أعلن تنحيه عن سدة الحكم وتقاعد عن السياسة بعد 45 عاما
صنعاء/14أكتوبر/ متابعات /ذويزن مخشففي خضم قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأنه لن يسعى لولاية ثالثة خلال الانتخابات المزمعة في أبريل المقبل فأنه بذلك يعلن رسميا تقاعده عن العمل السياسي بعد 45 عاما قضاها في العمل بالمعترك السياسي بيد أنه القرار يكون شيراك قد وضع نهاية لحقبة في تاريخ فرنسا حيث يفسح الطريق أمام جيل جديد من الساسة الأصغر سنا يتوقون لتولي سدة الحكم.وفترة تولى شيراك (74 سنة) لمنصب الرئيس منذ عام 1995هي فترة دلت على إشارات رمزية وتاريخ حفل بالإيماءات وشمل سياسات ملموسة. وبتنحيه فإنه يترك لخليفته إرثا صعبا نظرا لضعف أداء الاقتصاد الفرنسي مقارنة بنظرائه في أوروبا بينما يثقل دين هائل كاهل الدولة وتتفاقم توترات اجتماعية في الأحياء المحرومة.وقال الرئيس شيراك في خطاب تلفزيوني وجهه للأمة الفرنسية مساء الأحد "لن أطلب دعمكم لولاية جديدة". في حين وعد وقد بدت عليه مسحة من الكآبة بمواصلة الكفاح في سبيل "العدالة والتقدم والسلام ومن أجل مجد فرنسا".وفي عهد شيراك ازدادت علاقات فرنسا مع الدول العربية وشهدت تطورا ومتانة وقوة لاسيما مع اليمن فكانت علاقات البلدين قد شهدت خلال العشر السنوات الماضية نقله كبيرة وتحولا ملموسا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وقد أسهمت الدبلوماسية اليمنية التي انتهجها الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بدور حيوي في الدفع بخطوات التقارب بين اليمن و فرنسا من خلال حرصه على التواصل مع القيادة الفرنسية فقد بلغ عدد الزيارات التي قام بها صالح للعاصمة الفرنسية باريس منذ العام 1984 وحتى نوفمبر من العام المنصرم عشر(10) زيارات بالإضافة إلى زيارة هي الأولى من نوعها لليمن قام بها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران لصنعاء عام 1993.ونموذجا لذلك فقد حققت مباحثات القمة بين دولتي اليمن وفرنسا التي عقدت بباريس في ابريل من العام 2004 بين الرئيس علي عبدالله صالح وشيراك نجاحا لافتا في الدفع بالعلاقات اليمنية - الفرنسية إلى مستويات ارفع من التعاون المشترك حيث أعقب تلك المباحثات خطوات عملية لبلورة مقررات لقاء القمة بين قيادتي البلدين من قبيل إعلان وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل اليو مارى خلال زيارتها لصنعاء في مارس من ذات العام اعتزام بلادها تطوير جزيرة ميون اليمنية الواقعة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر مدنيا وعسكريا بما يساعدها على تسهيل عمليات النقل البحري وتزويدها بحوض عائم لاستقبال السفن.كان الدعم الفرنسي لليمن في السابق لسنوات طويلة لا يتجاوز 8 ملايين دولار سنويا.ويتوزع هذا الدعم الفرنسي لليمن على معونة غذائية سنوية بقيمة " مليون ونصف المليون يوروا وكذا تمويل مشروع دعم إستراتيجية اليمن للحفاظ على المدن التاريخية والآثار والترويج لها بكلفة تقدر بـ " مليوني يورو " وتمويل مشروع إدماج اقتصادي واجتماعي للشباب في اليمن من خلال بناء المنشآت الرياضية الصغيرة بكلفة " مليوني يورو " وكذا تمويل عدد من المشاريع المستهدفة تطوير أداء وزارة المالية في مجال تدقيق الحسابات وضبط الرقابة على المنافذ الحدودية وتعزيز الإمكانيات التقنية لمصلحة خفر السواحل بكلفة تقدر بـ " مليوني وسبعمائة ألف يورو.وحاليا صعدت فرنسا من دعمها لليمن إلى أكثر من 120 مليون يورو وذلك في أعقاب زيارة وزيرة التعاون الفرنسية لليمن الأسبوع الماضي السيدة بريجيت جيرارند التي أعلنت رسميا مضاعفة الحكومة الفرنسية لسقف مساعداتها التنموية لليمن خلال السنوات الخمس المقبلة للأعوام من 2007 - 2011 وكذا فتح مكتب دائم للوكالة الفرنسية للتنمية في اليمن بموجب أوامر رئاسية أصدرها الرئيس جاك شيراك مؤخرا.وتم في الزيارة توقيع اتفاقية "وثيقة الشراكة" بين الجمهورية اليمنية والجمهورية الفرنسية على مشروع الدعم الفرنسي للشباب والرياضة في اليمن. بالإضافة إلى الاتفاق على اطر رفع مستوي التعاون القائم بين اليمن وفرنسا في المجالات الأكاديمية والتعليمة عبر تخصيص منح دراسية للدارسين اليمنيين في الجامعات الفرنسية وكذا التبادل الأكاديمي بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في كلا البلدين.. فيما سيتم خلال شهر إبريل القادم التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال التراث تقدم بموجبها فرنسا دعما ماليا وفنيا لجهود الحكومة اليمنية المستهدفة تطوير إستراتيجية تنمية التراث الثقافي.