استطلاع/ أحمد الكاف – الحديدةخضراء فاقع لونها تسر الناظرين يحسبها المزارع والراعي شجرة طيبة تؤتي ثمارها كل حين لكن الحقيقة عكس ذلك “ لا ظل ولا ظليل “ ولا ثمر أو ثمار ولا جدوى منها أبداً عرفها المزارع والراعي بسرطان الأرض والمياه وإخطبوط الحقول الزراعية اختلف حولها الباحثون والمهتمون واحتار في أمرها المزارعون جاءت وزرعت كهدية للأرض والإنسان منتصف سبعينات القرن الماضي لتثبيت الكثبان الرملية والحفاظ على الأراضي الزراعية من الزحف الصحراوي فأصبحت كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية بعد سنوات ظهرت آثارها وخيمة على الجميع وخطر محدق يهدد الكل.. أهلكت الحرث والنسل وامتصت المياه الجوفية وزاحمت المحاصيل الزراعية في غذاءها ونهب قوتها الضروري من الماء والأكسجين وكل مقومات الحياة الزراعية بعد هذا الخطر الداهم تعالت الأصوات والنداءات لاجتثاثها.14 أكتوبر رصدت في تهامة خطر الهدية الكارثة واستطلعت آراء المتضررين والمختصين حول حقيقة أمر هذه الشجرة.[c1]ظهرت لتثبيت الكثبان الرملية [/c]يقول المزارع حسين سالم:منذ ظهور شجرة السول الرمال المتحركة والحد من الزحف الصحراوي على الأراضي الزراعية بدأت المشكلة حيث ظهرت هذه الشجرة في الحقول القريبة وأثرت سلباً على نمو المحاصيل الزراعية ومزاحمتها ولوحظ تدني نمو المحاصيل والإنتاج الزراعي ومع مرور الأيام حاولنا اقتلاع هذه الشجرة لكن دون جدوى.[c1]شجرة خبيثة[/c]يقول المزارع/ عبد الرحمن أبكر:شجرة السول شجرة خبيثة ونبتة شيطانية ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم بل أنها لا تبقى ولا تذر لم يسلم من ضررها الإنسان والحيوان أيضاً حتى المياه الجوفية فهي تنبت وتعيش في الصحراء القاحلة تصور خضراء في الصحراء حيث لا ماء ولا نبات ولا حياة.ويرى أبكر أن اجتثاث هذه الشجرة ضرورة إنسانية لحماية المحاصيل الزراعية والمياه الجوفية.[c1]أشواكها صلبة[/c]فيما يرى الراعي سالم يحيى كداف:إن اخضرار هذه الشجرة أدى إلى إقبال الأغنام على أكلها لما اسعد الرعاة لكن يقول أن أشواكها الصلبة أضرت بضروع للأغنام وأكل بذورها وهي رطبة أدى إلى إصابة الأغنام بتسمم.ويردف قائلاً : أشواك السول تخرق الأرجل إلى العظم بل تخترق اطارات السيارات والحراثات وأصبحت وبالاً على المزارع والراعي والأرض والمياه.ويؤكد استحالة اجتثاث هذه الشجرة لأن جذورها تمتد. [c1]المزارع حمود هبة :[/c]امتصاص المياه الجوفيةمنذ ظهور هذه الشجرة تدنى تدفق المياه الجوفية وقيل عقد أو عقدين من الزمن كان عمق البئر لا يتجاوز 70 متراً اليوم حفر البئر لا يقل عن 140 متراً مما ضاعف من معاناة المزارع اليمني في سهل تهامة وهذه مشكلة تهدد المياه الجوفية هذه الشجرة تمتص المياه وتحرم المحاصيل الزراعية من الاستفادة منها.[c1]زاحمت الأراضي الزراعية[/c]وأردف المواطن حسن سرين من الحليفة:حقيقة لقد زاحمت شجرة السول القرى الريفية والمواطنين في الأكواخ البسيطة أغلقت طرقات القرى ومداخلها بل استولت على المراعي القريبة منا فلم تعد مواشينا ترعى في المراعي على ضفاف الوادي نتمنى تدارك الأمر وإنقاذ سهل تهامة من هذه الشجرة وحمايتنا من أضرارها البالغة لقد بلغ السيل الزبى.