وسط أزيز الرصاص وشعارات على الجداران تعلن رفض الاحتلال
الدمار الذي خلفته اشتباكات انصار الصدر والجيش الامريكي والعراقي
بغداد/14 أكتوبر/ بيتر جراف: اجتاز مسلحون الخليج الصغير ذا الرائحة النتنة وفي غضون ساعات اجتاحوا ثلاث نقاط تفتيش للجيش العراقي. وهرعت قوات أمريكية لمساعدة القوات العراقية على إعادة تنظيم صفوفها. كانت هذه المعركة جانبا صغيرا من الاشتباكات التي دارت لأيام في أنحاء العراق الأسبوع الماضي والتي انتهت فجأة مثلما بدأت. اندلعت هذه الاشتباكات عندما بدأ رئيس الوزراء نوري المالكي حملة في البصرة ضد أتباع الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر.، ولكن سرعان ما تحولت الاشتباكات التي اتسع نطاقها لتشمل عدة بلدات في جنوب العراق وأحياء في بغداد تعد معاقل مهمة لأتباع الصدر إلى أزمة على مستوى البلاد على نطاق لم يشهده العراق منذ النصف الأول من العام الماضي على الأقل. وتوجد آثار محدودة الآن لهذه الاشتباكات التي خمدت بعد إعلان الصدر وقفا لإطلاق النار يوم الأحد. وقال اللفتنانت كولونيل كيفن بتيت «هذا الشارع الذي سرنا فيه.. وفي كل زقاق منه أطلقت نيران علينا.. لا شيء عدا أطفال يلعبون كرة القدم. هذا المكان أمر يفوق الخيال.» وتقوم السرية التي يقودها بتيت بدوريات في حي الغزالية المقابل لخليج صغير قادم من حي الشعلة الصاخب معقل الميليشيات. وعادت القوات العراقية للسيطرة على نقاط التفتيش. وفتحت الأسواق في الجهة المقابلة للخليج من جديد وإن كان الجسر الوحيد ظل مغلقا أمام السيارات. يلهو أطفال في حفر في الطين تم حفرها حديثا بجوار الخليج الممتلئ بمياه الصرف الصحي والتي دفعت رائحتها النتنة الجنود الأمريكيين إلى أن يطلقوا على الشارع القريب اسم «شارع خليج الفضلات». وتتدلى أعلام شيعية سوداء من على الجدران. ومن بين العلامات القليلة على الغضب شعار كتب حديثا على جدار بالعربية والإنجليزية للإعلان عن رفض الاحتلال. وقال قادة عراقيون وأمريكيون إن الخسائر بين جنودهم كانت محدودة جدا على نحو يثير الدهشة رغم المعارك واسعة النطاق التي دارت بينهم وبين مسلحي ميليشيا جيش المهدي على مدى أيام. وتمكنت قوافل عربات الجيش الأمريكي من السير مرة أخرى في كل أرجاء المدينة تقريبا وسط إحساس محدود بالخطر.، لكن القتال في بغداد كان اختبارا لولاء القوات العراقية الشيعية ضد عدو شيعي وتذكرة بمدى هشاشة التطورات الأمنية التي روجت لها السلطات الأمريكية طيلة العام الماضي. وقال بتيت وهو يشير ناحية سوق للحوم والخضر في حي الشعلة عبر الخليج «في الأسبوع الماضي كانت هناك قذائف صاروخية تنطلق من هناك. كانت هناك مدافع رشاشة.» وتابع قائلا «كانوا في الشمال يطلقون النار علينا وكنا في الجنوب نرد بإطلاق النار عليهم.» ويخيم على السوق ملصق ضخم لوجوه رجال دين شيعة من بينهم محمد صادق الصدر والد مقتدى الصدر الذي اغتيل والذي تملأ صورته كل مكان في الأحياء الموالية لابنه. والجانب من الخليج الموجود به بتيت هو حي الغزالية الذي كان واحدا من الأحياء المختلطة المزدهرة ولكن جرى تقسيمه الآن بين شمال شيعي فقير وقذر متاخم لحي الشعلة وجنوب للسنة العرب. ويغلب على القوات العراقية التي تحرس الحي شيعة كثيرون منهم من لديهم أهل في حي الشعلة عبر الخليج. ويقول العقيد فالح قائد القوات العراقية إنهم تعرضوا لتهديدات وترويع من قبل المسلحين.، وتابع قائلا إن بعض هذه العائلات تعرضت لتهديد بما في ذلك عائلته إذ يقول إن أناسا اتصلوا على هاتفه المحمول يهددونه بقتل عائلته وأطفاله إذا حارب «الجماعات الخاصة» مستخدما الاسم الذي يطلقه الجيش الأمريكي على مسلحي الصدر المارقين الذي يتهم إيران بتمويلهم وتدريبهم. وأضاف أن بعض مراكز الشرطة العراقية في الحي لم تظهر. وعندما عبر مسلحون الخليج على جسور خشبية للمشاة ترك جنود الجيش وقوات الشرطة العراقيين نقطتي تفتيش كما تركوا أسلحتهم دون إطلاق رصاصة واحدة. وسقطت نقطة التفتيش الثالثة بسرعة. ويعترف بتيت بهزيمة القوات العراقية قائلا «هزموا في الجولة الأولى.» لكنه استطرد قائلا «الأهم أنهم عادوا.» وفي حي الشعلة نفسه تحصن جنود الجيش العراقي بمواقعهم فيما حاولت موجة تلو الموجة من المسلحين مهاجمتهم فيما تتحرك القوات الأمريكية لدعمهم. وقال اللفتنانت كولونيل جو ماكلامب قائد القوات الأمريكية في حي الشعلة إن المسلحين شنوا حوالي عشر هجمات في اليوم على مدى أربعة أيام حيث كانت مجموعات من المهاجمين تستخدم مدافع رشاشة وقذائف صاروخية وبنادق وقذائف مورتر.، وتابع قائلا «قمنا في وقت لاحق بعزل حي الشعلة وسمحنا للمتطرفين بالقدوم إلينا. وسيطرنا على مواقع دفاعية للغاية... المسلحون جاءوا إلى مواقعنا وقتلناهم عندما جاءوا إلينا.» وفي أحد المواقع سيطرت فصيلة من القوات الأمريكية على جسر يشرف على واحد من الطرق الرئيسية المؤدية للحي فيما قامت فصيلتان من الجنود العراقيين بحراسة موقع داخل مسجد قبد الإنشاء على مقربة وسط هجوم لا يهدأ. وقال الكابتن جيريمي يوسيري «كان قتالا متصلا على مدى أربعة إلى خمسة أيام.» ويوسيري هو قائد سرية برافو من الكتيبة الأولى للفرقة 502 المحمولة جوا الذي تسيطر قواته على الجسر كجزء من فريق اللواء الثاني القتالي من الفرقة 101 المحمولة جوا.، وأضاف يوسيري إنه تم تحريك قوات أمريكية في دبابة قتال أمريكية من نوع إم 1 للمساعدة في تأمين الجسر رغم أنها لم تطلق النار على أحد. ومازال الطريق إلى حي الشعلة مغلقا مما يضطر مئات السكان إلى دخول الحي والخروج منه سيرا على الأقدام. وقال يوسيري «لا يمكننا كسب عصيان مسلح بالرصاص. في كل مرة تطلق فيها الرصاص تكون هناك عودة للخلف خطوات... لكن الانتصار الكبير هناك هو أن قوات الأمن العراقية في مواقعها.»