رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مع نائب الرئيس الامريكي
بغداد/14 أكتوبر/رويترز: قام ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي ومهندس الغزو الذي قادته أمريكا للعراق بزيارة لم يعلن عنها من قبل للعاصمة بغداد أمس الاثنين لتقييم التقدم الذي حققته القوات الإضافية الأمريكية في العراق قبل أيام معدودة من ذكرى مرور خمسة أعوام على حرب العراق. ويزور تشيني العراق في الوقت الذي يجري فيه المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية جون مكين- الذي وصل إلى بغداد أمس الأول الأحد لتقييم مدى نجاح إستراتيجية زيادة القوات الأمريكية التي أيدها بقوة - محادثات مع مسئولين بالقيادة العراقية ومسئولين أمريكيين. ومثل مكين يزور تشيني العراق في بداية جولة في الشرق الأوسط يزور خلالها أيضا السعودية وإسرائيل والضفة الغربية وتركيا وسلطنة عمان في جولة تستمر تسعة أيام. ويزور مكين العراق بوصفه عضوا في بعثة تقصي حقائق تتبع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي. وسيزور مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجري في نوفمبر وحليفاه في مجلس الشيوخ جو ليبرمان ولينزي جراهام في إطار هذه الجولة أيضا إسرائيل وبريطانيا وفرنسا. وكان تشيني ومكين من أشد مؤيدي زيادة القوات الأمريكية في العراق التي ساعدت على إبعاد شبح الحرب الأهلية بين الأغلبية الشيعية التي تهيمن على حكومة العراق الآن والأقلية السنية التي كانت مهيمنة وقت الرئيس الراحل صدام حسين. وقال مسئول كبير في الإدارة الأمريكية انه بعد محادثات تشيني وكل من بتريوس والسفير الأمريكي في العراق رايان كروكر يجتمع نائب الرئيس الأمريكي مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي والرئيس العراقي جلال الطالباني وزعماء عراقيين آخرين لمناقشة القضايا الأمنية والسياسية. وقال تشيني بعد اجتماعه مع المالكي «المهم على وجه الخصوص التمكن من العودة هذا الأسبوع للاحتفال بالذكرى الخامسة لبدء الحملة التي حررت شعب العراق من طغيان صدام حسين». كما ناقش تشيني والمالكي علاقات بغداد وواشنطن المستقبلية بعد انتهاء التفويض الحالي الذي أعطته الأمم المتحدة للولايات المتحدة في نهاية عام 2008 . وتشمل المفاوضات حول الاتفاق الجديد بقاء قوات أمريكية في العراق. وقال المالكي بعد اجتماعه مع تشيني من خلال مترجم ان هذه الزيارة مهمة لأنها تأتي في وقت حدث فيه تقدم كبير في العراق. ومازال العنف يشكل تهديدا يوميا رغم المكاسب الأمنية. وقالت الشرطة العراقية ان قنابل مزروعة في الطريق وحافلة صغيرة ملغومة أوقعت أربعة قتلى من بينهم رجل شرطة وجرحت 13 آخرين في أربع هجمات في مناطق متفرقة من بغداد. وذكرت الشرطة ان لا تشيني ولا مكين كانا في المنطقة حينها. ووصل تشيني الى العراق وسط تصاعد في أعمال العنف منذ يناير بما في ذلك عدد التفجيرات الانتحارية التي يلقي الجيش الأمريكي باللائمة فيها على تنظيم القاعدة. لكن قادة عسكريين يقولون ان هذا لا يمثل اتجاها وان الهجمات في العراق انخفضت بشكل فعلي بنسبة 60 في المائة منذ منتصف العام الماضي. وحذر تشيني - وكان من المؤيدين بقوة لإرسال 30 ألف جندي أمريكي إضافي إلى العراق العام الماضي - المنتقدين من ان أي انسحاب أمريكي قبل أوانه سيؤدي إلى فوضى ومزيد من إراقة الدماء. وزار تشيني العراق آخر مرة في مايو عام 2007 قبل شهر من استكمال القوة الإضافية وقوامها 30 ألفا. وانخفضت