غضون
- العرب لم يحسنوا التعامل مع القضية الفلسطينية فمنذ قرار التقسيم الدولي عام 1947م وقيام دولة إسرائيل في مايو 1948م وإلى اليوم وهم يحاولون إقامة دولة فلسطينية دون جدوى، ودفعوا في سبيل ذلك أموالاً وجهوداً تكفي لإقامة عشرات الدول وتعميرها من جديد.والخسائر كثيرة .. حتى عندما يعبرون عن غضبهم من إسرائيل وتضامنهم مع الفلسطينيين يتحولون إلى جناة بحق أنفسهم .. حيث تتحول المظاهرات إلى هياج وصياح وشغب وتسجل حالات وفاة وجرح وضرب وطرح وكسر ونهب .. وبينما تكون المظاهرات ضد العدو وتضامناً مع الأخ تستحيل إلى جلد الذات وقهر الصديق وتحريض على العنف وتفريق بين الأقارب وقطع للأرحام .. ويا فرحة العدو.- ما يحدث هذه الأيام فيه المبكي والمضحك .. وسأبدأ بأولئك المتظاهرين الذين يصيحون : أيها الأنظمة أيها العرب لماذا كل هذا الصمت .. لماذا أنتم صامتون وأخوتنا في غزة يقتلون؟ والطريف أن هؤلاء الصائحين لا يدركون أنهم غير صامتين .. فالشيء البارز تجاه الحدث هو الضجيج الذي يرتفع إلى السماء ومن الخليج إلى المحيط .. فأكبر مهرجان للصياح في المساحة العربية وقع هذا الأسبوع .. ويصيح آخرون صيحة أخرى .. يقولون : على هذه الأنظمة العربية أن ترحل .. يجب إزالة الأنظمة العربية الخائنة العميلة الجبانة .. بينما كان الطلب السابق هو رحيل إسرائيل وإزالتها من الوجود والإبقاء على الأنظمة العربية .. يا لهم من ممازحين ظرفاء!!- المبكي في الأمر هو أن الإرهابيين والإسلاميين غاضبون من أجل غزة ولكنهم يفرجون كربهم بطريقة مدهشة، ويستغلون المظاهرات لتحقيق أهداف خاصة بهم وبموكليهم أيضاً.في العراق تظاهروا أيضاً كما في تونس واليمن وغيرهما .. إرهابيو القاعدة الذين لم يصلوا إلى خصومهم المحصنين أمنياً استغلوا الفرصة هذه المرة .. فالعدو خرج في المظاهرة وظهره مكشوف .. وإذاً حان الوقت .. وهكذا دخل انتحاريون إلى المظاهرات وفجروا أنفسهم واقتحم آخرون المظاهرات بدراجات نارية وفجروا ما فيها وما فوقها وسط الساحة، وقتل وجرح عشرات المتظاهرين لمصلحة فلسطين.- حسن نصر الله هو الآخر استغل مذابح غزة ليفرج عن همومه ويؤدي واجبه .. حيث استغل المأساة العربية لكي يبوح بمشاعره تجاه مصر .. يا مصريون تمردوا على حكومتكم واقتحموا المعابر .. يا ضباط مصر تحركوا .. وفي دمشق حوصرت سفارة مصر وفي اليمن لعن حكام عرب وفي تونس أهان العربي أخوانه العرب .. المهم “غاغة” كما يقول إخوتنا في صنعاء.- في عام 1947م قال العرب لا نقبل تقسيم فلسطين إلى دولتين ..وعام 1948م أخرجوا (15) ألف حافٍ يحمل سلاحاً خردة لاستعادة القسم المقرر لإسرائيل فقتلوا ثم خسروا النصف الخاص بهم في حرب 1967م ثم نزل طموحهم إلى مستوى القبول بسبعة آلاف كيلو متر من الأرض .. وأخيراً لم يحسنوا استلام مجموعة الأشبار التي خرج منها العدو .. وفوق ذلك يحتجون على العدو بطريقة تدمرهم .. وجنان يا جنان!!