أقسم فيها بحبه لوطنه مؤكداً أنه لن يبخل عليه بحياته
نشرت صحيفة «26سبتمبر» الأسبوعية في عددها الصادر يوم أمس الاول الخميس مايمكن اعتباره وصية لمنفذ عملية اغتيال الرئيس الراحل احمد حسين الغشمي.. وهي العملية التي مضى عليها أكثر من (29) عاماً وأثارت حينها الكثير من التساؤلات حول هوية منفذ العملية والجهة التي تقف وراءه..منفذ العملية اسمه مهدي احمد صالح وشهرته (تفاريش) من قرية حذارة بالشعيب في الضالع، و جاء إلى صنعاء على متن طائرة خاصة تحت غطاء مبعوث شخصي من الرئيس سالم ربيع علي، صباح يوم السبت 24 يو نيو 1978 حيث استقبله في مطار صنعاء الرائد علي حسن الشاطر مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة. وعندما وصل ( مهدي تفاريش) الى مكتب الرئيس احمد حسين الغشمي-رحمه الله-، طلب الغشمي من الأخ علي الشاطر الانتظار في المكتب المجاور لآنه يريد الانفراد بالمبعوث ، بناء على اتفاق مع الرئيس سالم ربيع علي الذي أخبره هاتفيا بان مبعوثه الشخصي سيبحث معه أمورا مهمة لا يحبذ أن يطلع أي شخص غيره على تفاصيلها . وبعد مغادرة الرائد علي حسن الشاطر مكتب الرئيس الغشمي بناء على توجيهاته ، سارع مهدي أحمد صالح ( تفاريش) بفتح حقيبته الملغومة فانفجرت وأدت الى مقتل الرئيس الغشمي ومنفذ عملية الاغتيال (تفاريش)..وقد نتجت عن هذا الحادث تداعيات سياسية عاصفة بدأت بعقد اجتماع طارئ لمجلس وزاراء الخارجية العرب في الجامعة العربية يوم الأحد الموافق 25 يونيو 1978 صدر عنه قرار بإدانة ذلك الحادث ، وقرار آخر بتجميد عضوية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت تمثل الشطر الجنوبي من الوطن آنذاك، لحين قيام حكومتها بتحديد المسؤولين عن ذلك الحادث ومحاسبتهم . وقد أسفرت تلك التداعيات عن انفجار أحداث يوم الاثنين 26 يونيو 1978 الدامية في منطقة الفتح بالتواهي بمحافظة عدن ، بعد يومين من حادثة اغتيال الرئيس الغشمي ، والتي انتهت بإعدام ثلاثة من أبرز قادة التنظيم السياسي الموحد ــ الجبهة القومية والدولة في الشطر الجنوبي سابقا ً ، وهم الرئيس سالم ربيع وعضوالمكتب السياسي جاعم صالح ووزير الدولة لشؤون مجلس الرئاسة علي سالم لعور، ومقتل واعتقال المئات من المواطنين والجنود وكوادر وأعضاء التنظيم السياسي الموحد ــ الجبهة القومية الذين كانوا محسوببين على الرئيس سالم ربيع علي ، وأبرزهم علي صالح عباد (مقبل) وعبدالله صالح البار وحسن أحمد باعوم ، وصولا الى صدور البيان رقم ( 1 ) عن إجتماع إستثنائي زعم أن اللجنة المركزية للتنظيم السياسي ــ الموحد الجبهة القومية عقدته يوم االثلاثاء الموافق 27 يونيو ، و أفاد بأن الللجنة المركزية قررت عقد اجتماع استثنائي لمناقشة تطورات الأوضاع في شمال الوطن ، لكن الرئيس سالم ربيع علي رفض حضور الاجتماع واكتفى بارسال استقالته بحسب البيان الذي حمل الرئيس السابق سالم ربيع علي كامل المسؤولية عن حادث اغتيال الرئيس السابق احمد الغشمي واتهمه بمحاولة إعادة مناخ الاقتتال بين الشطرين .