بكين/14 أكتوبر/رويترز: أغلقت الشرطة والقوات الصينية عاصمة التبت أمس الأحد في الوقت الذي ظلت فيه التوترات متصاعدة بعد يومين من احتجاجات عنيفة على الحكم الصيني والتي قالت حكومة التبت في المنفى إنها أسفرت عن سقوط 80 قتيلا. وقالت سيدة أعمال من التبت في مكالمة هاتفية من لاسا «نحن لا نجرؤ على الخروج. لا نجرؤ على فعل أي شيء. هناك قدر كبير من التوتر.» ولاسا مدينة نائية تقع على مكان مرتفع من جبال الهيمالايا لا يمكن أن يصلها الصحفيون الأجانب دون إذن رسمي. وتحدثت لفترة قصيرة فقط شأنها شأن سكان آخرين وطلبوا عدم ذكر أسمائهم خشية العقاب في مدينة شهدت في الأسبوع الماضي أسوأ أعمال شغب وحوادث إطلاق رصاص منذ نحو 20 عاما. جاء تفجر غضب سكان التبت على الوجود الصيني في المنطقة بعد أيام من احتجاجات سلمية لرهبان بوذيين وهي تمثل صفعة قوية لاستعدادات بكين لدورة الألعاب الأولمبية في أغسطس/ آب وهو الوقت الذي ترغب فيه الحكومة في إظهار ازدهار الصين ووحدتها. والتبت واحدة من المناطق المضطربة المحتملة بالنسبة للحزب الشيوعي الحاكم في وقت تتركز فيه الأنظار على الصين. ويساور الحكومة القلق إزاء آثار التضخم والفوارق المادية بين السكان على الاستقرار الاجتماعي بعد سنوات من نمو اقتصادي سريع للغاية وقالت هذا الشهر إنها أحبطت مؤامرتين إرهابيتين دبرههما أفراد من أقلية اليوغور المسلمين في منطقة سنكيانج في شمال غرب الصين أحداهما محاولة لإفساد دورة الألعاب الأولمبية. وأعلنت «حرب شعبية» من الأمن والدعاية على دعم الدالاي لاما الزعيم الروحي للبوذيين في التبت وأبرزت أنها لم تستجب لمطالب من أنحاء العالم بالتعامل برأفة مع أعمال الشغب. وأبدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قلقها خلال تصريحات السبت قائلة إن العنف يستمر فيما يبدو وحثت بكين على «الإفراج عن الرهبان وغيرهم ممن تم احتجازهم فقط من أجل التعبير السلمي عن آرائهم.» ودعت الهند التي يقيم فيها الدالاي لاما إلى إجراء حوار وتبني أساليب غير عنيفة. وقالت امرأة على اتصال برجل أعمال في لاسا إن الشوارع تعج بأفراد الشرطة المسلحين بمعدات مكافحة الشغب أمس الأحد بعد تردد أنباء عن تجدد الاشتباكات الليلة الماضية حيث هاجم مسلمون صينيون ينتمون لمجموعة هوي العرقية أبناء التبت ردا على هدم منازلهم وممتلكاتهم.، وأضافت «بدأ أبناء التبت يردون الهجوم ولكن القوات تدخلت في ذلك الحين وأعادت النظام.» وقالت حكومة التبت في المنفى التي لا تعترف بها الصين والتي تتخذ من شمال الهند مقرا لها إن 80 شخصا لقوا حتفهم في اشتباكات وإن 72 أصيبوا. ولكن وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) قالت إن 10 «مدنيين أبرياء» قتلوا أغلبهم في حرائق أشعلها مثيرو الشغب وإن 12 شرطيا أصيبوا بجروح خطيرة.، ولم يتضح إن كان أي منهم قد قتل بالرصاص. وانطلق الرهبان البوذيون إلى الشوارع يوم الاثنين في ذكرى مرور 49 عاما على انتفاضة سابقة وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى المناطق المجاورة التي يسكنها تبتيون. وفي لاسا أحرق محتجون - بعضهم كان يرتدي أزياء الرهبان وردد البعض الآخر شعارات مطالبة بالاستقلال - السيارات وهاجموا البنوك والمكاتب واستخدموا الحجارة والمدي في مواجهات مع الشرطة. وتشير السلطات الصينية الآن إلى أنها تشن حملة شاملة لتشديد الأمن في المنطقة ومهاجمة التأييد العام للدالاي لاما الذي فر إلى المنفى عام 1959 بعد انتفاضة فاشلة في ذلك العام. ونقلت صحيفة تبت ديلي الرسمية اليوم عن مسئولين إقليميين وأمنيين قولهم بعد اجتماع أنهم يعلنون «خوض حرب شعبية لمواجهة الانفصالية وحماية الاستقرار... كشف الممارسات الدنيئة لتلك القوى وإدانتها وكشف الوجه القبيح لعصبة الدالاي وجعله واضحا وضوح الشمس.» وقالت ضابطة شرطة صينية إن حوالي 200 من محتجي التبت ألقوا قنابل حارقة واحرقوا مركزا للشرطة في مقاطعة بجنوب غرب البلاد أمس الأحد. وقالت الضابطة التي كانت تتحدث مع وقوع المبنى الرئيسي للحكومة في مقاطعة أبا بإقليم سيشوان تحت الحصار ان المحتجين ألقوا الحجارة فأصابوا عددا من قوات الأمن بجروح. وأوضحت ان قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز لتفريق الحشد واعتقلت خمسة أشخاص. وإقليم سيشوان هو احد أربعة أقاليم صينية يسكنها عدد كبير من مواطني التبت على الحدود مع إقليم التبت الواقع في جبال الهيمالايا.في غضون ذلك قال الدالاي لاما أمس الأحد إنه يجب إجراء تحقيق بشأن وقوع إبادة جماعية ثقافية في التبت وقال ان الصين تعتمد أسلوب القوة لتحقيق السلام. وقال الزعيم الروحي المنفي للتبت ان على المجتمع الدولي «مسؤولية أخلاقية» بتذكير الصين بان تكون مضيفا حسنا لدورة الألعاب الاولمبية لكنه أضاف ان الصين جديرة بتلك الاستضافة. وقال الدالاي لاما في مؤتمر صحفي بمقره في دارامسالا شمال الهند «امة التبت تواجه خطرا شديدا. هناك مشكلة سواء سلمت الصين بذلك أم لا.»