شخصيات خالدة
قائد مغولي من القرن الرابع عشر ومؤسس الإمبراطورية التيمورية (1370 - 1405 م) في وسط آسيا وأول الحكام في العائلة التيمورية الحاكمة والتي استمرت حتى عام 1506 م. ويعني اسمه «لنك الأعرج» نتيجة لإصابته بجرح خلال إحدى معاركه. أما كلمة تيمور فتعني بالتركية والمنغولية الحديد.صورت المصادر العربية والفارسية شخصيته على نحو مخيف فهو بالغ القسوة، جامد القلب، يميل إلى سفك الدماء وإقامة المذابح، وهو بالفعل كذلك، لكنها أخفت جانبا آخر مشرقا، فقد كان رجلا واسع المعرفة، يتحدث بلغات متعددة، يحب الأطباء والفلكيين والفقهاء، جمع الصناع المهرة من كل أنحاء الدنيا في عاصمته «سمرقند»، وقد شيد حضارة عظيمة في بلاده، وأقام المنشآت الشامخة فيها وتُعدُّ المقبرة التي بناها لنفسه آية من آيات البناء ومثالاً لسمات العمارة في العصر التيموري.وبالإضافة إلى شغفه بالعلوم والفنون شارك بالتأليف والكتابة، فوضع مجموعة من القوانين التي أطلق عليها اسم «تزوكيات»، وكتب سيرته الذاتية باللغة الجغتائية التي ازدهرت آدابها في عصره وعصر حلفائه.ويعد تيمورلنك عند الشعوب التركستانية وعند الأوزبك بطلاً قوميًّا، ورمزًا للشجاعة والعدل ومراعاة المبادئ الإسلامية. في إحدى قرى مدينة «كش» ولد تيمور في (1336م). ومدينة كش هي اليوم مدينة «شهر سبز»، أي المدينة الخضراء بالفارسية، وتقع جنوبي سمرقند في أوزبكستان.عاش تيمور أيام صباه بين أفراد قبيلة «البرلاس» الأوزبكية أقرباء أجداده، وأتقن فنون الحرب الشائعة عند القبائل الصحراوية من الصيد والفروسية ورمي السهام، حتى غدا فارسًا ماهرًا، متقنًا لرمي السهام.وعندما تُوفِّي «كازغان» آخر إيلخانات تركستان سنة (758 هـ = 1357م) قام «تغلق تيمور» صاحب كاشغر بغزو بلاد ما وراء النهر، وجعل ابنه «إيلياس خواجه» قائدًا للحملة، وأرسل معه تيمور وزيرًا، ثم حدث أن ساءت العلاقة بين الرجلين؛ ففرَّ تيمور، وانضم إلى الأمير حسين حفيد كازغان آخر إيلخانات تركستان، وكان الأمير حسين صهرًا لتيمور.ونجح الاثنان في جمع جيش لمحاربة إيلياس خواجه، لكنهما لم ينجحا في تحقيق النصر، وفرَّا إلى خراسان، وانضما إلى خدمة الملك «معز الدين حسين كرت. ولمَّا علم الأمير تغلق تيمور بوجودهما بعث إلى معز الدين بتسليمهما له، غير أن تيمور وصاحبه هربا إلى قندهار ومنها إلى سيستان، فاحتال واليها وهاجمهما، وفي أثناء الهجوم أصيب تيمور بجراحات شديدة، وتعرضت قدمه اليمنى لضربة أورثتها عاهة جعلته يعرج، فسُمِّي بـ»تيمورلنك» أي تيمور الأعرج.ثم عاود الاثنان جمع الأتباع والأنصار، ونجحا في مهاجمة إيلياس خواجه، وتمكنا سنة (1364م) من السيطرة على بلاد ما وراء النهر، ثم لم يلبث أن وقع الخلاف بين تيمورلنك وصهره، حسمه الأول لصالحه، ودخل سمرقند في (12 من رمضان 771 هـ = 14 من إبريل 1370م)، وأعلن نفسه حاكمًا عليها، وزعم أنه من نسل جغتاي بن جنكيز خان، وأنه يريد إعادة مجد دولة المغول، وكوَّن مجلس شورى من كبار الأمراء والعلماء.قام تيمور بتنظيم جيش ضخم معظمه من الأتراك، وبدأ يتطلع إلى بسط نفوذه، فاتجه إلى خوارزم، وغزاها أربع مرات حتى نجح في المرة الأخيرة في الاستيلاء عليها وضمها إلى بلاده، بعد أن أصابها الخراب والتدمير من جراء الهجوم المتواصل عليها، وفي أثناء هذه المدة نجح في السيطرة على صحراء القفجاق، والتي تمتد بين سيحون وبحيرة خوارزم وبحر الخزر.وسيطر على خرسان عندما أضطربت أوضاعها بل وسيطرعلى إقليم فارس، وأغار على أصفهان التي كانت قد ثارت على نوابه، وبلغ عدد القتلى فيها سبعين ألفًا، أقام تيمورلنك من جماجمهم عدة مآذن.وهاجم «توقتمش» ملك بلاد القفجاق بلاد ما وراء النهروتوسع حتى استولى على أذربيجان ودخل خوارزم، وأحلَّ بها الخراب والتدمير إلى الحد الذي لم يعد فيها حائطٌ يُستراح تحت ظله، وظلت خرابًا خالية من السكان حتى أمر تيمورلنك بإعادة تعميرها سنة (1391م).