المتاحف الجيولوجية .. ترويج مستمر وعرض متجدد لثروات اليمن الطبيعية
صنعاء / سبأ :تشهد اليمن خلال الفترة القادمة إنشاء أكبر متحف جيولوجي على مستوى الوطن العربي؛ يوثق لتاريخ نشأة الكون، ويوفر لليمن صرحا علميا ومراصد فلكية يستفيد منها الباحثون والمطلعون، ويروج لفرص استثمار ثروات اليمن المعدنية والطبيعية، إلى جانب ما أفرزه نشاط هيئة المساحة الجيولوجية من متاحف علمية متخصصة في عدد من مدن المحافظات.وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) حاولت من خلال التحقيق التالي استجلاء الصورة من كل جوانبها أكدت نتائج المسوحات الجيولوجية أن الطبيعة اليمنية بما تحويه من خيرات مطمورة في باطنها ما تزال بكرا لم تستغل خيراتها رغم تقدم تقنية وسائل استخراج تلك الثروات لعدة أسباب منها تواضع أساليب وسائل الترويج في تعريف المستثمر بالمجالات المتوفرة للاستثمار المجدي في مجال الثروة المعدنية، مما حدا بالهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية إلى الشروع في إنشاء متاحف جيولوجية متخصصة في عدد من المدن لتعزيز دور وسائل الترويج المتوفرة، والإسهام في نشر الوعي المعرفي والثقافي للمواطن والزائر الوافد بما يتوافر لليمن من خيرات الطبيعية وما يحفل به تاريخها من رصيد عريق في مجال التعدين.وذكر د. إسماعيل الجند، رئيس الهيئة، لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن هذه التجربة جاءت بمبادرة وجهد ذاتي من الهيئة انطلقت فيها من المجال الجيولوجي الذي يمثل اختصاص الهيئة إلى مجالات أخرى.وقد أثمر نشاط الهيئة في هذا المجال وعلى مدى سبع سنوات عن إقامة ثلاثة متاحف، بالإضافة إلى المتاحف التي يجرى العمل في إنشائها ويوضح الأخ أحمد رشيد عبدالمجيد، مدير عام التخطيط بالهيئة، أن الهيئة سعت منذ العام 1999م إلى إنشاء متاحف جيولوجية كان أولها متحف أمانة العاصمة أنشأته الهيئة، بتمويل وجهود ذاتية في مقرها من خلال تجميع عينات الاستكشافات التي جرت في عدد من محافظات الجمهورية، وعلى مدى سنوات تراكمت لديها المزيد من العينات وأخذت الهيئة في إنشاء المتاحف .. مشيرا إلى انه بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والمجلس المحلى بمحافظة لحج تم تأسيس متحف لحج، كما تم إنشاء متحف في مدينة مأرب بالتعاون مع الغرفة التجارية بالمحافظة، ويتم الآن العمل على إنشاء متاحف في محافظتي تعز وذمار. كما أن التجربة شهدت تجاوب وتعاون الجهات ذات العلاقة مع توجهات وأنشطة الهيئة.وأكد د. محمد حزام العوا، مستشار علوم الأرض بمنظمة اليونسكو في اليمن، أن منظمة اليونسكو متفاعلة مع هذا الموضوع، ولها تواصل مع الهيئة عبر اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في اليمن لدعم هذه المتاحف وقد أسهمت المنظمة في دعم المتاحف التي بدأتها هيئة المساحة الجيولوجية من خلال ما ساهمت به في متحف مأرب.. إضافة إلى ما تحقق تعكف الهيئة على العمل في تنفيذ مشروع استراتيجي ترعاه منظمة اليونسكو يهدف التعريف باليمن على المستوى العالمي يتمثل في إنشاء متحف علوم الأرض الذي وصفه مستشار علوم الأرض لمنظمة اليونسكو في اليمن الجهة الراعية للمشروع انه ربما يكون اكبر المتاحف الموجودة في الوطن العربي. وأوضح م. عبدالعزيز محمد سالم، مدير المشروع، ان المتحف حائز على عضوية تجمع العلوم والتكنولوجيا الدولي ويوفر لليمن نقلة نوعية وانجازا في مجال العلوم الطبيعية والتكنولوجيا حيث يتألف من 14 جناحا تشمل جميع أقسام العلوم ومسرحا لعلوم الفضاء تضم قبة فلكية مزودة بوسائل رصد حركة الأجرام والكواكب السماوية من تلسكوبات فضائية وغيرها، إضافة إلى ما سيلعبه من دور في عرض تاريخ نشأة الأرض ودورة حياة الكائنات على ظهرها والنوع البشرى منذ بدء الخلق.