استطلاع/ عادل محمودمنذ إعلانها محمية طبيعية قبل أكثر من خمسة أعوام أصبحت جزر سقطرى اليمنية قبلة السياحة البيئية الأولى في البلاد حيث تجتذب 70 بالمائة من حركة السياحة الدولية القادمة الى اليمن، ساعد على ذلك توفر ويسر سبل الوصول الى هناك بحرا وجوا بالاضافة الى وجود قدر كبير من الخدمات التي لم تكن متاحة في الماضي بعد ان ظلت سقطرى تعيش في عزلة عن العالم لعقود عديدة، وتشير احصاءات الهيئة العامة للسياحة الى ان اكثر من 50 ألف سائح زاروا سقطرى خلال النصف الاول من العام الحالي 2005م من مختلف الجنسيات.ويقع ارخبيل سقطرى المكون من خمس جزر مساحتها الاجمالية 3650 كلم مربع عند نقطة التقاء المحيط الهندى ببحر العرب وعلى بعد 450 كيلو متر من مدينة عدن وكأنها بهذا الموقع المتميز تحاول وضع حد لامتداد المحيط اللامتناهي وترسم الحدود الطبيعية لبحر ينتمي للوطن الام ويتميز ارخبيل سقطرى بطبيعة ساحرة وتنوع حيوي فريد يضعها على قائمة اخر مستودعات الطبيعة البكر على وجه المعمورة حسب مرفق البيئة العالمي ( جى.اف.اى) الامر الذي جعل هذه الجزر متحفا للتاريخ الطبيعى ومرتكزا للسياحة البيئية بلا منازع.تاريخيا اكتسبت جزر سقطرى اهميتها وشهرتها من وفرة النباتات ذات القيمة العطرية والدوائية النادرة، خاصة ان معظم هذه النباتات انقرض او مهدد بالانقراض في البيئات الاخرى حيث تعددت فوائد واستخدامات هذا المخزون الضخم من النباتات تبعا للاعراف والتقاليد والمستويات الحضارية للمجتمعات التي تعاطت مع هذه النباتات واعتقدت بمنافعها وتأثيراتها على نحو اسطوري خاصة شجرة دم الاخوين ونبتة الصبر وشجرة البخور.وتشير الدراسات الى ان سقطرى تتميز بكونها المنطقة الوحيدة في العالم التي تحتضن اكبر تجمع للنباتات المستوطنة فمن بين 800 نوع هناك 270 تعد مستوطنة ولا وجود لها في اي مكان آخر في العالم وذلك ما يضع سقطرى بين الجزر العشرة الاكثر تنوعا في العالم لكن سقطرى تتميز ايضا عن بقية الجزر المشار اليها كونها ظلت لفترة طويلة بمنأى عن الانشطة البشرية التي اثرت سلبا على الحياة البيئية في المناطق الاخرى وذلك نتيجة الظروف المناخية التي ظلت تجعل الارخبيل معزولا عن العالم لمدة ستة اشهر في العام. ولاحظت بعثة فرنسية علمية اجرت دراسات حول سقطرى اخيرا اشتراك الحيوانات والطيور والحشرات والزواحف مع الغطاء النباتي في ميزة العزلة التي هيأت لكثير من الاحياء النمو والتطور في مأمن المهددات الخارجية بالنظر لخلو الجزيرة من الحيوانات المفترسة.وحسب الدكتور ميشيل كوت عضو البعثة الفرنسية والباحث في مجال الطيور فان جزر سقطرى باعتبارها موئلا طبيعيا للعديد من انواع الطيور والحشرات والاحياء البرية والمائية هناك 179 نوعا من الطيور التي تعيش في 32 موقعا على الجزيرة منها 41 نوعا تقيم وتتكاثر وستة انواع من الطيور المستوطنة التي لا وجود لها في مكان آخر من العالم، بالاضافة الى انواع من الحشرات التي تنفرد بها سقطرى ومنها فراشات النهار المستوطنة وعددها 15 نوعا وفراشات الليل وتضم 60 نوعا الى جانب 100 نوع آخر من الحشرات 80 منها خاصة بسقطرى.ويضم ارخبيل سقطرى 39 محمية طبيعية يشرف عليها برنامج الامم المتحدة الانمائي والهيئة العامة لحماية البيئة وتجري ادارتها وفقا لبرنامج يكفل استدامة التنوع الحيوي ويسمح بالشروع في مزاولة انشطة السياحة البيئية التي يروج لها كمنتج سياحي جديد قادر على اجتذاب المزيد من حركة السياحة الدولية وتم حتى الآن انفاق خمسة ملايين دولار لتمويل برامج الحفاظ على التنوع الحيوي والبيئي في سقطرى. وعلى مر العصور اطلقت على سقطرى اسماء عديدة منها جزيرة البخور وجزيرة اللبان وجزيرة دم الاخوين ومن الاسماء المستمدة من طبيعة الجزيرة الساحرة جزيرة النعيم وجزيرة البركة وجزيرة اللؤلؤة كما عرفت سقطرى منذ بداية الالفية الاولى للميلاد بكونها احد اهم مراكز تصدير السلع التي تستخدم في احياء الطقوس والشعائر في ديانات الشرق القديم، وساد اعتقاد ان الارض التي تنتج البخور هي ارض مباركة من الآلهة، لذا عرفت سقطرى بالجزيرة المباركة.