وقد زعم البيان الأول أن الرئيس سالمين قام بقصف مقر اللجنة المركزية أثناء إجتماعها ما أدى الى التصدي له والقبض عليه ومحاكمته و«إعدامه مع اثنين من رفاقه (!!) .ثم عقدت اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الموحد ــ الجبهة القومية دورة استثنائية ثانية صباح يوم الخميس 29 يونيو 1978 ، وصدر عنها البيان رقم 2 والذي أعلنت فيه اللجنة المركزية قراراتها الخاصة بفصل كل من علي صالح عباد «مقبل» ووعبدالله صالح البار وحسن باعوم من عضوية التنظيم (( نهائيا ً ) بحسب البيان !! الأمر الذي تم توظيفه لاستصدار قرار جديد من مجلس الجامعة العربية في وقت لاحق ، ألغيت بموجبه العقوبات السابقة التي أتخذها مجلس وزراء الخارجية العربية ضد حكومة الشطر الجنوبي من اليمن سابقا ً .ولم يخفِ المراقبون السياسيون للصراعات التي كانت تحتدم داخل التنظيم السياسي الموحد ــ الجبهة القومية ــ في تلك الفترة، إنّ الجناح المناوئ لسالمين وجد في تورط المبعوث الشخصي للرئيس سالم ربيع علي بجريمة اغتيال الرئيس الغشمي صيداً ثميناً وفرصة نادرة للتخلص منه دموياً، وتصفية عدد من رفاقه وأنصاره داخل الحزب والدولة جسدياً وسياسياً وتقديمه قرباناً وكبش فداء لتطبيع عَلاقة الشطر الجنوبي سابقاً بالجامعة العربية. خصوصا وإن الرئيس سالم ربيع أبدى موافقته على الاستقالة والمغادرة إلى إثيوبيا بموجب عرض نقله إليه أحد أعضاء المكتب السياسي ــ الذي لقي بدوره مصرعه في قاعة المكتب السياسي بمنطقة الفتح عند اندلاع الشرارة الأولى لأحداث 13 يناير 1986م، بعد ثمان سنوات من أحداث يونيو 1978م وقد أشارت شواهد عديدة إلى أنّ الرئيس سالم ربيع كان قبل مصرعه قد بدأ بالفعل حزم حقائبه وكتبه ومتعلقاته الشخصية استعدادا للسفر إلى أديس أبابا والإقامة فيها، قبل أن يفاجأ باندلاع المواجهات المسلحة بالصورة المأساوية التي شهدتها منطقة الفتح عام 1978م، حيث يوجد دار الرئاسة والمنزل الرئاسي الذي كان يقيم فيه الرئيس سالم ربيع علي، قبل أن يذهب ضحية جريمة تمّ إخراجها بصورة بشعة وغير مشرفة على نحو ما حدث للرئيسين الراحلين إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي. وتردد في الأوساط السياسية والحزبية اليمنية آنذاك أنّ الرحيل التراجيدي للرئيس سالم ربيع علي بعد يومين من مصرع الرئيس أحمد حسين الغشمي لم يكن بمعزل عن القسم الذي أطلقه الرئيس سالم ربيع فوق قبر الرئيس إبراهيم الحمدي بعد الانتهاء من مشاركته في مراسيم دفنه في أكتوبر عام 1977م ، حيث توعد سالمين قاتل الحمدي أمام الحاضرين بالرد قبل أن يمر عام على ذكرى استشهاده، في إشارة إلى الرئيس الغشمي الذي لقي مصرعه على يد مبعوث شخصي أرسله الرئيس سالم ربيع علي في يونيو عام 1978م، أي بعد أقل من عام على مصرع الرئيس إبراهيم الحمدي.إلى ذلك لم يخف الرئيس الراحل سالم ربيع علي في العديد من الأحاديث الصحفية التي نشرتها صحف كويتية ولبنانية وفرنسية آنذاك اتهامه للرئيس الغشمي وجهات خارجية لم يحددها بالتحضير لجريمة اغتيال الرئيس الحمدي عشية زيارة كان مقرراً أن يقوم بها لمدينة عدن بهدف المشاركة في احتفالات الذكرى الرابعة عشرة لثورة 14 أكتوبر، والتوقيع على اتفاق وحدوي وصفه سالمين آنذاك بأنّه كان سينطلق بمسيرة العمل الوحدوي المشترك بين الشطرين إلى مرحلة جديدة ومتقدمة.