وفي عملية الميزان التجاري بين البلدين احتلت فرنسا خلال الأعوام الماضية الترتيب الثامن على قائمة أهم عشرين دولة مصدرة لليمن عام 2002 برصيد 18.2 مليار ريال يمني ونفس الترتيب في العام التالي ولكن برصيد 23.4 مليار ريال فيما ارتفعت قيمة الصادرات اليمنية إلى فرنسا من 416 مليون ريال يمني عام 1999 إلى 6.1 مليار ريال عام 2003 و ارتفعت قيمة الواردات اليمنية من فرنسا من 13.1 مليار ريال إلى 23.4 مليار ريال خلال نفس الفترة.وقررت فرنسا في العام 1991 إعفاء اليمن من مستحقات قروض بلغت قيمتها 164 مليون فرنك فرنسي كما قدمت في العام التالي منحة قدرها 70 مليون فرنك قبل أن يوقع البلدان في العام 1995 م على اتفاقية لاستغلال الغاز الطبيعي.وسجل العام 2002 خطوة أضافية على طريق تطوير وترفيع العلاقات اليمنية - الفرنسية تمثل في قرار باريس منح اليمن وضع الدولة الأفضل بالرعاية كما دشنت شركة (توتال) الفرنسية استغلال عدد من حقول النفط اليمنية مع مجموعة من شركات النفط الأخرى.وفي العام 2003 احتضنت العاصمة الفرنسية الاجتماع الثالث للجنة التعاون اليمنية- الفرنسية والذي كرس لبحث سبل إقامة شراكة حقيقية قبل أن تقرر فرنسا ضم اليمن إلى برنامج أولويات التضامن الذي يعطي لليمن أولوية الحصول على مساعدات فرنسية سنوية مباشرة بلغ حجمها في مجال الثروة الحيوانية 5ر2 مليون دولار إضافة إلى المساعدات الخاصة بدعم مشروعات التعليم والاصلاح الاقتصادي والمالي .وفي الأسبوع الماضي أشاد الرئيس شيراك في رسالة بعثها إلى الرئيس علي عبدالله صالح رئيس اليمن بما انتهجته اليمن على طريق الحداثة والنهوض والتطور مشيراً إلى إن الانتخابات الأخيرة التي جدد من خلالها الشعب الثقة في رئيس الجمهورية أثبتت تمسك اليمن بمبادئ الديمقراطية.كما ونوه شيراك بالإصلاحات التي حققتها اليمن على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وهو ما جعلها تستحق دعم الدول المانحة خلال مؤتمر لندن الذي انعقد في شهر نوفمبر الماضي.وأكد الرئيس شيراك حرص فرنسا على تعزيز جهودها لصالح اليمن وزيادة مساعدتها لدعم مسيرة الديمقراطية والتنمية في اليمن .كما تناولت الرسالة العديد من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك،وبعد خروج الرئيس شيراك من الحكم وسلطة حزبه السياسي سيكون وريثه الطبيعي في المعسكر المحافظ نيكولا ساركوزي الذي يتقدم المرشحين لانتخابات الرئاسة وقد أبدى يوم الاحد أمله بأن يحظى بتأييد شيراك ولكنه وجه نقدا قاسيا لمعلمه في فترة ما متعهدا بانتهاج اتجاه سياسي جديد.ويتقدم ساركوزي في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التي تجري في شهري أبريل نيسان ومايو آيار ولكنه يواجه منافسة شديدة من غريميه الرئيسيين الاشتراكية سيجولين روايال ومرشح الوسط فرانسوا بايرو.وتمسك شيراك بفكرة إمكانية خوضه الانتخابات لتفادي تهميش دوره ولكن سلسلة من الانتكاسات ووعكة صحية قضت على إي شك كان يراود الفرنسيين بشأن سعيه للبقاء في السلطة.وأثناء رئاسته أنهى شيراك الخدمة العسكرية الإجبارية وتصدى بقوة لليمين المتطرف الذي تنامت شعبيته وكان أول رئيس يعترف بمساعدة نظام فيشي في فرنسا للمحارق النازية إبان الحرب العالمية الثانية.كما لعب دورا مهما في إنهاء الحرب الأهلية في يوغوسلافيا في التسعينات وحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي بمعارضته غزو الرئيس الامريكي جورج بوش للعراق في عام 2003.ولكن محاولاته لإصلاح الاقتصاد الفرنسي وحل مشكلة البطالة المزمنة لم يصادفها نجاح يذكر وشابت ولايته فضائح بالفساد.كما منى بهزائم مشهودة أبرزها في عام 2005 حين رفض الفرنسيون دستور الاتحاد الأوروبي في استفتاء اجري لهذا الغرض مما اضعف مكانته المحلية وموقفه على الساحة الدولية.وتقول دانييلا تشفارزر خبيرة الشؤون الفرنسية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية "بصفة عامة.. ينظر إليها على إنها رئاسة ضعيفة جدا وبصفة خاصة في فترة الولاية الثانية."ويتسم شيراك بشخصية قوية وذكية وكان بارعا في الحملة الانتخابية ولكن لم تكن له نفس اللمسة كرئيس. وفي فترة ما هوت شعبيته لاقل مستوى لرئيس فرنسي ولكن نسبة تأييده ارتفعت مع دنوه من التقاعد.وتنتهي ولاية شيراك في 17 مايو آيار حيث يبدو أمام شيراك خياران إما اختياره لمواصلة لعب دور في الحياة العامة أو ينسحب لمنتجعه الريفي لقضى بقية حياته بهدوء ودون ضجيج.