أعمال العنف في العراق بعد استكمال نشر هذه القوة في إطار إستراتيجية جديدة شملت نقل الجنود من القواعد الكبرى ووضعهم في مواقع قتالية أصغر. وصرح مسئول كبير في الإدارة الأمريكية قبل رحلة تشيني بأن زعماء الشرق الأوسط مهتمون بالمقارنة التي سيعقدها نائب الرئيس الأمريكي بين زيارته السابقة قبل نحو عام وتقييمه للوضع الحالي في العراق. وقال المسئول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «مازال هناك الكثير من العمل لكني اعتقد ان بوسعه ان يقول إننا نسير على المسار الصحيح.، «لا اعتقد انه سيخجل إذا قال ان هناك تقدم قد تحقق ويقول لكل من بوسعه بذل المزيد انه حان الوقت الآن لبذل المزيد.» وأرجع تراجع العنف في العراق أيضا إلى وحدات مجالس الصحة التي شكلها زعماء سنة انقلبوا على تنظيم القاعدة ولوقف إطلاق النار الذي ألزم به الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قوات جيش المهدي التابعة له. ويربط المسئولون الأمريكيون بين النجاح الذي تحققه القوات الإضافية وبين سحب القوات الأمريكية من العراق وهي قضية هامة في انتخابات الرئاسة الأمريكية. ومن المقرر ان ينخفض عدد القوات الأمريكية بحلول يوليو تموز القادم إلى 140 ألفا بدلا من 160 ألفا. ومن المقرر ان يتلقى الرئيس الأمريكي جورج بوش تقريرا من بتريوس وكروكر ليقرر ما إذا كانت الإستراتيجية الأمريكية في العراق بحاجة إلى أي تعديل. وتعهد كل من السناتور باراك اوباما والسناتور هيلاري كلينتون اللذين يتنافسان للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة بالبدء في سحب القوات الأمريكية عام 2009 في حالة وصول اي منهما إلى البيت الأبيض. ومن القضايا التي سيناقشها نائب الرئيس الأمريكي في العراق قانون لتقسيم الثروة النفطية والذي تعتبره واشنطن من الأهداف المطلوبة للتوفيق بين الشيعة والسنة. وحثت واشنطن حكومة المالكي الشيعية على استغلال المكاسب الأمنية لتحقيق تقدم على الجبهة السياسية. ومن ناحية أخرى يرى محللون أن زيارة مكين هي فرصة لإظهار درايته بالسياسية الخارجية والشؤون العسكرية في الوقت الذي تخوض فيه كلينتون وأوباما منافسة شرسة لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات. ورغم أنه أقر بأن زعماء مثل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد يجدان في هذه الرحلة فرصة لتقييمه كرئيس محتمل فقد قال مكين إنه لا يقوم بهذه الجولة بصفته مرشحا. وهذه هي الزيارة الثامنة له للعراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في مارس عام 2003. وأيد مكين وهو طيار سابق في سلاح البحرية أسر في حرب فيتنام غزو العراق لكنه انتقد بشكل صريح الكيفية التي تدار بها الحرب قبل بدء نشر 30 ألف جندي إضافي العام الماضي في إطار الإستراتيجية الجديدة. وقال مكين في إشارة إلى زيادة القوات لجنود أمريكيين في الموصل في شمال العراق «أنا سعيد بالقول بان الأمريكيين هم أكثر تفهما لنجاح إستراتيجية زيادة القوات.»، ومن غير المتوقع ان يلتقي تشيني ومكين خلال وجودهما في العراق. وأجرى مكين منذ وصوله الى العراق يوم الأحد محادثات مع المالكي وزعماء آخرين. وبالإضافة إلى الموصل التي يعتبرها القادة الأمريكيون المعقل الأخير للقاعدة في الحضر تفقد مكين حديثة في محافظة الانبار الغربية والتي كانت يوما من أخطر المحافظات العراقية. وأظهرت لقطات تلفزيونية مكين وقد أحاط به جنود أمريكيون وهو يشتري مشروبا غازيا من سوق في حديثة.