نزار العبادي ( الحلقة الاولى )بعد مرور ما يزيد عن العقدين على تجربة المؤتمر الشعبي العام يصبح الوقوف على أبجديات العمل السياسي للحقب الماضية أمراً يقترب من الوصف بأنه وقوف على ثقافة وإنجاز وتجارب جيل كامل، وعهد متميز بملامح خاصة، وبصمات معلومة أكسبت الدولة اليمنية هويتها العصرية التي مثّلت تصريح مرور اليمنيين إلى العالم الخارجي، والموضع السياسي الاستحقاقي الذي كان من حقهم تبوءه منذ أمد بعيد .أن الاهتمام بدراسة تجربة المؤتمر الشعبي العام في العمل السياسي الوطني بعد كل هذا الزمن الطويل من مسيرته في الساحة السياسية لا يمكن أن يلغي الحاجة الأساسية والملحة لمراجعة الخطوات السابقة، والتأمل في محطاتها المختلفة ، وقراءة التجارب بتمعن. فأن الإيمان بأهمية الدروس المستوحاة ، والعبر المستخلصة ظلّ دائماً قاعدة التأسيس لكل انطلاقة جديدة ، ولكل رغبة صادقة في التطور ، والتحول باتجاه واقع أفضل ، ومستقبل أقدر في احتضان كل ما يصبو إليه الفرد والمجتمع . لا شك أننا بذلك لا نبحث عن عالم مثالي فاضل من صنع المؤتمر الشعبي العام فيما سبق له من عمل ، أو وليد تفاعلاته الماضية ، بقدر ما نجعل تطلعنا الأول والأخير هو تقويم التجربة السياسية ، وملامسة مفرداتها ، وبلورة رؤى واضحة للمحددات الآنية والمستقبلية للتنظيم -لتي تعينه على الأفضل والأكفأ وفي تصوري ، مازالت دوائر المؤتمر الشعبي العام - السياسية والتنظيمية والثقافية والفكرية - قاصرة عن تقديم التجربة أكاديمياً ، أو على النحو الذي تؤلف من بياناته المختلفة قاعدة معلوماتية ثرية تحيط بكل ملامح التجربة السياسية، وتُلم بمختلف محطاتها التاريخية ، وتفسّر حيثيات أدق المتغيرات والتطورات التي كان المؤتمر يقف عندها من حين لآخر. ومن جهة أخرى ظل هناك أمر غير مفهوم على صعيد القاعدة المعلوماتية للمؤتمر ، وهو العزوف الغريب عند قيادات المؤتمر عن كتابة مذكراتها السياسية ، وتدوين ملاحظاتها الخاصة حول أدوارها، ومساهماتها ، ووجهات نظرها الشخصية في موقف أو سواه ، وطبيعة فهمها لتجارب السياسة اليمنية ، أو حتى تصوراتها خصوصياتها الفلسفية وما يمكن أن تتكهن به لمستقبل تجربتها المؤتمرية .فمع أن المهتم بهذا الشأن قد يجد محاور تاريخية ، وأبجديات عامة ضمن ما هو متداول من وثائق المؤتمرات والأدبيات ، إلاّ أن الحاجة الى معرفة المزيد من التفاصيل حول مراحل مختلفة - بعضها في عداد القديم - ومواقف متعددة تبقى ملحّة ، ليس للمهتم وحده ، بل حتى للشخصية القيادية التي من حقها الاحتفاظ بنصيبها من البناء التاريخي الوطني للحياة اليمنية ، وكذلك من الدرس الفكري السياسي التي ترجو أن تستلهمه القوى السياسية الأخرى والأجيال من بعدها . وهو الأمر الذي أفاق الكثيرون على أهميته بعد وفاة المناضل يحيى المتوكل (رحمه الله) الذي كان يمثل مدرسة وطنية عظيمة، فات الكثيرون التعلم منها .وعلى أية حال ، فأنني حاولت من خلال فصول هذا الكتاب أن أستعرض جوانب مهمة من مسيرة العمل السياسي للمؤتمر الشعبي العام ، وحرصت على الوقوف على محطات تاريخية وفكرية معينة طالما اعتقدت أنها من العناصر الأساسية التي قادت المؤتمر الشعبي العام الى مواضع نصر حقيقية في حركته الوطنية ، بلور من خلالها الكثير جداً من أحلامه الجماهيرية ، ونقل عبرها اليمن الى ناصية غدٍ واعد بكل خير .كما حرصت على التأمل طويلاً في ثنايا التجربة السياسية للمؤتمر، وكتابة قراءات نقدية واضحة عن بعض ما اعتقدته إخفاقا ، أو قصوراً ، أو تحدياً قاهراً كان يعترض المسيرة المؤتمرية على مسافات متباينة من أعوامها الإثني والعشرين الماضية ، أملاً في تقويم هذه الدراسة بنهج موضوعي يجعل منها ذات فائدة بشكل أو بآخر .