من أسباب استنزاف المياه
علي محمد عبداللهتعتبر اليمن من بين أكثر البلدان قلة في مواردها المائية ويعود ذلك إلى عوامل طبيعية (المناخ التضاريس) ومتغيرات عديدة أثرت على الوضع المائي منذ منتصف السبعينات منها اجتماعية وأخرى اقتصادية أدت إلى اختلالات واضحة في الوضع المائي وقد لعبت الهجرة المستمرة من الريف إلى المدينة وارتفاع معدلات النمو السكاني دوراً كبيراً في استنزاف المياه كما كان للعامل الاقتصادي دور أكبر في ذلك من حيث محدودية أو انعدم استخدام طرق الري الحديثة عند المزارعين نتيجة تكلفتها العالية والسعر المتدني لوقود الديزل والكهرباء والذي ساعد على استمرارية طرق الري السطحي وقد لعبت الزراعة المروية الدور الرئيس في استنزاف المياه حيث أن (93) في المائة من المياه المستخرجة تذهب في الزراعة ويتمثل هذا الاستنزاف الكبير في سوء استخدام المياه في المجال الزراعي من حيث عدم جدولة الري من قبل المزارعين واستخدام طريقة الري السطحي حيث يتم التحول التدريجي للأراضي المروية بمياه السيول إلى أراضي تعتمد على مياه الأبار والتوسع في زراعة المحاصيل عالية الاستهلاك المائي كالخضار والفواكه والأعلاف والقات واهمال الزراعة المطرية.[c1]تملح المياه وتلوثها[/c]وقد برزت في السنوات الأخيرة في كثير من المناطق ليس فقط شحة المياه واستنزافها بل تدني نوعية المياه من حيث تملحها وتدهورها من ناحية وتلوثها من ناحية أخرى، مما زاد من تفاقم المشكلة، حيث أدى الاستغلال الجائر للمياه الجوفية والحفر العشوائي للأبار في المناطق الساحلية إلى حدوث تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية ووصلت ملوحة المياه الجوفية في سهل تهامة على سبيل المثال إلى أكثر من (6000) ميكروموز/ سم، كما حدث تدهور وأضح في نوعية المياه في وادي حضرموت، وفي ولتاتبن لا توجد في الوادي مياه غير مالحة أوقليلة الملوحة وأن ملوحة المياه في الوادي تقع بين متوسطة الملوحة، عالية الملوحة، عالية الملوحة جداً وفي مدينة الشحر وجد أن هناك ملوحة عالية تفوق المسموح بها كما عكست نتائج تحاليل العينات المائية لكل من أحواض عمران وصعدة وصنعاء ظهور مؤشرات تلوث بيولوجي نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي وكذا تسرب مياه المجاري إلى المياه الصالحة للشرب، كما حدث في مدينة الحديدة، كما أن تلوث المياه الجوفية يأتي بسب قيام ناقلات النفط بغسل خزاناتها ورمي مياه الغسيل الملوثة إلى البحر وتعتبر مخلفات التجمعات السكانية القريبة من الشواطئ أحد المصادر الرئيسية لتلوث البيئة البحرية.أمام هذا الوضع كان لابد من الوقوف أمام مسألة جادة تحدد مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة في العيش بأمان وفي ظل تنمية مستدامة إلا وهي حماية الثروة المائية.وتكمن حماية الثروة المائية في تنمية الموارد المائية من ناحية وفي حماية المياه من الاستنزاف في الجوانب المنزلية والصناعية والزراعية وفي حماية المياه من التملح والتدهور والتلوث من ناحية أخرى.[c1]حماية المياه من التملح والتدهور[/c]يقول الدكتور/ عبدالله عبد الجبار حسن أستاذ الأراضي والمياه المشارك في كلية ناصر للعلوم الزراعية في حديثه عن حماية المياه من التملح والتدهور (إن مشكلة تملح المياه تعد من أخطر المشكلات التي تواجه الموارد المائية العذبة في السهول الساحلية المجاورة للبجار والمحيطات وهي شديدة الحساسية وسريعة الحدوث في المناطق التي تتلقى كميات قليله من الأمطار وتزداد هذه المشكلة في المناطق القليلة الأمطار من ناحية واستنزاف المياه الزائدة من ناحية أخرى وأهم الطرق الواجب إتباعها لحماية المياه من التملح هي:-- التقليل ما أمكن من ضخ المياه الجوفية. - اختيار مركبات محصولية ذات إنتاجية جيدة وقليلة الاحتياج المائي كالحبوب مثلاً والتقليل ما أمكن من زراعة النباتات (المروية بالآبار) التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.- استخدام طرق الري الحديثة كشرط أساسي في التوسع الأفقي أو حتى الرأسي في الزراعة المكثفة- مراقبة ملوحة المياه الجوفية بشكل دائم عن طريق التحاليل والفحوصات لايقاف استثمار المياه مباشرة عند ملاحظة ارتفاع معدل الملوحة لتتاح الفرصة الكافية لإعادتها إلى حالتها الطبيعية عن طريق التغذية الجوفية والسطحية.- مراعاة الخصائص البيئية للمنظومات المائية الاقتصادية. - الحد من حفر الآبار في المناطق الساحلية.