تشترك في تنفيذ المشروع البالغة تكلفته أكثر من 36 مليون دولار كل من وزارة النفط والمعادن ممثلة بالهيئة ووزارة التعليم العالي وجامعة صنعاء، وقد قدمت الأخيرة قطعة ارض مساحتها 15 ألف متر مربع لإقامة المتحف عليها.وتعول الهيئة بحسب د. إسماعيل الجند، الحصول على المبالغ المالية اللازمة للتنفيذ على شكل إعانات ومساعدات عينية من الدول الأوروبية المانحة من خلال تبنيها مبادرات تكفل تجهيز وإعداد أجنحة المتحف. فيما أكد د. محمد العوا بان منظمة اليونسكو، وهى منظمة غير مانحة، ستعرض مشروع متحف العلوم بشكل علمي صحيح ودقيق أمام المانحين والمنظمات المانحة في العاشر من نوفمبر القادم في باريس للحصول على الدعم المطلوب لإقامته لما يمثله من أهمية وفائدة للفرد والمجتمع اليمني، والإنسان بشكل عام.وأضاف د. العواء أن المنظمة ستواصل المساهمة في بناء قدرات الكوادر العلمية اليمنية التي تعمل في هذا المجال، بالإضافة إلى إقامة دورات تدريبية وأنشطة علمية من ورش عمل ومؤتمرات لتعزيز وتقوية مجال علوم الجيولوجيا في اليمن.يشار إلى إن المتاحف باتت تكتسب أهمية كبيرة في الترويج للسياحة الجيولوجية وتعميم الثقافة في هذا المجال على كافة شرائح المجتمع، وتعريفهم بتاريخ التعدين في اليمن واقتفاء آثار المناجم والأدوات المستخدمة والصناعات التقليدية المعتمدة على الخامات المحلية وتوثيقها من خلال العرض، إضافة إلى ما تقوم به من ترويج فرص الاستثمار في مجال التعدين والثروة الطبيعية من خلال ما حرص الهيئة على تعريف زائريها من مستثمرين ورجال أعمال عرب وأجانب بالمتحف محتوياته.ويشير الأخ أمين احمد عبدالله، مدير عام المعلومات بالهيئة - مدير متحف صنعاء، إلى أن المتاحف تضم معروضات تاريخية توضح أساليب ووسائل التعدين القديم الذي عرفته اليمن ونماذج الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها في مجال صناعة التعدين، وعينات معدنية وبقايا مخلفات الأفران وأدوات استعملها قدماء اليمنيون خلال عمليات التعدين القديمة التي قاموا بها كالمساحق المطاحن، التي استخدمت لتكسير وطحن الخامات الحاوية للذهب وعينات صخرية من مكونات مناجم يمنية قديمة.ولفت إلى المعروضات التاريخية النموذجية التي ينفرد المتحف الجيولوجي في صنعاء بعرضها مثل القنبلة البركانية بلورة من الكوارتز آثار التعرية نماذج أنسجة صخرية ومعروضات الخامات الاقتصادية مثل خام الزجاج في أشكاله ومكوناته المتعددة وخامات الاسمنت الأبيض الاسمنت المقاوم للملوحة ورماد الصودا. كما يحوي المتحف معروضات خامات المعادن وأنواع الصخور المتوافرة في اليمن، وفى مقدمتها الذهب والنحاس والجرافيت والرصاص والزنك، بالإضافة إلى أحجار البناء والزينة مثل الرخام والبازلت وصخور صناعية الدول ميت والحجر الجيري والرملي والبازلت.ويؤكد مدير المعلومات أن المتاحف أصبحت تستقبل العديد من الزوار من مختلف شرائح المجتمع على مدار العام، حيث تقصد متحف صنعاء مدرستين إلى ثلاث مدارس شهريا في رحلات عملية للطلاب بقصد الاطلاع والتعرف على محتوياته وما تمثله من تطبيق عملي لما يتلقاه الطلاب في المناهج الدراسية.داعيا وزارة التربية والتعليم والمؤسسات البحثية وكافة أفراد المجتمع إلى التفاعل مع هذه المتاحف وتوجيه اهتمام الطلاب لزيارتها بصفة دورية وبما من شأنه الإسهام في تخطى المشكلة التي تعانى منها، والمتمثلة بالإقبال الضعيف نظرا لان كثير من الناس لم يسمع حتى الآن عن وجودها ويجهل مقدار الفائدة والمتعة التي تقدمها كواقع تعريفي لما يشاهده ويجهله في الطبيعة.