المياه .. بين الشحة والسرقات المنظمة !
المؤشرات المعطاة في واقع اليوم، تؤكد أنّ المياه بحاجةٍ إلى إنعاش وبذل مزيد من الجهد لإعادتها إلى المجرى الطبيعي الذي لا يخلُ بموازنة الحياة بين العيش والفناء .. لأنّ الماء هو أساس البقاء والحياة.والمياه في بلادنا اليوم تعاني من عثرات ونكسات جمة سواءٌ لأسبابٍ طبيعية متعلقة بالحقول والآبار من حيث النضوب والشح... الخ.. أم من حيث الاستنزاف والعشوائية وسرقة هذه الثروة بشكل سافر ومنظم.. لأنّ الاثنين يعملان على عدم استقرار ثروة الماء لهذا البلد الطيب الذي رغم خيراته قد ابتلي بناس لا يحرِّمون ولا يعرفون قدر نعمة الله عليهم ولا يحللون كما يقول المثل.. فهم آفة سلطت بلواها على الماء من حيث العشوائي في كل شيء .. ولا تجد لدى هؤلاء إلا مكسبهم وإثرائهم هو الهدف.. وما دون ذلك فهو يهون، وعليهم إزالته إن لم يهن!ففي محافظة عدن – على سبيل المثال – يتحدث المسؤولون بجدية عن أنّ المياه في وفرة واستقرار وهي توزع على حصص من حي لآخر.. ونشعر معهم أنّ جزءاً من الصدق ملموساً، لأنّ مرور أكثر من سنة يؤكد أنّ الحال عال العال، لكن المؤشر إلى الغد المقبل القادم إلينا بعد أيام أو أشهرٍ أو سنين يؤكد أنّ زوال هذه الثروة حتماً ستظهر بوادره من خلال السيطرة البشعة على حقول المياه وقنواته وآباره.إنّ هذه السيطرة هي في نظرنا (قرصنة) وسرقة منظمة لا ينبغي لنا السكوت عنها، لأنّها سوف تؤدي إلى كوارث تتحملها الدولة ويتأثر منها المجتمع.. وهو همٌ يجب ألا يمر مرور الكرام، بل يجب أن تفرد له عدد من الندوات والدراسات وأن يكون مثار تناول كافة وسائل الإعلام لتسليط الضوء على ما يجري بالصورة والصوت والكلمة المقروءة والكاريكاتير المعبّر والناقد، لكي تحدث هزة تؤدي إلى نتائج ملموسة ونافعة للجميع.لقد نبَّهنا كثيرا على أنّ الأمور سوف تزداد سوءاً خصوصاً وأنّ موضوعات قد تم طرقها من أيام ما كان الدكتور يحيى الشعيبي محافظاً لعدن الذي أوضح ذات مرة أنّ ما تبقى لعدن من مياه نقية للشرب لا يزيد عن 4%، أربعة في المائة، أما ما تبقى من المائة فهو يذهب للزراعة والنقاهة والتجارة و(البعزقة) وهي أمور قد لمسناها اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.إنّ تأكيد قيادات مؤسسة المياه من أنّ المياه تُسرق ويتم التصرف بها من الحقول عشوائياً يؤكد أنّ الأمور بحاجةٍ إلى ضابطٍ يوقف هؤلاء المستهترين من خلال تفعيل القضاء ونيابة يجب أن تتشكل خاصة بالمياه لكي تكون الأمور قد وصلت إلى تفعيل هذه الخدمة التي تتعلق بالحياة والمستقبل المنظور.نحن على ثقة أنّ المياه هي هبة إلهية للجميع ولكن يجب أن يكون هناك فيها عدلُ وقسطاس ليشمل كل الناس وليكونوا جميعاً سواسية كأصابع اليد الواحدة حتى لا تتدهور الحياة ويسيطر على شربة الماء حُثالات لا ضمير لهم ولا دين!.إنّ المياه بحاجةٍ ماسة إلى حماية قانونية وردع سريع، حتى لا تظل لمن هب ودب، وبنفوس ميتة.. لا تفهم إلا المصلحة، قاتل الله المصلحة إذا كانت لتخريب الحياة!لا نريد أن نتحدث كثيراً، بل يجب أن نعمل بشكل لافت لكي نوقف الاستهتار الحاصل في مياهنا وحياتنا ومستقبلنا..!والله من وراء القصد[c1]* نعمان الحكيم[/c]