يمن جديد.. ملامح ثورة.. في مضامين خطاب الرئيس
[c1]تدوير الوظيفة يحد من فساد الإدارة ويفتح مجالات التنافس أمام الكفاءات والقدرات الشابة [/c]معلوم أن برنامج الاصلاح المالي والإداري كان مشروع الحكومة الانتقالية لدولة الوحدة 90-1993 التي كان يرأسها المهندس / حيدر أبوبكر العطاس .. وهو مشروع برزت أهميته حينها كضرورة وطنية مُلحة فرضتها مؤشرات واقع الدولة وجهازها الإداري ووضعها المالي ، حيث كانت جميع المؤشرات تكشف - يوماً بعد يوم - عن اختلالات إدارية مهولة في عمل وأداء أجهزة الدولة، فضلاً عن تدهور مستمر في المركز المالي للدولة ممثلاً في العائدات والايرادات ومقدار الاحتياطي المالي من العملات المختلفة .وصحيح أن الحكومة الانتقالية كان منوط بها إعادة هيكلة أجهزة الدولة الموحدة واستغرقت - بالتضامن مع بقية الجهات والمؤسسات ومكونات السلطة - وقتاً وجهداً أو امكانات تأسيس وبناء الدولة الجديدة الجمهورية اليمنية التي استوعبت دولتين كانتا قائمتين بكل مكوناتهما ، مع أهمية الاشارة إلى أن عملية البناء والتأسيس للدولة الجديدة كانت على حساب امكانات ومخزون وموارد الدولتين السابقتين .ومعلوم أيضاً أن نظام الشطر الجنوبي سابقاًَ دخل الوحدة شريكاً بما لديه من امكانات وموارد ومخزون مالي ضعيف ولا يكاد يُذكر .. فضلاً عن امكانات ومقومات الدولة والنظام الذي كان على شكل أصول وبُنى تحتية هشة ، علاوة على وضع تنموي متأخر جداً في المحافظات الجنوبية والشرقية مقارنة بما هو حاصل في المحافظات الشمالية والغربية ، الأمر الذي كان يتطلب ويقتضي إحداث نقلة تنموية شاملة في المحافظات المتأخرة لتتساوى مع بقية المحافظات كل هذا كان لابد وأن يتم في السنوات الأولى من عمر الوحدة ودولة الجمهورية اليمنية ، بالتزامن مع تأسيس وإعادة بناء هيكلة دولة الوحدة ، وهو ما يتطلب امكانات مهولة وجهوداً كبيرة ونفقات إضافية يصعب تغطيتها من امكانات وموارد ومخزون الدولة من الاحتياطي .. وهو فرض جزءاً من المشكلة المالية ، أما جزؤها الآخر فقد تمثل بمنهجية النهب المنظم للأموال من الميزانية العامة وخزينة الدولة تحت مبررات ومصارف اتضح فيما بعد أنها لم تكن حقيقية .. بل مجرَّد مداخل للاستحواذ على المال والامكانات التي كانت تذهب لحسابات خاصة .. بل إن الأمور التي كانت تُرصد لمشاريع تنموية وخدمية ونفقات تشغيلية لمؤسسات وأجهزة الدولة في المحافظات الجنوبية خلال فترة الحكومة الانتقالية اتضح فيما بعد أنها لم تكن تستثمر في المصارف التي حُددت لها بل كانت تسخر لمصالح حزبية ومنافع شخصية .وبالتوازي مع الفساد المالي الذي استشرى كان هنالك وجه آخر للفساد ويتمثل في الفساد الإداري الذي كان سببه التقاسم الحزبي للوظيفة العامة والمناصب والإدارة بعيداً عن الكفاءة والقدرة والمؤهلات الأخرى .