خاطرة
تذكرت كثيراً يوم أن كنت صغيراً تلك المرأة الطاعنة في السن كيف استطاعت أن تؤسس بيتاً صالحاً وابناء بررة بهمتها العالية وعملها المخلص الدؤوب وكيف وهي المرأة العجوز التي اشتعل رأسها شيباً وأحدودب ظهرها أن تملك الارادة الفولاذية إن صح التعبير .أيقنت حينها أن القضية ليست قضية السن أو الاعمار العددية ولكن القضية تكمن في قوة الارادة والعزيمة وأن للمرء هدفاً لابد أن يسعى إليه وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الاجساد.تلك حقيقة لا تحتاج الى تأويل أو تفسير أو كثير من العناء لتثبيتها فالأمر واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار ولذلك نرى كل يوم أمثال تلك المرأة الرائدة تتكرر صفحاتها صباح مساء في زمن قد يعجز الشباب ذو القوة والبسطة في العلم والجسم أن يبلغوا مثلما بلغت تلك المرأة لأن العزائم أصبحت خائرة والهمم صارت ضعيفة والاهداف كانت أن تكون مطموسة لهذا نتج جيل يطلب الدعة والراحة على العمل والمثابرة فهان على نفسه وهان عليه كل شيء.فيا أيها السادة قفوا لحظة وتأملوا ملياً وانظروا يمنة ويسرة .. انظروا أين نحن ؟ وماذا نريد ؟!!فتشوا بين حنايا اضلعكم عن انفسكم .. نقبوا عن ثرواتكم المهدرة بين صدوركم .. إنكم تملكون كنزاً لا يضاهي .. تملكون منجماً من الذهب والفضة بل من العزيمة والطموح والرقي .. إنكم تملكون قوة جبارة تتحرك وتسري فيكم تقول لكم تقدموا واقتحموا باب العزيمة والصبر فقد آن الأوان أن تبرهنوا وتثبتوا أنفسكم وأنكم أصحاب العزائم والاهداف الطموحة وأصحاب الهمم العالية التي لا تنظر على سفاسف الامور وأدناها والتي لا ترتضي بفتات الاشياء وأحقرها فأنتم أكبر من ذلك كله ما دامت نفوسكم كبيرة واحلامكم عظيمة وراؤكم واسعة المد وتتخطى حدود الزمان والمكان .فأرتقوا الى مستوى الحدث ودعوا التقاعس واهتفوا معي قائلين:همتي همة الملوك ونفسي[c1] *** [/c]نفس حر ترى المذلة كفرا فمن المذلة أن لا تعرف نفسك وأنك قادر على فعل أشياء ومن المذلة أن تعيش ذليلاً وأنت عظيم وأن تموت ذليلاً وأنت كريم إذن فكن عظيماً بقدراتك كريماً بعطائك واثقاً في خطواتك فأنت منز يتحرك .[c1]توفيق يحيى حكيم [/c]