بعد نجاح إسرائيل في كسب ودّ النمور الأسيوية:
في الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل في تعميق علاقتها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الصين والهند بإعتبارهما دولتين صاعدتين وسوف يصبح لها ثقل أكثر على صعيد العلاقات الدولية، إذ من المنتظر أن تقود الصين العالم خلال عقدين من الزمن ·· يكتشف المراقب للأحداث أن العلاقات العربية تجاه هاتين الدولتين ليست على الدرجة المطلوبة ، حيث يتزايد الإهتمام العربي بالدول الغربية على حساب اهتمامها بالنمور الأسيوية ·· هذا التراجع في الآداء يظهر جليـًا من خلال موافقة الصين في مجلس الأمن على سياسات أمريكية لم نتوقع قبولها من الصين ولم تستخدم حق الفيتو·· فهل نطمع في تعاون عربي - هندي - صيني على مستوى عادل يخدم القضايا العربية ، خاصة مع التقارب في العادات والأخلاق بين هذه المجتمعات والمجتمعات العربية؟!القاهرة/14اكتوبر/ محمود يونس:يقول د· مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب" البرلمان" المصري : العلاقات العربية مع دول الشرق سواء الصين أو الهند أو اليابان تتراجع بشكل مؤسف، في المقابل فإن علاقات تلك الدول تزداد عمقاً مع إسرائيل وهذه الدول بعد أن كانت المدافع الأول عن الحقوق العربية في العالم بدأت تأخذ مواقفها إتجاهـًا مغايرًا لذلك ، ونجحت إسرائيل من خلال دبلوماسيتها النشطة في تقوية هذه العلاقات سواء في الجانب الإقتصادي أو السياسي أو العسكري·ويضيف: التحولات السياسية في اتجاهات هذه الدول تظهر بشكل واضح في مواقفهم بمجلس الأمن حيث نجد أن الصين وافقت علي سياسات أمريكية لم نتوقع أبدًا قبولها من الجانب الصيني ، وتوقعنا كثيرًا استخدام الصين لحق الفيتو في مواقف كما تعودنا سابقـًا ولكن ذلك لم يحدث، وذلك يعود إلى الكسل العربي وعدم وعينا بأهمية الأدوار التي تقوم بها هذه الدول·وكذلك بسبب توجهنا وانشغالنا بالأوضاع المتوترة في منطقة الشرق الأوسط، مما جعلنا لا نعطي أهمية لعلاقتنا مع دول الشرق ، وذلك بالرغم من يقيننا بأهمية الأدوار الدولية لهذه الدولة، خاصة في ظل التقدم والتحديث المستمر الذي شهدته·ويؤكد أنه من العجيب أن لا يزور رئيس مصري دولة مثل الهند منذ سنة 1983، وعلينا أن نتخلى عن رؤيتنا بأن التقدم لا يأتي إلا من الغرب ،حيث أن التجربة الأسيوية سواء الهندية أو الصينية هي الأقرب إلينا من التجارب والنماذج الغربية سواء على مستوي الظروف الإقتصادية أو الجغرافية أو البشرية ، حيث أن طبيعة الناس أقرب كثيرًا·ويوضح أن الصين تسير نحو قيادة العالم رغم نفيها بأن يكون هدفها هو قيادة العالم ، والصين قوة إقتصادية ضخمة، وحققت أعلي معدلات النمو وأقل معدلات التضخم في العالم، وغزت السلع الصينية جميع أنحاء العالم بما فيها الولايات المتحدة ، ولذلك فنحن أمام قوة إقتصادية عالمية لو توافرت لها الإرادة لاستطاعت قيادة العالم خلال فترة وجيزة ·والهند كذلك قوة اقتصادية ونووية وعسكرية كبرى وعلينا أن نحتذي بهذه التجارب ، والصين بثقلها الاقتصادي والهند بثقلها العسكري واليابان بثقلها الصناعي يمكن أن يؤدوا لإنقلاب في موازين القوي بالعالم ، ولكن مشكلتنا الأساسية تكمن في أننا في حضن أوروبا وقريبين منها جغرافيـًا ولذلك فنحن نستسهل الأمور وننقل منهم دون أي وعي وتحولنا إلي أكبر مستهلكين في العالم·[c1]أدوار متصاعدة[/c]ويؤكد د· حسن أبو طالب نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية على أن هناك أدوار متصاعدة لدول الشرق الصين والهند واليابان في السياسة الدولية والإقتصاد العالمي بما يؤثر على مستقبل العلاقات الدولية ، ويتحدث الجميع عن أن الصين ستكون القوة الأولى في العالم إقتصاديـًا خلال عقدين من الزمن، ومن يملك القوة الإقتصادية يلعب الدور السياسي الأكبر·ويشير إلى أن الصين يخفون نواياهم حول قيادتهم للعالم ولا يريدون الإفصاح عن ذلك في الوقت الحالي، لأن ذلك لا يندرج ضمن أولوياتهم في الفترة الحالية بحيث يركزون على تقوية الداخل واستكمال النهضة الاقتصادية والتنمية الداخلية حتي تستطيع التوجه خارجيـًا، ولذلك علينا النظر إلى ما سوف تكون عليه الصين في السنوات القادمة ونعمل علي تعميق علاقاتنا مع هذه الدول حتى لا تفوتنا الفرصة كما يحدث دائمـًا·أما الهند فلها توجهات سياسية في العالم ولها تجربة مختلفة عن الصين سواء من الناحية الديمقراطية أو الصناعية أو الإقتصادية، ولدينا