ولم يخفِ سالمين في تلك المقابلات الصحفية حنقه وغضبه مما أسماها ((التغطية غير الأخلاقية)) لجريمة اغتيال الرئيس الحمدي، واكتفى في حديث نشرته صحيفة (( النهار)) اللبنانية في ديسمبر 1978م عندما كانت تصدر من باريس أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، بالقول إنّ المخابرات الفرنسية تعرف جانباً من الحقيقة!!وفي يناير 1978م نشرت صحيفة ((الليموند)) الفرنسية تقريراً أشارت فيه إلى أنّ المخابرات الفرنسية توصلت إلى معلومات أفادت أنّ السائحتين الفرنسيتين اللتين وجدتا مقتولتين في مسرح الجريمة التي راح ضحيتها الرئيس الحمدي وشقيقه وأفراد حراستهما، كانتا قد اختفتا في ظروف غامضة فور وصولهما مطار صنعاء ضمن رحلة سياحية، مشيرةً الى أنّ مقتل السائحتين تمّ في مسرح جريمة آخر، لكن ظهورهما في مسرح جريمة اغتيال الرئيس الحمدي وشقيقه وأفراد حراستهما ربما يعود إلى أنّ قاتلي الرئيس الحمدي استهدفوا تشويه صورته أمام الرأي العام، وطمس وتغطية معالم مسرح الجريمة وإخفاء أسبابها وأهدافها الحقيقية!!وقد عزز الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر هذا الاتهام في مذكراته بعنوان ((قضايا ومواقف))، والتي أتهم فيها الرئيس أحمد الغشمي بقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، مستنكراً ما وصفها ((التغطية القبيحة التي صاحبت الجريمة))، حيث كشف النقاب عن أنّه بعث رسالة إلى الرئيس الغشمي حملها إليه الشيخ علي شويط استنكر فيها تلك الجريمة ووصف التغطية التي رافقتها بأنّها ((مشينة وغير مشرفة))..، وقال الشيخ الأحمر للرئيس الغشمي في تلك الرسالة : ((كان يجب أن تعلنوا أنّكم قمتم بانقلاب، وتعلنوا مبرراته بدل البكاء والأناشيد العسكرية وهذا الكذب والتغطية القبيحة)).وهو ما يراه أنصار الرئيس سالم ربيع علي بأنه ينطبق على الطريقة البشعة التي تمت فيها التصفية الجسدية للرئيس سالمين ومساعديه، حيث اكتسب مصرعه صفات الانقلاب المسلح عليه بزعم قيامه بمحاولة انقلابية على اللجنة المركزية أثناء اجتماع إستثنائي يشكك كثيرون في صحة انعقاده صباح يوم الثلاثاء الموافق 25 يونيو 1978 ــ بعد يوم واحد من مصرع الرئيس الغشمي ــ بحسب ما أذاعه راديو عدن مساء يوم الاثنين الموافق 26 يونيو 1978ام، ونشرته في اليوم التالي صحيفة 14 اكتوبر الرسمية صباح يوم الثلاثاء الموافق 27 يوني 1978م. وفي الاتجاه ذاته علَّق ا لشيخ الأحمر أثناء حوار أجرته معه قناة ((الجزيرة)) عام 2005م على صورة بارزة في مجلسه الذي يستقبل به ضيوفه بمنزله في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء، يظهر فيها الرئيسان الراحلان إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي، وهما يتعانقان بقوله إنّه حرص على تعليق تلك الصورة بمكان بارز في أحد جدران مجلسه لتحذير ضيوفه من النفاق والكذب، لأنّ الغشمي كان يحتضن الرئيس الحمدي ويعانقه في الوقت الذي كان يتآمر عليه ويخطط لإزاحته وقتله.