[c1]حماية المياه من التلوث[/c]بالرغم من أن الماء ضروري لاستمرار الحياة، قد يكون سببا في القضاء عليها إذا استعمل ملوثاً بجراثيم الأمراض التي تنقل عن طريقه مثل التيفوئيد، الدو سنتاريا الكوليرا، البلهارسيا، شلل الأطفال الطفيليات المعوية، والاسهالات بالإضافة إلى الأمراض الناتجة عن نقص أو زيادة العناصر الكيمائية في الماء فمن المعروف أن جسم الإنسان يحتاج إلى عناصر محددة بتراكيز معينة لكي يقوم بجميع الوظائف الحيوية ولكن عندما تقل أو تزداد كمية هذه العناصر في الجسم فإنها تسبب أضراراً صحية تتوقف على كمية النقصان أو الزيادة ومن العناصر الضرورية للحياة على سبيل المثال (الحديد، اليود والفلور، فتتورم الغدة الدرقية بسبب نقص اليود وتتسوس الأسنان بسبب نقص الفلور عن نسبة معينة ويتآكل ميناء الإنسان بسبب زيادته، ويحتاج الجسم إلى عنصر الحديد في حدود (15 ملجم / يوم) للشخص البالغ و(10ملجم / يوم) للطفل، فإذا مازاد عن هذا الحد فانه يتراكم في الجسم ويسبب للإنسان حالة مرضية تعرف (بالصباغ الدموي) والتي تؤدي إلى تلف الانسجة وعندما يدخل عنصر النحاس إلى الجسم بكميات كبيرة نسبيا يتراكم في الكبد والكليتين مما يسبب الضرر لهما، وقد يؤدي إلى تلف شعري واسع، ويتهيج الجهاز العصبي المركزي والذي يتلوه حالة اكتئاب، يؤثر أيضاً في قرنية العين ويعتبر النحاس في الشراب أكثر سمية منه في الطعام وأن الأطفال شديدو التأثر بهذا العنصر إذ وجد أن تركيز (7) أجزاء في المليون من النحاس يكون تركيزاً مميتاً.أما العناصر الأخرى التي تتبع العناصر غير الضرورية للحياة فهي عناصر ليس لها أي وظيفة في الجسم بل قد تعتبر من العناصر السامة والضارة ولهذا فهي شديدة الخطورة وربما أسهمت في انتشار الكثير من الأمراض ومن هذه العناصر على سبيل المثال الكادميوم، الرصاص، الزرنيخ، الكروم. [c1]مشاكل صحية بسبب التلوث [/c]لقد شاع في السنوات القليلة الماضية وفي الوقت الحالي انتشار أمراض معينة بشكل يدعو إلى القلق والتي منها على سبيل المثال أمراض ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى ومشكلات صحية أخرى لها علاقة بالمخ، مثل كثرة النسيان وضعف الذاكرة عند الكبار والأطفال، وأمكن ملاحظة أن هناك العديد من الأمراض مثل تساقط الشعر وسرطان الدماغ وفقر الدم ونخر الأسنان والتليف الكبدي وأمراض المعدة وتشوه الجنين، وقد أثبتت التجارب والعلم الحديث أن هذه الأمراض تعود إلى تراكم بعض العناصر في جسم الإنسان بواسطة كثير من المصادر التي ربما تلازمه في حياته اليومية حيث تدخل هذه العناصر إلى الجسم عن طريق الطعام والشراب (نتيجة الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة أو استخدام مياه ملوثه) ويبدأ تأثيرها على الأجسام عندما تتراكم فيها وتصل إلى كميات محددة إذ يختلف هذا التأثير تبعاً لاختلاف نوع العنصر والفئة التي يتبعها فعنصر الكادميوم مثلاً يسبب للإنسان الأضرار التالية:-- إفساد وظائف الكلى الذي يصل إلى الفشل الكلوي، وتبدأ هذه الأعراض الصحية في الظهور عندما يتراكم هذا العنصر في قشرة الكلى ويصل تركيزه إلى (200-250مجم / كجم. - ارتفاع ضغط الدم عند استمرار دخوله إلى الجسم بكميات ضئيلة ولمدة طويلة. - تضخم القلب .- وجد مصاحباً لحالات سرطان البروستاتا. وعنصر الرصاص له أيضاً تأثيرات صحية مثل: ضعف الذاكرة، سرعة الغضب والإثارة والحركة الزائدة خاصة عند الأطفال فقر الدم عند الأطفال، يؤدي إلى التخلف العقلي.وعند وصول مركبات الزرنيخ إلى الدم تؤدي إلى تكسير كريات الدم الحمراء، وعند التعرض لأملاح الكروم إلى درجة التسمم الحاد من قبل الإنسان فإنها تؤدي إلى إتلاف الكبد والكلية وأن تواجد النترات في المياه الخاصة بالشرب بتركيزات عالية تزيد عن 10 مللجرام/ لتر قد تؤدي إلى حدوث بعض الأمراض السرطانية عند الأطفال.[c1]المبيدات وأضرارها البيئية[/c]ترتب على استعمال مبيدات الآفات الزراعية ظهور تأثيرات ضارة بالإنسان والحيوان والبيئة بصفة عامة وكذا ظهور سلالات من الآفات الزراعية مقاومة لفعالية بعض المبيدات وأحدث ذلك خللا في عملية التوازن البيئي الأمر الذي أدى إلى تكاثر أعداد الآفات الزراعية وظهور آفات جديدة ونجم عن ذلك اختلال في التوازن الطبيعي وزيادة استخدام المبيدات والتي أدت إلى زيادة تلوث البيئة ومنها تلوث المياه.