سنغافورة/14 أكتوبر/اندرو مارشال: وسط الأمواج العاتية والأمطار الغزيرة كانت الناقلة العملاقة كاساجيسان تبحر عبر مضيق ملقة في فبراير حين أحاطت بها فجأة ستة قوارب صغيرة.. فتح أفراد طاقم السفينة التي كانت في طريقها من السعودية إلى اليابان محملة بشحنة نفط خراطيم مياه الحريق ووجهوها نحو قوارب القراصنة وأطلقت السفينة صافرات إنذار وبدأت مناورات للهروب من القراصنة. ونتيجة استمرار الأحوال الجوية السيئة تراجع القراصنة. وهذه المحاولة الفاشلة وهي واحدة من 71 حادثة قرصنة فعلية أو محاولة وقعت في أسيا وسجلها مراقبو السفن في الشهور التسعة الأولى من عام 2008 تظهر أن قراصنة الصومال ليسوا وحدهم من يجرؤون على تهديد اكبر الناقلات في العالم. ومضيق ملقة بين ماليزيا وسومطرة من أكثر طرق الملاحة ازدحاما في العالم وعبرته أكثر من 70 ألف سفينة في عام 2007 من بينها سفن تمد اليابان والصين بنحو 80 في المائة من احتياجاتها من الطاقة. وتزايدت خطورة عمليات القرصنة في المضيق لدرجة أن اللجنة المشتركة لتسعير أخطار الحرب التابعة لمؤسسة لويدز أضافت المنطقة لقائمة المناطق المهددة بحروب عام 2005 لترتفع رسوم التأمين على السفن التي تمر بالمنطقة ارتفاعا حادا. وساعدت جهود منسقة بذلتها ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة على حل مشكلة القرصنة وتراجع عدد الهجمات في السنوات التالية. ولكن مع مهاجمة عصابات صومالية سفنا أمام سواحل إفريقيا بلا رادع وتحقيقها مكاسب ضخمة ثمة تخوف من أن يحذو قراصنة آسيويون حذوهم سعيا لتحقيق ثروات مماثلة. ويقول نويل تشونج رئيس مركز الإبلاغ عن حوادث القرصنة بالمكتب الدولي للملاحة البحرية في كوالالمبور “أنا متأكد من أن كثيرين من المجرمين والعصابات الإجرامية في أسيا تراقب الأحداث في الصومال باهتمام كبير.” وتابع “يجنى قراصنة الصومال مبالغ طائلة ولا يواجهون خطرا يذكر. كلما قلت درجة الخطر التي ينطوى عليها الفعل وكان العائد ضخما تشجع المجرمون أكثر.” وتفيد البيانات التي جمعها مركز تبادل المعلومات التابع لاتفاقية التعاون الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح للسفن في أسيا بان القرصنة في المنطقة تشهد اتجاها نزوليا منذ عام 2003 . غير أن الهند وفيتنام والفلبين شهدت تناميا للهجمات هذا العام مقارنة بعام 2007 وشهدت الأشهر القليلة المنصرمة عدة هجمات حول مضيقي ملقة وسنغافورة وتستهدف بصفة أساسية سفن القطر التي تسحب سفن البضائع. وحتى الآن يفتقر القراصنة الأسيويون حول مضيق ملقة لقاعدة أمنة مثل بلدة إيل الصومالية. ويقول تشونج “توجد حكومات فعالة في أسيا... في الصومال يمكن لمن يخطف سفينة أن ينجو بفعلته. في أسيا.. أين ستذهب ؟ إذا خطفت سفينة ستلاحق ويلقى القبض عليك.”، ولكن هناك الكثير من الملاذات المحتملة للقراصنة. وشهدت جزر انامباس الاندونيسية النائية تناميا لنشاط القرصنة. وعلى مسافة ابعد إلى الشرق تتناثر في جزر جنوب الفلبين قواعد المتمردين المسلمين. وهذا يجعل من بحري سولو وسيليبيس نقطتي انطلاق لحوادث القرصنة تهدد مضيق ماكاسار بين سولاويزي وبورنيو وهو الطريق الذي تبحر فيه إعداد متزايدة من ناقلات الخام العملاقة مثل كاساجيسان وسفينة سيريوس ستار التي اختطفها قراصنة في الصومال الأسبوع الماضي. وما يقلق المحللين الأمنيين تحديدا أن تقرر جماعات متشددة مثل أبي سياف في جزيرتي جولو وباسيلان وجبهة مورو الإسلامية للتحرير في مينداناو التي سبق لها أن لجأت للقرصنة للمساهمة في تمويل عملياتها محاكاة الإستراتيجية الصومالية. وهناك سابقة بالفعل.. ففي عام 2000 احتجزت جماعة أبي سياف 21 شخصا من بينهم عدد كبير من السائحين الغربيين في غارة على منتجع سيبادان الماليزي. ودفع أكثر من عشرة ملايين دولار للإفراج عنهم. وبعد عام احتجز ثلاثة من الأمريكيين وأكثر من 12 شخصا من السياح الفلبينيين والعاملين في منتجع في هجوم بحري على بالأوان في الفلبين. وقتل أمريكيان واحتجز الرهائن الباقون مقابل فدية. والخطر الأخر أن يتحول القراصنة الأسيويون للإرهاب. ولعبت تقارير تفيد بان متشددين يستلهمون فكر تنظيم القاعدة يخططون لشن مزيد من الهجمات على حركة الملاحة العالمية بل ويفكرون في احتجاز سفينة كبيرة واستخدامها “كقنبلة عائمة” دورا في وضع مؤسسة لويدز مضيق ملقة ضمن المناطق المهددة بخطر حرب. وسحب المضيق من القائمة في عام 2006 ولكن تنامي عمليات القرصنة أو حدوث هجوم إرهابي يمكن أن يغير الوضع مرة أخرى. ويقول ايان ستوري من معهد دراسات جنوب شرق أسيا “حتى حادث قرصنة واحد في مضيقة ملقة من المرجح أن يرفع أسعار التأمين إلى السماء.” وأضاف “ساهم الضغط الدولي... وجهود دول المنطقة ومساندة قوى خارجية كثيرا في تحسين الأمن في المناطق البحرية في جنوب شرق أسيا... إلا أنه ما زالت هناك حاجة للقيام بالمزيد.”