واستقرت على ارض سقطرى هجرات العشائر اليمنية الاولى خاصة في فترات التوسع التاريخي للدولة اليمنية في القرن الميلادي الاول وامتزجت هذة الهجرات في فترات لاحقة بعناصر ومجموعات مهاجرة من الهند وافريقيا حيث تعددت انشطة الانسان لتصبح جزءا من التنوع الحيوي العجيب الذي ينفرد به الارخبيل والذي جعل منه منطقة ذات اولوية خاصة في برامج عمل المنظمات الدولية المعنية بالبيئة والتنوع الحيوي. ويقدم سكان سقطرى البالغ تعدادهم 80 الف نسمة صورا متنوعة لاساليب العيش والاستقرار في المدن والقرى والكهوف المتناثرة في بطون الجبال وينقسم السكان الى مجاميع متفاوتة طبقا لنشاطهم الاقتصادي فهناك اهل البادية ويشكلون الغالبية العظمى من السكان ويشتغلون بالرعى واهل السياحل ويشتغلون بصيد الاسماك الى جانب تجمعات حضرية تمثل نموذجا لتعايش اهل البادية واهل السياحل في اطار صيغة جديدة للتعايش اساسها الانشطة الاقتصادية الخدمية كما يتميز سكان الكهوف كمجموعة ثالثة وجزء من اهل البادية بخصائص عيش تشبه في كثير من جوانبها حياة الانسان الاول حيث العيش في كهوف محفورة في جوف الجبال وهو وضع يعكس بوضوح حياة الانسان وبعدها عن التعقيد من ناحية ويعكس من ناحية اخرى قلة حيلة هذا الانسان ازاء الطبيعة. ووفقا لبرنامج الامم المتحدة الانمائي تغدو الحاجة ملحة الان للتوصل الى صيغة متوازنة تقوم على اقناع السكان المحليين بالدخول في شراكة حقيقية ضمن مشروع التنوع الحيوي لسقطرى تفضي هذه الشراكة الى تحقيق مصالح جديدة وبدائل اقتصادية للانشطة التي يمكن ان تؤثر سلبا على التنوع الحيوي كالرعي الذي يستنزف الغطاء النباتي وقبل ذلك ايجاد قناعات لدى السكان بأهمية الاشتراك في جهود الحفاظ على التنوع الحيوى لجزيرتهم.جزيرة سقطرى في سطور سقطرى، التي تلقب أيضاً بـ »الجزيرة العذراء«، هي كبرى جزر العالم العربي، وإحدى أكبر جزر الجزء الغربي من المحيط الهندي. وتتبع هذه الجزيرة الجبلية الطويلة الشكل، ومعها أربع جزر صغيرة (هي عبد الكوري وسمحة ودرسة وكعول فرعون) الجمهورية اليمنية. ويعرف الأرخبيل ككل باسم »أرخبيل سقطرى«، كما تعرف جزيرتا سمحة ودرسة بجزيرتي الأخوين. > من حيث الموقع الجغرافي يقع الأرخبيل في بحر العرب قبالة القرن الافريقي وتتناثر جزره على مستوى أفقي تقابل في امتدادها الساحل الجنوبي الشرقي لليمن عند محافظتي المهرة وحضرموت. وأما المساحة الإجمالية للأرخبيل فتقدر بحوالي 3682 كلم وتمتد من الشرق إلى الغرب بطول 135 كلم، بعرض أقصاه 33 كلم. > يبلغ عدد سكان سقطرى حالياً نحو مائة الف نسمة يعمل معظمهم بالصيد والرعي والزراعة. أما عاصمتها وكبرى مدنها فهي حديبو، الواقعة في شمال شرق الجزيرة، تليها قلنسية في الغرب. > تعيش الجزيرة في عزلة عن العالم تقريباً خلال الفترة منتصف اغسطس (آب) الى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من كل عام بسبب الرياح الموسمية والاعاصير التي تهب عليها من المحيط الهندي، مما يجعل الدخول اليها او الخروج منها صعبا للغاية عن طريق البحر. واتصالاً بهذه النقطة يشار إلى أن الجزيرة لم تحصل على ما تستحقه من اهتمام حتى بعد استقلال جنوب اليمن عن الاستعمار البريطاني عام 1967. وحتى اليوم، بالرغم من التحسن الملموس في أوضاعها العامة وبناها التحتية، ولا سيما مجال النقل والخدمات الصحية والتعليمية والتنموية، فإن القيمة البيئية النادرة للجزيرة وأرخبيلها تحتم إيلاءها مزيداً من الجهد. واللافت أن الهيئات الدولية والدول الغربية التي تدرك القيمة الحقيقية لما تكتنزه سقطرى من ثروات طبيعية مذهلة باشرت منذ بعض الوقت إعداد عدد من المشاريع الإنمائية