أربيل/بغداد/وكالات:ينظر الأكراد ببعض الحذر لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر الذي يقضي بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة وتعزيز دورها في العراق, خاصة بعد اطلاعهم على رأي أشرف قاضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بشأن مشكلة كركوك.فقد قال قاضي إن إجراء استفتاء بين السكان بشأن مصير المدينة الغنية بالنفط أمر صعب في الوقت الحالي. كما أن تلميح السفير الأميركي لدى المنظمة الدولية زلماي خليل زاد بشأن رغبة واشنطن في إشراك الأمم المتحدة في حل مشكلة كركوك زاد من تلك التحفظات.في هذا الصدد قال رئيس برلمان كردستان العراق عدنان المفتي "إذا أحيل ملف كركوك إلى الأمم المتحدة فلتحل القضية الكردية بأكملها إلى المنظمة دون اقتطاع مشكلة فرعية منها مثل مشكلة كركوك".وأضاف المفتي أن توسيع دور الأمم المتحدة في العراق مطلوب ومرحب به, والعراق بحاجة إلى أن تلعب المنظمة دورا، و"لكن ما نرجوه أن يكون دورا إيجابيا، أما إذا كان الهدف من هذا الدور هو التدخل في مشكلة كركوك وتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بمشكلة المناطق المتنازع عليها فذلك أمر مرفوض".كما رفض قادر عزيز كبير مساعدي مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان تدخل الأمم المتحدة في حل قضية كركوك، وفضل أن تقوم المنظمة بدور الحكم في حال فشل الفرقاء في التوصل لحل لتلك المشكلة.ونقلت الصحف الكردية عن عزيز قوله الأسبوع الماضي إن "تطبيق الدستور العراقي مهمة العراقيين وليس الدول الأخرى أو المنظمات الأجنبية".من جانبه قال خالد صالح المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان العراق إن للأكراد تجربة غير إيجابية مع الأمم المتحدة في تسعينيات القرن الماضي.وأضاف "هناك طموح أميركي في الحصول على مساعدة الأمم المتحدة في العراق, وبرأيي من الصعب أن تتمكن الأمم المتحدة من لعب دور فعال لسببين، حجم المشكلة الأمنية ودرجة التعقيد للوضع السياسي بالبلاد".، وتابع أن الأميركيين وبعد أربعة أعوام في العراق يريدون مساعدة خارجية, و"لا أعتقد أن بإمكان الأمم المتحدة تقديم المساعدة لها لا سياسيا ولا أمنيا، فالأميركيون يبحثون عن مخرج من العراق، واللجوء إلى الأمم المتحدة هو أحد الخيارات".وحث المتحدث باسم حكومة كردستان المنظمة الدولية للعب دور في مواضيع محددة كالانتخابات والإحصاء السكاني والتطوير الإداري في مناطق الشمال والجنوب حيث يتوفر قسط من الاستقرار, وترك العملية السياسية والوضع الأمني.ويرى السياسيون في كردستان العراق أن الطابع الروتيني لعمل الأمم المتحدة يشكل العائق الأكبر أمام أداء دور فاعل في العراق وغيره من المناطق.وقال روميو هكاري سكرتير حزب بيت نهرين الآشوري المسيحي إن دورا أكبر للأمم المتحدة في العراق ضروري في ظل الوضع الحالي، شريطة ألا يكون في المسائل التي لا يريد الشعب العراقي لها أن تتدخل فيها.وأضاف "أنا كعراقي أرفض تدخلها في كيفية تطبيق الدستور، وبرأيي إذا تدخلت الأمم المتحدة في هذا الموضوع فسيعود دورها بالضرر على ذلك الموضوع".أما خليل إبراهيم القيادي في حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني، فأبدى تخوفه من أن يكون صوت بعض الجهات العراقية مسموعا بشكل أكبر من غيرها لدى المنظمة الدولية، ما يزيد الوضع تعقيدا.وقال "لتأت المنظمة الدولية إلى العراق ولتستمع لآراء الجميع وتقدم المشورة للعراقيين في كيفية معالجة مشاكلهم والخروج من المأزق الذي يواجهونه". إلى ذلك تستعد الأمم المتحدة لاستئناف العمل في العراق بعد مرور أربع سنوات من التوقف وسحب بعثتها نهائيا من هناك إثر مقتل ممثلها سيرجيو دي ميليو ونحو 22 من العاملين بها في أغسطس 2003.يأتي ذلك بعد أن صادق الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي الليلة قبل الماضية على قرار عودة عمل المنظمة الدولية في العراق.