أن ما يمكن قوله بعد هذا الزمن الطويل من التجارب السياسية للمؤتمر الشعبي العام هو أنه بمثابة التجربة العربية التي تستحق من القوى السياسية العربية في كل مكان قراءتها بتمعن ، والاستفادة من جميع ما أتت به من قيم ، ومفاهيم ، وأفكار ، ومن كل الفصول التي عالجت بها مشاكلها اليمنية الخاصة ، والآليات التي تحدت بها ظروفها المعقدة ، وتجاوزت من خلالها مواريث الماضي اليمني المؤلمة .ولاشك أن المؤتمر بالنسبة لليمنيين لم يعد بطاقة مجهولة ، أو حالة غامضة بقدر ما أصبح لهم واقعاً يومياً ، نابضاً بكل لحظاته حتى مع رغيف الخبز اليومي .. فهو الحزب الحاكم الذي قيل ذات يوم المجازفة في تحمّل مسئولية الملايين اليمنية الحالمة ، فما كان من تلك الجماهير إلاّ أن تمنحه أصواتها ، وعزائمها ، وإرادتها التي هي وحدها من جعله حزب البذل والعطاء والخير اليمني الدائم. مسار تطور تجارب العمل السياسي ( قبل الوحدة )تعد المجانسة التوفيقية بين صيغ العمل السياسي ومعطيات العصر الذي تؤول إليه الساحة الوطنية والإقليمية والدولية واحدة من أهم النقاط التي تقف عندها جدليات الأحزاب والتنظيمات في مختلف حقب التاريخ فالكثير من تلك القوى لا تضع معايير لموازنة مديات الأفق الانفتاحي لأيديولوجياتها الفكرية، مما يوقعها ذلك في إشكاليات صيغ الانتقال والتفاعل مع المتغير المستجد في ساحة عملها، بحيث أنها تصل إلى حالة صراع ذاتي بين أجنحتها التي ستنظر للموضوع برؤى متعددة يرى فيها البعض نقيض ما يراه الآخرون.لاشك أن هناك من يعتبر أية محاولة لتكييف بعض الأفكار مع مقتضيات الحالة القائمة نذر شؤم تشرع لبدايات انصهار أيديولوجي من خلال إمكانية فهم ذلك الانفتاح على إنه ترخيص بتجاوز مبادئ الحزب، وتعطيل بعض أيديولوجياته الفكرية.وإزاء وضع كهذا ينتهي الجدل القائم أما إلى انشقاق الأجنحة المتنازعة أو الالتزام بالصيغ التقليدية التي عهد الحزب السير على خطاها- وهو ما معناه تغليف العمل السياسي بأطر محددة وجامدة تقصيه عن واقع الحياة السياسية المعاصرة، من غير أية دراية أكيدة بأن الجمود هو داء السياسة، وأن الانهيارات التي ضربت الكثير من النظم الأيديولوجية تعود في معظم أسبابها إلى إنغلاقات مماثلة.ومع أن المؤتمر الشعبي العام ليس بالحزب الأيديولوجي القائم على نظرية فكرية أحادية، إلا أنه بدا مستوعبا لمفردات الحقيقة السابقة، ومتطلعا إلى الوقوع على مجانسة توفيقية لصيغ عمله السياسي مع المناخات العامة المحاط بها، على أساس النظر إليها كجزء من واقع ساحة عمله التي تقتضي منه قراءتها جيدا، ثم تحديد التزاماتها ومقتضياتها، لتأتي في النهاية مقايسة ظرفه الآني بما يمكن أن يتبناه من برامج وخطط وقرارات للمرحلة التي يعتزم خوض غمارها.وهذا الأسلوب لا يقف عند مستوى العمل في حدود المسئولية السلطوية التي يمليها موقعه القيادي في الحكم، بل يتعداه ليشمل البُنى التنظيمية الداخلية لكيانه، بجانب الأبعاد التي يضع نفسه عليها مع بقية القوى السياسية الوطنية, أو ما تستدعي مصالحه إليه.. وهو الأمر الذي منح المؤتمر الشعبي العام فرصا أوفر في استباق الآخرين إلى انتصارات انتخابية كبيرة، ونجاحات مهمة على صعيد ما كان يعرض في برامجه الانتخابية.فالمؤتمر الشعبي العام خاض أولى تجاربه السياسية من أرضية بُنى سياسية متعددة الاتجاهات الفكرية، والانتماءات الاجتماعية، وقام بدوره وفقا لغايات وطنية خالصة أقرها" الميثاق الوطني" ،الذي مثّل في حينه مطلبا جماهيريا يمنيا صرفا، تتقدم فيه المصلحة العامة على كل اعتبارات فئوية أو فكرية أو اجتماعية. مثل هذه الظروف في النشأة والتكوين نادرة جدا، أو فريدة من نوعها، مقارنة بأي من الأحزاب والتنظيمات التي ظهرت لاحقا عقب الوحدة. إذا أن قيامه على النحو المعروف هيأ الكثير جدا من مقومات ديمومته ، أولاً