اليمن في الحرب العالمية الأولئ الأسطول البريطاني يقصف اللحية والحديدة حتى تلتهم النيران الكثيرمن المنازل وا لمنشآت ويسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيينمحمد زكرياشهدت اليمن في سنتي1914 ـ 1919م، أحداثاً خطيرة.فقد اندلعت الحرب العالمية الأولى بين الإمبراطورية البريطانية والخلافة العثمانية والتي كانت شمسها تجنح إلى المغيب، وكان من الطبيعي ان يلقي الصراع العسكري بين البلدين بظله الثقيل على اليمن واليمنيين وعلى وجه التحديد على سواحل وموانئ اليمن التي كانت ترابط بها القوات العثمانية..ولقد قررالعسكريين البريطانيون أن تحاصر بريطانيا العظمى بأسطولها القوي الذي كان يعد في ذلك الوقت أقوى أسطول في العالم سواحلها وموانئها.معارك على أرض اليمندارت معارك عنيفة بين الأسطول البريطاني الضخم والقوات العثمانية المرابطة في عدد من المواني اليمنية . فقد كانت اليمن تمثل لبريطانيا العظمى جبهة قتال هامة بسبب احتكاكها وتماسها مع اليمن فقد كانت عدن درة تاج الإمبراطورية البريطانية ، الجبهة المواجهة للعثمانيين في اليمن ولذلك كانت تعمل على حمايتها من أية خطر عثماني يمكن أن يمسها بسوء . والحقيقة أن تلك الصراع السياسي والعسكري بين الدولة العثمانية وبريطانيا العظمى في الحرب العالمية الأولى . يكشف مدى ما عانت منه اليمن من ويلات الحرب الذي ألقى بظله الثقيل عليها .وفي الواقع إن ذلك الصراع بين الدولة العثمانية التي انحازت إلى ألمانيا القيصرية ضد بريطانيا في الحرب العالمية الأولى جعلت الأخيرة تكشف عن قناعها إزاء أطماعها للممتلكات الرجل المريض الدولة العثمانية. اللحية تشتعلوالحقيقة إن تلك الأحداث الخطيرة والدامية التي وقعت في جزر وموانئ اليمن على سبيل المثال اللحية التي تعرضت إلى قصف شديد من الأسطول البريطاني كان من نتائجها أن اشتعلت النيران في الكثير من أحيائها وأدى إلى حدوث قتلى وجرحى بين سكانها الآمنين . قلنا : أن تلك الأحداث الخطيرة قد سجلتها الوثائق البريطانية ، ولقد كشف القناع عنها الباحث البريطاني الأستاذ جون بولدري الذي أعتمد اعتمادا كليا على تلك الوثائق البريطانية التي روت أحدث تلك الفترة الهامة من تاريخ اليمن الحديث.وعلى الرغم من أهميتها إلا أن الباحث بولدري كان يعرض أحداث تلك الفترة السياسية والعسكرية من وجهة نظر بريطانية بحته ـــ على قول سيد سالم مصطفى ـــ ولقد ضرب مثالا على ذلك عندما قصفت اللحية من قبل الأسطول البريطاني ، فما كان من القوات العثمانية أن أحرقت المدينة على من فيها عقابا للقصف العنيف من البريطانيين ضدهم . وربما كان مناسبا أن نذكر ما قاله الأستاذ الدكتور سيد سالم الذي قام بترجمة الكتاب الذي حمل عنوان " العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن أبان الحكم التركي 1914 - 1919م للباحث البريطاني جون بولدري حيث كتب يقول : " ... عن محاولة العثمانيين حرق مدينة اللحية، فان اعتماده فقط على وثائق السفن البريطانية التي كانت تقصف الحامية العثمانية ، جعله لم يقبل على تفسير هذه المحاولة الجنونية ، ولم يقدم تفسيرا مقنعا إلا ما قدمته تقارير السفن البريطانية بأن المحاولة أنما كانت من قبيل الانتقام من قسوة العنف التي تعرضت لها الحامية. ويسترسل : لكن هذا التفسير لا يشفي غليلا، فهو منطلق من قادة في مركز القوة ، غير أن التساؤل يظل قائما وهو كيف يقدم رجال الحامية على هذا التفكير وإلى أين يذهبون؟ فالسفن تحاصرهم بحرا ، وقوات الا دريسي تحيط بهم برا ، والأهالي تراقبهم داخل المدينة ، فهل يدفعهم الإنتقام وحده إلى حرق المدينة ؟ أم يلجأون إلى الثبات والصمود والتقرب إلى الأهالي كما فعلوا في مواقع ساحلية أخرى طبقا لما ذكره الباحث نفسه خلال البحث " .ويؤكد الدكتور سيد سالم في موضع أخر من صفحات الكتاب ، أن الباحث " بولديري" لم يستطيع التخلص من هيمنة الوثائق البريطانية على أسلوب تفكيره ، فيقول في هذا الصدد : " ... أن سيطرة الوثائق البريطانية على البحث قد أثر على موقف الباحث من التفسير والتحليل المطلوبين للأحداث التي ساقتها الوثائق نفسها. ويتضح هذا فيما ذكره المؤلف عن شيخ " معاوية " ، الشيخ محمد ناصر مقبل الذي عقدت معه بريطانيا اتفاقا محدودا من أجل اثارة المتاعب في وجه الأتراك في جهات (( القمبرة والعدين والحجرية وأب والمخا وقعطبة )) ، ويعمل على طردهم من لواء تعز ، غير أن الشيخ فشل في أن يقوم بأي عمليات حربية ذات أهمية تذكر ... ولا شك أن الوثائق المحلية التي عثرنا عليها ... تفسر لنا بوضوح أن أهالي لواء تعز قد استجابوا بالفعل إلى نداء العثمانيين إلى الجهاد ، وزحفوا معهم ألى (( لحج )) وأمدوهم بالمال والغذاء " . وأضاف قائلا : " وتعاطفوا مع حملة (( علي سعيد باشا )) إلى حد كبير ، وهذا كله يوضح أسباب فشل شيخ ( ماوية ) في تأدية مهمته ، أي في تحقيق انتصارات عسكري أوسياسية ضد العثمانيين في منطقته " . تفكير الساسة البريطانيينومن الايجابيات التي أنبثقت من الوثائق البريطانية ، يقول عنها الدكتور سيد سالم كالتالي : " ... لاحظنا منذ الوهلة الأولى عند الاطلاع على هذا البحث ، أن ( بولديرى ) قد أعتمد بشكل مطلق على مصادر إنجليزية بحته ، القليل منها كتب مطبوعة منشورة ، أما أغلبها فهي وثائق رسمية مازالت داخل ملفاتها في دور المحفوظات البريطانية المتعددة " . ويواصل سيد سالم حديثه قائلا : " ومن ناحية ثانية ، فان هذا الاعتماد الكلي على الوثائق البريطانية ، قد أتاح لنا فرصة الاطلاع على ما تحكيه هذه الوثائق ، وهو مايصعب الإطلاع عليه لبعد المسافة ، وطول الإجراءات " . وأضاف قائلا : " ومن ناحية ثاليه ، فان سيطرة الوثائق على البحث ، وبهذا القدر الكبير الذي أستخدمه الأستاذ ( بولدري ) قد يفيد في التعرف على تفكير الساسة والعسكريين البريطانيين في تلك الآونة المسميات التاريخية ومن الملاحظات القيمة الذي طرحها الدكتور سيد سالم في مقدمته للكتاب وهي كالتالي : " من المعروف أن المنهج العلمي يفرض على من يتعرض لكتابة التاريخ أن يلتزم بالمسميات التاريخية التي تفرض نفسها في فترات معينة ، لذلك نأخذ على الأستاذ ( بولدري ) أنه أطلق (( الإمبراطورية العثمانية )) اسم (( تركيا )) ــ كذلك غيرها من الإشتقاقات مثل : (( الأتراك .. ، التركية )) ـــ رغم أننا نعلم أن هذه (( الإمبراطورية )) لم تختف من المسرح التاريخي إلا عقب الحرب العالمية الأولى ، أي بعد الفترة التي تناولها البحث ، إذ لم تظهر (( تركيا )) الحديثة ــ لكي تدخل أبواب التاريخ ـــ إلا بعد عقد معاهدة (( لوزان )) عام 1923م " . ويضيف قائلا :" وبناء على ذلك كان الأجدر استخدام لفظ : (( العثمانية )) ، بدل (( تركية )) طالما كانت هذه التسمية هي التي تطابق المرحلة التاريخية التي تتدرج تحتها فترة هذا البحث " . الحرب وأثرها على اليمن والحقيقة لقد تأثرت اليمن بالحرب العالية الأولى تأثيرا واضحا ، علما أنها أي اليمن كانت جبهة من جبهات القتال