محمد صداعي عليهناك رجال إذا ما تعرف المرء عليهم لا يستطيع الابتعاد عنهم ولا تذهب صورهم وأعمالهم من ذاكرة أو ذاكرات كل من يعرفهم لأن ذهابهم يأتي بعد ما يضعون بصمات وأعمالاً جليلة تظل الأجيال المتتالية تذكرهم وتذكر أعمالهم وعندما يرحلون يرحلون بدون أي ضجيج لأنهم عندما يعملون يعملون بضمير حي وبحسٍ وطني وبإخلاص وبقناعة وبحب لهذه الأرض الطيبة ولهذا الشعب العظيم.ومن هؤلاء الرجال الأخ العزيز المناضل الوطني الكبير المهندس الراحل / أحمد محمد البعسي «أبو محمد وأبو مراد», (رحمة الله عليه ورضوانه الذي أختاره المولى عز وجل إلى جواره ولا اعتراض على ما أراده المولى فهم السابقون ونحن اللاحقون والبقاء لله وحده وكل نفس ذائقة الموت ولا حول ولا قوة إلا بالله و إنا لله وإنا إليه راجعون.نعم لقد رحل ابن البعسي تاركاً هذه الدنيا الفانية وتاركاً تراثاً كبيراً وأعمالاً خالدة وجليلة لرفاقه وزملائه ولأبنائه ولأسرته ليتعلموا منها كل شيء طيب وجميل ولا تنفع الإنسان إلا أعماله الصالحة التي يذكره الناس بها والتي سيقابل بها خالق السموات والأرض وأعماله كثيرة يعرفها الصغير والكبير في كل منطقة عاش فيها, عدن / أبين/ شبوة / صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية.لقد كان أبو محمد كادراً قيادياً استثنائياً في العمل السياسي والهندسي مارس دوره القيادي بهدوء وببرودة أعصاب وبنوع من الاعتزاز بالنفس وبالابتعاد عن كل أمراض التخلف بالرغم من كل الممارسات والأساليب التي مورست ضده منذ أن كان طالباً وحتى انتهاء فترة دراسته ولأنه من أسرة لها تاريخ وطني في الثورة اليمنية منذ انطلاقتها وحتى يومنا هذا ,, أسرة قدمت رجالاً شجعاناً وقيادات بارزةً وأبطالاً مغاوير وشهداء بواسل وفي مقدمتهم المناضل الوطني الكبير الشهيد / حسن البعسي والمناضل الوطني الكبير / منصر ناصر الكلفوت والمناضل الوطني الكبير / ناصر محمد البعسي وغيرهم من الشهداء البواسل ومن الأحياء اللواء الركن / سالم علي قطن والكلفوت وغيرهم.هذه الأسرة هي جزء من قبيلة آل سالم بن دحة العولقية في (يشبم) ولهذا كان هذا المناضل الوطني الكبير والمهندس المبدع / أحمد محمد البعسي هو الجامع بين أبين وشبوة. كيف لا وهو الذي عاش حياته كلها من أجل أن تظل روابط المحبة والإخاء بين أبين وشبوة وربط ذلك بعدن التاريخ ناصع البياض.نعم لقد تربى هذا القيادي في مدرسة الحركة الوطنية اليمنية بدءاً بمنظمة البعث ثم بحزب الطليعة الشعبية ثم بالحزب الاشتراكي اليمني وفيما بعد المؤتمر الشعبي العام ضمن مجموعة من رفاقه القياديين وفي مقدمتهم الشهداء البواسل / محمد سالم التوي وأبوبكر غالب عفيفي وسالم فضل صالح ومصطفى مسرج ومحمد ناجي سعيد وغيرهم وكذلك الأحياء أمثال الأخ الأستاذ / أنيس حسن يحيى والأخ / ناجي بريك والأخ الدكتور / مندعي غالب عفيفي وعبدالله محمد عزيز وغيرهم كما أن هذا الرجل كان بحق رجل المواقف الصعبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى, كيف لا وهو الذي يجمع عليه كل أبناء المنطقة ولا يختلف عليه اثنان فهو الأب والأخ والابن بكل ساكني المخزن تلك المنطقة التي يعيل فيها أسراً كثيرة. بفقدانه فقدت عائلها وبرحيله فقدت أبين وشبوة كلها قائداً ومهندساً فذاً وعملاقاً من عمالقة البحر وأحواض السفن وكل البواخر التي تأتي للعمرة السنوية أو للصيانة الدورية البحر بدءاًً بالمناضل الوطني الكبير الشهيد / يوسف علي بن علي (رحمة الله عليه ورضوانه) والمناضل الوطني الكبير الدكتور / صالح مهدي المنتصر (رحمة الله عليه ورضوانه) وهذا الفارس المغوار الذي فقدناه لا اعتراض على إرادة المولى عز وجل.