كقوة سياسية مستقلة بذاتها، ثم مقومات احتفاظه بسلطة الحكم- ثانيا- وهو ما يمكن إسناده إلى الآتي: 1- احتفاظ المؤتمر الشعبي العام بـ " الميثاق الوطني" كمنهج فكري مركزي لتنظيمية السياسي أكسبه حظ العمل الوطني من واقع أفضل بما تؤمن به الجماهير بمختلف قواها السياسية باعتبار أن الميثاق الوطني كان خلاصة فكر جميع التيارات السياسية التي اشتركت في صياغته ،ومن المؤكد أنها لو كانت تحمل ما هو أفضل، ومنسجم مع الإرادة العامة لما أهملته، وغيبته عن نصوص" الميثاق الوطني" .. ويبدو ذلك أمراً من المستبعد على أي مُنظِّر سياسي بلوغه أو الاقتراب من خلفياته التشريعية بمضامينها الأصولية والاعتبارية.2- أن صيغة العمل المشترك في إطار تعددية الرؤى، والكيفية التي كانت تُطوَّع بها لصالح ما تستدعيه المصلحة الوطنية العامة بلورت فلسفة سياسية مشذبة- إلى حد ما- وموروثا ثقافيا غزيرا لدى القيادات المؤتمرية بقدر أغنى مهارات الحوار الديمقراطي البناء، وشفافية تداول الرأي والمركز، وارتقى بالتجارب الأولى إلى ديناميكيات حضارية أكثر قدرة على التفاعل مع الظرف السياسي الآني ،من جهة، ومع المطلب الشعبي من جهة أخرى.وبإمكاننا قراءة ذلك الأثر بوضوح في شخصية الدكتور عبد الكريم لأرياني- الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، والذي شاع صيته في الأوساط الجماهيرية بمهاراته البارعة في الحوار والنقاش والإقناع والتنوع المعرفي..وربما هي صفة اختصت بها الغالبية العظمى من القيادات والرموز المؤتمرية المخضرمة ( قبل وبعد الوحدة) والتي استفادت من آليات العمل السياسي لتك المرحلة الدقيقة من عمر المؤتمر الشعبي العام. 3- لعل انضواء الجماهير اليمنية في المؤتمر الشعبي العام في أولى تجاربها السياسية وممارساتها الديمقراطية - في وقت لم يسبق للأغلبية أن انتظمت في صيغ حزبية - جعلت من المؤتمر الأنموذج الأم لانبثاق تجارب العمل الوطني الذي لا ترى في غيره العديد من الفئات الاجتماعية بديلا صحيا لاحتضان أي لون سياسي مختلف- كما لو كانت الأنماط السياسية المستحدثة لاحقا دخيلة على الواقع اليمني ، وغريبة عن مناخاته الثقافية.إن الألفة العفوية التي نشأت في الوسط الجماهيري مع المؤتمر، وتهيّب المستحدث ،كانت بمثابة السلوك الطبيعي الذي من المتوقع تبلور تراجمه في أي مجتمع كان يعاني من الانطوائية والانغلاق والعصبيات القبلية التي كثيرا ما تتجاذب حذر شديد مع المتغيرات خشية من الانصهار وفقدان الأصالة التراثية.. لذلك كان من الصعب عليها إخلاء مواقعها في المؤتمر والانتقال إلى صيغ جيدة غير مطروقة في تجاربها الماضية، وهو الأمر الذي ساعد المؤتمر على التحول إلى التعددية الحزبية دونما الإخلال في هياكله التنظيمية بالقدر الذي قد يؤدي إلى تفككه وانحلاله. 4- قد تحول المؤتمر الشعبي العام من صيغة التنظيم السياسي الأوحد الذي يحتضن كل الأطر والاتجاهات السياسية في الساحة اليمنية، إلى التعددية الحزبية بعد أن بني لنفسه رصيدا كبيرا جدا من المنجزات ، وفي طليعة كل ذلك كانت الوحدة اليمنية هي الإنجاز الأعظم فيما يحتسب للمؤتمر حتى تلك اللحظة- في حين استهلت الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى عهد دولة الوحدة- باستثناء الحزب الاشتراكي اليمني- كما لو كانت حديثة الولادة، ومجردة من أية أرصدة سياسية أو منجزات تعزز الثقة بها، رغم أنها جميعا كانت بعض أدوات المؤتمر الشعبي العام في تحقيق أرصدته السابقة .إذن كانت تلك المحددات تعطي للمؤتمر الشعبي العام خلفية شبه ناضجة لاستقرار الظرف اليمني، والاقتراب من واقعه إلى حد كبير بات فيه أشبه ما يكون بظله الذي يسايره خطوة بخطوة ويتفاعل مع حاجته، وتطلعه، وكل ما يطرأ عليه.