الشرسة التي دارت بين بريطانيا العظمى والدولة العثمانية بحكم وجود الأولى في عدن مركز قيادتها ، والثانية في اليمن ، فكان ضروري أن يشتعل بينهما فتيل القتال . وفي هذا الصدد يقول سيد سالم : " ... يخطىء من يقول أن اليمن لم تتأثر بأحداث الحرب العالمية الأولى ، لموقفها الحيادي ، أو لبعدها عن ميدان الحرب الرئيسي في فرنسا وفي أوربا عامة ، منطقة الشرق الأدنى ، فمن يطلع على جزئيات هذا البحث يلمس أن اليمنيين قد فقدوا المئات من زوارقهم الشراعية التي كانت تعرف بـ (( الداوات )) ، ومن منازلهم ومنشآتهم على الساحل . وهي جميعا ممتلكات خاصة بالشعب اليمني ، رغم أنه لم يكن طرفا في الحرب ". ويضيف قائلا : " وترتب على هذا أن عانت البلاد برمتها ــ سهولها وجبالها ــ من الحصار البحري وبالتالي (( الاقتصادي )) الذي فرض عليها ، وقاسى الشعب منه كثيرا طوال فترة الحرب " . عدن درة التاج البريطانىوالحقيقة أن عدن كانت في نظر الساسة والعسكريين البريطانيين الموقع الاستراتيجي الذي لا يمكن الاستغناء عنه وضرورة الاستماتة في الدفاع عنه ، على الرغم أن القوات البريطانية في عدن والتي تعتبر مركز القيادة العسكرية البريطانية لا تمتلك القوة الضاربة التي تمكنها من صد قوات مناوئة لها كما حدث في لحج ، فان من يحاول أن يقترب من عدن فانه سيجد صعاب دونها صعاب في زحزحت بريطانيا منها . وربما كان مناسبا أن نورد ما أورده الدكتور سيد سالم حول هذا الموضوع ، فيقول : " ... أبرز البحث ضعف موقف القوات البريطانية في عدن ، عندما هاجمتها قوات علي سعيد باشا أوائل الحرب ، إذ لم تتمكن القيادة هناك من (( توفيرقوات بريطانية لشن حركة هجومية لإزاحة الأتراك عما احتلوه )) ، وأضاف قائلا : " حقا لم يكن في امكان حملة سعيد باشا ومن أحاط بها من أبناء أن يزحزحوا القوات البريطانية من عدن . إذ كان دون صعاب وصعاب وخاصة أثناء اشتعال الحرب العالمية . وكانت بريطانيا سوف تستميت من أجل الحفاظ بهذه الدرة الغالية من درر التاج البريطاني " .الجزر اليمنيةوالحقيقة أن كتاب (( العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن )) على الرغم من صفحاته القليلة لكنه يحتوي على عدد من العناوين الهامة والمثيرة في نفس الوقت فعلى سبيل المثال: تأسيس دورية بحرية في البحر الأحمر ، الأحتلال البريطاني لجزر البحر الأحمر ، الأعمال البحرية البريطانية ضد الصليف ــ ديسمبر 1914 ــ ابريل 1919، الاحتلال البريطاني للحديدة ، اشتباكات بحرية صغيرة ضد المواني اليمنية إبان الحكم التركي 1914ــ 1918 وغيرها من العناوين الهامة والمثيرة .وسنقتطف بعض ما ذكره الباحث البريطاني ( بولدري ) حول الاحتلال البريطاني لجزر البحر الاحمر ، فيقول : " في 17فبراير 1915 ، تعرضت مسألة ارسال حملة لاحتلال جزر البحر الأحمر للدراسة مرة أخرى ، عندما أبلغ المقيم البريطاني في عدن حكومة الهند بوصول برقيات ورسائل بريدية وأموال إلى القيادة التركية في اليمن ، كانت قد أرسلت في زوارق صغيرة من (( جدة )) إلى اليمن .