لقد كان ابن البعسي إنساناً بسيطاً في حياته لا يتعالى على أحد لأي منصب يوضع فيه يحب الناس ويحسن التعامل مع البسطاء ولم يقبل على نفسه الدخول في صراعات مع هذا أو ذاك بل على العكس تجده على الدوام ذلك الإنسان المتسامح مع الجميع ولم يحقد على أيٍ كان إذا ما أخطأ بحقه بل على العكس من ذلك يرد على المخطئ بحقه ويقول له / الله يسامحك. رجل يشعرك ويشعر كل من يتعامل معه بأنه قريب للجميع وواحد منهم وتجد ذلك يتجسد في مشاركاته للجميع في أفراحهم وأحزانهم ولا يكتفي بذلك بل تجده أول من يقدم كل دعم ممكن مادي أو عيني لكل محتاج ولا يستطيع أي كان أن ينكر ذلك. وكثيرون هم الذين قدم لهم العون وكانت يداه ممدودتين لهم على الدوام وسيظل الجميع يترحمون عليه فصورته وأعماله داخل وجدان كل من تعامل معه سواء في العمل أو في الحياة العامة والشواهد على ذلك كثيرة.لقد كان / أبو محمد المهندس الذي يربط بين النظرية والتطبيق وعلى يديه تدرب وتخرج الكثيرون من الكوادر فهو السياسي مع السياسيين في القطاع الطلابي أولاً وفي العمل الحزبي ثانياً وهو المهندس والعامل في العمل لهذا تدرج في المناصب المحلية التي كانت تصل إليه بدون أن يذهب إليها لأنه من الكوادر القيادية الكفوءة وهكذا تجده أول من يصل إلى العمل وبالذات في المجال البحري يلبس خوذة العمل وينزل إلى قاع السفن والبواخر التي تدخل إلى أحواض السفن للعمرة أو للصيانة ويلتف حوله المهندسون للمشاركة في إنجاز هذه الأعمال الصعبة والخطيرة حتى وهو مدير عام شركة أحواض السفن يترك المكتب ويقود زملاءه المهندسين في العمل الميداني على أرض الواقع. رافقه مهندسون كبار توفاهم المولى عز وجل قبله. منهم ربان الحوض العام المهندس / المرحوم محمد راوح عبدالله والمهندس المرحوم / عبدالعزيز أحمد علي والمهندس المرحوم / علي إسماعيل وغيرهم من المهندسين المتوفين رحمهم الله. ومن الأحياء المهندس / محمد سليمان زيد أبو وهيب والمهندس المناضل الوطني الكبير / خالد غلام أبو محمد زميل ورفيق وصديق عمره والذي لديه الكثير لكي يقوله, والمهندس / محمد بن حسن أحمد والمهندس / علي حيدرة والمهندس / علي قاسم.لقد كان المهندس المرحوم / أحمد محمد البعسي مدرسة تعلم فيها الكثيرون وتخرج فيها الكثيرون. فهو قيادي استثنائي من طراز فريد وبوفاته خسرت اليمن قائداً عملاقاً وخسرت أبين وشبوة رجلاً شجاعاً وقيادياً جسوراً وخسرت الهندسة البحرية مهندساً قلماً يجود به والزمان ولكن لا اعتراض على إرادة المولى فالعظماء يغادرون هذه الدنيا الفانية ولا تُعرف قيمتهم إلا بعد رحيلهم. رحل أبو محمد تاركاً وراءه كل شيء طيب وجميل, ويحق لنا أن نعتز بكل ما له علاقة بهذا المهندس الشجاع والقيادي البارز, ويحق لأسرته ولمنطقته ولقبيلته وكل من يعرفه أن يعتزوا بكل ما ترك. مع مناشدتنا ومطالبتنا للجهات المختصة بالاهتمام بكل ما ورث وبمنحه أغلى الأوسمة وبإطلاق اسمه على أي معلم بارز تخليداً وتجسيداً لأعماله ونقول له : نم قرير العين أبا محمد, وأدخلك الله فسيح جناته! وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.و إنا لله وإنا إليه راجعون.
الفقيد المهندس البعسي القيادي الاستثنائي
أخبار متعلقة