وفيما يلي نص الوصية التي نشرتها الزميلة 26 سبتمبر في عددها الصادر يوم الخميس الماضي، كما كتبها منفذ عملية اغتيال الرئيس احمد الغشمي بخطه ، وسجلها بصوته على شريط صوتي كان يتم تداوله على نطاق واسع داخل التنظيم السياسي الموحد ــ الجبهة القومية ، بعد مصرع الرئيس (سالمين ) :انا مهدي احمد صالح حُمدي قرية «حذارة» المركز الثالث الشعيب المديرية الشمالية من المحافظة الثانية من مواليد نوفمبر 1919م.. الانتماء الطبقي من أسرة فلاحية فقيرة تعتمد في قوتها اليومي على ماتقوم به من جهد عضلي في فلاحة الارض مع من يملكون الأراضي من الفلاحين المتوسطين.المستوى التعليمي معلامة فقط ولم أكن انتمي الى أي تنظيم سياسي قبل قيام الثورة ولكن منذ بلغت سن الرشد كنت أكنّ العداء والكراهية للمستعمرين واعوانهم ذلك الحقد كان مصدره المنشأ الطبقي الذي انا من أصله لذلك فقد تعرضت لجملة من الاعتقالات والطرد الاجباري وتحت الحراسة الى شمال الوطن مع عدد من ابناء الشمال والجنوب، ولازلت حتى الآن اذكر فقط سببين من الأسباب التي جعلتني عرضة للسجن والابعاد:الأول: هو انني ممن اشترك في المظاهرات والاحداث التي حدثت في عدن ضد الجالية اليهودية. والسبب الثاني أنني شاركت فعلاً في إحراق مطبعة «البيومي» في مدينة عدن وقبل قيام الثورة في شمال الوطن كنت ايضاً من المؤيدين للحركة النقابية وعشت في السجن حتى قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في شمال الوطن وطردت منه ثانية واسهمت من اجل الدفاع عن الثورة بحسب قدرتي وامكانيتي.[c1] مراقبة العملاء[/c]ونتيجة للتآمر الرجعي والاستعماري على الثورة المتمثل بتوزيع الاسلحة والأموال على القبائل من أجل مقاومة النظام الجمهوري واسقاطه محاولة من المستعمرين والرجعيين لاعادة الملكيين الى الحكم - عدت من شمال الوطن الى الشعيب وذلك لمراقبة العملاء الذين كانوا يأتون من الشمال الى الشعيب من أجل استلام الأسلحة من الانجليز بواسطة العميل ناشر عبدالله السقلدي نائب مشيخة الشعيب آنذاك، ولقد كنت عند عودتي من الشمال قد تحصلت على عمل فراش في مدرسة «العوابل» ومن دخلي الشهري كنت أقتات انا وزوجتي بالاضافة الى أنني كنت أوفر احياناً من راتبي الضئيل مبلغاً كي ادفعه أجرة لأحد المواطنين الذي كان يذهب الى منطقة «جبن» في شمال الوطن لابلاغ المسؤولين هناك عن تحركات العملاء الملكيين وعلى رأسهم العميل (فداقة) لانه وللأسف الشديد كل عمل وطني كنا نقوم به كان ينكشف نتيجة لتركيب السلطة في الشمال، مثلاً كان المسؤول من الجمهوريين في «جبن» من المشائخ وكان المتمردين على النظام الجمهوري من المشائخ ونتيجة لحماسنا الوطني لانرى بالضبط أن للمشائخ وضعاً اجتماعياً، متجانساً وان لهم مصلحة واحدة يلتقون عندها وانهم لايمكن أن يحاربوا بعضهم في سبيل تثبيت وضع جديد يعمل على المدى البعيد على أساس ازالة الفوارق الطبقية القائمة في المجتمع، فذات