إن المؤتمر الشعبي العام لم ينشأ بوصفه حزب أيديولوجي لموازنة الصورة السياسية اليمنية للشطر الشمالي الجنوبي الذي كان يتبنى الفلسفات الاشتراكية- كما يحاول البعض إيجاد مثل ذلك الربط بقناعة افتراضها كحالة معززة لفرص الحوار الإيجابي بين نظامي الشطرين من خلال ما تؤسس من قاعدة سياسية متكافئة ذات صيغ متعادلة.. وهو تفسير خاطئ يسعى المتقولون به إلى تحجيم الأهداف التي قام المؤتمر لأجلها.حيث أن المؤتمر هو تنظيم سياسي وليس حزب، وهو يقوم على مجموعة من البرامج المرحلية الهادفة لإصلاح شأن الوطن، والنهوض بمؤسساته وحياة أبنائه اليومية ، وردم مخلفات الموروث السياسي والاقتصادي والاجتماعي السابق لمرحلة انبثاقه.. من غير أن يولي أي اهتمام للبحث عن مرتكزات أيديولوجية يسند وجوده إليها- كما هو شأن الأحزاب الأخرى.وبطبيعة الحال إن طرح كهذا لا يعني بالضرورة أن المؤتمر يفتقر للقاعدة الفكرية، بل سبق أن أشرنا إلى الكيفية التي حدد بها المؤتمر ثوابته الفكرية والأخلاقية والسياسية عبر الميثاق الوطني ، إلا أن الميثاق لا يمكن أن يؤخذ على أنه نظرية فكرية أيديولوجية متقاربة مع ما هو كائن لدى الحزب الاشتراكي أو الأحزاب القومية أو الإسلامية ؛ فالميثاق الوطني ليس إلاّ منهجاً توثيقياً لثقافة المجتمع اليمني ، وعقائده ، وقيمه الإنسانية والأخلاقية ، ولهويته الحضارية التاريخية، وتطلعاته إلى مستقبل الغد..وعلى حد وصفنا له بذلك المنحى فإنه يصبح أقرب ما يكون ببطاقة الهوية الشخصية للذات اليمنية التي يتحول أي شطب أو تزوير في بياناتها إلى مشروع إلغاء لكينونتها واستخفاف بحقوق حامليها، قد يتطور إلى ما لا تحمد عقباه.وتلك صورة أردنا من رسمها تقريب الفهم لدلالات العمل بـ(الميثاق الوطني) بالنسبة للمؤتمر وطبيعة الهالة العظيمة التي يؤطره بها، ويحذر بشدة من مغبة القفز فوق أي من الاعتبارات الفكرية التي تضمنها الميثاق وأقرها كمبادئ وثوابت أساسية للدولة اليمنية.عمل المؤتمر طوال الحقبة المحصورة بين (أغسطس 1982م- مايو 1990م) من واقع خصوصية سياسية تمليها العديد من العوامل التي كانت تحيط بساحة الدولة اليمنية آنذاك، والتي يمكن الإشارة الى بعضها في الآتي:أولاً: كان لنشوء المؤتمر الشعبي العام على أرضية شطر واحد فقط من اليمن يجعل من أولوياته التي تتقدم جميع برامج عمله السياسي النضال من أجل الوحدة اليمنية، واعتبار ذلك شرط أساسي لأي استقرار سياسي، ولأي تحول ثوري على الصعيد التنموي والنهضوي.. وهو بتبنيه خيار كهذا سيكون مضطراً للأخذ بالكثير من مفردات الفلسفة القومية ونظرياتها الوحدوية، وما تذهب إليه من رؤى في مشاريع البناء الوحدوي، وتحليل بعض تجاربها، واستلهام ما يمكن إسقاطه على الحالة اليمنية.ثانياً: مثّل المؤتمر أول تجربة عمل سياسي علني للجماهير، وأول احتضان للديمقراطية المحدودة ، التي كان يأمل تطوير ممارساتها مستقبلاً. لهذا اتسمت تلك الحقبة بأنها تأسيسية، لا ترمي إلى بناء نفوذ سياسي سلطوي لإحدى أو بعض الفئات، بقدر ما كانت تهيأ مناخات خطوة قادمة من أفق التعددية الحزبية .إذ نظر إليها كحالة وعي ونضوج في توجيه مسار السياسة الحكومية على ديناميكيتها. فما كان إلا أن يتحول المؤتمر إلى ورشة إعداد وتأهيل للكوادر السياسية الوطنية وإلى حقل إنماء توعوي للسلوك الديمقراطي الجماهيري العام، فضلاً عن رفع قواعد البُنى المؤسسة التي يمكن ارتكاز أي تجارب متقدمة للعمل السياسي الديمقراطي على أرضيتها.. وهو الأمر الذي وجدت فيه الحركات الليبرالية - التي لم تكن تجرؤ على الجهر بوجودها- مظلة معقولة إلى حد ما للانضواء تحت سقفها، وقيادة مشروعها التحرري الانفتاحي من خلال الفرص التي تتيحها.