وتثير هذه الخطوة التساؤل لدى العراقيين حول حقيقة الدافع وراء هذا القرار وتوقيته، وهل القصد منه توفير طوق نجاة للولايات المتحدة وبريطانيا وتسهيل أمر انسحابهما بأقل خسائر من العراق؟بداية يقول الباحث عطا الله محسن الأستاذ في الجامعة المستنصرية إن القرار يتضمن الكثير من الجوانب والفقرات التي تعيد دورا عملت الولايات المتحدة وبريطانيا على إلغائه في العراق، وهو دور يتضمن مراقبة عملية المصالحة الوطنية والانتخابات ومتابعة الإصلاحات السياسية والذي فشلت في تحقيقه واشنطن ولندن طيلة السنوات الأربع الماضية.يضيف محسن أن واشنطن ولندن اللتين لم تستمعا لمعارضة كل من روسيا وفرنسا وألمانيا قبل أربع سنوات من مغبة استفرادهما بالشأن العراقي، عادتا اليوم لتسئلا هذه الدول التصويت لصالح القرار الجديد مع أنه يعطي المنظمة الضوء الأخضر في لعب دور أكبر من مجرد مهام إنسانية.على عكس ذلك يرفض الناشط في حزب الدعوة جبار الساعدي أن تلعب الأمم المتحدة أي دور في العراق. ويتساءل الساعدي "ماذا تفعل الأمم المتحدة في بلد اختار أبناء شعبه حكومته وبرلمانه في انتخابات حرة ونزيهة وحدد شكل الحكم وطبيعة العلاقات مع المحيط الخارجي؟".، ويضيف أن انسحاب الولايات المتحدة من العراق أو إعلان جدول زمني لذلك أمر تقرره الحكومة العراقية المنتخبة وليس سواها وبناء على تفويض من الشعب. أما العضو في الحزب الإسلامي مصطفى العاني فيقول "كنا ندعو دائما لأن تلعب الأمم المتحدة دورا في ترتيب الأوضاع في العراق بما في ذلك ترتيب عملية الانتخابات ومتابعة الخروقات السياسية التي شهدتها الساحة العراقية، إلا أن الولايات المتحدة وافقت أخيرا على أمر نهت عنه طيلة السنوات الأربع الماضية".ويرى العاني أن الولايات المتحدة وافقت على عودة المنظمة الدولية لتجد مخرجا للانسحاب من الأراضي العراقية بعد أن ثبت فشلها، مضيفا أنه يرحب بالقبعات الزرق إذا ما جاءت إلى العراق مثلما رحب بها إخوتنا في جنوب لبنان لتحل محل القوات الأميركية والبريطانية.من جهته يرفض الشيخ عقيل السوداني من التيار الصدري أي دور أجنبي في العراق سواء كان هذا الدور أميركيا أو دوليا.ويقول السوداني""شعبنا يمتلك كامل الأهلية السياسية ولا يحتاج وصاية من أحد, ونحن ننصح الأمم المتحدة أن تدعنا وشأننا وأن لا تلقي بطوق النجاة لأميركا وحلفائها الذين باتت نهايتهم في العراق محتومة على يد أبنائه". وفي أول تحرك انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي بشأن توسيع دور الأمم المتحدة في العراق, أعلن أمينها العام بان كي مون أن منظمته ستلعب اعتبارا من الآن وصاعدا دور الوسيط في العراق بهدف "تشجيع الحوار بشقيه الداخلي بين مختلف الفرقاء العراقيين ومع الدول المجاورة، في آن واحد".وقال بان بعد تبني مجلس الأمن للقرار رقم 1770 الذي عزز دور بعثة الأمم المتحدة في العراق "إن نشر وتشجيع الحوار السياسي بين مختلف الفرقاء والمجموعات الدينية والإثنية سيكون أحد المجالات الهامة التي ستلتزم بها الأمم المتحدة".كما أعرب عن أمله في عقد لقاء لوزراء خارجية دول الجوار العراقي على هامش اجتماعات الجمعية العامة المقررة الشهر المقبل. وقال "إن عراقا آمنا ومستقرا في المستقبل يتوقف على العراقيين أنفسهم".من جهة ثانية قال بان إنه لم يتخذ قرارا بعد حيال احتمال زيادة عدد الموظفين الدوليين المسموح لهم بالإقامة بالأراضي العراقية، وهي فكرة تلاقي معارضة من موظفي المنظمة الدولية.وأشار إلى أنه لم يقرر حتى الآن هوية ممثله الخاص إلى العراق الذي سيحل محل الباكستاني أشرف قاضي الذي أبدى رغبته في ترك هذا المنصب بعد ثلاثة أعوام. وأوضح أن السويدي ستيفان دي ميستورا الذي نوه به أخيرا السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد، هو أحد المرشحين البارزين لهذا المنصب.وكانت الأمم المتحدة قد سمحت لعدد أقصاه 65 من الموظفين التابعين لها بالإقامة في العراق منذ التفجير الذي وقع عام 2003، وأودى بحياة 22 من موظفي المنظمة بمن فيهم المبعوث الخاص سيرغيو فييرا دي ميلو.