صباح الخير
*قبل عامين وأنا في زيارة قصيرة لا تتجاوز سبع ساعات لمدينة دبي الساحرة في الإمارات العربية المتحدة قادماً من العاصمة المصرية – القاهرة – تزاحمت في ذهني وأنا أشاهد دبي عملاقة بالاستثمارات العربية والأجنبية ، وأعرف دبي في مطلع التسعينات أواخر القرن الماضي ، عندما زرتها ضمن الوفد الإعلامي المرافق للخطوط الجوية اليمنية لدى افتتاح الخط الجديد صنعاء / الشارقة ، أقول تزاحمت الأسئلة لماذا دبي يأتيها المستثمرون ؟! وكيف تتم بسرعة عملية تنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبيرة قبل الصغيرة ؟! ألا توجد قوانين في إمارة دبي يخضع لها المستثمرون ؟! وكثير من الأسئلة التي ذكرتني بحكاية حصلت هنا في عدن قبل عدة أعوام من القرن الحالي .. ( حكاية قدوم مستثمري يمني من احدى دول المهجر وقراره في استثمار أمواله في وطنه ، فجاء حاملاً مخططاً لمشروع سياحي يعانق البحر في عدن ، جاء جاداً حباً في الوطن ، قدم مشروعه وظل عاماً كاملاً يتابع الإجراءات شهراً في هيئة الاستثمار ومثله في الضرائب وأشهر في الأراضي ومثلها مع ( رجال بني علوان ) حتى شعر أنه في دوامة فقرر تمزيق المخطط والاكتفاء بما أنفقه من أموال طائلة في متابعة العشرات من الإجراءات وفي عشرات المواقع التي كما قال المستثمر وهو يودع الوطن عائداً إلى الاغتراب : ( لو كنت ذهبت إلى دبي لكان المشروع جاهزاً للعمل ).*هنا قارنت بين ما عانى منه المستثمر في عدن وما شاهدته في ( دبي ) التي لا تملك مقومات وبيئة الاستثمار مثل اليمن وخاصة عدن من الناحية السياحية والأسماك والطاقة . *أول أمس وأنا أتابع أعمال مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار في اليمن والذي افتتحه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ، شدتني الكلمة الهامة للأخ الرئيس والتي أعلن فيها جملة من الإجراءات الهامة والصحيحة التي اتخذتها الحكومة لتسهيل معاملات المستثمرين وأهمها التعامل عبر ( نافذة واحدة ) حيث قال فخامته ( نحن على استعداد لمراجعة القوانين المرتبطة بالاستثمار ومنها قوانين البنوك والجمارك والضرائب وغيرها في ضوء ملاحظات المستثمرين لإزالة أية معوقات للاستثمار وسيتم التركيز في المرحلة المقبلة على تقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين وإزالة المعوقات أمامهم وتبسيط الإجراءات عبر نافذة واحدة وهي الهيئة العامة للاستثمار ) . *هذا الإجراء الذي ظل الكثيرون من الفاسدين في اليمن يقفون ضده تحت درائع عديدة والهدف واحد هو حماية مصالحهم في امتلاك الأراضي وابتزاز كل من يحاول التقدم للاستثمار سواء يمني أو عربي أو أجنبي .. فكان مثل صاحبنا في الحكاية التي استهلينا بها موضوعنا هذا ، يلف مثل ( الفأر داخل قفص واسع به عدة أبواب وفي نهاية كل باب فيه جبنه ولكنه أي الفأر عندما يصل قرب الباب ينسدل أمامه حاجز وهكذا يظل داخل القفص حتى يقرر الاستسلام والانهزام ) .. أقول أكثر من جهة كان يتوجب على من يريد الاستثمار في اليمن أن يمر عليها .. وفي كل جهة حكاية تشيب الطفل وتشفط ما في الجيوب .*اليوم وبعد إدراك القيادة السياسية لهذه العوائق والنظر إلى تجارب الآخرين الأشقاء في دبي ، قرر فخامة الأخ الرئيس- حفظه الله- أن يتخذ قراره الشجاع بتحمل ملف الاستثمار واصدر قراراته وتوجيهاته الصائبة التي توجت نتائجها اليوم في مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار ، حيث شارك أكثر من ستمائة مستثمر ورجل مال وأعمال ويمنيون وخليجيون وعرب وأصدقاء . قالوا بكل شفافية ماذا يريدون من اليمن وقال اليمن نحن مستعدون فأبواب الاستثمار مفتوحة على مصراعيها ، وشاهد الأشقاء والأصدقاء على الطبيعة الإجراءات المبسطة للتعامل مع استثماراتهم في اليمن فكانت الحصيلة نتيجة هذه السياسة والإجراءات الحكيمة ( ملياران وسبعمائة مليون دولار) صفقات استثمار في قطاعات مختلفة في أول أيام مؤتمر الاستثمار ، كما أعلنت العديد من الشركات عن عزمها إقامة مشاريعها الاستثمارية منها ( شركة جولدن وأي) إنشاء أول مدرسة للطيران في اليمن بالمكلا ، شركة تركية إنشاء مجمع سكني في المنطقة الحرة في عدن بخمسمائة مليون دولار ، شركة أسماك سعودية إنشاء مشروع استزراع جمبري في اليمن بمائة مليون دولار والعديد من المشاريع التي سيتم الإعلان عنها اليوم أو غد . *نعم وبكل قوة نقول إن اليمن اليوم على أعتاب عهد اقتصادي جديد ، عهد رسمه فخامة الأخ رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي الذي نال به ثقة الشعب في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر العام الماضي . *نعم إن مرحلة الشراكة الحقيقية مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي قد بدأت وبصورة تضمن الاستمرارية وتعزز روابط الإخاء وعرى الصلة والقربى .