الإعلام الرسمي وآليات التصدي للإشاعات
احمد الديلمي :نظراً لأهمية الشأن الاقتصادي بالذات مايتصل منه بالجوانب التموينية ممثلة في التسويق والمخزون السلعي واستقرار الأسعار لارتباطها مباشرة بحياة المواطن وهمومه المعيشية اليومية من منطلق أن ذلك يعني النأي بهذا الأمر عن الدوافع الإنسانية والأهواء الضيقة أو منظور الاستغلال السياسي بمضمونه اللا إنساني لأنه سيبيح استغلال الاحتياجات الأساسية للمواطن وجعلها مطية للمناكفة والمكايدة وبما يشكله من صورة بشعة تجعل المتاجرة بالعواطف واستغلال لقمة العيش من الأعمال المشروعة طالما أنها ستخدم رغبة ذاتية وكلها سلوكيات مرفوضة تتعارض مع منهج العقيدة وتخالف مضمون التعددية السياسية وضمان حرية التعبير، الى جانب أنها تتناقض مع والثوابت الوطنية باعتبارها مرجعية ثابتة وإطار منظم للعلاقة وبالتالي تكون مطية للاستغلال والتوظيف الانتهازي الذي يسيئ الى النهج الديمقراطي ويلحق الضرر الفادح بالوطن والمواطن خاصة تلك الخطابات التي تمني المواطن بمعالجات وهمية.فأيا كانت طبيعة الخلافات ومهما تعددت الاجتهادات في ظل الديمقراطية فان ذلك لا يبيح المتاجرة بالعواطف وتجاوز الثوابت الوطنية ولاتخطى السقوف الدستورية والضوابط القانونية.ومن المؤكد ان السكوت والتغاضي عن مثل هذه الممارسة يعني ترك العنان أمامها للتلاعب بعواطف المواطن مما يعمق الخطأ ويظهرها لدى المواطن المتلقي باعتبارها مسلمات وحقائق راسخة بالذات عندما تنساق الى نفس المنحدر بعض الوسائل الإعلامية الرسمية باعتبار إنها أكثر اتساع وتستمد مشروعية الحضور وقوة التأثير من المضمون السيادي للوطن والحكومة كونها الواجهة ومحتوى الخطاب.ومن ذلك تتضح أهمية الدور المعمول على الأعلام الرسمي بكل حقوله ومعاني الجدية التي يجب أن يتسم بها أداؤه لمواجهة أفساد مثل هذه الظواهر السلبية.وهو أمر هام يتطلب من الجميع ادارك خطورة المهمة وماتتسم به من حساسية تستدعي من جميع العاملين في حقل الإعلام الوطني التحلي بالوعي والمسؤولية والإسهام المباشر في الارتقاء بالإعلام الوطني بتعزيز دوره ورفع كفاءة الخطاب لإكسابه الفاعلية وقوة التأثير للتحول بالخطاب من موقع الدفاع وتنفيذ الأكاذيب التي يروجها الآخرون الى مرحلة المبادرة والتفاعل الجاد مع كل قضية على حدة.وذلك يعني التزام المصداقية والمكاشفة بالحقائق وفتح المجال أمام الحوارات الايجابية والبناءة وترسيخ مرتكزات الرسالة الجوهرية لثقافة التنوع والتعدد للإسهام في توضيح الحقائق وخدمة المصالح الوطنية العليا والتعامل الخلاق مع هذه القضايا المتصلة بحياة المواطن وتوفير احتياجاته المعيشية واضعين في الاعتبار حساسية المهمة وما تنطوي عليه من خطورة بالغة كونها محور اهتمام كل مواطن ومن خلالها تتحدد القناعات وترتسم مشاعر الولاء وطبيعة الانتماء ولا تعني رفض النقد وإخفاء الحقائق، لكن التوجه الذي ننشده ونتطلع إليه هو الالتزام بثوابت تلقي المعلومة من مواضعها الصحيحة والحرص على نقلها للمواطن كما هي دون الحاجة إلى إضافة التوابل الانتهازية التي تتعمد الإثارة والتضخيم واستغلال ابسط حركة باتجاه التوظيف السياسي بكافة الأساليب التي تعتمد التهويل وإعطاء الأمور اهتماماً اكثر مما تستحقه بقصد تهييج الشارع وإلهاب حماس الجماهير ضد الحكومة ووضعها في دائرة الاستهداف والتشكيك في كافة الجهود التي تبذلها باتجاه تحسين مستويات الحياة وضمان توفير الاحتياجات المعيشية واستقرار أسعارها.ومع قناعاتنا بوجود أشخاص في المعارضة تغلب عليهم الجهالة وضيق الأفق او تدفعها الأنانية الى التعامل مع المعومة باسلوب سيء طابعه الاستغلال والكيد السياسي.إلا إننا نعول كثيراً على الإعلام الرسمي في نقد السلبيات والتصدي للاختلالات حيثما وجدت بحيث يصبح الإعلام الوطني عين الحكومة في المواضيع التي تظهر فيها قصور آليات الرقابة والتعامل مع أوضاع السوق والتقلبات السعرية بصورة متوازية وشفافة تتطرق الى ماتشهده السوق العالمية من منغصات واهتزازات وتأثيرها على السوق المحلية والكشف عن اندفاع البعض الى استغلال هذه الظواهر السلبية والإقدام على رفع الأسعار باساليب عشوائية وغير مبررة.