كتب/محرر الصفحة:«أمي تحب عمر أكثر مني، أراها دائما تقبله عشرات المرات دون أن تلتفت إليّ وأبي كذلك عندما يخرج إلى السوق يأخذ أخي عمر معه، ونادراً ما يأخذني أنا». بهذه الكلمات بدأ الطفل أسامة التعبير عما يشعر به داخل أسرته المكونة من ثمانية أشخاص، هم إضافة إلى الأب والأم أربعة أشقاء وشقيقتان.إن التمييز بين الأبناء داخل الأسر خطر حقيقي يهدد استقرار العائلة، ويؤثر على نمو الأطفال في المستقبل، ويولد لديهم الشعور بالغيرة الذي يوجد حالة من العداء بين الأطفال، وربما تبقى تلك الحالة إلى مرحلة الشباب.الكثير من الآباء والأمهات لايستطيعون إخفاء حبهم لأحد أبنائهم أكثر من غيره فيميزون بين أطفالهم دون أن ينتبهوا لذلك، وتكون تصرفاتهم تلك عفوية. ولا يستطيع هؤلاء الآباء إخفاء حبهم لأحد الأبناء أكثر من غيره.[c1]لا أطيق أخي[/c]الطفل عماد (9 سنوات) لم يخف «كرهه لأخيه » فقال: «لم أعد أحب أخي الصغير أيهم فهو المدلل الوحيد في البيت، وهو من يحصل على كل ما يريد، لكن أنا وبقية إخوتي عندما نطلب شيئاً ما فلا أحد يلتفت إلينا».هذا الشعور الذي تولد لدى عماد يشعر به باستمرار، فعندما سألناه: هل شعورك هذا كان لمرة واحدة فقط ،قال: «إنني لا أحب أخي.. أكرهه دائماً».أما الطفلة آلاء فهي البنت «المدللة» في عائلتها، سألناها عن شعورها؛ لأن أباها وأمها يحبانها أكثر من بقية إخوتها فقالت: «أنا لا أشعر بذلك. ما أعرفه أن أبي وأمي يحبان جميع أخوتي بالدرجة نفسها، لكن أحياناً أنا أطلب شيئاً ما من أمي فتعطيني إياه، وفي أحيان أخرى يطلبه أحد من إخوتي لكنه لا يحصل عليه».أما سعيد فهو يشعر بالتمييز بينه وبين أخيه من خلال تصرفات والده.يقول: «إذا أخطأت بأي شيء أو حتى نسيت أمراً ما فإن والدي يضربني، لكن إذا أخطأ أخي فإن أبي يتكلم معه فقط، ويقول له: لا تكرر هذا الخطأ».[c1]آباء لا يشعرون[/c]أما الآباء الذين يمارسون التمييز بين أبنائهم فإنهم غالباً ما يمارسون ذلك بعفوية، دون الانتباه إلى ما يقومون به.سمير أب لأربعة أطفال يقول: «أحب أحمد كثيراً؛ لأنه دائماً مبتسم، وتصرفاته هي التي تدفعني إلى أن أحبه أو أفضله أكثر.ويوضح أبو احمد إنه لا يشعر أنه يقصر بحق بقية أبنائه، مؤكداً أن ما يقوم به هو عمل عفوي، ولا يقصد به التفريق بينهم.أم أمل وهي أم لطفلتين تقول: «أحب طفلتي الاثنتين كثيراً، لكنني أشعر أنني أحب إلهام أكثر من ناريمان؛ فإلهام مطيعة لي جداً، ولا ترفض لي أي طلب. أما ناريمان فإنها تعاندني أحياناً».وما يتضح من النماذج السابقة أن الآباء والأمهات يحملون الأبناء مسؤولية التمييز فيما بينهم. خاصة تصرفات الأبناء وميولهم النفسية وغيرها من الأسباب التي تدفع إلى هذا النوع من التمييز.[c1]الخبراء يحذرون[/c]ويحذر خبراء علم الاجتماع والاستشاريون النفسيون من هذا النوع من التمييز بين الأبناء داخل العائلة الواحدة، ومن المخاطر التي يسببها التأثير السلبي على أداء الأطفال في المدارس وانخفاض مستوى التحصيل العلمي لديهم. ومن الممكن أن تؤدي أيضاً إلى وجود حالة نفسية لدى الأطفال من الممكن أن تصل إلى درجة الحالة المرضية. إضافة إلى تأثيرات سلبية أخرى، مثل: العزلة والانطواء و النزاع بين الأبناء.يقول الاستشاريون النفسيون في هذا المجال عن المشكلة «ما من شك في أن التمييز بين الأبناء يؤدي إلى وجود علاقة عدائية بينهم، ويتولد شعور بالكره بينهم، وفي بعض الحالات نلاحظ أن الابن الذي يكون التمييز في غير صالحه يتمنى أن يصيب أخاه مكروه أو مرض».ويدعو عامر الآباء إلى «ضرورة الوعي بأهمية وأسس التربية الصحيحة من أجل تربية أبنائهم بالطريقة الصحيحة ،وربما من الطبيعي أن يكون هناك طفل ما داخل العائلة أكثر حباً لوالديه من بقية إخوته؛ فهذا أمر فطري، لكن في حال حدوث هذا الأمر فإن المطلوب هو عدم إظهار التمييز نهائياً، وإلاّ ستكون النتائج سلبية بدرجة كبيرة جد».ويدعون إلى ضرورة تطبيق المساواة التابعة في جميع أمور الحياة، وأبسطها القُبلة قائلين: «إذا قبل الأب أحد أبنائه فعليه أن يقبلهم جميعاً، ومن أشكال المساواة في جميع الأمور أيضاً المساواة في الملابس والطعام والهدايا، وحتى في الكلام فلا يتحدث الأب أو الأم مع أحد الأبناء، و يهمل البقية، وإنما العدل في كل شيء، حتى في النظرات والاستماع».ومن المفاهيم الأساسية التي يدعو إليها علماء النفس في هذا المجال من أجل تجنب الوقوع في الآثار السلبية الناتجة عن التمييز أن يقوم الآباء بمراقبة تصرفات أبنائهم بشكل مستمر، وحتى دراسة نفسياتهم وانطباعاتهم عما يحدث داخل البيت.