يوم دعاني العميل ناشر عبدالله الى مكتبه وكشف لي كل أوراقي التي كنت أرسلها للجمهوريين ثم تعرضت للسجن وحينما كنت سجيناً بذل العميل كثيراً من الاغراءات تقدم لي على أساس ان اتعاون مع المعادين للثورة في الشمال لكنني رفضت كل شيء رغم ظروفي الصعبة وحاجتي لذلك لأنني كنت اشعر أن اليمن كله وطني وان ثورة 26سبتمبر هي ثورتي وكان لدي شعور داخلي واحساس كبير ان الانجليز والعملاء والرجعيين لايمكن ان يقدموا شيئاً فيه مصلحة للمواطنين اليمنيين ولقد قضيت فترة في السجن، وبضمانة افرج عني العميل قائلاً: انه سوف يجعلني تحت المراقبة فاذا تدخلت فيما لايعنيني ويقصد الثورة فانه سوف يسلمني للانجليز وفي عدن سوف القى العقاب وسوف اتلقى الوان العذاب، لكن ذلك لم يخفني ولم يحدّ من ايماني بالثورة ولكن بعد خروجي من السجن مباشرة عملت على تحريض الطلاب للقيام بمظاهرة تنديداً بالعملاء الملكيين ومطالبة السلطة بطرد الملكيين من المنطقة.[c1]داخل قصر العميل[/c]وحينها كانت الثورة بقيادة الجبهة القومية قد بدأت في ردفان كما ان الاتصالات واللقاءات كانت من اجل قيام جبهة في الضالع والشعيب وفور قيامها اتصلت بالثوار وأبلغتهم انني أرغب بان أكون احد افراد الجبهة وسوف انفذ كل أمر يصدر اليّ مهما تكن خطورته او عواقب تنفيذه كما انني ابلغت الثوار انني سوف اتابع تحركات المخربين الملكيين،وعند اخذهم للسلاح من العملاء ينبغي ان يتم القبض عليهم وفعلاً تم ذلك وتم القبض اكثر من مرة على عدد من المتسللين لان معلوماتي للثوار كانت دقيقة بحكم انني كنت اعتمد على مصدر كان يعيش داخل قصر العميل، لذلك استطاعت الجبهة في الضالع والشعيب ان تكوّن من نفسها سوراً قوياً يمنع تسرب المخربين الى شمال الوطن، ولقد قام الرفاق الثوار بالاتصال بجبهات القتال التي كانت موجودة من مكيراس حتى عدن الى باب المندب وابلغتهم بالدور الذي قامت به الجبهة ضد الملكيين وفعلاً قامت كل الجبهات بدور كبير في هذا الجانب، وكان لجبهة عدن الدور الكبير كونها استطاعت ان تقضي على عدد من رؤوس العمالة الملكيين ولم يبقَ معها للمستعمرين أي منفذ لادخال السلاح الى الشمال الا بيحان بواسطة العميل حسين بن احمد الهبيلي ذلك لأن وضع الجبهة القومية كان ضعيفاً، وحين اشتد القتال بين الثورة من جهة والانجليز والعملاء من جهة اخرى وحين كان يقوم العملاء باضطهاد المواطنين وزجهم في السجون على اعتبار انهم من انصار الثورة وانهم يقدمون لها العون والمساعدة قلت في اكثر من لقاء لمسؤول الجبهة في الشعيب انني على استعداد تام ولدي الثقة بالنفس انني قادر ان اقوم باغتيال العميل في المشيخة وانني سوف لن اطلق عليه النار من مكان بعيد وانني اضمن موته تماماً ولكن لن اضمن حياتي بعد التنفيذ، وهذا لايهمني كون الحراسة عليه مشددة ولكن لأنني غير مختفٍ فان العميل لن يشك من انني سوف اقوم بعمل انتحاري الا ان المسؤول قال لي العميل لايستحق عملاً انتحارياً وان طريق النضال طويل ومصير العميل مرتبط ببقاء الانجليز، والانجليز انفسهم اعلنوا بعد عامين من النضال بقيادة