ثالثاً: ولما كان هناك حذر شديد في ساحة الشطر الشمالي من امتداد أيديولوجيات نظام الشطر الجنوبي إلى مناطقهم ضمن ما هو كائن من صراع سياسي، فقد وجدت الحركات الدينية فيما يتبناه المؤتمر الشعبي العام في ميثاقه الوطني أفقاً رحباً من الاستيعاب للقيم الإسلامية والتشريعات المشجعة للدخول تحت سقيفته ، عوضاً عن أقبية العمل السري- خاصة- مع حالة الحذر السائدة من المد الماركسي، فإنها سيكون بمقدورها توسيع أنشطتها وتنظيماتها تحت عنوان التحصين الإيماني أو التعبوي للجماهير من الخطر المترقب على بوابة الوطن الجنوبية- وبدا ذلك الأمر ليس مطلب الإسلاميين وحدهم، بل مطلب صنعاء ، ودول الجوار الإقليمي ودول كبرى كبريطانيا والولايات المتحدة.رابعاً: إن حالة التدهور السياسي والانهيار الاقتصادي والتخلف العام في جميع قطاعات الحياة، والتي عانت منها الدولة اليمنية ردحاً طويلاً من الزمن، تظافرت جميعا لتحول النظرة إلى المؤتمر الشعبي العام من مجرد تنظيم سياسي تحت التجريب ويفترض منه إثبات جدارة لكسب الثقة الشعبية إلى باب خلاص وموضوع ارتباط مصيري لآمال وتطلعات الشعب الذي بدا جاهزاً لمؤازرة كل من يلتمس فيه صدق النية لتحريره من ويلات ما كان يقاسيه.ومع أن السرعة التي تفاعلت بها الجماهير اليمنية مع المؤتمر الشعبي العام كانت ملفتة للنظر، ومثيرة للدهشة في استباقها الأحداث وتعجل الوثوق بالصيغة التي أتى عليها المؤتمر، إلا أن من الواضح أنها كانت متأثرة كثيراً بشخص الرئيس علي عبد الله صالح، وأسلوب إدارته للسلطة، وطريقة بلوغه سدة الحكم، فضلا عن مستوى الكفاءة التي عمل بها خلال السنوات الثلاث السابقة لتأسيس المؤتمر الشعبي العام.ولا شك في أن الخطوات التي تم استهلاكها في صياغة الميثاق الوطني أولاً، ثم اختيار الأعضاء (الألف) المؤسسين للمؤتمر ضمن دورته الأولى (24-29 أغسطس 1982م)، كلها طبعت أثرها الإيجابي بشأن جدية وأهمية التنظيم الجديد، مما انتهى بها الأمر الى الاستبشار خيراً، والتفاعل إيجاباً على نحو لم يسبق الإتيان بمثله.إن العوامل الآنفة الذكر رسمت معالم واضحة جداً لطبيعة المراحل التي سيؤول إليها مستقبل العمل السياسي للمؤتمر الشعبي. فعندما أقرت الأمانة العامة للمؤتمر في دورتها الثانية عام 1984م توسيع عضوية المؤتمر، ثم فتح فروع المحافظات لم يكن الأمر يبدو تطوراً مفاجئاً، أو منعطفاً في تاريخه بقدر ما يمكن عده انتقالاً آلياً على سلم البناء التدريجي الذي تحدثت عنه الأدبيات السياسية للمؤتمر الشعبي العام الأول ضمن تقرير لجنة التصور للعمل السياسي.. وهو الشيء ذاته فيما يخص انتخابات المجالس المحلية التي أجريت عام 1985م.أما بشأن الانفتاح على خيار مجلس الشورى الذي جرى لانتخاب له في عام 1988م، فإن الإشارة له سبقت نشأة المؤتمر، إذ أن التعديل الدستوري الأول عام 1980م شرع إقامة (مجلس شورى)، وكلف المجلس الأعلى لانتخابات هيئات التطوير التعاوني بالتحضير لانتخاباته. لكن ما يجب التنويه له هو أن هذه الانتخابات ما كانت لتحظى بنفس الأهمية والصيت لولا أنها توجت العديد من الممارسات الديمقراطية السابقة لها- سواء فيما يتعلق بإقامة الاتحادات والنقابات والجمعيات أو توسيع عضوية مجلس الشعب التأسيسي وتوسيع صلاحياته اختصاصاته، ثم تأسيس المؤتمر، وإجراء انتخابات المجالس المحلية، إضافة إلى انعقاد ثلاثة مؤتمرات عامة للمؤتمر الشعبي العام.. وغيرها.من المؤكد أن الممارسات المذكورة كانت كفيلة بإنماء مستوى الاستيعاب والوعي بثقافة الممارسة الديمقراطية، وضرورتها، وأخلاقياتها.. وما إلى ذلك. وانعكاساً لما آلت إليه الممارسة الديمقراطية من فهم ونماء كان التفاعل الجماهيري الشعبي مع انتخابات مجلس الشورى أقوى بكثير عما سبق، والتنافس أشد حماساً، والمشاركة أعظم مما كان يتوقع المراقبون .