإحتلال العثماني في 1552، وعندها عانت من عدم الإستقرار بسبب تبادل الأتراك والمجريين وحلفائهم السيطرة على القلعة. وبعد تحرير المدينة من العثمانيين في 1683، لم تتحسن الأمور كثيراً. فقد اندلعت في بداية القرن السابع عشر حركة تحررية ضد حكم هابسبورغ، عندها دمر النمسويون القلعة في 1704 كي لا تقع في أيدي خصومهم، وبذلك جرى تدمير كل ما تبقى من أبنية القرون الوسطى. ولهذا تحمل المدينة ملامح بناء عصر الباروك، إذ شيدت أو جددت غالبية البنايات في القلعة على هذا الطراز في القرن الثامن عشر.ومع أن تطور المدينة اللاحق لم يجعلها في مصاف مدن مجرية أخرى مهمة بسبب مرور خطوط سكك الحديد بعيداً عنها، فقد اشتهرت بصناعاتها اليدوية وأسواقها. ثم تحولت في النصف الثاني من القرن العشرين إلى مدينة جامعية بعد تأسيس جامعة للهندسة الكيماوية فيها سنة 1949، وكانت فيها ثلاثة معاهد أبحاث تابعة للأكاديمية المجرية أغلقت في بداية التسعينيات، والجامعة اليوم تسمى جامعة بانّون ويدرس فيها أكثر من ثمانية آلاف طالب مختلف العلوم الطبيعية والإنسانية والتطبيقية.