الجبهة القومية أنهم سوف يرحلون من الوطن، وقد حددوا موعداً للانسحاب وأنهم فقط يبحثون الآن عن جهة مضمونة عمالتها بعد الاستقلال ليسلموها السلطة، لذلك فان المرحلة القادمة هي التي تتطلب منا تضحية اكبر فالتزمت بتلك التعليمات وسراً أسهمت في النضال المسلح مثل إسهام الرفاق وبحسب قدرتي على التعبير شرحت للمواطنين عن الثورة واهدافها وحينما امتدت أيادي الانجليز الى الثورة متمثلة بتلك المحاولة التي كانت تهدف الى القضاء على الثورة من داخلها وذلك من خلال إرسال عدد من السلاطين والمشائخ والسياسيين العملاء ليعلنوا الانضمام الى الثورة ليتم من خلالهم والعناصر ذات النفوس الضعيفة تكوين تجمع يسمى (تجمع المعارضة) وفعلاً أعلنوا ان قوى المعارضة أسست لنفسها جبهة اسمتها (جبهة التحرير) ولمعرفتنا ان تلك الجبهة لاتمثل الا تآمراً على الثورة كنت أنا ممن وقفوا ضد ذلك التجمع وقاوموه سراً وعلناً.[c1]الألم وشدة الفرح[/c]وفي اغسطس 1967م عقد الثوار العزم على اسقاط المناطق وقد اسهمت في عملية الاسقاط في «الشعيب» يوم الاستيلاء على السلطة، واثناء المعركة جرحت بجراح خطيرة ولكن من شدة الفرح لم أشعر بالألم، هذا وبعد الاستقلال ساهمت بعدة معارك دفاعاً عن الاستقلال وفي نفس الوقت قاومت سلطة اليمين من خلال تأييدي لحركة 14 مايو 1968م، وكنت من انصار حركة22 يونيو المجيدة هذا ولقد تحملت عدة مسؤوليات من خلال وجودي في أعلى اطار حزبي في المركز.لقد علمتنا الثورة عبر مسيرتها النضالية ان التضحية من أجل الوطن شرف عظيم ولأن ثورتنا في هذه المرحلة بالذات تعيش أدق الظروف وأصعبها، اذ ان مرحلة البناء هي اصعب المراحل ولأن للثورة أهدافاً تسير من اجل تحقيقها متمثلة بقيام يمن ديمقراطي موحد، والثورة نفسها لم تكن في مأمن ولن يتركها الاعداء تنمو وتسير نحو تحقيق اهدافها النبيلة ذلك لأن جزءاً من وطننا اليمني يعيش في ظل تدخل امبريالي رجعي وهو يشكل خطراً على الثورة في الشطر الجنوبي، ومن اسبابه الرئيسية هو التخلف الرهيب الذي فرضه على شعبنا الحكم الاستعماري والإمامي البغيض.[c1]نفسي فداء للثورة[/c]السبب الثاني ان الحركة الوطنية في شمال الاقليم مشتتة وغير موحدة وان لها قيادة ليست في مستوى المسؤولية اذ انها لم ترتفع الى مستوى الاحداث والشعور بخطورة الأوضاع وليست صادقة مع نفسها وقواعدها في النضال الذي يحتاج الى تضحية ونكران للذات، وبدون تضحية لايمكن ان تتحقق الحرية التي يتحدثون عنها كل يوم، لذلك فانني أشق للشرفاء من ابناء شعبي الطريق الصحيح للنضال، فأقدم نفسي فداءً لثورتي وشعبي في اليمن شمالاً وجنوباً وسوف اموت بعد ان ازيح عنصراً من العناصر العميلة والرجعية والتي تعتبر بوجودها عقبة تعيق التقدم الاجتماعي الذي تسعى الثورة من أجل تحقيقه لشعبنا هذا.. وأنا اكتب هذه الرسالة الاخيرة اقسم بحبي لوطني وتنظيمي ومعزة الرفيق سالمين أنني لن ابخل بالنفس، كما أوصي اولادي عبدالسلام وولي الدين -هم أولاد الثورة- ان يكون حبهم للوطن اكبر من حبهم للحياة. [c1] * التوقيع : مهدي أحمد صالح [/c]