كتب / اقبال علي عبدالله :تقول الأيام والأسابيع والأشهر , بل وتؤكد أن يوم أمس – الجمعة – الثاني من مارس 2007م هو الذكرى الأولى لرحيل أخي الأكبر , صديق عمري المخرج المسرحي / فيصل علي عبدالله , رجعت إلى أرشيفي الصحفي فوجدت أن تاريخ الثاني من مارس 2006م رحل أخي عن الدنيا بصورة لم تفاجئ كل من عرفه ويعرفه إنساناً أحب الجميع كما أحب المسرح حتى رمقه الأخير , بل فاجئتني أنا بصورة خاصة ليس لأنه أخي الأكبر الذي كان قريباًُ جداً إلى قلبي , وقدوتي في الحياة منذ أن عرفت أن الحياة مسرح ونحن ممثلون فوقه .. بل لأنه أخي ( فيصل ) كان عاشقاً حتى الجنون بالحياة لأنها كما قلت مسرح قال لي أخي يوماً أنه " ولد من أجل المسرح !! " .. شعرت وأنا أسمع عند الفجر من أخي الأصغر الذي يقارب موقعه في قلب موقع ( الراحل فيصل ) , بأن " أخونا غائب عن الوعي يمكن مات في منزله وحيداً !! " سألته كيف عرفت ؟! قال " من جيرانه عبر الهاتف قبل قليل!! " لم اصدق الأمر ولكني مع بقية أخوتي وعند الثانية والنصف فجراً توجهنا إلى منزل أخي فيصل لأجده نائماً على سريره دون نبض , الجميع أكد أنه فارق الحياة .. إلا أنا صمت ولا أدري كيف دار في ذهني شريط حياة أخي الفنية منذ عودته من العاصمة المصرية – القاهرة – عام 1972م بعد دراسته فنون المسرح والدراما التلفزيونية .. حمل على عاتقه في بلد كله شرارة ثورية , الماركسية تسري بسرعة البرق في هذا الوطن أكثر من موطنها الاصلي .. فترة لا أحتاج لإعادة وصفها لأن كل من في جيلي يعرفها ويعرف مآسيها ومآسي الحزب الذي أرغم الناس على ترديد بل وحفظ شعار " الحزب الاشتراكي عقل وشرف وضمير الشعب " لا حوله ولا قوة إلا بالله .عشنا ثمانية وعشرين عاماً من الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م وحتى تحقيق حلم الأحلام الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م , بدون " عقل ولا شرف ولا ضمير !! " لأن الحزب الباسط يده علينا حينها كان هو كل شيء .. !! .. أقول ان أخي حمل مع بعض أساتذته أمثال " الاربد " , " المدي " , وزملائه " سعيد عولقي " , " عتيق سكاريب " , " حسين السيد " , " أحمد ناصر الحماطي " , " فيصل بحصو " والزميل الوفي " علي اليافعي " حمل معهم إنشاء أول مسرح في اليمن على أسس علمية حديثة مستفيداً من مدرسة الألماني العبقري ( بريشت ) .نعم عاد هذا الشريط إلى ذهني وأنا أرى بالعين المفتوحة أخي نائماً مغمض العينين لا نبض في قلبه , لا شيء سوى ابتسامة صغيرة كانت على شفتيه لم يستطع الموت أن يمحوها , الأمر الذي جعلني حتى اليوم بعد مرور عام على رحيله جسداًُ , غير مصدق أنه رحل , لأنني كما حاولت إقناع نفسي بالحقيقة وجدت ذات الشريط يدور من جديد في ذهني .. رحلة فنية شاقة , عذاب كان يتلذذ به , عاشها الفنان / فيصل علي عبدالله بالطول والعرض , قربت السلطة منه ولكنه حتى رحيله لا يحب السلطة إلا في المسرح لأنه سلطان الفنون .وأعترف اليوم لأول مرة إنني بدأت حياتي ممثلاً مسرحياً , وتوجهت إلى القاهرة في مايو 1973م على نفقة والدي رحمة الله في زمن الرئيس الراحل ( سالمين ) , لانخرط في دورة تعليمية بالمسرح العمالي – كان أخي / فيصل , مؤثراً شديد التأثير عليه .. وكيف لا وهو صاحب الاعمال المسرحية الخالدة في منتصف السبعينات وبداية الثمانينات " الكنز " , " موكب الثورة " , " الأم " , " أوبريت الثورة , بعض من هذه الأعمال قدمها في مصر أثناء دراسته منها " الكنز " .لا أدري لماذا أقول لكم هذا الحديث اليوم ؟! هل لأنني بدأت أقتنع بأنه حقاً رحل !! هل لأنه ترك لي مسؤولية أسرة كبيرة لاقودها بدلاً عنه ليس بالمال فقط , بل بالحب الذي تعلمته منه جيداً .. لا أعلم ولكني أعلم جيداً أن الحياة الصعبة التي نعيشها لم تقتل الوفاء في الكثير من الناس .. ولعل الأمثلة ليس التي فقط شاهدتها , بل عشتها خلال عام من رحيل أخي تجعل من الواجب عليه أن أروي بعضاً يسيراً منها :❊ بعد ساعات قلائل من دفن أخي كانت كلمات العزاء الجميلة عبر الهاتف من الأستاذ والأخ العزيز / أحمد الحبيشي والصديق الطيب / نجيب مقبل الذي كان في صنعاء وقطع زيارته ليعود في اليوم نفسه لمواساتي .رسالة التعزية من أستاذي الذي أحمل له عرفان الوفاء لوقوفه معي في كل ظروفي الصعبة الأخ الجميل / عبده علي بورجي .قدوم الأستاذ الفنان المسرحي الكبير / علي اليافعي , إلى المنزل باحثاً عن صورة للراحل لرفعها لوزارة الثقافة في صنعاء لتكريمه كرائد من رواد المسرح الحديث .. وكان له هذا .برقية العزاء من الأستاذ النبيل / خالد الرويشان , وزير الثقافة , فهو لا يعرف أخي عن قرب , ولكنه متطلع على تاريخه المسرحي , فكان وفاءه بتكريمه وتوجيهه بتقديم كل أشكال الدعم لأسرتنا .مبادرة الإخوة الأعزاء في حزب التجمع اليمني في إقامة العزاء للراحل في مقر الحزب في عدن والسؤال الدائم عن أسرته .ولا أنسى الكلمات التي ما زالت تدق في قلبي وأذني قالها أخي الاصغر / رشدي , ونحن نودع جثمان أخي بعد دفنه " من سيحمل المسؤولية فينا بعده ؟! من سينفذ مشاريعه المسرحية التي كان يخطط للقيام بها بعد فترة من الركون بجانب المنزل ؟!.
أخبار متعلقة