احدى العمليات الانتحارية الإرهابية في المغرب
الرباط / متابعات :بات خبراء الحركات الإسلامية يصفونه بـ "ثقافة الموت" أو "فقه الموت".ولم يعد، برأي علماء السياسة والاجتماع وعلماء النفس، الفقر والتهميش كافيين لتفسير انتشار هذا "الفقه" الجديد الذي وضعه تنظيم القاعدة بل إن تقاطع عوامل عدة على المستوي المحلي مع الإختلالات على المستوي الدولي أفرز هذه الظاهرة التي باتت "عابرة للدول".تأتي هذه التحليلات بعد ان شهدت منطقة المغرب العربي إنفجارات إرهابية مختلفة. في الجزائر سيارات مفخخة وفي المغرب أجساد مفخخة وبعد أن ا ضحى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أكثر قوة مما كان في السابق، ليس لأن هذا التنظيم غير اسمه ثم انضم إلى تنظيم القاعدة، بل لأنه استطاع أن يدرب أعضاءه في الصحراء لفترة طويلة،يقول أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة عين الشق في الدار البيضاء محمد طوزي، إن مدينة متروبوليتانية الطابع مثل الدار البيضاء تفرز بالضرورة مظاهر عديدة للعنف الحضري مثل السرقة بالإكراه والمخدرات والاغتصاب والدعارة فضلاً عن الهجرة غير المأمونة التي يسميها المغاربة بالحريق، لأن المهاجرين غير الشرعيين على متن القوارب الصغيرة يحرقون أنفسهم ويحرقون المسافات...ولكن الظاهرة المثيرة، برأيه هي كيف يتجه هذا العنف الحضري إلى الانخراط في ما يعرف بفقه الموت أي العمليات الانتحارية.ويرى طوزي أن ظهور "فقه الموت" هو نتاج التقاء العنف الذي تفرزه مدينة مثل الدار البيضاء مع التطورات التي عرفتها الحركات السلفية الجهادية والنموذج الذي باتت تشكله الآن حرب القاعدة في العراق.ويقول إنه مع انحسار دور حركات الإسلام السياسي التي تم تدجينها داخل النظم السياسية القائمة، فإن الفاعلين المحليين لا يتحكمون في آليات تنشئة الشباب وإنما يصبح المؤثرون فعليًا هم شيوخ الحركات السلفية الجهادية عبر مواقعهم على الإنترنت وعبر الصور التي تعرضها التلفزيونات يوميًا للعمليات الانتحارية في العراق وأفغانستان. ويشير إلى أن غياب أي تأطير سياسي من خلال حركات الإسلام السياسي التي تم تدجينها داخل النظم السياسية خلق فراغًا سدته الحركات السلفية الجهادية التي تتبنى الآن فقه الموت.وتنشط على الساحة السياسية في المغرب حركتان إسلاميتان هما حزب العدالة والتنمية المنبثق عن حركة التوحيد والإصلاح وجمعية العدل والإحسان ذات الطابع التربوي والنزعة الصوفية.ويعتبر طوزي أن كليهما يعمل من داخل النظام السياسي ولا يشكل بديلاً، ولذلك فإن تأثيرهما يبقى محصورًا في حدود الطبقة الوسطى والشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وليس لهما القدرة على تأطير شرائح كبيرة من الطبقات الاجتماعية الأدنى.ويشير خبير الحركات الإسلامية محمد ظريف أن الحركات السلفية بدأت في الظهور في المغرب في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي بتشجيع آنذاك من السلطات التي كانت تخشى مدى شيعيًا بعد قيام ثورة الخميني في إيران عام 1979. ويؤكد أن بعض الحركات السلفية في المغرب تأثرت في ما بعد بأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي نجح في خلق "ظاهرة الاستشهاديين" وإشاعة ثقافة جديدة للموت، بعد أن قدم النموذج في اعتداءات 11 / 9 في الولايات المتحدة.ويضيف أن هذه الثقافة لا تكتفي فقط بتوظيف الدين من خلال إبراز منزلة الشهداء عند الله وإنما تجعل للموت وظيفة اجتماعية إذ تعتبر أن الأمة التي لا تستطيع التضحية بأرواح أبنائها لا تستحق الحياة.أما أستاذ الطب النفسي في جامعة الدار البيضاء عمر بطاس فيعتقد أن المحرك الأساسي للاستشهادي هو الشعور بالانتماء إلى مجموعة معنية والتماهي فيها وأن الفكر السلفي القائم على فكرة "العزلة" عن المجتمع والتبرؤ منه يساهم في الإعداد النفسي للانتحاريين من خلال تسهيل "انسلاخهم" عن محيطهم.ويؤكد أن هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والشعور بالتهميش يمكن أن يكون عاملاً يساهم في إقناع الشباب بفكرة التماهي في مجموعة ما ويتم توظيف الدين وفكرة الشهادة للدفع باتجاه فكرة الانتحار الإرادي.