أضواء
ثقافة المبادرة لا بد أن تُؤتي ثمارها في أي مجال وإن طال الزمن..وإذا كان هناك مَن يردد المثل المعروف: (لا حياة لمن تنادي)، وهناك مَن يذكّرك بالعبارة الشهيرة (إنت بتنفخ في قربة مقطوعة).. وكلها أقوال من النوع الذي يبذر في نفسك اليأس من تغيير ما تراه خاطئاً أو سلبياً في النظرة أو في الأحكام أو السلوك، إلا أنه ثبت بالواقع أن هناك مَن يسمع.. وأن قطرات صوتك المتتابعة سيلين أمامها الحجر.. وأن القربة المقطوعة يمكن رتقها وبإمكانك أن تملأها بالماء فتسقي بها الأرض المهيأة للإخصاب فتثمر لك ولغيرك..!!ومن أبرز الأخبار التي رفعت مؤشر المعنويات لدى المرأة في المجتمع السعودي، ما قرأناه من توجه إيجابي لحسم مسألة مزاولة المرأة لمهنة المحاماة، حيث أكد وزير العدل: «أن الاتجاه المبدئي لإشراك المرأة في مزاولة مهنة المحاماة سيكون في الترافع عن النساء في قضايا الأحوال الشخصية».. فها هي قطرات الأصوات الإصلاحية تؤتي ثمارها في أهم ميدان للمرأة، وسيصبح للمرأة الحق في الدفاع عن المرأة المقهورة لرفع الظلم عنها في قضايا وأمور كثيرا ما تسبب الحرج والحياء والجهل وقلة الوعي بها في انفراط حقها وضياعه..كما سيصبح للمرأة المتخصصة فرصة أن تساهم في إصلاح أوضاع بنت جنسها وفي تحسين أوضاع الأسرة السعودية.. فهنيئاً للقانونيات ولمخرجات التعليم ذوات الاختصاص اللواتي حلمن بأن يكن لهن دور في رفع الظلم والغبن الذي تتعرض له كثر من النساء، كما أنهن ذواتهن -في إطار تلك التصريحات والقرارات- لن يعانين من ظلم الاستبعاد أو احتباس أصواتهن أمام القضاء مع منحهن هذا الحق!!خبر آخر يعزز الأمل في أن لا شيء يضيع أو تذروه الرياح إذا ما كان يستند إلى حق وتدعمه إرادة لا تلين، فما بالنا بإرادة آلاف المعلمات اللواتي انتصرن على التهميش والتجاهل والتباطؤ ليظفرن في النهاية بلجنة تدرس شكواهن بسبب التباين في الرواتب بين المعلمين والمعلمات على مدار عدة أعوام.. ومطالبة أكثر من ستة آلاف معلمة بفتح ملفاتهن -وهن ممن يعانين من المشكلة نفسها- وكان ذلك منذ عام 1416هـ، ونحن نعيش اليوم في عام 1431هـ (أي الاستجابة لفتح ملف مر عليه ستة عشر عاماً)..!!وهكذا ورغم انقضاء كل تلك السنوات، إلا أن صوت المرأة (كمعلمة) لم يطمس أو يكمّم أو يهمّش ما يعزز من حقيقة أن أي صوت نسوي اليوم (له حق يطالب به)، فإنه سيبلغ مداه وسيصل إلى المسؤولين وصنّاع القرار ما يعظم الأمل بالنسبة للمرأة في أي مجال آخر..وفي حقل آخر لا يخفى على أحد تلك الأصوات التي انطلقت منذ زمن وتنامت حول مطلب أو حق المرأة في ممارسة الرياضة، لا عشقاً في الرياضة، بقدر ما تأتي حماية لها من الأمراض (الترهل والبدانة والهشاشة.. إلخ)، وما سور الحوامل في جدة، إلا اعترافاً بهذا الاحتياج خاصة للحوامل اللواتي هن في أمس الحاجة للمشي كحق ليس لهن فقط، لكن بالدرجة الأولى للجنين ليرى نور الحياة من دون مماطلة!!.وبعد سنوات من المطالبة وتحول أكثر الأرصفة إلى ممشى ولممارسة رياضة المشي للنساء والرجال وحتى الاطفال، اعتمدت وزارة التربية والتعليم في إنشائها للمباني المدرسية الحديثة (إنشاء صالات مغلقة لممارسة الطالبات لكرة السلة والطائرة والتنس).. والمدهش حقاً ما قرأناه في «رؤى» مؤخراً في العدد 191، حيث قرأنا عن تشكل خمس فرق نسائية لكرة القدم في (الرياض، جدة والدمام)، هذا عدا ما قرأناه عن وجود نساء متميزات في مجال الفروسية وغيرها.. وهي وما يماثلها من أخبار تجعلنا نتوقع الكثير للمرأة السعودية في مجالات أخرى.. تعد أكثر إلحاحا وضرورة للمرأة في ما يتعلق بقضاياها وحقوقها.. ولن يكون ذلك ببعيد في ظل تنامي (ثقافة المبادرة) في بيئة تنعم بأجواء التشجيع والتحفيز لكل عمل وفكر يسعى لتحسين وتطوير أوضاع المرأة.