احتلال كمران .. ويواصل ( بولدري ) حديثه :وقد كتب المقيم : " أن مما له أهمية قصوى " أن يتم وقف هذه الاتصالات ، وأقترح الارسال السريع لقوة قوامها مائتا رجل على متن السفينة ( امبرس أوف راشيا ) ، والسفينة ( منتو ) للاستيلاء على (( كمران )) التي سوف تستخدم منذ الوقت كقاعدة للعلميات البحرية في المستقبل " . وتتواصل الرسائل بين المقيم البريطاني في عدن ـــ والذي كان الأخير يلح على ضرورة إحتلال جزيرة ( كمران ) لاهميتها العسكرية ــــ وحكومة بومبي ، وحكومة صاحبة الجلالة في لندن . وكيفما كان الأمر ، فان الاتفاق قد تم على ضرورة احتلال جزيرة ( كمران ) ، وعدد من الجزر اليمنية في البحر الأحمر نظرا لأهميتها الإستراتيجية العسكرية لبريطانيا العظمى وهي (( حنيش الكبير )) ، وجزيرة (( زقر )) . وربما كان مناسبا أن نذكر ما وأورده الباحث البريطاني ( بولدري ) حول الإحتلال العسكري البريطاني لتلك الجزر اليمنية الواقعة على البحر الأحمر ، فيقول : " وفي 8 يونية ، وصلت السفينة إلى جزر (( حنيش الكبير )) هبط إلى الأرض ضابط هندي و 45 رجلا من لواء المشاه 109 مع رجال المدفعية الميكانيكية رقم 450 ، ومجموعة معدة من المشاة ـــ وفي وقت متأخر من نفس اليوم هبط عدد مماثل من القوات إلى جزيرة ( زقر ) حيث رفع العلم البريطاني في مكان واضح . وفي اليوم التاسع من يونيه ، أنزلت السفينة (( أمبرس أوف رشيا )) مجموعة مسلحة تحت قيادة الميجور فيلوز من لواء المشاة رقم 109 إلى ( كمران ) " . كل هذه الاعمال العسكرية البريطانية المتمثلة في إحتلال عدد من الجزر اليمنية الواقعة على البحر الأحمر تعطينا فكرة واضحة على مدى خشية بريطانيا العظمى من محاولا من دول أجنبية مثل ايطاليا أو المانيا من احتلال بعض الجزر اليمنية في البحر الأحمر من والعمل على حصار القوات العثمانية البرية المرابطة في عدد من مواني اليمن من ناحية أخرى . وكان لها ذلك بالفعل ، فقد عانت اليمن من ذلك الحصار البحرىالبريطاني معاناة شديدةاحتلال الحديدةوندما لفظت الحرب العالمية الأولى أنفاسها ، كانت من نتائجها هو استسلام الدولة العثمانية وخروجها من المسرح السياسي التي كانت تتبوأ بطولته وقت طويل ، وكانت في يوم من الأيام مركز الأحداث السياسية العظيمة في أوربا وخصوصا في البلقان ، والعالم العربي . وكيفما كان الأمر ، فان الدولة العثمانية خرجت من الحرب العالمية الأولى منهوكة القوى وقد جنحت شمسها إلى المغيب . وعندما وضعت الحرب أوزارها في اليمن ، كان على الدولة العثمانية أن ترحل من موانئ اليمن ومنها (( الحديدة )) ، حسب اتفاقية الهدنة وهي " استسلام جميع الحاميات ( التركية ) في الحجاز وعسير ، واليمن ، وسوريا والعراق إلى اقرب قائد من قادة الحلفاء .... لكن الوالي التركي ، والقائد العام في صنعاء رفضا الإذعان لأنهما لم يتسلما تعليمات من حكومتها . ومنعت الفصائل التركية جميعا (( منعا باتا )) من أن تستسلم ، وذلك بأمر من القائد العام " . وعندما بدأت القوات البريطانية أو الأسطول البريطاني يقترب من الحديدة لرحيل ( الأتراك ) منها . فإذا بالحامية العثمانية ترفض الإذعان البريطاني من الخروج من المدينة . والحقيقة أن الحامية العثمانية في الحديدة حاولت تأخير خروجها من المدينة حتى تصل تصريحات واضحة من القائد العام العثماني في اليمن من مغادرتها . وكان ذلك مما أغضب بريطانيا ، فشنت هجوما عنيفا بالمدافع الثقيلة على المدينة ، وإزاء ذلك " انسحب الأتراك إلى الداخل في مواجهة التقدم البريطاني تاركين القوات البريطانية تسيطر سيطرة تامة على المدينة . وكانت خسائر القوات البريطانية عند الاستيلاء على المدينة هي إصابة ثلاثة رجال بجروح ، في حين أنها أسرت خمسة ضباط وأحد عشر رجلا برتب أخرى " . هدف احتلال الحديدة ويعلل الباحث البريطاني جون بولدري أسباب احتلال بريطانيا للحديدة كالتالي : " وكان هدف الإنزال والاستيلاء