لأسباب كثيرة تكون مسألة "حرية" المرأة من المسائل الحيوية التي تشغل الناس على كافة مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، ولقد أخذت مسألة "حرية المرأة" و "المساواة" مجالاً كبيرا واهتماماً واسعاً.وهل يكون الحديث عن "حرية المرأة" والمساواة بعيداً عن الحديث عن الأسرة والتي هي كيان المجتمع .. وهل الحديث عن حق المرأة بعيداً عن الحديث عن حق الأسرة؟أو ليس الرجل والمرأة هما ركن هذه اللبنة الأساسية للمجتمع.وكما نعلم فإن قدماء الفلاسفة كانوا يعدون فلسفة الحياة الاسرية فرعاً مستقلاً من "الحكمة العملية".وفيما يخص حقوق المرأة في المجتمع، هناك تساؤل عما إذا كانت الحقوق الطبيعية والإنسانية للمرأة والرجل متشابهة أم غير متشابهة.وفي القرن السابع عشر اقترنت النهضة العلمية بنهضة اجتماعية وباسم "حقوق الإنسان" ونشط كتاب ومفكروا القرن السابع عشر والثامن عشر بنشر افكارهم بين الناس حول الحقوق الطبيعية للبشر غير القابلة للسلب.ولقد كان المبدأ الأساسي الذي اعتمده هؤلاء الكتاب والمفكرون هو ان الإنسان يستحق مجموعة من الحقوق والحريات بالفطرة.وفي القرن التاسع عشر ظهرت افكار جديدة ترتبط بحقوق الانسان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية السياسية.وحتى اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين كان كل ما قيل حول حقوق الانسان أو ما نفذ عملياً في المجتمع هو ما يتعلق بحقوق الشعوب مقابل حكوماتها.وفي القرن العشرين طرحت مسألة "حقوق المرأة" مقابل "حقوق الرجل".وأعلن بصراحة بعد الحرب العالمية الثانية وفي العام 1948م عن تساوي حقوق المرأة والرجل.في جميع النهضات الاجتماعية من القرن السابع عشر وحتى القرن الحالي كان المحور الاساسي لهذه النهضات "التحرر" و "المساواة" ولان نهضة حقوق المرأة جاءت في أعقاب سائر النهضات، كما ان تاريخ المرأة من ناحية الحريات والمساواة كان محشوناًً بالمراراة، وفي هذا المجال ايضاً لم تجن المرأة غير شعار "الحرية" و"المساواة".قد اعتبروا روادهذه النهضة تحرر المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق متمماً لنهضة حقوق الإنسان التي بدأت في القرن السابع عشر.وأدعوا بأنه بدون تأمين حرية المراة ومساواتها في الحقوق مع الرجل يصبح الكلام عن حرية وحقوق الانسان بلا معنى، اضافة إلى أن جميع مشاكل الأسرة ناشئة من عدم تحرر المرأة وعدم مساواتها بالرجل، وقال هؤلاء الرواد والمفكرون أنه بتأمين هذا الجانب تحل مشكلات الأسرى كلها مرة واحدة .. وبهذاإنصهرت كل الجهود من اجل تعميم مبدأ الحرية والمساواة على النساء مقابل الرجال .. وكانت جميع الاحاديث تدور حول مسألة: ان المرأة شريكة الرجل في الانسانية، وان المرأة انسان كامل ولهذا يجب عليها ان تتمتع كالرجل بكامل الحقوق غير القابلة للسلب.نعم الحرية والمساواة حق للإنسان لكونه انسان، وان المرأة من ناحية كونها انساناً، وقد خلقت مثل كل الناس، حرة وتتمتع بحقوق متساوية لحقوق الناس، ولكن المرأة انسان بكيفية خاصة والرجل انسان بكيفية اخرى، والرجل والمرأة متساويان في الحقوق الانسانية.