[c1]الفساد السياسي أم الكوارث :[/c]يتضح مما سبق ان الفساد السياسي الذي طغى على الحياة متمثلا بمنهجية التقاسم للمناصب والوظائف والإمكانات على اساس حزبي كان المنبع الاول للفساد المالي والاداري والوظيفي وحتى القضائي .. حتى ان منهجية التقاسم غدت سمة جرّت نفسهاالى مرحلة ما بعد حرب الدفاع عن الوحدة ودحر مؤامرة الانفصال عام 4991م التي اتت بعدها فترة ائتلاف جديدة بين المؤتمر الشعبي العام وتجمع الاصلاح، وبرزت ظاهرة القسمة والتقاسم لتجتر فساد الائتلاف السابق وتزيد عليه .. وعلى الرغم من ان حكومة الائتلاف الثنائي 49 - 79م بدأت عمليا بتنفيذ برنامج الاصلاح المالي والاداري ولكنها بدأت بشق واحد فقط هو الشق المالي المتعلق بتحسين الايرادات فيما ظل باب النفقات مفتوحاً على مصراعيه..[c1]الهم المالي طغى على الإصلاح الإداري :[/c]ومنذ اواخر عام 1997 بعد انفراد المؤتمر الشعبي العام بالحكومة والمناصب السيادية فيها كان الجانب المالي هو الهم الاكبر الذي يسيطر على اهتمامات الرئيس والدولة والحكومات فكان لابد من معالجات جادة تم اتخاذها بالتتابع تنفيذا لبرنامج الاصلاح المالي لاستعادة الاستقرار المالي وتحسين امكانات الدولة وتحقيق نقلة نوعية في مجالات التنمية الشاملة في مختلف المحافظات وهنا لابد من الاشارة الى ان الهم المالي والجهود التي بذلت لتحقيق استقرار مالي وتنمية شاملة قلصت من الجهود الموجهة نحو الاصلاح الاداري وتحديدا فيما يتعلق بالوظيفة العامة ومعايير شغلها وتسنمها.[c1]ثورة التدوير[/c]في خضم ما شهدته بلادنا خلال المرحلة القليلة الماضية من اصلاحات سياسية ومالية والنزر اليسير من الاصلاحات الادارية برزت اهمية وضرورة الاهتمام باصلاح الادارة وضبط ايقاع الاداء واعادة ترتيب وتقنين استحقاق هذه الوظيفة وتبعاتها في مختلف مستويات السلم الوظيفي لاستكمال ثورة الاصلاحات الشاملة فجاءت استراتيجية الأجور وقانونها لتحقق كثير من الايجابيات وهي قابلة لتحقيق المزيد اذا ما أعيد النظر في بعض الشوائب التي رافقت تنفيذها.ولأن المستقبل ومتطلبات بناء الدولة الحديثة واكتمال ثورة الاصلاحات لابد وأن تكتمل حتى تكون الوظيفة العامة واداؤها احدى اهم ضمانات صنع اليمن الجديد والمستقبل الافضل، هاهو فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يجعل من اصلاح الوظيفة وضبط ايقاعها احدى مفردات الثورة التنموية الشاملة ويعلن عن اسلوب جيد وحديث في الادارة والاصلاح والتصحيح والتطوير، يتمثل في تدوير الوظيفة العامة بحيث لايبقى المسؤول في اي مرفق حكومي أو وظيفة عامة اكثر من اربع سنوات .. هي كفيلة بغربلة قدراته وجهوده وتقييم ادائه وتحديد امكانية صلاحيته لوظيفة أخرى أو منصب آخر من عدمه.[c1]تداول سلمي للوظيفة[/c]ان هذه الخطوة تمثل وسيلة إصلاح وتصحيح حقيقية وشفافة ودقيقة يمكن من خلالها تقييم الاداء وتقويم الاعوجاج وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، فضلا عن كونها ستفتح مجالا واسعا وآفاقا وآمالا كبيرة للتنافس الخلاق والتطلعات المشروعة والتسابق والطموح من قبل الكوادر والقدرات الشابة والمتطلعة وعلى أسس مشروعة يحكمها ويتحكم في ايقاعاتها الأداء الأفضل والكفاءة والقدرة على العطاء والانتاج..وهي كذلك وسيلة جديدة تساعد على ضبط الاختلالات المالية والحد من بعض مظاهر الفساد المالي والاداري المتصل بالوظيفة العامة.