مدارات
محمد الأميرلم يهنأ اللبنانيون بعد ـ بتسجيل سابقة لبنانية ـ في نجاح وانجاح حوار لبناني ـ لبناني.وقد استبشر العرب والأصدقاء والمراقبون للشأن اللبناني بانعقاد مؤتمر للحوار البناني مطلع الشهر الماضي وتطلعت الأنظار إلى هذه الخطوة التي تجيء للم جراحات وطنية يعمل الكثيرون لخدشها منذ زمن. وان لم ينفض هذا المؤتمر إلا إنه لم يعلن عن فشل مما يجعل نوعاً من التفاؤل يبدو على مجريات الحدث اللبناني. ثم ظهر الصراع السياسي محتدماً وفي أوجه من خلال التشنج الحاد في نقاشات قمة الخرطوم التي دارت رحاها بين رئيسي الدولة والحكومة اللبنانية. وقضت على آخر بوادر الأمل في إمكانية انفراج لبناني ـ لبناني. وظهر ـ أيضاً ـ واضحاً إنعدام إمكانية لان يتمكن اللبنانيون من التصالح السياسي دون تدخل وسيط. وحتى هنا ـ وعلى اقوى الاحتمالات ـ فان التفاؤل على الحالة اللبنانية ليس بالقدر الكافي لان الكثيرون يرون انه حتى وان استطاع اللبنانيون ان يعقدوا لقاء إلا أنهم لا يستطيعون ان يعقدوا اتفاقاً أو وفاقاً نهائي. فالحوار قد يكون لبنانياً والطاولة لبنانية والوجوه لبنانية إلا إن الأجندة خارجية. فما يراه اللبنانيون ان المواضيع المطروحة على طاولة الحوار اللبنانية وان كان يتراءى انها تحمل طابعاً لبنانياً وما ينتجه التشنج السياسي من تأثيرات ومضاعفات لبنانية إلا إن كل ذلك مرتبط بقرار دولي أو قرار إقليمي. وعليه فان العراك السياسي اللبناني الذي طغى على أعمال قمة الخرطوم أكد مدى الصعوبات والتعقيدات المركبة التي تمور بها الساحة السياسية اللبنانية والتي تصل حد المأزق لاسيما وان لبنان يعج بنظام طائفي معقد تبعاً لذلك ويصب في ظل هذه التشابكات السياسية ان يتوافق اللبنانيون وفق مقارنة لبنانية داخلية دون تدخل وسيط خارجي. ولا يبدو ان قمة الخرطوم التي طغى على سطحها الخلاف اللبناني قد وجهت ـ وبالاصح ان كان بامكانها ان توجه ـ بضرورة العمل لاتخاذ خطوات لحلحلة العراك السياسي في لبنان. وجدلاً وان وجدت مبادرة عربية فانها ستظل غير متكاملة وان تكاملت فلن تكون واضحة وان وضحت فتفتقد آلية التنفيذ فالعرب يدركون ان ثمة حاجة إلى ضوء أخضر يعطيهم فرصة أو إمكانية لعب دور وسيط. وحتى لو لم ينتظر العرب إضاءة اللون الاخضر هذا فانه لا يبدو إن لديهم أجندة حل عربي، ذلك انه لو وجد مثل هذا لظهر ذلك في قمة الخرطوم ولنتج عنه قرار. وان لم يكن احد في القمة يجرؤ على ملامسة الوضع اللبناني الداخلي لما يشكله من حساسية سياسية بالغة وبدأ مدى ردة الفعل التي اثارتها فقرة البند الخامس الذي يتحدث عن ضرورة التضامن مع المقاومة اللبنانية. إلا أن مقارنة العلاقات السورية ـ اللبنانية التي تشهد جموداً وتوتراً هي من اساسيات عمل الجامعة العربية ومن أهم أعمال وقضايا القمم العربية. ومع ذلك فان أي من سطور بيان القمة لم يقترب من هذا الهم. وليس ما يثار عن ان ثمة مبادرات عربية تتبلور نحو الهم اللبناني بقدر ما هي مساع حميدة تنتظر الاذن الخارجية التي هي بالتالي لاتزال تعمل على تأجيج الصراع اللبناني حتى تنضج جميع جوانبه لفرض السياسات على ضوء ما يتمخض حينها من اتفاق يشمل كل المنطقة ويلحظ على هذا ما احدثته زيارة رود لارسن من تداعيات سياسية داخلية في لبنان. ويدور الحديث ـ أوضح من أية مبادرة ـ بعد زيارة كوندليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية لباريس ولقاءها الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن حوار بدء بين واشنطن وطهران ودمشق على خلفية الملفات الشائكة في المنطقة. فلو تمت صفقة حل فان لبنان سيدعى حينها للتوقيع وحسب على حل إقليمي شامل في المنطقة.