على (( الحديدة )) ذات ثلاثة أبعاد : (( تشكيل قاعدة لاستسلام القوات التركية في المنطقة ، وعودة الأسرى والرعايا البريطانيين المحتجزين .. وحفظ النظام في المدينة والمنطقة المجاورة لها في انتظار قرار خاص بملكيتها النهائية )) . ويلفت نظرك أن مدينة الحديدة لم يتم تسليمها إلى إلامام يحيى بل ظل مستقبلها معلق أن بعبارة أدق لم يتم تحديد ملكيتها . وربما كان مناسبا أن نورد ما أورده الباحث البريطاني ( بولدري ) حول تلك القضية حيث كتب يقول : " وفي محادثات السلام التالية في باريس لم يتخذ قرار بخصوص ملكية الحديدة في المستقبل . وقد أصبحت ورقة مساومة في المفاوضا ت الأنجلو ــــ يمنية : وعندما فشل العرض بتسليم المدينة إلى الإمام يحيى مقابل جلاء القوات اليمنية من أجزاء من محمية عدن ، سلمت بريطانيا المدينة للسيد محمد الإدريسي في 29 يناير 1921 " . الحصار البريطاني ونتائجهوفي نهاية الكتاب ( العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن ) ، يحلل مؤلفه جون بولدري النتائج التي ترتبت عليها حصار الأسطول البريطاني لجزر وموانئ اليمن ، وربما كان مناسبا أن نذكر ما قاله ( بولدري ) كالأتي : وقنعت العمليات البحرية الدورية ــ الزوارق الصغيرة ــ ضد (( الشيخ سعيد ))، و(( الصليف )) المضايقة التركية البالغة لكل من (( ميون )) ( بريم )) و (( كمران ) ، وهما جزيرتان تعدان في ذلك الوقت ذاتي أهمية استراتيجية لبريطانيا ". وأضاف قائلا : " أما سياسة محاصرة الموانئ التركية في اليمن ، فقد أعدت بشكل غير توفيقي ، لأنها لم تكن تضايق الأتراك فحسب بل ضايقت العرب اليمنيين الذين كانت بريطانيا تحاول بحماس كسب ودهم " . ويمضي في حديثه ، فيقول : " وفي اليمن نفسها لم تقابل الدعوة التركية إلى القبائل بالقيام بالجهاد ضد البريطانيين إلا استجابة ضئيلة " . وفي ختام الملاحظات الذي أبدها (( بولدري )) ، يقول : " ومن وجهة نظر البريطانيين في زمن الحرب فان العمليات الحرية ضد اليمن ، أثناء خضوعهاا للحكم التركي ، قد حققت أغراضها " . كتاب قيّموفي الواقع يعد كتاب (( العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن إبان الحكم التركي 1914 ــ 1919 ، من أفضل الكتب التي أرخت لفترة هامة من تاريخ اليمن الحديث وهي الحرب العالمية الأولى , وأثرها على اليمن السياسي . والكتاب تكمن أهميته لكونه يعتمد على الوثائق البريطانية التي تروي تلك الأحداث الخطيرة التي وقعت على موانئ اليمن من جهة وتكشف لنا تفكير (( صانعي السياسة )) البريطانيين والعسكريين أيضا ـــ على حد قول الأستاذ الدكتور سيد سالم مصطفى في مقدمته للكتاب ـــ ويعد الكتاب ــ كذلك ــ مرجع هام للباحثين والمؤرخين لدراسة أحداث الحرب العالمية الأولى وأثرها على اليمن وخصوصا في المجال السياسي ، وأقصد في المجال السياسي هو حكم الإمام يحيى في اليمن ، وهذا ما دفع بالباحث البريطاني ( بولدري ) أن يقول : " ويبقى الآن أمام مؤرخ يمني أن يقيم أثرها على مسار المفاوضات بين بريطانيا والإمام يحيى بين 1919 وتوقيع المعاهدة الأنجلو ــ يمنية في عام 1934 " . المـــرجـــع جون بولديري ، العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن إبان الحكم التركي 1914 ــ 1919 ، ترجمة وتقديم دكتور سيد مصطفى سالم ، المطبعة الفنية في القاهرة .
|
تاريخ
وثائق بريطانية تكشف القناع عنسياسة الامبراطوررية البريطانية إبان احتلالها الجزروالموانئ اليمنية
أخبار متعلقة