مع الأحداث
أنور محمد مهيوببدأت إسرائيل عملياتها الحربية واسعة النطاق وبشكل مكثف وتحت غطاء جوي اشتركت فيه كل أنواع الطائرات الحديثة ما يفصح وبشكل جلي مدى الخوف الذي وصلت إليه الدولة العبرية من (رباط)سلطة حماس في غزة. فمن الناحية العسكرية يحاول الجيش الإسرائيلي تفادي الأخطاء السابقة عند مواجهة حزب الله اللبناني والتي أخفق أمامها الجيش الإسرائيلي وكذلك حكومة “أولمرت” والأحزاب المتحالفة معها وتحاول الأن تغطية إخفاقها وأخطاءها السابقة في معركة الضاحية الجنوبية لبيروت في محاولة للحصول على نصر ولو جزئى في حربها القادمة وبلا شك فإن حكومة “أولمرت” وضعت خطتها العسكرية قبل وقت طويل تمهيدا ًلبدئها الآن لحظة العد التنازلي لانتخابات الكنيست وعلى اعتبار أن الضربات الجوية القوية على مراكز السلطة في غزة ستكون بداية لاجتياح ربما تدريجي أو بطيء أو حتى مباشر تبدأ نتائج هذا الهجوم والذي يراد منه استنفاذ مقومات حماس المادية ومحاولة كسر الروح القتالية لدى قادتها ومقاتليها ليسهل اجتياحها ومن ثم تسليمها السلطة الفلسطينية في رام الله أو على الأقل تحزيمها بشريط حدودي أمني يشبه الحزام الأمني الإسرائيلي (جنوب لبنان) سابقا ً.على المدى البعيد تنظر الحكومة الإسرائلية إلى محاولة إعادة المنظمة الحمساوية إلى نقطة الصفر على الأقل وإعطاء الجانب الآخر وقتا ً أطول في محاولة إعادة البنية العسكرية للمحتل وخاصة عندما تخلو ساحة الأحزاب الإسرائيلية من قادة بقوة “أرئيل شارون” الذي تميز بإرغام الشارع اليهودي على تقبل أفكاره وإستراتيجيته وليس العكس كما تفعل حكومة “كاديما والعمل” فبالإضافة إلى وجود القادة العسكريين توجد الأحزاب الرئيسة التي ترى خطورة بقاء منظمات شبيهة بحماس أو حزب الله مجاورة للكيان العبري وفي ظل هذا الوضع ينظر إلى الحكومة الإسرائيلية بأنها الجانب الأضعف عكس حكومة “شارون” وعلى هذا الأساس فمن غير الممكن التكهن في الوقت الحالي بنتائج هذه المجزرة والتي بكل تأكيد روجعت من قبل واشنطن وخاصة السلطة الأخيرة لبوش وهذا ما دفع بالجيش الإسرائيلي في هذه المغامرة على اعتبار أن سلطة (أوبا ما) قد تشكل اتجاها ً مغايرا ً لتحركات الآلة العسكرية وهذه قراءة مستبعدة اعتمادا ً على تصريحات “أوباما”الأخيرة والتي تعطي أمن إسرائيل أولوية قصوى.تبقى التأثيرات العميقة لهذا الاحتياج في عملية السلام التي يقودها عباس رئيس السلطة الفلسطينية والتي تضع “منظمة التحرير” في أصعب مواقفها التاريخية وقد لاح الانقسام الفلسطيني في كبرى منظماتها “فتح”من خلال تصريحات قادتها التاريخين الذي لايخدم البتة رئيس السلطة الفلسطينية “أبو مازن” وعلى نفس مسار السلام إن كان لهذه الكلمة معنى الآن تظهر بوادر تلاشي قطار السلام الإسرائيلي السوري والذي بدأ على استحياء في “إسطانبول”لكنها على ما يبدو لم تكن سوى مناورة إسرائيلية لسحب البساط من “حماس” من خلال جر سوريا إلى مفاوضات منفردة ومحاصرة حماس بالكيفية التي تحدث الآن.وأخيراً لا يمكن تجنب الزيادة في حالة التشرذم العربي التي تعيشها الحكومات العربية وكذلك الشارع العربي الذي يحاول التنفيس عن احتقانه في ما يجري بالهتافات والاعتصامات التي يبدو أنها لن تكون لها نهاية على الأقل في المستقبل القريب.