وعلى أثر الصورة التي تشكلت للرأي العام الداخلي والخارجي وجدنا أن المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الشعبي العام الذي جاء انعقاده عقب انتخابات مجلس الشورى بأيام قليلة شهد حضوراً عربياً وأجنبياً كبيراً جداً، حيث حضرته أعداد من وفود دول أسيوية وأفريقية وأوروبية، وغطت جلساته جموع غفيرة من الإعلاميين، وتم بث بعض جلساته بثاً مباشراً عبر إذاعة وتلفزيون صنعاء.لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل معنى ذلك أن المؤتمر الشعبي العام في فترة ما قبل الوحدة كان يمثل نفوذ سلطوي مباشر يمتلك زمام صنع القرار السياسي للدولة ؟بطبيعة الواقع الذي انبثق من ظروفه المؤتمر الشعبي العام نرى أن صيغة تشكيل المؤتمر على النحو الذي تحدثنا فيه من قبل تقترب كثيراً من صيغة المجلس النيابي (البرلمان) بمفهومه المعروف في اليمن. حيث أن كلاهما مؤلف من أطياف القوى السياسية اليمنية، علاوة على أن كلاهما يمثل سلطة تشريعية تتحدث باسم الجماهير وتناقش الخطط والبرامج التي تكفل مصالح الوطن والمواطن وتصون حقوقه وتحقيق إنسانيته.إلا إن الاختلاف في هذا يكمن في أن المؤتمر الشعبي العام كان يتولى بنفسه وضع الدراسات وتقديم المقترحات والخطط، ثم يعمل على مناقشتها مع الجانب الحكومي واتخاذ القرار بشأنها، مع الأخذ بالاعتبار أن أعضاء الحكومة هم أعضاء فاعلين في المؤتمر الشعبي العام.ومعنى هذا أن المؤتمر كان يمثل نفوذ سلطوي مباشر، ويمسك بزمام صنع القرار السياسي للدولة، ويمارس أيضا سلطة رقابية على الأداء العام لأجهزة الدولة التي يترك لها الكثير من التفاصيل والبرامج التي ينبغي عليها اتخاذ القرار بشأنها من غير السماح لها بتجاوز الثوابت الميثاقية.وبالعودة إلى محورنا الأساسي حول تطور الحركة السياسية للمؤتمر الشعبي العام، نجد أن المؤتمر كان يعمل بتقنيات سياسية عصرية. فالحاجة الى تكنولوجيا البناء المؤسسي للدولة، وإلى تنمية سريعة جعلته ينفتح على مختلف بلدان العالم ويرتبط بها في علاقات صداقة ومصالح مشتركة - بما في ذلك الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية اللتان كانتا تدعمان نظام الشطر الجنوبي أيام الصراعات.. ولم يتورط المؤتمر بالدخول في ركب معسكري الصراع الدولي (الرأسمالي والاشتراكي) بل أثر عدم الانحياز، وهذا القرار جنب اليمن الكثير من العواقب الخطيرة .كما أعطى المؤتمر أولويات لعلاقات الجوار الإقليمي، وخاصة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي على أساس من معطيات تاريخية وجغرافية وقومية واجتماعية . وتحاشى إيلاج نفسه بأية خلافات أو إثارة ما قد ينجم عنه تعطيل لمسيرة الدولة اليمنية التي كانت بأمس الحاجة للتفرغ لإصلاح هياكلها وبناء شعبها..لكنه في الوقت ذاته لم يتقوقع داخل حدوده الجغرافية وينغلق على همومه، بل ذهب إلى صناعة أدوار قومية بارزة على صعيد قضايا الأمة المصيرية، كالقضية الفلسطينية، واللبنانية ثم الحرب العراقية- الإيرانية وغيرها مما كان يطرأ في الساحة.إن تلك السياسة المتوازنة، القائمة على الصدق والوضوح والمصالح المشتركة سرعان ما نقلت المؤتمر الشعبي العام، واليمن بشكل عام إلى موضع احترام وتقدير العالم واليمن بشكل عام الى موضع احترام وتقدير العالم، الذي لم تتوان الكثير من الدول المتقدمة فيه عن تقديم يد العون والمساعدة للدولة اليمنية بقصد تسريع نهضتها، والأخذ بيدها في إزالة مواريث الجهل والفقر والمرض والتخلف.. وحتماً إن ذلك ما كان ليحدث لولا الأسلوب الحضاري الحكيم الذي آلت إدارة الدولة اليمنية إليه في عهد الرئيس علي عبد الله صالح وتنظيمه الجماهيري المؤتمر الشعبي العام.