أكدت الوقائع والأحداث عبر مراحل التاريخ القديم والمعاصر أن المتغيرات السياسية/ الاقتصادية/ الاجتماعية الثقافية في العالم لا تحدث دون أن يسبقها وعي يدرك قيمة الكلمة الملتزمة المسؤولة الصادقة المعبرة عن ضمير ونبض الأمة فهي المقياس والمؤشر الحقيقي الذي ينذر مبكراً ليعلن بمصداقية حجم الخطر والكارثة المقدم دون إكثرات لأي حسابات ومصالح قد تنتج كردود أفعال لذلك الإعلان والانذار الذي يدعو ويحرض الجماهير للخروج من الواقع الأليم الذي يجثم على صدر الشعوب وما تعانيه من ويلات القهر والتعسف بكل صروفها وخطوبها الجسام.. وفترة الاستعمار البريطاني وحكم الإمامة في اليمن بشطريه جنوباً وشمالاً كانت تمثل أصعب وأحلك المراحل التاريخية لما جاءت به تلك الحقبة الزمنية من تبعات مؤلمة رمت بظلالها السوداوية القاتمة لتجعل من اليمن إنساناً وأرضاً خارج نطاق دوائر العلم والتقدم الذي شهده العالم بأسره، وبطبيعة الحال كان للدور المعرفي النضالي الذي لعبه الفنان اليمني تجلياته وإسهاماته الوطنية الفاعلة والمؤثرة المحرضة للخلاص من عبودية وبراثن كل أشكال الاحتلال الاستعماري بصوره المتعددة والمختلفة.فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن مرحلة الكفاح المسلح دون أن (نعرج للدور النضالي الذي لعبته الأغنية الوطنية) ومفعولها القوي والمؤثر في الهاب واشعال حماس وهمم الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية لتقوده وتدفعه وتحرضه لحمل السلاح ضد العدو الغاشم ابتغاءً للخلاص منه ونيل الحرية.فمن منا لا يتذكر الأعمال والأغنيات الوطنية التي ارتبطت بمحطات نضالية غاية في الأهمية في حياة شعبنا لترصد (بحرفية فنية) رائعة عجلة دوران الزمان والتاريخ وتستوقفه بلحظة إبداعية حملت عمقاً وبعداً له مضامين ودلالات إنسانية وتاريخية متعددة، فاذا تحدثنا عن فترة الكفاح المسلح وحكم الإمامة وما حدث بعدها من تداعيات ستأتي إلى مسامعنا تلك الأناشيد والأغنيات الخالدة التي نتذكر منها على سبيل المثال هذه الأعمال العظيمة:1) يا ظالم ليه الظلم دا كله2) أخي كبلوني 3) أنظر إلى بيتي4) سلام الفين5) يا شاكي السلاح6) برع ياستعمار 7) بلادي وان سال فيك الدم8) طفي النار9) قال أبو زيد10) الدهر كله عماره11) قال بن سعد12) بايذوق البرد من ضيع دفاه13) عشت ياسبتمبر التحرير14) رددي أيتها الدنيا نشيدي15) والله أنه قرب دورك يا أبن الجنوب16) كالقذيفة17) يا قافلة18) بلادي إلى المجد19) الوصية20) بوس التراب21) مزهري الحزين22) غني يا صنعاء يا بلادي23) ثورة الشعبوالجميل أن كل هذه الأعمال الفنية المميزة كان قاسمها المشترك يدعو إلى وحدة اليمن إنساناً وأرضاً، فقد أبدعت في تقديمها للجماهير اليمنية باقة مختارة من جيل رواد الغناء اليمني منهم على سبيل المثال الأساتذة:اسكندر ثابت، محمد مرشد ناجي، احمد بن احمد قاسم، علي الآنسي، محمد محسن عطروش، رجاء باسودان، علي السمة، عبدالله هادي سبيت، أيوب طارش، سالم بامدهف، محمد سعد عبدالله، فضل محمد اللحجي، حسن عطا، محمد عبده زيدي، محمد صالح عزاني، احمد السنيدار، محمد حمود الحارثي وآخرين. ان