ولكن كل منهما يمتلك خواصاً مختلفة. وهذا الاختلاف ليس ناتجاً عن عوامل جغرافية أو تاريخية، أو اجتماعية، انما الاختلاف يمكن في تكوينها، ولايخفى هذا على أحد، وعلى هذا الاساس كان لزاماً علينا تقدير هذا الاختلاف واحترام هذا الاختلاف ما يمكِّن المرأة من الحصول على حقوقها بما لايخالف طبيعتها.والاختلاف بين الجنسين قد اصبح واضحاً على ضوء الاكتشافات العلمية والحياتية والنفسية.وبالرغم من ان حركات المطالبة ب"حرية المرأة" و"المساواة" قد انقذت المرأة من جملة من التماسات إلا أنها اضافت لها اعباء اخرى.وكان التركيز في "حرية ومساواة" المرأة مقابل الرجل وقد خلق هذا الوضع آثاراً سلبية في علاقة المرأة بالرجل.وبدأ الأمر كأن هناك عراكاً يجب على المرأة والرجل خوضه ضد بعضهم.والعجيب أنه حين يجري الحديث عن الاختلافات الفطرية بين المرأة والرجل يتلقاه البعض على أنه نقص المرأة وكمال للرجل، ويؤدي هذا بالتالي إلى سلسلة من الحقوق بالنسبة للرجل وسلسلة من الحقوق المهدروه النسبة للمرأة، غافلين أن المسألة ليست مسألة نقص وكمال. فالخالق سبحانه وتعالى لم يرد بهذه الاختلافات أن يجعل أحدهما ناقصاً والثاني كاملاً.ولذلك فا لخالق سبحانه وتعالى خلق الثنائية في خلقه للتكامل والتآلف.والحقيقة أن إهمال الوضع الطبيعي والفطري للمرأة يؤدي إلىإهمال وإهدارحقوقها أكثر فأكثر.فلو أن الرجل أقام جبهة ضد المرأة،فقال لها:أنت فرد وأن فرد في هذا المجتمع،وعليه فأنه يجب أن تتشابه الأعمال والمسؤوليات ويجب على المرأة أن تشارك الرجل حتى في أصعب الأعمال وأثقلها على السواء،وأن تأخذ أجرها على مستوى عملها وأن تشارك الرجل في كل صغيرة وكبيرة،وأن تدفع عن نفسها الأخطار والشرور،لوجدنا المرأة في وضع لا تحسد عليه.ذلك أن طاقة المرأة وإنتاجها بالطبع أقل من الرجل،علاوة على مرضها الشهري وصعوبات أيام الحمل والولادة وحضانة الرضيع مما يجعل المرأة محتاجة إلى تعاون الرجل،وأن نكون مسؤولياتها أقل وحقوقها أكثر.فإذا أخذنا في الاعتبار الوضع الطبيعي والفطري لكل من الرجل والمرأة مع التأكيد على تساويها في الإنسانية والحقوق المشتركة للإنسان،لوجدنا أن الفطرة قد وضعت المرأة في موقع مناسب لها لا ينتقص من شخصيتها وذاتها."الحرية" و "المساواة" شرطان متلا زمان لنهضة المرأة للحصول على حقوقها ولكنهما ليسا بكافيين فالرجل والمرأة كوكبان يدوران في مدارين مختلفين ولكن غير متضادين،فيجب أن لا يخرجا عن مدارهما ليحفظا التوازن في الفلك الذي يدوران فيه، مثل الشمس والقمر اللذين يحافظان على مدارهما في الفلك المتكامل المتألق.فالشرط الأساسي لسعادة المرأة والرجل،بل وسعادة المجتمع كله،هو في أن يدور كل جنس في مداره الخاص به.وحينئد يتحقق النفع من الحرية والمساواة.فإن الذي خلق المشاكل للمجتمع إنما هو التمردعلى الفطرة.ونقول،أن النظام الحقوقي للمرأة في المنزل والمجتمع من المسائل التي يجب أن يعاد تقويمها،وذلك يعني أن نتخذ من فطرية وطبيعة المرأة سبيلاً لنا وان نستفيد إلى أقصى حد ممكن من كل التجارب السابقة،وعندها فقط تكون نهضة المرأة وحقوقها قد تحققت بالمعنى الواقعي.علينا أن نحي حقوق المرأة أحياءً يحقق للمرأة عزتها وكرامتها وأن نخطو بهذا الاتجاه خطوات كبيرة بثقة ...أيها العالم،المرأة كائن إنساني رفيع المستوى يستحق منا كل الاحترام.وعلينا إعطاءها حقها من هذا الاحترام. [c1]صفاء لقمان [/c]
المرأة وعيدها الربيعي
أخبار متعلقة