ومع إننا ندرك إنكم تقدرون جيداً ظروف التعامل مع مثل هذه القضايا إلا إننا نرجو ان يرتفع الاهتمام بهذه الجوانب الى مستوى المسؤولية الوطنية بالذات في الظروف الراهنة الحافلة بالمتغيرات المفاجئة نتيجة اضطراب أسعار بعض السلع في السوق العالمية بسبب قلة الإنتاج وتدني العرض مقابل زيادة الطلب.وحتى لا تظل العملية عرضة للإثارة والاستغلال بطرق ملتوية ونوايا مبيته فإننا نأمل ان نتفق جميعاً على الخطوط العريضة للخطاب الكفيل بتأكيد المصداقية وإعادة بناء ثقة المواطن ومحو آثار الأفكار الأخرى التي علقت بذهنه عن مصداقية الإعلام الرسمي وأداء الحكومة.في هذا الجانب يجب التعامل مع الحقائق بموضوعية وعكسها إلى المواطن المتلقي بكل أمانه ومسؤولية ليكون في الصورة عن كل مايجري والجهود الكبيرة التي تبذل للتخفيف من حدة الآثار السلبية للتقلبات العالمية على السوق المحلية حتى لايظل رهناُ للوقوع في شرط الإشاعات والتسريبات والأخبار المغرضة والمشبوهة، وهذا الأمر يتوقف على طبيعة الخطاب ومدة اسهامة في رفع كفاءة الاستيعاب لدى المواطن ومدع بالمعايير التي تمكنه من التمييز وقراءة مابين السطور لمعرفة الغث من السمين.وحتى يظل الإعلام الرسمي في مستوى الثقة والمصداقية فإننا على استعداد لتزويد الجميع بالحقائق والمعلومات والأرقام اولاً بأول حتى الايتعارض الطرح مع المعلومات والحقائق التي في متناول المواطن وبالتالي فان الحديث عن أي اضطرابات او اختلالات سعريه يجب ان يأخذ في الاعتبار مايلي:-1- الأوضاع في السوق العالمية وتداعياتها السلبية على السوق المحلية2- الجهود التي تبذلها الحكومة باتجاه التخفيف من حدة الآثار السلبية الناتجة عن تلك التقلبات على الشرائح الاجتماعية في المستويات الدنيا من ذوي الدخل المحدود.3- التنويه بالمعالجات ذات الإبعاد الإستراتيجية وآفاق المستقبلية ممثلة في:أ - استمرار الرقابة على الأسواق وتطويق الاختلالات كلما مست أي سلعة بمعرفة الأسباب وتقدير الإبعاد لتكون التأثيرات على السوق المحلية معقولة وفي الحدود الدنيا من خلال ضبط حركة السوق عبر آليات عملية تتفادى الظروف الاستثنائية والحالات الطارئة.ب - وضع الخطط الهادفة الى تامين احتياجات السوق من خلال تحديد اتجاهات الخارطة الاستهلاكية للأسر اليمنية والعمل على توفير فائض ومخزن استراتيجي لضمان استقرار الأسعار وتفادي الظروف الطارئة التي تفرض نفسها بفعل التداعيات الخارجية.ج - العمل على تفكيك الروابط الاحتكارية التي تجعل مجموعة من التجار يستأثرون باستيراد سلعة والتحكم في احتكارها التزاماً بحرية التجارة ونظام آلية السوق التي تفترض تحويل الأسواق الى ساحات للتنافس لضمان تعدد او تنوع الأصناف المعروضة من كل سلعة ومصادر استيرادها بما يجعل الخيارات مفتوحة أمام المستهلك لاختيار السعلة التي تناسب قدرته الشرائية.د - التصدي لكل مظاهر الاحتكار والغش والتدليس ونقص الجودة والتلاعب بالمواصفات والموازين والمقاييس.هـ - التذكير بالدعوة التي وجهها فخامة الأخ / الرئيس لحشد الجهود والطاقات وتسخير الإمكانيات باتجاه التوسع في إنتاج الحبوب محلياً للإسهام في توفير الاحتياجات بالذات من مادة القمح كمادة إستراتيجية تتحكم الدول والظروف المناخية في تسويقها وتحددى أسعارها.في ضوء الثوابت السابقة يمكن للخطاب ان يشكل رداً مباشراً ومقنعاً على كافة التخرصات ويدفع كل مواطن الى فهم خلفية الأزمات كلما حدثت والقيام بالدور المعمول عليه بشكل طبيعية.في الأخير هذه مؤشرات يمكن الاسترشاد بها والاستدلال على مقتضيات التصدي لكل مايروج من إشاعات قد لايرى فيها البعض إضافة لما تختزنه ذاكرته من معلومات تخصص التحولات الاقتصادية بأفقها المحلية وإبعادها الدولية لكننا نعتبرها مجرد وسيلة للتذكير والتحفيز فقط وقناعتنا راسخة ان أهل مكة اخبر بشعابها وإنكم جميعاً تعرفون طبيعة المرحلة وهذا وحده كفيل بتفعيل الجهود وحشد الطاقات وتوضيح الحقائق لخدمة المصالح العليا للوطن.