هذه الأعمال التاريخية استطاعت أن تؤثر في كيان وذاكرة المستمع اليمني بل أنها ساهمت مساهمة فاعلة في تحقيق (الحلم اليمني الكبير والخالد الوحدة اليمنية المباركة) من خلال ما قدمته من نتاجات إبداعية وحدت به الوجدان الوطني والعاطفي لكل طبقات وفئات المجتمع اليمني وكان ذلك في الحقيقة قبل إعلان أي قرار سياسي جاء كنتاج طبيعي فيما بعد، فكان للأغنية الوطنية اليمنية شرف السبق والريادة في ترسيخ مداميك بنيان ودعائم قوام الوحدة اليمنية الشاملة، وأمثلتنا لذلك على سبيل المثال لا الحصر.. كثير من الأعمال منها رائعة الموسيقار احمد بن احمد قاسم أغنيته الشهيرة (الوحدة اليمنية) وتحفة فنان الشعب محمد مرشد ناجي (صنعاء الكروم) بالإضافة إلى أغنية الفنان المتمكن والمبدع محمد محسن عطروش (أماه) وآخرين.والحقيقة أن الذاكرة الفنية والغنائية اليمنية عامرة وممتلئة بعطاءات الفنانين المتوهجة كعطاءات /بن سعد/ محمد عبده زيدي/ العزاني/ طه فراع/ حسن عطا/ يوسف احمد سالم/ محمد سالم بن شامخ/ احمد علي قاسم/ احمد محمد ناجي/ اسكندر ثابت/ محمد علي ميسري/ احمد بن غوذل وآخرين ولا يمكننا في الواقع إغفال دور كل هؤلاء المبدعين ولكن المقام لا يتسع في هذه العجالة المقتضبة الإسهاب والحديث عن كل الجزئيات والتفاصيل التي حملتها مضامين تلك الأعمال الفنية الجليلة والعظيمة.وفي الواقع أن هذا (المد الغنائي الوحدوي) المبكر لرواد الأغنية اليمنية قد دفع بالعديد من الاجيال اللاحقة من الفنانين (بالتغني) والتأكيد على ضرورة اكتمال ذلك (الحلم الوحدوي العظيم) فقدم العديد من الفنانين الشباب أعمال غنائية لا تقل بمستواها الجمالي والفني عن سابقاتها من الأغنيات فمن ابرز الفنانين الذين كان لهم دوراً في هذا السياق الغنائي الوحدوي على سبيل المثال الفنانين أمل كعدل/ إيمان إبراهيم/ عصام خليدي/ أنور مبارك/ جمال داؤود.بهذه الأعمال التي حققت انتشاراً ونجاحاً فنياً رائعاً:1) فرحتي يا شعب تكبر2) يا صوت نابع من ضمير3) صباح الخير يا وطني4) بشائر الوصال5) الحب في صنعاء6) فرحة اللقاء7) العشق اليزني8) يا ريم وادي شبام9) زغردي يا يمنفي ختام هذه المادة المكرسة إحياءً لذكرى الاستقلال الوطني (30 نوفمبر 1967م) نختار نماذج من قصيدتي (_ياريم وادي شبام) و(صباح الخير ياوطني) للشاعرين الكبيرين احمد الجابري والقرشي عبدالرحيم سلام ضمن الأعمال الغنائية الوطنية التي قمت بتسجيلها للقنوات الإعلامية اليمنية المسموعة والمرئية في عامي 1983 ـ 1995م. يا ريم وادي شبام [c1]حلفت ما شفـــرقك***يا ريم وادي شبامومن ضياء مفرقك***شضوي بجاد الظلام وأرويك لما أغرقك***من قطر بجم الغمام فجي معي جي معي***نقطف زهور الخزام [/c]*** [c1]كرت تخطر غبش***والأرض حبلى غلالوالبن بزغه فتش***رشرش صدور التلال لل عروقه ورش***طل الهوى في أزال فأغسل وجع أضلعي***بالوصل يا خو الهلال[/c]*** صباح الخير ياوطني [c1]صباح الخير يا وطني***بك الأرواح لم تهنفأنت الحب في صنعاء***وأنت الشوق في عدنإذا غنيتُ في ولـــــــهٍ***أعاد الرجع ذو يزن فكنت الصبا لا تعجب***ومثلي عاشق اليمــن /[c]عصام خليدي