[c1]أضرار بالغة[/c]أما المواطن/ سعيد مبروك من قرية المهد فيقول :لو كان في هذه الشجرة فائدة لما انتشرت بسرعة هذه الشجرة لا ظل ولا ظليل ولا غذاء ولا نسلم من ضررها فهي دخيلة وجى بها لإهلاك الحرث والنسل والقضاء على الأراضي الزراعية وحياة المزارعين وسكان القرى أية فائدة لشجرة لا تثمر ولا تظلل ضررها أكبر من نفعها لذا يجب اقتلاعها واجتثاثها.[c1]قبل فوات الأوان[/c]ويستغرب المواطن/ حمود صالح عن سكوت الجهات المعنية في وزارة الري على ما تحدثه هذه الشجرة من أضرار جسيمة. لقد زحفت هذه الشجرة على كل شيء القرى والمزارع ووجه صرخة لمعالي وزير الزراعة والري أنقذوا سهل تهامة من خطر الشجرة الهدامة وذلك قبل فوات الأوان وقبل أن نعض أصابع الندم.ولتسليط الضوء على هذه الشجرة التي أثارت العديد من التساؤلات بين مؤيد ورافض لها واصلت البحث عن الحقيقة من مصدرها العلمي فكان لي لقاء مع المهندس/ أحمد عبد الرحمن النهاري مسؤول المحميات الطبيعية في إدارة الشئون الزراعية بالهيئة العامة لتطوير تهامة.وعن التعريف بهذه الشجرة واسمها العلمي قال :عرفت هذه الشجرة في بلادنا منتصف السبعينيات من القرن الماضي باسم السول الأمريكي حيث تم غرسها في الكثبان الرملية لتثبيتها كما أنها تسمى شوك الجنوب الغربي وكذلك أطلق عليها اسم أشجار القاف أما في منطقة الخليج العربي فيطلق عليها المزارعون الطلح الأمريكي وهذه الشجرة تنتمي إلى الفصيلة الطلحية التابعة إلى الفصيلة القرنية ويوجد بها 44 نوعاً منتشرة في أمريكا الدافئة وكذا جنوب غرب آسيا وأفريقيا.وما نحن بصدده هو ما يعرف بالمسكيت وهي شجرة أو أشجار ذات أشواك وإبر وأوراقها مضاعفة تحمل الأزهار في ثورات عنقودية أو استيلية أسطوانية وتكون عادة جانبية وذات أزهار صفراء صغيرة والثمار شريطية مستقيمة أو مقوسة وثمارها مصفرة ويتراوح عدد الروشات في وريقة الورقة المركبة المضاعفة من 15 – 23 زوجاً وموطنها الأصلي الأمريكيتين وخاصة الأرجنتين وقد انتقلت إلى المناطق القاحلة وشبه القاحلة.[c1]دراسات علمية[/c]وعن فوائد هذه الشجرة من وجهة نظر المختصين قال :استخدمت شجرة المسكيت في تثبيت الرمال كما أنها استخدمت في تغذية الحيوانات في كثير من الدول خاصة الموطن الأصلي لها سواء الأجزاء الخضرية منها أو القرون وكعلائق مركزة لزيادة إنتاج اللحوم أو الألبان لاحتوائها على نسبة عالية من الfروتين وكذا السكريات إضافة إلى بعض المعادن كما أنه جرى في بعض الدول العديد من التجارب البحثية لفوائد هذه الشجرة واستخدامها ففي البيرو وتشيلي والأرجنتين والأرجواي يتم استخدام قرون هذه الشجرة كقسط مركز يضاف إلى حصة العلف المقدمة للبقرة الحلوب بنسبة 40 – 60 %كما أن علف هذه الشجرة تعتبر ذو قيمة غذائية عالية حيث يقدم إلى الأبقار والطيور الداجنة والخنازير إضافة إلى أبحاث أجريت في البرازيل أثبتت أن تقديم المادة الجافة من أوراق هذه الشجرة إلى الأبقار يساعد على زيادة وزنها وارتفاع ناتج الحليب منها.