أملى الواقع السياسي الجديد لدولة الوحدة اعتبارات مغايرة للحالة السابقة التي كانت تصطف على خطوطها القوى السياسية ، فالتحول من التعددية السياسية إلى التعددية الحزبية كان بمثابة تأكي مبك - إلى حد كبير- لجدوى انبثاق المؤتمر الشعبي العام، وأهمية الدور الذي أضطلع به في تأهيل ساحة العمل السياسي للانتقال بالحركة الوطنية إلى مراحل أكثر نضوج، ووعي بمسئولياتها.إذ لم يكن الأمر بالسهولة التي قد يتصورها أحد عندما يدخل العمل الديمقراطي طور التعددية الحزبية بعد ثمان سنوات فقط من الإعداد والتأهيل في بلد لم يمارس الديمقراطية من قبل قط، ولا توجد فيه أية مؤسسة دستورية تؤدي هذا الغرض - بما يعني أنه كان يعاني من فراغ سياسي كامل.من المؤكد كان انتقال المؤتمر الشعبي العام إلى التعددية الحزبية قد رافقه تطور مماثل بانفصال القوى السياسية الوطنية المنضوية تحت سقفه، واستقلالها بذاتها وفقاً لظروف التعددية الحزبية ، وهي الحالة التي فرضت على قيادة المؤتمر إعادة رص صفوفها التنظيمية ، وإلغاء المسافات الشاسعة التي يمكن أن تتحول إلى فواصل تجزيئية ينجم عنها تبلور كيان سياسي فضفاض، يذوب في كيان السلطة المركزية بدلاً من أن يكون مصدر قوتها ، وقاعدة صياغة أفكارها وبرامجها .وربما وجدت هذه المسألة الكثير من الدراسة والتمحيص من قبل قيادة المؤتمر الشعبي العام خلال زمن التفكير في خيارات ممارسة العمل السياسي في دولة الوحدة . فالرئيس علي عبد الله صالح كان يهمه كثيراً ألاّ يزج بالمؤتمر الشعبي العام في ساحة عمل لا يقوى على موازنة نفسه عليها. فان القبول بخيار التعددية يعني الأخذ برهانات التحدي والمنافسة بين جميع القوى السياسية، واعتبار قوة الثبات، وأسلوب ترجمة الذات إلى فعل حركي، ومهارة المناورة هي الفيصل للمشروع السياسي للدولة .وبالتالي كان لا بد من دفع المؤتمر إلى الوضع التنظيمي الآمن والموازي بكفاءة لواقع ما كان يتصف به شريك الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني - بشكل خاص- أو أي حزب آخر كان من المؤمل له أن يثبت جدارة ، ويعلن عن نفسه نداً للاعبين الأقوياء .وعلى هذا الأساس أحاط المؤتمر الشعبي العام تنظيمه بخصوصية اعتبارية ترسم ، وتحدد معالم هياكله ودوائره التنظيمية وفروعه، إلى جانب تعديل وتطوير لوائحها الداخلية بالشكل الذي يفرز تلك الحلقات التنظيمية كبنى مؤسسية داخلية تعمل بصيغ أكثر استقلالية عما كان عليه من قبل.. وهو الأمر الذي أبرز اللجنة الدائمة للمؤتمر كمطبخ لجميع الأنشطة السياسية والمناورات الحزبية على صعيد جميع المراحل القادمة .إلاّ أن طبيعة حساسية المرحلة الانتقالية التي كانت قيادتي الشطرين تعتزم خوض تجربتها، وما يمكن استباق الأحداث به والتكهن بمناخه الساخن - والمحتدم أحياناً- في معطيات واقع أي تجربة ديمقراطية، آلت ساحة المؤتمر الشعبي العام إلى تبني أسلوب سلم التكوين القيادي الذي يعتلي رأس هرمه لقب (رئيس التنظيم) بعد أن كان (الأمين العام) هو أعلى مراتب السلم القيادي .فالرئيس علي عبد الله صالح ، بحكم رئاسته للجمهورية اليمنية ذات الخيار الديمقراطي ، سعى إلى تطوير صيغة السلم القيادي للمؤتمر بما يواكب المتغيرات الناشئة في دولته عقب إعادة تحقيق الوحدة.فلم يعد ممكناً له الالتقاء مع الأحزاب والتنظيمات اليمنية الأخرى من واقع التمثيل بمستوى الأمناء العامون في الوقت الذي تحتفظ بعض الأحزاب - كالحزب الاشتراكي- بمسمى قيادي أرفع من (الأمين العام)، حيث أن استمرارية عمل المؤتمر بسلم التكوين القيادي السابق يضفي على الآخرين تبوء الصفة السياسية الأعلى في اليمن - التي لا نظير لها، وهو ما سيخل بموازين تجربة العمل السياسي الديمقراطي.