علاقات تاريخية قوية مع تلك الدولتين ولابد من تعميقها وإثرائها لما يعود على الطرفين، حيث أن التعاون المشترك مع هذه الدول سيكون له إنعكاس وتأثيره علي التوازنات الدولية ، ولكن لابد من تحديد أهدافنا وكيفية الوصول إليها ، حيث طالما كانت لدينا الأفكار والطموحات ولكن لا نوفق في تنفيذها أو استكمالها·ويؤكد أن هناك إتفاقاً في بعض الرؤي السياسية لهذه الدول ومنها حتمية تعدد الأقطاب في العالم للإفلات والمناورة من ضغوط العالم ذو القطر الواحد ·· مشيرًا إلي أن ذلك هو أحد الأسس السياسية الصينية والهندية المعلنة·ويضيف: أن السياسة المصرية تبدو مترددة في رؤيتها حول تعدد القطبية وذلك ينعكس علي علاقاتها بهذه الدول، ولكننا مطالبون بفتح أبواب التعاون المختلفة سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية مع هذه الدول للحد من ظاهرة الأمركة·[c1]مركزا لحضارة[/c]وأشار د· سيد عليوة أستاذ العلوم السياسية إلى أن مركز الحضارة العالمي يتجه الأن إلي أسيا بعالمها الجديد الذي يوفر التكنولوجيا والمعلومات ويجمع بين المعاصرة والأصالة حيث تمثل الهند أكبر نموذج للديمقراطية في العالم ، وذلك بتعداد سكانها الكبير وتعدد العرقيات والثقافات، والهند تقدم تنمية متميزة في قطاعات مختلفة مثل تجربة الصناعات الصغيرة والقوة النووية وتكنولوجيا Soft Ware وذلك رغم ظروفها الاقتصادية، أما التجربة الصينية صاحبة أكبر إحتياطي نقدي في العالم والمركزية التي تعتمد علي السوق الإشتراكي الاجتماعي في صور جديدة ، هذه الدول قطعت أشواطـًا طويلة نحو المستقبل والقيود التي كانت تعاني منها التنمية في تلك الدول شبيهة بالقيود التي نعاني منها الآن، ولابد من إيجاد إطار لتفاهم حقيقي مع هذه الدول واستخلاص قواعد التعامل الواعية لكل ما يحدث حولنا·ويؤكد علي أن إسرائيل قطعت شوطـًا كبيرًا في علاقاتها مع تلك الدول سواء علي المستوي السياسي والإقتصادي والعسكري وذلك علي حساب علاقتنا بذه الدول، والتي كانت تعرف دائمـًا بمساندتها للقضايا العربية وربما يكون إهمالنا وتخاذلنا عن أداء دورنا قد أساء لعلاقتنا التاريخية بالصين والهند·[c1]حركات التحرر[/c]وأشار فتحي عبد الفتاح الكاتب السياسي إلي أن هناك تطابقاً جغرافياً وتاريخياً لدى هذه الدول ومصر، حيث أن هذه المجتمعات نهرية أتسمت بالاعتماد على الزراعة والاستقرار في تاريخها القديم، وكانت هناك القري الصغيرة والتي تتشابه بنسبة %99 مع القرية والفلاح المصري ، إلا أن هذه القرى صارت وحدات إنتاجية كبيرة، كما أن هذه الدول شهدت ظهور حركات التحرر الوطني تأثرًا لما كان يحدث في المنطقة ويظهر ذلك من خلال تجربة حزب المؤتمر الهندي وزعيمه نهرو، والذي كان يتخذ من حزب الوفد في مصر كنموذج يريد تطبيقه في الهند·ويضيف: أن الصين صارت قوة إقتصادية وسياسية لا يستهان بها في فترة وجيزة من الزمن رغم ظروفها الإقتصادية ، واستطاعت تلك الدول الإنتقال إلي العالم المتقدم من خلال إرادتهم وفي نفس الوقت حافظوا علًى شخصيتهم القومية والثقافية·· مشيراً إلى أنه رغم التقارب الجغرافي والتاريخي بيننا وبين هذه الدول إلا أن المسألة لم تؤدي إلي شيء وفشلنا في الإحتذاء بهم·[c1]استراتيجية طويلة المدي[/c]ويشير د· وليد عبد الناصر مدير معهد الدراسات الدبلوماسية إلي أن إسرائيل نجحت من خلال استراتيجية طويلة المدي إلي تعميق علاقاتها مع الهند والصين ، حيث حافظت إسرائيل علي وجود إتصال مع هذه الدول حتي في ظل أضعف العلاقات الدبلوماسية واستطاعت بناء علاقات قوية مع كودار مختلفة في هاتين الدولتين ، ولكن ما زالت الدولتين تؤيد الحق الفلسطيني رغم المصالح الثنائية التي طرأت بينهما وبين إسرائيل·ويضيف: أن الصين حققت أعلي معدلات النمو في العالم ونجحت في توظيف علاقاتها السياسية لفتح أسواق جديدة لمنتجاتها مما عاد بالنفع على إقتصادها الوطني ، ولابد من تقوية علاقاتنا بهاتين الدولتين خاصة أنهم فاعلون في تجمعات إقليمية بعينها بما يعني أنهم بابنا للدخول في هذه التجمعات·ويشدد علي ضرورة الإستفادة من التجربة الصناعية في الهند وخاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النووية والتكنولوجيا الملائمة، مشيرًا إلي أن التقارب مع الشرق لا يعني الابتعاد عن باقي دول العالم حيث أن الدبلوماسية الحديثة تتطلب تحسين وتعزيز علاقتنا بجميع الدوائر السياسية في العالم بحيث لا يكون التقارب مع دائرة علي حساب دائرة أخرى·