[c1]أضرار أكيدة[/c]وعن أضرار شجرة السول على الإنسان والحيوان والمياه الجوفية قال :حقيقة أكدت بعض الدراسات على أضرار هذه الشجرة على المياه كون الجذر الرئيسي فيها يصل إلى أعماق 45 متراً في الأرض مما يسبب امتصاص للمياه الجوفية في بعض البلدان المجاورة وهناك اشتباه بأن هذه الإصابات ناجمة عن حبوب اللقاح الصادرة عن شجرة المسكيت وهناك أضرار أخرى مثل إصابة ضروع الحيوانات بالجروح نتيجة أشواكها والتي أيضاً تؤثر على الإنسان والحيوان وخاصة الأغنام إضافة إلى حدوث نفوق في الحيوانات التي تناولت قرون هذه الشجرة إضافة إلى اتساع رقعة نمو الشجرة مما أثر على المساحات الزراعية ويؤكد الكثير من المزارعين أن أضرار هذه الشجرة أكثر من منافعها.[c1]منافسة المحاصيل الأخرى[/c]ويضيف النهاري قائلاً :لا يمكن إنكار هذه الشجرة على الأراضي الزراعية في مناطق الوديان والأراضي الزراعية المرورية بقدرة هذه الشجرة على منافسة المحاصيل الأخرى والتغلب عليها وهذا ثابت لدينا من خلال المشاهدات ففي مشتل الجرايح للفاكهة حيث زرعت أشجار المانجو فيه عام 75م ملازماً مع زراعة المسكيت كمصدات وبعد 5 سنوات أثمرت أشجار المانجو البعيدة عن شجرة المسكيت بما لا يقل عن 40 أما الأشجار القريبة منها إلى بعد 20 متراً لم تثمر مطلقاً وعن الحفر وجد أن جذور المسكيت قد وصلت من على بعد 20 – 50 متراً إلى المانجو وبدأت تسحب الماء والغذاء عنها وبمجرد قلع المسكيت أثمرت أشجار المانجو.[c1]يمكن الاستفادة منها[/c]وعن مدى الاستفادة منها وتفادي أضرارها قال :كما أسلفت هناك أضرار ومنافع لهذه الشجرة التي اختلفت الآراء حولها علمياً ونظرياً لذا لا يمكن الحكم عليها بل يمكن الاستفادة منها من خلال توظيفها بشكل صحيح وإدارتها كمورد يمكن استغلالها في تثبيت الكثبان الرملية لما تتمتع به من ميزات إضافة إلى اعتبارها الأقل في التكاليف وقد وضعت هذه الشجرة من قبل الهيئة العامة لتطوير تهامة كأحد الأشجار التي يمكن استغلالها ضمن برامج الزراعات للمناطق المالحة وكذا عمل وإنشاء المطايات الصناعية في المناطق الصحراوية والأراضي الهامشية وزراعة الحدائق والشواطئ القريبة من البحار وكذا في صناعة توفير العلائق المركزة لمجمل الحيوانات المزرعة بعد إعدادها بشكل اقتصادي واستغلال الأذرع المتساقطة أو التي يمكن تقليمها كمصدر للوقود وكذا الصناعات الورقية وألواح الخشب المضغوط وتغذية أشجار النخل.ولتفادي أضرارها يجب استبعادها بشكل كلي من مناطق الوديان والأراضي الزراعية المروية.[c1]تحديد حجم المشكلة[/c]وعن حجم المشكلة في بعض المناطق الزراعية قال :من السابق لأوانه البت في هذه المشكلة قبل تحديد حجمها وحجم الفوائد المتوقعة في كل حالة والإمكانيات المطلوبة للتنفيذ وحتى يكون العمل مبني على أسس صحيحة يجب أن تتوفر كامل البيانات والمعلومات عن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة ونقترح الآتي :تشكيل لجنة عليا من الاختصاصين في الوزارات والمصالح والمؤسسات المختصة ذات العلاقة لدراسة الوضع القائم وتحديد حجم المشكلة على مستوى المحافظات التي تتواجد فيها شجرة المسكيت وكذا تشكيل لجان فنية على مستوى المحافظات لنفس الغرض مع رفع تصور عن الإمكانيات والأساليب والطرق المطلوبة تنفيذ برنامج متكامل يتم إعداده بناء على ذلك.وعلى هذا الأساس يمكن تحديد المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها.
شجرة السول الهدية التي تحولت إلى كارثة
أخبار متعلقة