ومن جهة أخرى نجد أن انتقال مركز الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام إلى يدي الدكتور عبد الكريم الإرياني بلور توجهاً تحولياً في مسيرة المؤتمر، حيث أن المهام الكبيرة المناطة بالأمين العام ربما كانت ستصبح عبئاً مرهقاً جداً لرئيس الجمهورية الذي كان مطلوب منه الوقوف طويلاً أمام تحديات جمة تفرض نفسها في طريق المطلب التحديثي النهضوي لليمن .علاوة على كون هذه الآلية أبلغ أثراً في حماية التوازن الديمقراطي لساحة العمل الوطني من إرتجاعات أي انحياز سلطوي.وبتلك الطريقة يكون رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبد الله صالح قد عزز المؤتمر بأداة سياسية منتقاة بدقة متناهية مثلها الدكتور عبد الكريم الإرياني لمضاعفة طاقة العمل السياسي للمؤتمر، وقوة الدفع به داخل المعترك الديمقراطي..فالرجل ما زال يدور حديث السياسيين والمراقبين عنه بوصفه (دينمو المؤتمر) ومن ( أدهى العقول السياسية اليمنية) وأنه (رجل الحوار الذي يندب الآخرون حظهم كلما سعوا لابتزاز المؤتمر وقد ساقتهم أقدارهم للجلوس معه إلى طاولة واحدة) .ولعل وجود مثل هذا التوافق النادر بين رئيس المؤتمر الشعبي والأمين العام - والذي قلما تراه فيما هو كائن من أحزاب وتنظيمات- يعد مؤشراً أكيداً على أن المؤتمر الشعبي العام ينطلق في تجربة عمله الوطني من أفق واضح ومحدد بالثوابت الفكرية ، والقيم الأخلاقية ، والبرامج الواقعية ، والأهداف السامية التي لا يمكن أن يختلف عليها اثنان .إذن كان انفتاح المؤتمر على عهد التعددية يمثل في شطر منه استئنافا لغايات وجوده الثورية التي رافقت الإعلان عن تأسيسه في 24-29 أغسطس 1982م.أما الشطر الثاني منه فيمثل تطويراً مرحلياً لتجاربه السابقة بما يضعها على خط واحد مع الظرف المحلي الذي آلت إليه ساحة العمل الوطني. ويجعله ومواكباً لحاجاتها، ومتفاعلاً مع ما تستدعيه من التزامات وبرامج رامية إلى دفع عجلة الحركة الوطنية باتجاه غدٍ أرحب .إننا إذا ما استعرضنا تجارب العمل السياسي للمؤتمر منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية إلى يوما هذا نجد أن من أهم سمات هذه الفترة هي :أولاً: حرص المؤتمر الشعبي العام على البقاء قريباً من بقية الأحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة، والتزام الحوار الإيجابي أسلوباً أمثلاً في حل الخلافات وتضييق هوة المسافات الفاصلة التي تنجم عن بعض الأزمات السياسية ، لسبب أو لآخر.. باعتبار سلوكه هذا خياراً وحيداً للحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخها، وتعميق قيم الممارسة الديمقراطية .ولا شك أن التراجم الواقعية لهذا الأسلوب كانت تتجلى بكل وضوح في العديد من التجارب الماضية مثل حواره الطويل مع الحزب الاشتراكي اليمني خلال الفترة الانتقالية، وما رافق ذلك من تنازلات قدمتها قيادة المؤتمر للحزب الاشتراكي، والتي دخلت في بعض مراحلها طوراً أثار جدلاً حاداً بين المؤتمريين أنفسهم حول المدى المقبول لتلك التنازلات، وحدودها القصوى ، وكاد الأمر يتطور إلى ما لا تحمد عواقبه لو لا مهارة الرئيس علي عبد الله صالح في توضيح الأمور واقناع المختلفين .بجانب هذا كانت أزمة "أرخبيل حنيش" أيضاً نقطة حوار ساخن مع أحزاب المعرضة الداعية لاستخدام القوة، أضف إلى ذلك اللقاءات والاجتماعات التي لازم المؤتمر الشعبي العام عقدها قبل كل ممارسة انتخابية بهدف مناقشة ما تثيره المعارضة من ادعاءات ، وقلق ، وتخوين تسعى بها لابتزاز المؤتمر في الوقت الحرج ، والفوز ببعض التنازلات أو الامتيازات التي تسميها "ضمانات". كما كانت دعوة المؤتمر للمعارضة بالالتفاف حول صيغة مشروع " وثيقة الاصطفاف الوطني" واحدة من أبرز الشواهد على التزام المؤتمر الشعبي العام بالحوار الإيجابي خياراً رئيسياً لتوثيق العلاقة مع القوى السياسية الأخرى ، خدمة لما تقتضيه مصالح الوطن وأبنائه.
|
تقرير
المؤتمر الشعبي ..مسيرة غنية بالدروس
أخبار متعلقة