فقدت اليمن يوم الاثنين قبل الماضي «2008/5/5م» في عدن علماً من أعلام التعليم الفني والمهني وهو الأستاذ القدير المهندس / فيصل محسن ثابت عميد كلية الهندسة (الأسبق) في جامعة عدن - عن عمر ناهز (63) عاماً بعد حياة حافلة بالعطاء في مجال التدريس الهندسي والتكنولوجي.ولد الفقيد / فيصل محسن ثابت في مدينة أورمبورة - عاصمة مستعمرة بورندي البلجيكية (سابقاً) من أسرة يمنية, فوالده من قبيلة مشائخ الوهط في لحج أما والدته فهي من أبناء حيفان - الأغابرة في تعز .. وكانت أسرته تعيش في المهجر .. ويعمل والده في شركة بلجيكية تجارية لتصدير البُن وجلود الحيوانات .. وكان والده ميسور الحال وفي بيئة من اليمنيين والعمانيين والهنود وأهل البلد الأصليين من قبائل التوتسي الأفريقية في وسط إفريقيا.وفي العام الخامس من عمر الفقيد توفيت أمه وعاش يتيماً تحت رعاية جدته وفي عام «1955م» قام أهله بترحيله من أورمبورة إلى اليمن ليكون في رعاية عمه في عدن الذي كان في وضع أفضل معيشياً وعلمياً .. وقد التحق الفقيد بمدرسة (القديس أنتوني الكاثولوكية) في التواهي التي درس فيها المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية ونجح في شهادة (جي سي إي) بتفوق .. وكان ذلك في فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني.ولذا لم يتمكن الفقيد من الحصول على منحة دراسية جامعية في الخارج, فعمل رئيساً لقسم الحسابات في الجيش البريطاني .. وبعد الاستقلال تمكن الاتحاد العام لنقابات العمال من الحصول على بعثات دراسية إلى الاتحاد السوفيتي (سابقاً) للطلبة الناجحين في شهادة الثانوية العامة .. وحصل الفقيد على منحة دراسية في جامعة الصداقة في موسكو .. وتوجه للدراسة في الهندسة الميكانيكية لمدة أربع سنوات .. ثم عاد إلى عدن وعمل مدرساً في المعهد الفني في المعلا.هكذا وبكل جدارة تدرج في السلم الوظيفي حتى شمل مختلف المجالات في التدريس الهندسي إلى أن وصل إلى تقلد منصب عميد المعهد الفني .. وساهم بجهوده الفاعلة في رفع مستوى المعهد الفني وفي تأسيس كلية الهندسة واحتوائها على جميع التخصصات.ورغم ما حققه الفقيد الغالي المهندس / فيصل محسن ثابت من نجاحات كبيرة في هذه الكلية التي قام بتأسيسها وتلك النجاحات التي توجت بتخرج الكثير من الطلاب الناجحين بتفوق في مجال الهندسة والذين أصبح معظمهم دكاترة في الهندسة ويعملون حالياً في كلية الهندسة في جامعة عدن وما زالوا يقدرون عالياً أستاذهم القدير الفقيد المهندس / فيصل محسن ثابت الذي وهب حياته لتدريسهم بكل أمانة وإخلاص, وتفانى كثيراً من أجل الارتقاء بحصيلتهم العلمية في المجالات الهندسية المختلفة .. ناهيك عن رعايته ودعمه المادي والمعنوي للطلاب الفقراء .. أقول بالرغم من ذلك ونتيجة لأنه لم يكن منتمياً لأي حزب سياسي طوال حياته, وكان نزيهاً وشجاعاً وصريحاً مع كافة القيادات والمسؤولين في الحزب آنذاك .. فقد واجه العديد من الصعوبات المتمثلة في التدخلات السياسية والتيارات المؤثرة التي ضايقته كثيراً في حياته العملية .. ما اضطر الفقيد إلى ترك المجال في كلية الهندسة للطامعين في المراكز والنفوذ السياسي.ولذا ترك الكلية وتوجه إلى العمل الحر في المقاولات والإنشاءات الفنية في مختلف الجهات الحكومية والخاصة حتى تأثرت صحته في الآونة الأخيرة وصبر على المرض والعلاج زمناً طويلاً حتى وافته المنية.لقد كان الفقيد العزيز المهندس / فيصل محسن ثابت أباً وإنساناً مثالياً .. نابغة في علوم الهندسة .. معروفاً بكفاءته العالية وخبرته النادرة التي نهل منها طلابه في كلية الهندسة وكذا ابنتاه فالأولى تخرجت طبيبة أسنان والثانية خريجة في مجال الحاسوب الآلي.كما يشهد كل من عرف الفقيد الغالي بأنه كان يزرع الحب للناس ويتمنى لهم كل الخير والسعادة .. فكان هادئاً دوماً في كل الظروف العصيبة .. لا ينزعج .. ولا يزعج أحداً .. راضياً بما كتبه وقدره الله جل شأنه له في هذه الدنيا الفانية .. لذا دخل قلوب الناس بدون استئذان.وأخيراً ندعو الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهمنا وأهله وذويه الصبر والسلوان.(إنا لله وإنا إليه راجعون).
رحيل المهندس فيصل محسن ثابت
أخبار متعلقة