فيها. حول ثروات سقطرى الطبيعية، يشير العلماء المتخصصون إلى وجود اكثر من 900 نوع من الاشجار والنباتات النادرة عالمياً منها حوالي 300 نوع لا يوجد إلا في سقطرى. ويعتبرها هؤلاء الجزيرة المدارية الوحيدة في العالم التي ما زالت تحتفظ حتى اليوم بخصائصها الطبيعية والبيئية النادرة منذ لحظة تكونها. ومن ناحية ثانية، يشير موقع خاص بسقطرى على الإنترنت إلى أن دراسة علمية استطلاعية لفريق من العلماء الدوليين واليمنيين لثلاثة مواقع في سقطرى وارخبيلها اشتملت على ملاحظات استقصائية للنطاقات النباتية والغابية والحشرات والزواحف الموجودة في تلك المواقع، وبالأخص تلك التي لم تسجل بعد في قائمة الأحياء والنباتات التي أعدها العلماء عن الأرخبيل. وتمكن الفريق خلال هذه المرحلة من رصد عناصر جديدة ونادرة من الأحياء النباتية والحيوانية فيه. كذلك اشتمل جزء من الدراسة على دراسات اثنوغرافية لعادات السكان المحليين وتقاليدهم. ورصد تباينا في عادات التجمعات السكانية وتقاليدها وأعرافها ونشاطاتها المعيشية والاقتصادية في مناطق الأرخبيل المختلفة. ولاحظت باحثة أوروبية متخصصة في اللغات العربية القديمة غير المكتوبة، أنه من خلال زياراتها المتعاقبة لأرخبيل سقطرى لاحظت تنوعا كبيرا في مظاهر الحياة الاجتماعية وفي تفاصيل الحياة العادية للسكان منطقة لأخرى. وقالت الباحثة، التي تعمل في إطار »مشروع داروين« التابع لحديقة النباتات الملكية في أدنبره (عاصمة اسكوتلندا)، والتي تجيد معظم اللغات العربية غير المكتوبة ومنها اللغة السقطرية واللغة المهرية ولغة حوبيوت وشحرات المتداولة في منطقة الحدود المشتركة اليمنية العمانية وفي إقليم ظفار، ولغة حرسوسي في صحراء عمان »ان الفضل في استمرار مظاهر التنوع الحيوي المختلفة بخصائصها الأصيلة يعود إلى تلك المنظومة العرفية التي ألتزمها سكان سقطرى في تعاملهم مع بيئتهم ومواردها الطبيعية وتنوعها الفريد مما وفر فرصة ثمينة للعلماء والمتخصصين لكي يتعرفوا على الملامح والخصائص الأصلية لكثير من الفصائل النباتية والحيوانية التي طرأ عليها تغير جوهري في مناطق وبيئات العالم المختلفة، والاهم من ذلك بقاء عدد لا بأس به من النباتات النادرة حتى الآن«. وأشارت إلى العمق الحضاري والتاريخي للحياة الاجتماعية في سقطرى وارتباطها بنسيج الحضارة السامية القديمة التي سادت في القرون القديمة السابقة واللاحقة لميلاد المسيح (عليه السلام) في الوطن الأم اليمن، ودللت على ذلك بوجود شواهد أثرية ونقوش للغة اليمنية القديمة في اثنين أو اكثر من الكهوف المنتشرة في الجزيرة وبالأخص في منطقة قاضب ومرتفعات عجهر التي ترتفع 16 ألف متر فوق سطح البحر. الثروة النباتية والحيوانية في سقطرى من أبرز أنواع النباتات النادرة التي تزخر بها جزيرة سقطرى شجرة دم الأخوين Dragon"s Blood Tree المعروفة علميا باسمDracaena cinnabari وشجرة »امتة« المعروفة علمياً باسمEuphorbia Arbuscula وشجرة »سيرو« المعروفة علمياً باسمJatropha Unicostata، وتنتشر شجرة الاسفد بشكل واسع في الجزيرة مشكلة احد ابرز معالم الأرخبيل، وهي تتميز بجذعها الضخم وأوراقها النجمية الشكل، وكذلك أشجار البخور ونبتة الصبر.أما بالنسبة إلى الحيوانات التي يقال انها لا توجد إلا في الجزيرة وأرخبيلها فهناك ستة أنواع من الطيور المستوطنة التي لا توجد في غيرها. وبالنظر إلى خلو الجزيرة وأرخبيلها من الحيوانات المفترسة وجدت أنواع عديدة من الحيوانات الأليفة، وكذلك الزواحف التي تشمل السحالي النادرة والثعابين والعقارب، منها أنواع سامة تشكل خطورة على الإنسان. وتعج المياه المحيطة بالأرخبيل بثروة حقيقية من الحيوانات المائية من الأسماك والقشريات والرخويات والقواقع، بجانب نحو 60 نوعاً من الأسفنج
|
ابواب
سقطرى جنة الطيور والنباتات النادرة .. آخر مستودعات البكرعلى وجه المعمورة
أخبار متعلقة