غابة الأرز
للوصول إلى غابة الأرز، أو «أرز الرب»، كما يطلق عليها اللبنانيون ، فإن قاصد الأرز يمكن ان يسلك طريقين. فالآتي من سورية برا او اللبناني القاطن في أنحاء البقاع ينطلق من بلدة دير الأحمر عند اقدام السفوح الشرقية من سلسلة جبال لبنان الغربية متسلقا منعطفات تشرف على سهل البقاع حتى بلوغ القرنة السوداء - أعلى قمم لبنان والتي يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 3088 مترا - ومنها يطل الزائر على غابة الأرز التي تعلو 1900 متر ومحطة التزلج التي ترتفع 2066 مترا ووادي قاديشا أي الوادي المقدس، وهذه الطريق تبقى مقفلة في فصل الشتاء لتراكم الثلوج عليها، وعندما يصفو الجو يمكن مشاهدة قبرص منها.أما الطريق الأخرى فتنطلق من بيروت بحرا حتى بلدة شكا ومنها إلى بلدة بشري، مسقط رأس الأديب اللبناني جبران خليل جبران، والتي تضم متحفا له في دير مار سركيس يحتوي على ضريحه، وبعض ثياب الأصلية، والوثائق التي تروي مسيرته من لبنان إلى أميركا. وكان جبران قد أوصى بدفنه في مسقط رأسه. ويرشدك الدليل السياحي إلى وجود ضريح فينيقي بالقرب من المتحف.ومن بلدة بشري تتفرع طريقان إلى غابة الأرز التي لا تبعد أكثر من 7 كيلو مترات. الأولى طريق قديمة، متعرجة وضيقة وتسمح بالوصول إلى «مغارة قاديشا» التي يتفجر منها شلال مدهش يبلغ أوجه في فصل الربيع، وتزين المغارة ترسبات كلسية اتخذت أشكال نواتئ وفجوات، وقد تمت إنارتها بحيث يمكن للزائر ولوجها والتمتع بمناظرها. أما الطريق الأخرى فهي أكثر حداثة وتجهيزا وتبقى سالكة في فصل الشتاء حيث يتم جرف الثلوج عنها بشكل متواصل. وأيا كانت الطريق التي يتم سلوكها فلا بد للزائر من أن يتمتع بالمناظر المدهشة التي تجمع بين القمم المكللة بالأبيض، والوديان السحيقة التي تموج بالضباب.وبالوصول الى الأرز تطالعك الفنادق والمطاعم والمقاهي ومحال بيع التذكارات، كأنك في قرية سياحية يقصدها الهاربون من الحر صيفا، والساعون وراء هواية التزلج شتاء، أو وراء الاستجمام والراحة. ولا تبعد الغابة عن هذه النقطة أكثر من كيلو متر واحد عبر طريق تصطف على جانبيها المطاعم الصغيرة ومحال بيع التذكارات، وتؤدي إلى مركز التزلج الذي يفوق سائر مراكز التزلج في لبنان بروعة مشاهده ونوعية ثلوجه. وتنتظم مسارب التزلج على منحدرات مدرج طبيعي يحتفظ بمنديله الأبيض طوال خمسة أشهر في السنة. ويمكن الوصول إلى أعلى هذه المسارب عبر خمسة مصاعد، بالإضافة إلى بعض المصاعد والمسارب المخصصة للأطفال.لقد شهدت غابة الآرز أول مركز تزلج في لبنان ساهم، في فترة ما قبل الحرب في إنعاش منطقة الشمال على صعيد الفنادق والموتيلات والمطاعم.ولم يبق مركز التزلج في الأرز وحيداً على القمم اللبنانية المكللة بالذهب الأبيض، بل ما لبثت مراكز التزلج أن احتلت العديد من القمم اللبنانية بدءا من مركز اللقلوق في منطقة جبيل، وانتهاء بمركز قناة باكيش ومركز الزعرور في منطقة المتن الشمالي، مرورا بمركزي فقرا وعيون السيمان في منطقة كسروان اللذين حصدا حصة الأسد من الكتلة السياحية في لبنان لقربهما من العاصمة اللبنانية، ولسهولة الوصول إليهما.