أفكار
اعتذار إيطاليا على تجربتها المريرة التي عانى منها الشعب الليبي وتعرض فيها للغزو والإبادة والنفي ومصادرة الأملاك نزل برداً وسلاماً ليس على نفوس الليبيين والليبيات فقط وإنما احتفت به كل الشعوب التي تعرضت للهيمنة الاستعمارية ، بل وجدت فيه إنصافاً لها ، حيث شكل هذا الاعتذار وكذلك التعويض سابقة تاريخية فريدة تمنتها الشعوب التي كانت تحت السيطرة الاستعمارية ،وفتحت أمامها فرص المطالبة بأن تتخذ نفس موقف ليبيا وكيف أنها ثأرت لشهدائها ولأبنائها ، ليس فقط باسترداد الممتلكات الليبية التي اغتصبتها إيطاليا أثناء فترة حكمها الاستعمارية لليبيا ، أو بالقرار التاريخي بإجلاء بقايا الجالية الإيطالية المتبقية من الحقبة الاستيطانية الاستعمارية لليبيا .لقد حرصت ثورة الفاتح العظيم منذ انبلاجها على تصحيح التاريخ الوطني ليس فقط بإحياء معارك الجهاد وتكريم قوافل الشهداء ، وإنما بالمطالبة المستمرة بإدانة الفترة الاستعمارية والاعتذار عن كل المآسي والممارسات الظالمة التي قامت بها إيطاليا الفاشية ضد أبناء الشعب الليبي وتعويضهم التعويض اللائق بهم ...لقد حددت الثورة العظيمة موقفها واضحاً لا لبس فيه في علاقتها بإيطاليا طيلة السنوات الماضية ، بأن الحقبة الاستعمارية لا يمكن نسيانها أو تجاوزها، بل لابد من الاعتذار والتعويض والتبرئة من الجرائم والمآسي والممارسات العدوانية التي قامت بها إيطاليا الفاسية وأنه لا يمكن بناء أي نوع من العلاقات بين البلدين إلا بعد تسوية هذه الإشكالية وإنصاف الليبيين والليبيات وتعويضهم وإعلان الندم والأسف من طرف إيطاليا على تلك المرحلة الاستعمارية الغاشمة .لقد توج حرص وإصرار الثورة العظيمة للثأر لشهدائها وإنصافهم باعتذار إيطاليا رسمياً وإعلان الأسف على كل ما تم ارتكابه في حق الليبيين والليــبيات (( والقفل النهائي لملف الماضي المؤلم الذي سبق لايطاليا أن ارتكبته في حق الشعب الليبي )) .جاء اعتذار إيطاليا على لسان رئيس وزرائها وتقبيله ومصافحته ليد نجل المجاهد عمر المختار مكملاً لنص معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون بين الجماهيرية العظمى وإيطاليا لتؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والندية .وهكذا تم الاعتراف بحق الشعب الليبي ، بل وبحق كل الشعوب التي تعرضت للاستعمار في الاعتذار والتعويض العادل مما جعل المحللين والسياسيين والمنظمات الإقليمية والدولية ووسائل الإعلام يشيدون بما توصلت إليه ليبيا من تحقيق وتجسيد فعلي لمطالبها ومواقفها الثابتة والمبدئيـة .وما على الشعوب التي استهدفها الاستعمار إلا الاستفادة من الدرس الليبي الذي أصر على هزيمة الاستعمار ودحره وبناء علاقات دولية مبنية على الشراكة والاحترام .[c1]*نقلا عن صحيفة الشمس الليبية[/c]