قصص من المأثور
كانت تعيش في أعظم قصر في زمانها تحت يديها الكثير من الجواري والعبيد حياتها مرفهة متنعمة ، زوجها طغى وتجبر وأراد أن يقدسه الناس ، فنصب نفسه إلها عليهم وأصدر قرار الألوهية من قصره فقال أنا ربكم الأعلى ، إنه فرعون الذي نسي أنه كان نطفة مذرة هذا المتكبربكل ما يملكه من مال وجنود وعبيد تحداه أقرب الناس إليه تحدته زوجته اسية بنت مزاحم .وهي إحدى أربع نساء هن سيدات نساء العالمين آسية التي آمنت برب العالمين ، جاءت إلى زوجها المتكبر عندما قتل الماشطة التي كانت تمشط ابنتها ، الماشطة التي قالت له متحدية : ربي وربك الله و نتيجة لذلك التحدي قذفها في النار هي وأولادها . فلم ترض زوجته آسية لأنها أختها في الله والأخوة في الله ، تنعدم فيها الطبقية بين الحرة والعبدة وبين الرئيس والمرؤوس فأرادت أن تنتصر لأختها في الله فقالت لزوجها فرعون عندما أخبرها عن أمر الماشطة . قالت له : الويل لك ما أجرأك على الله ، فقال لها : لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة؟ فقالت : ما بي من جنون ولكني آمنت بالله تعالى ورب العالمين . وبعد ذلك دعا فرعون أمها قال لها : إن ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى فخلت بها أمها وأرادتها أن توافق فرعون ، ولكنها أبت وقالت : أما أن أكفر بالله فلا ، وعندما رأى فرعون تمسكها بدينها وإيمانها خرج على الملأ من قومه ، فقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟ فأثنى عليها القوم ، فقال : إنها تعبد ربا غيري فقالوا أقتلها ، وأوتدوا لها أوتادا وشدوا يديها ورجليها ووضعوها في الحر اللاهب تحت أشعة الشمس المحرقة ووضعوا على ظهرها صخرة كبيرة لقد كانت متنعمة بالفرش الوثير وشتى أنواع الطعام . والمقام الكريم ، والآن تضرب بالأوتاد تحت أشعة الشمس وعلى ظهرها صخرة كبيرة ، وقال لزبانيته انظروا أعظم صخرة فألقوها ، فإن رجعت عن قولها فهي امرأتي ، وفي أثناء ذلك ، نظرت إلى ما عند الله فقالت : و كشف الله عن بصيرتها فأطلعها على مكانها في الجنة ففرحت وضحكت وكان فرعون حاضراًً هذا المشهد ، فقال : ألا تعجبون من جنونها ؟ إنا نعذبها وهي تضحك فقبض الله روحها إلى الجنة رضي الله عنها وألقيت الصخرة عليها فلم تجد ألما لأنها ألقيت على جسد لا روح فيه .قال العلماء عند تفسيرهذه الاية الكريمة لقد اختارت آسية الجار قبل الدار واستحقت أيضأ أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتي كملن ، وذلك عندما قال : كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكَمُلَ من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت مران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائرالطعام . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه .