صباح الخير
إن العدل بين الأبناء مطلب مهم وضروري في عملية التربية الإسلامية السليمة ...لا أن تفضل ابنا على آخر أو جنسا من دون الآخر لأي سبب كان فذلك لا يولد إلا المرارة التي قد تصل إلى العداوة والكره و تملأ القلوب الصغيرة بمشاعر بغيضة تنمو مع الأيام وتكبر مع السنين نتيجة عدم حرص الآباء على العدل ،فالغيرة بين الإخوة سلوك غريزي وطبيعي في أي أسرة على اختلاف مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .وتبدأ بوادر الغيرة تظهر في ردات فعل الطفل الأول عند قدوم ضيف جديد لأنه من البديهي أن يحظى بالاهتمام والرعاية أكثر من الأول وبذلك قد تثار مشاعر الغيرة في أعماقه تجاه أخيه الذي بدأ يشاركه حب والديه واهتمامهما ...وقد يحاول لفت انتباه أمه بطرق مختلفة ليعبر عن غيرته سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حسب سنه ..وقد يتمرد ويغضب وقد يؤذي أخاه.إن من الواجب أن يوزع الأبوان حبهما وعطفهما على جميع الأبناء بالعدل والإنصاف وان يتجنبا عقد مقارنات أو إظهار مشاعر التفضيل تجاه أي منهم لأن ذلك يؤدي إلى تفاقم الإحساس بالغيرة فيما بينهم ولابد من التعامل بحكمة مع الخلافات التي قد تنشأ نتيجة الشعور بالغيرة ويجب الاستماع لشكوى كل منهم بصدر رحب وتشجيع التفاوت بينهم من خلال حثهم على ممارسة الأنشطة المشتركة التي يلعب فيها كل منهم دوره من دون أي طغيان على الآخر والحذر من محاولة احد الأبناء إيذاء أخيه بالضرب أو التهديد .
ويتعين على الآباء في مثل هذه الحالة تهدئة الطفل الذي يتعرض للعدوان وعقاب المعتدي بأساليب غير جسمانية وحرمانه من اللعب مع أصدقائه أو مما يحبه لفترة بسيطة.وتتجاوز أنواع الغيرة وتتفاوت في حدتها والتي في الغالب تكون نتائجها عكسية ...فهناك من يفضل الابن الأكبر ويمنحه الاهتمام الأكثر والرعاية الأوفر. وبالعكس هناك من يدلل الأصغر لمجرد انه آخر العنقود فطلباته أوامر وتصرفاته مهما كانت تؤيد وتكافئ ويدلل من قبل الجميع والنتيجة ولد مدلل لا مبال ذو شخصية مهزوزة في المنزل وبعدها في المدرسة لأنه يظن أن على رفاقه ومعلميه أن يتحملوه كما تتحمله أسرته لكنه يصبح منبوذا ويتجنب من حوله الاختلاط به. كذلك من يفرق بين الصفات التي وهبها الله للأخوات فهذه الأحلى أو الأذكى وتلك الاجتماعية والمثقفة أو المرحة ما يترك غضاضة في نفوسهن ...أما أعظم تفضيل فهو تفضيل الولد على البنت ومع الأسف فهذه الظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية لأسباب بيئية واجتماعية ونفسية تعطي مميزات للولد دون البنت وتفرض له حقوقا ليست من حقه وتزرع بداخله التميز منذ الصغر لا لشيء إلا لأنه ولد .عموما إن الإنصاف وتوزيع الحب بين الأبناء يجعلهم سعداء متآخين ويبعدهم عن الأمراض النفسية .
